توقّع خبراء واختصاصيون في القطاع العقاري، أن يسهم قرار خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في تعزيز النشاط العقاري في السعودية، وتوجيه أموال المستثمرين نحو السوق العقارية، وتحسين وزيادة السيولة المالية للمطورين العقاريين، بما يسمح لهم بالتوسع في بناء مشروعات عقارية جديدة وتسريع وتيرة البناء. ولفتوا إلى أنه سيفرض واقعاً جديداً على السوق العقارية، وقد يسهم في رفع أسعار العقارات ونموها لفترة قد تصل إلى 6 سنوات مقبلة، كما سيشهد الطلب على شراء العقارات ارتفاعاً خلال الفترة المقبلة، وسيبلغ ذروته خلال الأشهر الستة المقبلة.
وقال الخبير والمقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن خفض أسعار الفائدة سيحرك جبالاً من الطلبات السابقة والمتراكمة من الذين قرروا تأجيل الشراء عندما بدأت أسعار العقارات بالارتفاع خلال السنوات الماضية، متوقعاً أن تشهد السوق طلبات كبيرة على شراء العقارات تصل ذروتها خلال الأشهر الستة المقبلة.
وأشار المهندس الفقيه إلى أن حالة السوق خلال الأشهر الماضية، وقبل قرار خفض أسعار الفائدة، شهدت نمواً في الطلب بمعدلات أكبر من العرض؛ بسبب ظهور فئة جديدة من مشتري العقارات، بعد قرار السماح لغير السعوديين بالتملك وتطبيق نظام الاستثمار الأجنبي، ومن المتوقع أن يضغط ذلك على الطلب في السوق ويرفع طلبات التملك من قبل غير السعوديين في المدن الكبرى والنشطة استثمارياً، خصوصاً مدينة الرياض.
وأكد الفقيه أن خفض أسعار الفائدة سيسرِّع من ظهور قوة طلب كبيرة ومتزايدة على الوحدات السكنية، وستنضم إلى قوة الطلب التي أرجأت قرار الشراء في السنوات الماضية، ما سيفرض واقعاً جديداً على السوق العقارية، وقد يسهم في ارتفاع أسعار العقارات ونموها لفترة قد تصل إلى 6 سنوات مقبلة.
وعن تأثير القرار في صُنّاع السوق العقارية والمطورين والمستثمرين، يرى الفقيه أن هذه العوامل ستدفعهم لبناء مشروعات سكنية جديدة، وستفتح السوق أمام دخول المطورين العقاريين غير السعوديين، ما سيزيد المعروض في السوق، إلا أنه لن يوازن حجم الطلب المرتفع الذي تراكم على مر السنين، لكنه سيكون حافزاً لتحريك أموال المستثمرين إلى السوق العقارية، وتشجيع الاستثمار في المشروعات العقارية، بفضل انخفاض تكلفة التمويل.
من جانبه، قال الخبير العقاري صقر الزهراني لـ«الشرق الأوسط» إن خفض سعر الفائدة في السعودية، خصوصاً في ظل الطلب المتزايد والمتراكم على الوحدات السكنية، سيشجع الأفراد بشكل أكبر على التملك، نظراً لانخفاض تكلفة الاقتراض، ما سيسهم في زيادة الطلب على العقارات السكنية في المناطق الحيوية التي تشهد نمواً سكانياً كبيراً، مثل الرياض وجدة. إلا أنها قد تواجه تحديات تتعلق بتوفر المعروض المناسب لاحتياجات الفئة المستهدفة، وهو ما قد يحد من استفادة الطبقات المتوسطة والمنخفضة الدخل.
ويرى الزهراني أن تأثير القرار في العقارات التجارية سيكون متبايناً، وقد تحتاج إلى وقت أطول للاستفادة بشكل ملموس من هذا القرار؛ بسبب التحديات المتعلقة بتأثير التغيرات الاقتصادية العامة والسلوك الاستهلاكي للأعمال، مشيراً إلى أن هناك عوامل أخرى قد تعزز الاستثمار التجاري؛ منها دخول المستثمر الأجنبي، وزيادة الرغبة في استثمار رأس المال في المملكة، فضلاً عن أن مشروعات التطوير العقاري في نيوم أو القدية وغيرهما قد تستفيد بشكل أكبر نتيجة التدفق الاستثماري المتوقع في هذه المناطق.
وتوقع الزهراني أن يكون تأثير القرار إيجابياً ومباشراً في المطورين العقاريين، خصوصاً فيما يتعلق بتكلفة التمويل، وأنه سيسهم في تحسين السيولة لدى المطورين، بما يسمح لهم بالتوسع في مشروعات جديدة، وتسريع وتيرة البناء، وتقليل تأثير التحديات الأخيرة فيهم، وأبرزها ارتفاع أسعار مواد البناء والمقاولات.
وعن تأثير خفض الفائدة في أسعار العقارات، يرى الزهراني أنه من غير الممكن التنبؤ بتأثير ذلك في أسعار العقارات أو مدى توافقه مع خفض الفائدة، مشيراً إلى أن أسعار العقارات تعتمد على التوازن بين العرض والطلب، ومع زيادة الطلب بسبب انخفاض تكلفة التمويل قد تشهد الأسعار ارتفاعاً، لكن هذا الارتفاع قد يكون محدوداً بسبب عوامل أخرى تؤثر في العرض مثل سياسات تنظيم العقارات، وزيادة تكاليف التطوير، وبالتالي من الممكن توقع ارتفاع أسعار العقارات السكنية بشكل أسرع من التجارية، لكن دون أن تكون النسبة مماثلة لخفض الفائدة.