إيرادات الإعلانات الرقمية تتسرب خارج السعودية... فهل من استراتيجية لوقفها؟

العباد لـ«الشرق الأوسط»: نحو مليار دولار تذهب إلى منصات عالمية

جانب من فعالية الإعلانات الرقمية التابعة لمجلس المحتوى الرقمي بالرياض مؤخراً (الشرق الأوسط)
جانب من فعالية الإعلانات الرقمية التابعة لمجلس المحتوى الرقمي بالرياض مؤخراً (الشرق الأوسط)
TT

إيرادات الإعلانات الرقمية تتسرب خارج السعودية... فهل من استراتيجية لوقفها؟

جانب من فعالية الإعلانات الرقمية التابعة لمجلس المحتوى الرقمي بالرياض مؤخراً (الشرق الأوسط)
جانب من فعالية الإعلانات الرقمية التابعة لمجلس المحتوى الرقمي بالرياض مؤخراً (الشرق الأوسط)

في ظل ما تعيشه أنشطة الإعلانات الرقمية في السعودية من انتعاش متزايد مما يتطلب الاستفادة القصوى من هذا القطاع على الاقتصاد الوطني من الإيرادات التي تتسرب عبر قنوات خارجياً من خلال تعزيز المحتوى المحلي، مع وضع استراتيجية فعَّالة تحد هذا التسرب وإعادة توجيهها إلى داخل المملكة.

وتأتي أهمية الاستفادة من عوائد الإعلانات الرقمية نظراً لحجم هذه السوق الهائلة، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو المليار دولار تتسرب وهو ما يعتبر خسارة على الاقتصاد الوطني السعودي.

في ضوء هذه التحديات، يشير الرئيس التنفيذي للتسويق والاتصال في شبكة تدفق للإعلانات الرقمية في السعودية، الدكتور عباد العباد، إلى أهمية تطوير شبكات إعلانات رقمية محلية تبرز كاستراتيجية فعالة لتعزيز المحتوى المحلي وتمكين الاقتصاد الرقمي من استعادة المليارات للناتج الوطني.

وأكد أن هذه المبادرات لا تهدف فقط إلى إعادة توجيه التدفقات المالية نحو الاقتصاد المحلي، بل تسعى أيضاً إلى خلق فرص عمل جديدة، وتشجيع الابتكار في مجال التكنولوجيا الرقمية، وتعزيز التنوع الثقافي في المحتوى الرقمي.

وأوضح العباد في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن إشكالية كبيرة ظهرت مؤخراً تتمثل في حجم الإنفاق الهائل على الإعلانات الرقمية من قبل المعلنين المحليين، والذي تذهب معظم عوائده إلى شبكات الإعلانات الخارجية دون استفادة حقيقية للاقتصاد الرقمي الوطني.

الجمهور المستهدف

وقال الرئيس التنفيذي للتسويق والاتصال في شبكة تدفق للإعلانات الرقمية: «على الرغم من أن المعلن من المملكة، والجمهور المستهدف سعودي، وفي كثير من الحالات المنتج المُعلن عنه وطني أيضاً، فإن المستفيد الأكبر من هذه السلسلة الإعلانية هو اقتصادات خارجية أجنبية».

ووفق العباد: «تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 70-80 في المائة من الإنفاق الإعلاني الرقمي في المملكة، والذي تجاوز 1.5 مليار دولار في عام 2022، تذهب إلى منصات وشبكات إعلانية عالمية، مما يعني خسارة الاقتصاد الوطني ما يقارب مليار دولار سنوياً من هذا القطاع وحده». بيد أن الأمر لا يقتصر على القطاع الخاص فحسب، يضيف العباد، بل يمتد ليشمل الإنفاق الحكومي الضخم على الإعلانات الرقمية. وأورد رئيس التنفيذي للتسويق والاتصال: «الجهات الحكومية في المملكة تنفق مبالغ طائلة على الحملات الإعلانية الرقمية بهدف الوصول إلى المواطنين والمقيمين وتوعيتهم، وذلك عبر شبكات إعلانات أجنبية في معظم الأحيان».

وأشار إلى أن هذا الإنفاق يهدف إلى تحقيق أهداف وطنية هامة، إلا أن المستفيد الاقتصادي الأكبر منه هي شبكات خارجية واقتصادات أجنبية، دون أن يعود على الاقتصاد الرقمي الوطني بعوائد ملموسة.

الإنفاق الحكومي

وأوضح أن بعض الدراسات تقدر الإنفاق الحكومي على الإعلانات الرقمية في المملكة يشكل ما يقارب 20 إلى 25 في المائة من إجمالي سوق الإعلانات الرقمية، وهو ما يعني أن مئات الملايين من الريالات تخرج من الاقتصاد الوطني سنوياً عبر هذه القناة. وزاد العباد أن هذا الوضع يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتطوير شبكات إعلانات رقمية محلية قوية وفعالة، قادرة على منافسة الشبكات العالمية وجذب المعلنين المحليين، سواء من القطاع الخاص أو الحكومي، إذ إن مثل هذه الشبكات من شأنها أن تساهم في إعادة توجيه تدفقات الإنفاق الإعلاني نحو الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا والإعلام الرقمي، فضلاً عن تعزيز السيادة الرقمية الوطنية وحماية البيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين.

المشهد العالمي

وتشهد صناعة الإعلانات الرقمية نمواً متسارعاً على الصعيد العالمي. وفقاً لتقارير حديثة، بلغ حجم الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقمية ما يقارب 602 مليار دولار في 2022، مع توقعات بارتفاعه إلى 876 مليار دولار بحلول 2026، بحسب شبكة الإعلانات الرقمية.

وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدت سوق الإعلانات الرقمية نمواً ملحوظاً، حيث وصل حجم الإنفاق إلى نحو 5.9 مليار دولار في عام 2022، في حين تجاوز الإنفاق على الإعلانات الرقمية في السعودية 1.5 مليار دولار في العام نفسه، مما يعكس ضخامة هذا القطاع في المنطقة.

وبحسب الرئيس التنفيذي للتسويق والاتصال في شبكة تدفق للإعلانات الرقمية في السعودية، يلعب القطاع دوراً محورياً في تعزيز الناتج الوطني والاقتصاد الرقمي للعديد من الدول، مستشهداً، على سبيل المثال، بأميركا، حيث ساهمت المنظومة بما يقارب 460 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي عام 2021، وهو ما يمثل نحو 2.1 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

واستشهد أيضاً بالمملكة المتحدة، التي شكلت صناعة الإعلانات الرقمية ما يقرب من 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مما يؤكد على الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع.

البيانات الرقمية

ويرى العباد أن الهيمنة المطلقة لشبكات الإعلانات الرقمية العالمية مثل «غوغل» و«فيسبوك» وغيرها تشكل تحدياً كبيراً للاقتصادات الرقمية المحلية، إذ تستحوذ على ما يقرب من 60 في المائة من سوق الإعلانات الرقمية العالمي، مما يؤدي إلى تسرب مليارات الدولارات من الاقتصادات المحلية إلى الخارج.

وأضاف: «هذه الهيمنة لا تؤثر فقط على العائدات الاقتصادية، بل تمتد آثارها لتشمل التحكم في البيانات الرقمية وتوجيه المحتوى، ما قد يهدد السيادة الوطنية للبيانات وقدرتها على تطوير صناعات إعلانية محلية مزدهرة».


مقالات ذات صلة

السعودية والصين تستكشفان الفرص السياحية الواعدة

الاقتصاد وزير السياحة أحمد الخطيب مجتمعاً بعدد من المستثمرين الصينيين في بكين (الشرق الأوسط)

السعودية والصين تستكشفان الفرص السياحية الواعدة

تستعرض السعودية وبكين الفرص السياحية الواعدة، وذلك بعد اجتماع وزير السياحة أحمد الخطيب مع غرفة السياحة الصينية لتعزيز العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أحد اللقاءات الثنائية التي عقدها وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي في إسبانيا (الشرق الأوسط)

السعودية وإسبانيا تناقشان فرص توطين صناعة «الدرون» و«السفن» و«السيارات»

ناقش وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريّف، مع قادة كبرى الشركات الإسبانية، الفرص المتبادلة في مجال توطين أبرز الصناعات.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة (الشرق الأوسط)

السعودية ومصر... استمرار التعاون في مجالات الطاقة والتقنيات النظيفة

يتضح ضمن البيان المشترك في ختام زيارة ولي العهد السعودي، إلى مصر، جملة من المواضيع المشتركة بين البلدين في مجالات الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد السعودي خلال لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية على هامش انعقاد القمة (واس)

الاتحاد الأوروبي يسعى لبناء ممر اقتصادي مع دول الخليج

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي يريد بناء ممر اقتصادي مع دول الخليج لزيادة التجارة في الطاقة المتجددة والبيانات.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد موظفون من «الهيئة السعودية للمياه»... (واس)

السعودية تدرس تخفيف شروط تراخيص مهنة «الاستشارات الإدارية» للأفراد

كشفت مصادر مطلعة عن أن الحكومة السعودية تدرس حالياً تخفيف الاشتراطات الخاصة للحصول على ترخيص لممارسة مهنة «الاستشارات الإدارية» للأفراد.

بندر مسلم (الرياض)

السعودية والصين تستكشفان الفرص السياحية الواعدة

وزير السياحة أحمد الخطيب مجتمعاً بعدد من المستثمرين الصينيين في بكين (الشرق الأوسط)
وزير السياحة أحمد الخطيب مجتمعاً بعدد من المستثمرين الصينيين في بكين (الشرق الأوسط)
TT

السعودية والصين تستكشفان الفرص السياحية الواعدة

وزير السياحة أحمد الخطيب مجتمعاً بعدد من المستثمرين الصينيين في بكين (الشرق الأوسط)
وزير السياحة أحمد الخطيب مجتمعاً بعدد من المستثمرين الصينيين في بكين (الشرق الأوسط)

تستعرض السعودية والصين الفرص السياحية الواعدة، وذلك بعد اجتماع وزير السياحة أحمد الخطيب، مع غرفة السياحة الصينية لتعزيز العلاقات الثنائية في القطاع، كما التقى عدداً من المستثمرين في بكين لمناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة.

ودشن الخطيب الحملة الترويجية العالمية في العاصمة بكين، يوم الخميس، حيث أطلق «معرض السفر السعودي» في حديقة «تيان تان» الشهيرة، وسيستمر حتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وكشف الوزير السعودي عن لقائه مع المستثمرين الصينيين، واستعراض الفرص الواعدة التي يتميز بها قطاع السياحة في المملكة، وسبل العمل المشترك لتقديم تجربة ثرية للسائح.

وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب في بكين (الشرق الأوسط)

ورأس الخطيب وفداً يضم نخبة من المسؤولين وعدداً من أهم شركاء منظومة السياحة السعودية، من أجل تعزيز مكانة السعودية على الخريطة العالمية، وإبراز جاهزية الوجهات لاستقبال السياح من الصين.

وقد عقد الوفد السعودي اجتماعات ثنائية عدة مع «هيئة الطيران المدني» في الصين، وغرفة السياحة الصينية، وخطوط الطيران، وممثلي شركات «تريب دوت كوم» و«تونيو» و«علي بابا» و«هواوي» و«كلوك»... وغيرها.

كما جرى توقيع مذكرات تفاهم عدة مع شركات صينية كبرى، وكان من أهمها مجموعة «إتش وورلد»، ومجموعة «جين جيانغ».

وقال وزير السياحة: «نسعى من خلال هذه الحملة العالمية إلى تعزيز التعاون المشترك مع الصين؛ عبر بناء شراكات استراتيجية؛ تستهدف تنمية القطاع السياحي بالبلدين الشقيقين، ونتطلع للترحيب بالسياح من بكين للاستمتاع بتجربة سياحية ملهمة؛ خصوصاً بعد اعتماد المملكة وجهةً رسميةً ورئيسيةً للسياح من الصين».

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي، عضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين: «تعد الصين واحدة من أهم الأسواق الدولية بالنسبة للمملكة، ونشهد هذا الاهتمام المتنامي من السياح الصينيين للاستمتاع بتجربة سياحية ملهمة وسلسة وممتعة».

وتضمن «معرض السفر السعودي» كثيراً من الأقسام التفاعلية التي تبرز جمال الوجهات السياحية بالدرعية والعُلا والباحة، مع فرصة لالتقاط صور شخصية وسط أجواء المعالم السياحية الشهيرة بالمملكة.

ويستمتع الزوار بالعروض الحية لحياكة السدو، بجانب العروض الموسيقية الشعبية، كما قدم شركاء منظومة السياحة السعودية من منظمي الرحلات كثيراً من العروض والباقات لزيارة أهم الوجهات السعودية، ومنها جدة ونيوم والبحر الأحمر، والاستمتاع بالفعاليات النوعية والعالمية، ومنها موسم الرياض ومدل بيست، وتستمر حزمة العروض المقدمة حتى نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول).