رئيس «سيمنس السعودية للطاقة» يدعو لزيادة الاستثمار في شبكات الكهرباء العربية

سليماني لـ«الشرق الأوسط»: مع تنوع أنظمة الطاقة ستواجه منطقتنا تحديات جديدة

الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني
الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني
TT

رئيس «سيمنس السعودية للطاقة» يدعو لزيادة الاستثمار في شبكات الكهرباء العربية

الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني
الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني

دعا الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني، إلى زيادة الاستثمارات في محطات الطاقة في الدول العربية، لضمان قدرة الشبكات على التعامل مع مختلف التحديات في المستقبل.

وقال سليماني لـ«الشرق الأوسط»، في رده على المخاوف من زيادة عملية «تخفيف الأحمال» في العديد من الدول العربية خلال ذروة الصيف الحالي وتأثيرها على الاقتصاد الكلي: «نحن الآن بحاجة إلى زيادة الاستثمار، لضمان أن شبكات الغد ستكون مؤهلة للتعامل مع مختلف التحديات، وقادرة على نقل الكهرباء بكفاءة واعتمادية واستدامة على مستوى المناطق المحلية أو بين الدول».

وتواجه دول عربية انقطاعات مستمرة في الكهرباء، نتيجة زيادة الطلب على الطاقة في ذروة موسم الصيف، وبلغت حد الأزمة في الكويت ومصر والعراق واليمن والسودان ولبنان وسوريا، إلا أن مصر خرجت مؤخراً من «الإظلام» بتأمين شحنات من الوقود لتشغيل محطات الكهرباء.

واقترح سليماني في هذا الصدد: «في الوقت الحالي، تعد الشراكات الاستراتيجية بين الدول في هذا المجال أمراً بالغ الأهمية، ويسهم في تعزيز التعاون بين الدول العربية، وتعزيز إدارة أفضل للموارد وإيجاد الحلول المشتركة... معالجة هذه التحديات تتطلب نهجاً يشمل إصلاحات في التشريعات وضخ الاستثمارات في التكنولوجيا والتعاون الإقليمي».

ويصل عدد ساعات الانقطاع أو تخفيف الأحمال في اليمن إلى 12 ساعة يومياً، والعراق إلى 10 ساعات، والسودان من 10 إلى 14 ساعة، ولبنان من 12 إلى 20 ساعة، وسوريا من 10 إلى 20 ساعة، وفي الكويت من 2 إلى 3 ساعات يومياً؛ وكان يصل في مصر إلى 3 ساعات قبل حل الأزمة.

ويرى سليماني، أنه على المدى القريب يعد «تحديث وتطوير البنية التحتية أمراً بالغ الأهمية، فمحطات الطاقة الحديثة أصبحت أكثر كفاءة بشكل ملحوظ، ما يتيح استهلاك أقل للوقود، والحد من الانبعاثات، وتحسين الأتمتة للحد من الأخطاء وتقليل فترات الانقطاع... كما أن تبني وتنفيذ التقنيات الذكية والمتكاملة يمكّن أصول الطاقة من زيادة ارتباطها مع بعضها، مما يحسن الكفاءة والاستقرار بشكل كبير».

أسلاك كهربائية معلقة بين المباني في أحد شوارع العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

أما «على المدى الطويل، ومع تنوع أنظمة الطاقة لدينا ودمج مصادر الطاقة المختلفة في الشبكة، بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية وحتى النووية، ستواجه شبكات الكهرباء لدينا تحديات جديدة»، وفق سليماني.

ولدى كثير من الدول العربية خطط وطموحات مستقبلية لتوفير إمدادات الطاقة بشكل آمن، لكن قد يعوقها أحياناً تحديات على المدى القصير في محطات الكهرباء لديها، يتمثل في توفير الوقود اللازم من جهة وتحديث البنية التحتية من جهة أخرى، بيد أن الخطط المستقبلية أو الرؤية الطموحة للعديد من الدول تعتمد زيادة الإنتاج من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكلي لديها.

البيئة القاسية

يشير سليماني هنا إلى «البيئة القاسية» في المنطقة العربية والتي تتصف بمناخها الجاف وندرة المياه، والتي يراها من أهم التحديات التي تواجه قطاع الطاقة العربي، موضحاً: «الظروف المناخية القاسية، خصوصاً خلال فترات الطلب المرتفعة، تزيد من إجهاد أنظمة الطاقة...».

ونتيجة لذلك يتوقع سليماني «مع استمرار ازدياد الطلب على الطاقة، ستزداد وتيرة انقطاعات التيار الكهربائي بشكل أكثر... كما يوجد عدد من المسببات الأخرى لهذه الانقطاعات منها البنية التحتية وشبكات الطاقة القديمة، وقلة الاستثمار في تحديث أنظمة الطاقة، عوضاً عن الاعتماد على الأنظمة التقليدية لتوليد الكهرباء القائمة على الوقود الأحفوري».

وحذر قائلاً: «من الممكن أن يتفاقم الوضع بسبب ضعف تحقيق التكامل بين احتياجات الطاقة والإدارة الفعّالة، ما يؤدي إلى إنتاج وتوزيع الطاقة بدون كفاءة، والذي قد يتسبب بارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء بالنسبة للحكومات».

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية، أن «منطقة الشرق الأوسط تعد من أكثر المناطق المهددة بتداعيات التغير المناخي، وذلك نظراً لبيئتها الجافة وندرة توافر المياه. وخلال موسم الصيف، تزداد ذروة الطلب على الطاقة بشكل كبير، مما يزيد من شدة الأحمال والضغط على أنظمة توليد الطاقة. إلى جانب ذلك، هنالك العديد من التحديات التي تؤثر على مختلف دول المنطقة، بما فيها القيود الاقتصادية، ونقص الوقود والاستثمارات بالبنية التحتية».

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن سليماني أشار إلى «تبنّي كثير من هذه الدول مبادرات تهدف لمواجهة هذه التحديات من خلال التنويع من مصادر الطاقة المتجددة، وبناء أنظمة طاقة أكثر مرونة واستدامة... هذه المبادرات المختلفة بالإضافة للشراكات الإقليمية تعمل ليس فقط على تحقيق سلامة البيئة فحسب، بل على ازدهار المنطقة، إذ نرى تطوراً في مبادرات الهيدروجين الأخضر، وتعزيز كفاءة الطاقة من خلال تقنيات الشبكة الذكية».

وأعطى سليماني مثالاً في هذا الصدد، قائلاً: «بالنظر إلى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، هناك استثمار كبير في تكنولوجيا توربينات الغاز المتقدمة التي تتمتع بكفاءة أكبر في استهلاك الموارد».

وأضاف أنه يمكن القول: «إننا حالياً في مرحلة التنفيذ لكثير من هذه المبادرات، والتي تتطلب التعاون الوثيق بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص لضمان تحقيق مستهدفات هذه المبادرات بالشكل الأمثل. هذا التعاون يسهم في الحد من تداعيات تغيُّر المناخ، وتعزيز كفاءة الوصول إلى الطاقة، وبناء مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً في المنطقة».

أمن الطاقة

يرى سليماني أن أمن الطاقة يتطلب «ضمان إمدادات بشكل موثوق به وبأسعار معقولة... وهذا يحتاج إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب والتكلفة». موضحاً أن «الاعتماد المفرط على مصدر واحد للطاقة يشكل خطراً كبيراً عندما يصبح هذا المصدر نادراً أو مكلفاً، كما حدث مؤخراً في الأسواق العالمية للطاقة».

إضافة إلى ذلك ومع أهمية ضمان إمدادات الطاقة المستقرة والمتواصلة، أشار سليماني إلى أهمية تنويع مصادر مزيج الطاقة، من «خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين مرونة البنية الأساسية، ما يسهم في تحسين أمن الطاقة بشكل كبير».

وعن الربط الكهربائي بين الدول، تَوَقَّعَ سليماني أن يعمل الربط الشبكي على «تقليل الاضطرابات، وتحسين المرونة، من خلال الربط بتردد متزامن... وهذا يسمح بتبادل الطاقة بين الدول، لذلك عندما تواجه منطقة ما نقصاً في الطاقة بسبب العواصف أو الأعطال المحلية، يمكنها الاستفادة من فائض الكهرباء من منطقة مجاورة».

ولتحقيق أمن الطاقة في المنطقة العربية، أكد سليماني: «نحتاج إلى تحقيق استقرار الشبكة. وهذا ينطوي على مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والتقنيات المصممة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب والتكلفة، واستيعاب مزيج متنوع من مصادر الطاقة... ومن الضروري أيضاً تلبية الطلب في كل بلد من خلال فهم أنماط استهلاك الطاقة الفريدة، وتوافر الموارد الطبيعية، والديناميكيات الجيوسياسية لكل بلد».


مقالات ذات صلة

العاهل المغربي يبحث مع الرئيس الموريتاني «قضايا استراتيجية»

شمال افريقيا العاهل المغربي محمد السادس يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)

العاهل المغربي يبحث مع الرئيس الموريتاني «قضايا استراتيجية»

العاهل المغربي يبحث مع الرئيس الموريتاني «قضايا استراتيجية»، أبرزها ملف الغاز الأفرو-أطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل المحيط الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا من حفل توقيع إنشاء «ائتلاف قوى الشعب» (متداولة)

موريتانيا: تشكيلات سياسية معارضة تتوحد في ائتلاف جديد

قررت تشكيلات سياسية معارضة في موريتانيا التوحد في تحالف سياسي جديد، يحملُ اسم «ائتلاف قوى الشعب» من أجل مواجهة ما سمته «التحديات الكبرى»، التي تتعرض لها البلاد.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر مع رئيس وزراء إثيوبيا (الخارجية الجزائرية)

الجزائر تطلق حملة للظفر بمنصب مهم في «الاتحاد الأفريقي»

الجزائر تعلن عن إطلاق حملة مرشحة البلاد لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، سفيرة الجزائر لدى إثيوبيا، سلمى حدادي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع غير بيدرسون المبعوث الأممي إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة.

سعيد الأبيض (جدة)

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
TT

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)

قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، في مقابلة نُشرت اليوم (الأحد)، إن بلاده ستوقف شحن الغاز للاتحاد الأوروبي إذا فرضت دوله الأعضاء بصرامة قانوناً جديداً يتعلق بالعمالة والضرر البيئي.

وبموجب قانون يتعلق بالفحص النافي للجهالة واستدامة الشركات الذي تمّت الموافقة عليه هذا العام، مطلوب من الشركات الكبرى العاملة في الاتحاد الأوروبي التحقق مما إذا كانت سلاسل الإمداد الخاصة بها تستخدم العمالة القسرية أو تتسبب في أضرار بيئية، واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا خلصت إلى ذلك. وتشمل العقوبات غرامات تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية.

وقال الكعبي للصحيفة: «إذا كان الأمر ينطوي على خسارة 5 في المائة من الإيرادات التي حققتها بسبب (البيع) لأوروبا، فلن أبيع لأوروبا. أنا جاد في ذلك. 5 في المائة من إيرادات شركة (قطر للطاقة) تعني 5 في المائة من إيرادات دولة قطر. هذه أموال الشعب، لذلك لا يمكنني أن أخسر مثل هذه الأموال، ولا أحد يقبل خسارة مثل هذه الأموال».

وأشار الكعبي، وهو أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة «قطر للطاقة» المملوكة للدولة، إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يراجع هذا القانون بشكل شامل.

وقال إن بلاده لا تشعر بالقلق من وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بإلغاء سقف مفروض على صادرات الغاز الطبيعي المسال.

وتسعى قطر، وهي من بين أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى الاضطلاع بدور أكبر في آسيا وأوروبا مع ازدياد المنافسة من الولايات المتحدة.

وتخطِّط قطر لزيادة طاقة تسييل الغاز إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 من 77 مليون طن حالياً.