دعوى أوروبية أمام «منظمة التجارة» ضد تحقيق الصين في «دعم صادرات الألبان»

مخاوف من ردود بكين الانتقامية على «القيود الأميركية»

منتجات ألبان أوروبية معروضة بأحد المتاجر الكبرى بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
منتجات ألبان أوروبية معروضة بأحد المتاجر الكبرى بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

دعوى أوروبية أمام «منظمة التجارة» ضد تحقيق الصين في «دعم صادرات الألبان»

منتجات ألبان أوروبية معروضة بأحد المتاجر الكبرى بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
منتجات ألبان أوروبية معروضة بأحد المتاجر الكبرى بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

قالت «المفوضية الأوروبية»، يوم الاثنين، إنها رفعت دعوى قانونية أمام «منظمة التجارة العالمية» ضد بدء بكين تحقيقاً في دعم صادرات بعض منتجات الألبان من «الاتحاد الأوروبي» إلى الصين. وقالت «المفوضية» إن «تحرك (الاتحاد الأوروبي) جاء نتيجة نمط ناشئ لقيام الصين باتخاذ تدابير دفاعية تجارية استناداً إلى مزاعم مشكوك فيها وأدلة غير كافية، في غضون مدة قصيرة من الزمن».

وبدأ التحرك الصيني بعد أن فرض «الاتحاد الأوروبي» تعريفات جمركية على السيارات الكهربائية الصينية. وهذه أول مرة يتخذ فيها «الاتحاد الأوروبي» مثل هذا الإجراء في بداية تحقيق، بدلاً من الانتظار حتى يسفر عن إجراءات تجارية ضد الكتلة.

وتبدأ الإجراءات في «منظمة التجارة العالمية» بمدة إلزامية تبلغ 60 يوماً للأطراف للتشاور بعضها مع بعض. وقالت «المفوضية» إنها ستطلب من «منظمة التجارة العالمية» تشكيل لجنة تحكيم إذا لم تؤد المشاورات إلى «حل مُرض». وتستغرق لجان «منظمة التجارة العالمية» عادة أكثر من عام للوصول إلى استنتاجات.

وبدأت الصين تحقيقها لمكافحة الدعم يوم 21 أغسطس (آب) الماضي، مستهدفة الحليب السائل في «الاتحاد الأوروبي»، والقشدة التي تحتوي نسبة دهون تزيد على 10 في المائة، وأنواعاً مختلفة من الجبن.

وقالت «المفوضية» إنها واثقة بأن خطط دعم الألبان في «الاتحاد الأوروبي» متوافقة تماماً مع القواعد الدولية، وإنها لا تسبب ضرراً لقطاع الألبان في الصين.

وفرض «الاتحاد الأوروبي» رسوماً مؤقتة في يوليو (تموز) الماضي على المركبات الكهربائية المصنعة في الصين، ومن المتوقع أن يصوت أعضاء «الاتحاد الأوروبي» قريباً على التعريفات النهائية، التي ستطبق لمدة 5 سنوات... وتجري الصين في المقابل أيضاً تحقيقات لمكافحة الإغراق في بعض من المشروبات ولحم الخنزير في «الاتحاد الأوروبي».

في غضون ذلك، قال محللون إن من شأن خطة أميركية، تتضمن فرض مزيد من القيود على برامج وأجهزة مخصصة للسيارات الكهربائية الصينية، أن تؤدي إلى تداعيات تتجاوز صناعة السيارات، وقد تسفر عن رد مماثل ضد الشركات الأميركية في الصين.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصادر مطلعة قولها إنه من المقرر أن يكشف مسؤولون أميركيون عن اقتراح لحظر استخدام واختبار تكنولوجيا وأجهزة صينية وروسية خاصة بأنظمة القيادة الآلية واتصالات السيارات.

ويأتي بحث فرض هذه القيود المرتقبة نتيجة تحقيق أطلقه الرئيس الأميركي جو بايدن في مارس (آذار) الماضي، بشأن المخاطر التي تشكلها برامج السيارات الصينية على الأمن السيبراني.

وشكك بيل روسو، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات الاستثمارية «أوتوموبيليتي»، ومقرها شنغهاي، في جدوى استراتيجية الولايات المتحدة في ضوء انتشار البرمجيات الصينية في منتجات استهلاكية أخرى. وأضاف أن من شأن فرض حظر تام أن يؤدي فقط إلى تصعيد التوترات السياسية القائمة بين القوتين العظميين، وأنه سيقابل برد مماثل؛ الأمر الذي سيؤثر على الأعمال التجارية الأميركية في الصين.

وفي سياق منفصل، حذر تقرير من خدمة «بلومبرغ إنتليجانس» للتحليلات الاقتصادية، بأن أزمة الصلب في الصين تفتح الباب أمام موجة إفلاسات وحركة اندماجات سريعة مطلوبة بشدة في القطاع.

ووفق ميشيلي ليونغ، من كبار المحللين في «بلومبرغ إنتليجانس»، فإن نحو 3 أرباع شركات الصلب في الصين عانت من الخسائر خلال النصف الأول من العام الحالي، ومن المحتمل إشهار كثير منها إفلاسها.

وقالت ليونغ إن شركات «شينياغن با يي آيرون آند ستيل» و«جانسو جيو ستيل غروب» و«أنيانغ آيرون آند ستيل غروب» هي الأكثر عرضة للإفلاس خلال المدة المقبلة، وقد يُستحوذ عليها من جانب شركات منافسة.

وقالت «بلومبرغ إنتليجانس» في تقريرها إن موجة الاندماجات المنتظرة ستساعد بكين في تشجيع مزيد من تركيز صناعة الصلب الصينية. وتريد الحكومة بحلول عام 2025 استحواذ أكبر 5 شركات صلب في الصين على 40 في المائة من السوق، وأكبر 10 شركات على 60 في المائة من السوق.

وقالت ليونغ إن هذا الهدف «في المتناول»، ولكن الصين ستظل أقل كثيراً من اليابان وكوريا الجنوبية من حيث حجم شركات الصلب الكبرى فيها.

يذكر أن أزمة العقارات المستمرة في الصين، وتباطؤ النمو الاقتصادي، يعيدان تشكيل صناعة الصلب الضخمة في البلاد، حيث حذر رئيس شركة «تشاينا باووو ستيل غروب كورب»؛ أكبر منتج للصلب في الصين، خلال الشهر الماضي، من أزمة أسوأ من أزمتَي عامي 2008 و2015. وقد أدى انخفاض الطلب المحلي إلى زيادة صادرات المصانع، مما أثار رد فعل تجارياً عنيفاً من البلدان التي تقول إن الشركات الصينية تغرق أسواقها بالصلب بأسعار أقل من التكلفة.

ومع ذلك؛ فمن غير المرجح أن تنخفض صادرات الصين من الصلب حتى نهاية عام 2026 مع انخفاض الإنتاج الإجمالي وتكثيف مزيد من الشركاء التجاريين للصين القيود المفروضة على واردات الصلب الصينية.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.