حكومة تركيا تتوقع استمرار تراجع التضخم وتؤكد المضي في إصلاح الاقتصاد

«غولدمان ساكس» رفع توقعاته لبيانات أسعار المستهلك واستبعد خفض الفائدة قبل يناير

اجتماع مجلس التنسيق الاقتصادي التركي برئاسة نائب الرئيس جودت يلماظ (إعلام تركي)
اجتماع مجلس التنسيق الاقتصادي التركي برئاسة نائب الرئيس جودت يلماظ (إعلام تركي)
TT

حكومة تركيا تتوقع استمرار تراجع التضخم وتؤكد المضي في إصلاح الاقتصاد

اجتماع مجلس التنسيق الاقتصادي التركي برئاسة نائب الرئيس جودت يلماظ (إعلام تركي)
اجتماع مجلس التنسيق الاقتصادي التركي برئاسة نائب الرئيس جودت يلماظ (إعلام تركي)

أكد مجلس التنسيق الاقتصادي التركي الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بالسرعة الممكنة لتطوير الاقتصاد في إطار البرنامج متوسط المدى للحكومة، متوقعاً استمرار تراجع التضخم الذي بدأ في يونيو (حزيران) الماضي.

جاء ذلك في الوقت الذي عدّل فيه بنك «غولدمان ساكس» الأميركي توقعاته للتضخم في تركيا بنهاية العام من 40 إلى 44 في المائة، وكذلك توقعاته لبدء خفض سعر الفائدة إلى يناير (كانون الثاني) 2025، بدلاً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال مجلس التنسيق الاقتصادي التركي إن هدف الحكومة الرئيسي هو سرعة تنفيذ خطوات الإصلاح، وجعل المكاسب في الاقتصاد مستدامة والمضي بها قدماً، مضيفاً أن البرنامج الاقتصادي متوسط المدى، الذي أُطلق العام الماضي، مستمر بإصرار، ويستمر تحقيق النتائج الإيجابية في إطار البرنامج الجديد للفترة من 2025 إلى 2027 الذي أُطلق في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وجاء في بيان صدر، ليل الاثنين - الثلاثاء، عقب اجتماع المجلس برئاسة نائب الرئيس التركي جودت يلماظ، أن عملية تباطؤ التضخم، التي بدأت في يونيو الماضي، مستمرة، في حين يظهر النمو تركيبة أكثر توازناً، ويزداد التوظيف ويحافظ معدل البطالة على مستويات في رقم من خانة واحدة.

جانب من إعلان البرنامج الاقتصادي متوسط المدى للحكومة التركية في سبتمبر الماضي (حساب جودت يلماظ في «إكس»)

وأضاف أنه بتأثير من تحسّن ميزان التجارة الخارجية يستمر عجز الحساب الجاري في الانخفاض بشكل كبير، وتستمر الاحتياطيات الأجنبية في الزيادة، كما يُظهر الانخفاض في علاوة المخاطر والترقية المستمرة في التصنيف الائتماني لوكالات التصنيف الدولية للاقتصاد التركي أن الاستقرار المالي الكلي قد تعزّز.

وتابع أن الهدف الرئيسي للبرنامج متوسط ​​المدى (2025 - 2027)، الذي أُعلن في سبتمبر الماضي -وهو استمرار للبرنامج السابق المعلن في سبتمبر من العام الماضي- هو ضمان النمو المتوازن المستدام، وخفض التضخم إلى خانة الآحاد وزيادة الإنتاج والصادرات وفرص العمل القائمة على الإنتاجية من خلال الإصلاحات الهيكلية.

وأكد المجلس، في بيانه، أنه سيجري تنفيذ التحول في الصناعة لضمان إنتاج القيمة المضافة التي من شأنها زيادة القدرة التنافسية، وسيجري تنفيذ السياسات التي من شأنها تعزيز مهارات القوى العاملة والنظام البيئي للبحث والتطوير والابتكار، بما يتماشى مع الاحتياجات المتغيرة. كما سيجري تسريع جهود التحول الأخضر والرقمي، والسياسات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال والاستثمار.

وتراجع معدل التضخم السنوي لـ«أسعار المستهلكين» في تركيا إلى أقل من سعر الفائدة البالغ 50 في المائة لأول مرة منذ عام 2021، مسجلاً 49.38 في المائة خلال سبتمبر الماضي، مقابل 51.97 في المائة خلال أغسطس (آب) السابق عليه.

وزاد التضخم الشهري بنسبة 2.97 في المائة، بأقل من التوقعات السابقة عند 2.2 في المائة.

إحدى الأسواق الشعبية في إسطنبول (أ.ف.ب)

وأعلنت «مجموعة أبحاث التضخم» (إي إن إيه جي) -وهي منصة تضم خبراء اقتصاديين مستقلين- أن معدل التضخم السنوي في «أسعار المستهلكين» سجّل في سبتمبر 88.63 في المائة، في حين سجّل التضخم الشهري ارتفاعاً بنسبة 5.34 في المائة.

وشهدت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخماً متسارعاً، بلغ ذروته عند معدل سنوي 85.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، و75.45 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأشاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، بتراجع التضخم، قائلاً إن «الأوقات الصعبة باتت خلفنا». لكن خبراء اقتصاديين يرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات «مزمناً»، وتزيده سوءاً بعض السياسات الحكومية.

وجاء تراجع التضخم السنوي في سبتمبر، حسب الأرقام الرسمية، بأقل من التوقعات التي تراوح متوسطها حول 48 في المائة، مما قد يؤجّل النقاشات حول خفض محتمل لأسعار الفائدة في الربع الأخير من العام الحالي.

وكان «دويتشه بنك» الألماني توقع، قبل يومين من إعلان بيانات التضخم في سبتمبر، أن يبدأ «المركزي التركي» خفضاً للفائدة بواقع 250 نقطة أساس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وأن ينخفض سعر الفائدة إلى 45 في المائة بنهاية العام.

يرى خبراء اقتصاديون أن التضخم في أسعار الاستهلاك في تركيا بات مزمناً (أرشيفية)

في السياق ذاته، عدّل بنك «غولدمان ساكس» توقعاته لخطوة خفض أسعار الفائدة من جانب «المركزي التركي» إلى يناير (كانون الثاني) 2025، بدلاً من توقعات سابقة أشارت إلى خفض الفائدة خلال نوفمبر.

وأوضح البنك أن التوقعات الجديدة جاءت بعد أن أظهرت بيانات سبتمبر أن التضخم الشهري جاء أعلى كثيراً من المتوقع.

ورفع «غولدمان ساكس» توقعاته للتضخم في تركيا بنهاية العام إلى 44 في المائة من 40 في المائة في التوقعات السابقة.

وذكر البنك الأميركي، في بيان الاثنين، أن التضخم المتتالي، الذي بلغ نحو 3 في المائة الشهر الماضي، يظل «أعلى كثيراً من المستوى الذي نعتقد أنه ضروري؛ لكي يبدأ البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة».

وختم: «عدم تباطؤ التضخم واستمرار تآكل القوة الشرائية للأسر يثيران أيضاً احتمال زيادة الحد الأدنى للأجور في ديسمبر (كانون الأول)، ويزيدان من المخاطر الصعودية للتضخم في العام المقبل».


مقالات ذات صلة

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

رغم تباطئه في سبتمبر (أيلول)، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)

«التضخم السنوي» في تركيا يتباطأ إلى مستوى غير كافٍ للتخلي عن السياسة المتشددة

تراجع معدل التضخم السنوي في تركيا لأقل من سعر الفائدة لأول مرة منذ عام 2021، مسجلاً 49.38 في المائة خلال سبتمبر (أيلول)، مقابل 51.97 في أغسطس (آب) الذي سبقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد سوق شعبية في إسطنبول (وسائل إعلام تركية)

توقعات بتراجع التضخم السنوي في تركيا خلال سبتمبر لأدنى من سعر الفائدة

سادت توقعات بتراجع معدل التضخم السنوي بتركيا خلال شهر سبتمبر (أيلول)، فيما أظهر التضخم في إسطنبول تراجعاً على المستوى السنوي مع استمرار الارتفاع على أساس شهري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مقر المصرف المركزي التركي في أنقرة (رويترز)

«المركزي» التركي يرفع نسب الاحتياطي الإلزامي على بعض الودائع

رفع البنك المركزي التركي نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي على الودائع بالليرة القصيرة والطويلة الأجل في إطار جهوده لتعزيز تقييد السيولة الزائدة في النظام النقدي.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد مصرف تركيا المركزي (موقع المصرف)

«المركزي التركي» يثبّت الفائدة عند 50 % للشهر السادس

ثبّت مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) عند 50 في المائة، دون تغيير للشهر السادس على التوالي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

دول الخليج تواصل العمل على الربط بالسكك الحديدية وتوقعات بانطلاقته في 2030

جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مشاركته في المؤتمر والمعرض العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية في العاصمة الإماراتية أبوظبي (الشرق الأوسط)
جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مشاركته في المؤتمر والمعرض العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية في العاصمة الإماراتية أبوظبي (الشرق الأوسط)
TT

دول الخليج تواصل العمل على الربط بالسكك الحديدية وتوقعات بانطلاقته في 2030

جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مشاركته في المؤتمر والمعرض العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية في العاصمة الإماراتية أبوظبي (الشرق الأوسط)
جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مشاركته في المؤتمر والمعرض العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية في العاصمة الإماراتية أبوظبي (الشرق الأوسط)

قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، إن دول المجلس اتخذت خطوات مدروسة تهدف لتنسيق وتوحيد سياساتها واستراتيجياتها لبلورة إطار عمل جماعي قابل للتطبيق، يلبي طموحات وتطلعات أبناء دول المجلس، لافتاً إلى أنها تمكنت من إنجاز كثير من مشاريع التكامل الاستراتيجية، والتي يأتي في مقدمتها مشروع ربط دول المجلس بالسكك الحديدية.

وأشار إلى أن جهود دول المجلس تتواصل بالتعاون والتنسيق مع الأمانة العامة والهيئة الخليجية للسكك الحديدية، بشكل مستمر، لاستكمال مراحل إنجاز مشروع الربط بين دول المجلس بالسكك الحديدية.

نقلة نوعية

وأكد البديوي أن المشروع سيمثل نقلة نوعية في الترابط والتكامل الخليجي المشترك، لما لذلك من آثار إيجابية مباشرة على حركة التبادل التجاري البيني، وحرية التنقل للمواطنين والمقيمين فيما بين دول المجلس.

وجاء حديث البديوي خلال كلمة ألقاها خلال مشاركته في المؤتمر والمعرض العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحضور عدد من قادة قطاع النقل والسكك الحديدية والخبراء الاستراتيجيين والمختصين.

وتطرق أمين مجلس التعاون خلال كلمته إلى نتائج دراسة توقعات حجم وحركة الركاب والبضائع على مشروع سكة حديد دول المجلس؛ حيث قال إنه من المتوقع أن يرتفع عدد الركاب المستخدمين لشبكة السكك الحديدية داخل دول المجلس وفيما بينها، من 6 ملايين راكب عام 2030 إلى 8 ملايين راكب عام 2045، لا سيما أن حجم البضائع سيرتفع من 201 مليون طن عام 2030 إلى 271 مليون عام 2045.

النتائج المحققة

واستعرض البديوي النتائج التي تحققت على أرض الواقع، حتى الوقت الحالي، ومنها انتهاء الإمارات من تنفيذ مسار مشروع السكة الحديد إلى نقطة الالتقاء على الحدود مع السعودية، وإعداد المتطلبات التشريعية والفنية والمالية لمشروع الجسر الذي يربط البحرين مع السعودية بمشروع السكك الحديدية، والانتهاء من تنفيذ مسار المشروع بين رأس الخير ومدينة الدمام بالمملكة، بطول 200 كيلومتر تقريباً، لافتاً إلى أن العمل يجري على استكمال متطلبات الأجزاء المتبقية من المشروع، وإنشاء شركة «حفيت للقطارات» بالشراكة بين شركة «الاتحاد للقطارات» وشركة «عمان ريل» بهدف تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط مدينة صحار بأبوظبي.

كما أوضح أنه تم الانتهاء من إعداد وثائق التصميم والتنفيذ، وحجز المسار للمرحلة الأولى من المشروع داخل قطر، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يتم إبرام الاتفاقية الاستشارية للتصميم الهندسي لمشروع السكك الحديدية بدولة الكويت، خلال العام الحالي 2024، وتحديد نقاط التقاء مسار المشروع على الحدود بين دول المجلس المتجاورة، واعتماد عدد 13 ملحقاً فنياً لتنفيذ وتشغيل المشروع، وجارٍ العمل بموجبها. كما تم طرح منافسة إعداد الخطة التشغيلية للمشروع، ويجري حالياً اختيار الاستشاري المعتمد لإعداد الخطة التشغيلية للمشروع، كما يجري الإعداد للبدء في منافسة نظام إدارة الأصول للمشروع، بالإضافة إلى اعتماد وثيقة التشغيل الموحدة للمشروع

الفوائد المرجوة

وأشار إلى أن قرار قادة دول مجلس التعاون جاء للفائدة العائدة من العناصر الاجتماعية والمعنوية، بالإضافة إلى الفوائد التجارية والاقتصادية الأخرى، ومنها تسهيل التجارة البينية وتنميتها بين دول المجلس، وخلق فرص وظيفية لأبناء دول المجلس، وخفض تكلفة صيانة الطرق التي تربط بين دول المجلس، وتعزيز الروابط بين مواطني دول المجلس، وتقليل الحوادث المرورية، وبالتالي تقليل نسبة الوفيات والإصابات، إضافة إلى تقليل استخدام المركبات الخاصة، مما يقلل من استخدام الوقود، وبالتالي تقليل تأثير عوادم السيارات على الصحة العامة وعلى البيئة.

وأوضح البديوي أن هذا المشروع الخليجي الاستراتيجي يتوقع أن يبدأ التشغيل في عام 2030.