ارتفاع قوي لصادرات الصين مقابل ضعف بالطلب المحلي

مخاوف من آثار الحواجز التجارية على النمو

رافعات تنقل حاويات إلى سفن شحن في ميناء قينغداو شرق الصين (أ.ب)
رافعات تنقل حاويات إلى سفن شحن في ميناء قينغداو شرق الصين (أ.ب)
TT

ارتفاع قوي لصادرات الصين مقابل ضعف بالطلب المحلي

رافعات تنقل حاويات إلى سفن شحن في ميناء قينغداو شرق الصين (أ.ب)
رافعات تنقل حاويات إلى سفن شحن في ميناء قينغداو شرق الصين (أ.ب)

نمت صادرات الصين بأسرع وتيرة لها في نحو عام ونصف العام في أغسطس (آب) الماضي، ما يشير إلى أن المصنعين يسرعون إلى تقديم الطلبات قبل التعريفات الجمركية المتوقعة من عدد متزايد من الشركاء التجاريين، في حين خيبت الواردات الآمال وسط ضعف الطلب المحلي.

وتسلط بيانات التجارة المختلطة الضوء على التحدي الذي تواجهه بكين، مع محاولة صناع السياسات تعزيز النمو الإجمالي دون الاعتماد بشكل مفرط على الصادرات، خاصة في ظل تشديد قيود المستهلكين على الإنفاق.

وفشل الاقتصاد الصيني في التعافي على مدار العام الماضي وسط تباطؤ طويل الأمد في قطاع العقارات، وأظهر مسح الأسبوع الماضي أن أسعار بوابة المصنع في أسوأ حالاتها في 14 شهراً، ما يشير إلى قيام المنتجين بخفض الأسعار للعثور على مشترين.

وأظهرت بيانات الجمارك يوم الثلاثاء أن الشحنات الصادرة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم نمت بنسبة 8.7 في المائة على أساس سنوي في الشهر الماضي، وهي الأسرع منذ مارس (آذار) 2023، متجاوزة توقعات بزيادة 6.5 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء الاقتصاد، وارتفاع بنسبة 7 في المائة في يوليو (تموز).

لكن الواردات زادت بنسبة 0.5 في المائة فقط، ما يخالف التوقعات بزيادة بنسبة 2 في المائة، وهو كذلك انخفاض من نمو كبير بلغ 7.2 في المائة في الشهر السابق.

وقال تشو ماوهوا، الباحث في الاقتصاد الكلي في بنك «تشاينا إيفربرايت»، «إن الأداء القوي للصادرات والفائض التجاري موات للنمو الاقتصادي في الربع الثالث والعام بأكمله... ومع ذلك، فإن البيئة الاقتصادية والجيوسياسية العالمية معقدة، وتواجه صادرات الصين الكثير من الرياح المعاكسة».

وحذر خبراء الاقتصاد من أن بكين تخاطر بفشل هدفها للنمو إذا أصبحت تعتمد بشكل مفرط على الصادرات، في أعقاب سلسلة من البيانات الأخيرة «غير المبهجة»، ما يزيد الضغوط على صناع السياسات لمزيد من التحفيز لإحياء الاقتصاد الصيني.

وقال محللون في «نومورا» في مذكرة: «قد يؤدي استمرار قوة الصادرات في الواقع إلى تأخير دعم السياسات في الأمد القريب، ونستمر في توقع إصدار تدابير أكثر جرأة في الربع الرابع».

وعلاوة على ذلك، تظهر الحواجز التجارية المتزايدة كعقبة كبيرة أخرى تهدد زخم الصادرات الصينية المدفوع بالأسعار.

واتسع فائض التجارة الصينية مع الولايات المتحدة إلى 33.81 مليار دولار في أغسطس من 30.84 مليار دولار في يوليو. وسلطت واشنطن الضوء مراراً وتكراراً على الفائض كدليل على التجارة أحادية الجانب لصالح الاقتصاد الصيني.

كما أصبحت سياسة بروكسل التجارية أكثر حماية، ولم تحرز جهود بكين للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي لتخفيف التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية تقدماً يذكر.

وفي الشهر الماضي، أعلنت كندا عن تعريفة جمركية بنسبة 100 في المائة على السيارات الكهربائية الصينية، إلى جانب تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم الصينيين.

ومع محاولات الصين إعادة توجيه المزيد من الصادرات إلى جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا، فإنها تواجه أيضاً مقاومة هناك. وتخطط الهند لرفع التعريفات الجمركية على الصلب الصيني، وتتطلع إندونيسيا إلى فرض رسوم جمركية ثقيلة على واردات المنسوجات، وفتحت ماليزيا تحقيقات مكافحة الإغراق في واردات البلاستيك من الصين وإندونيسيا.

ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين أن تنجو الشحنات الصادرة من العاصفة، نظراً للرخص النسبي لليوان الصيني والسهولة النسبية التي يمكن بها للمصدرين إعادة توجيه بضائعهم لتجنب التعريفات الجمركية.

وقال زيشون هوانغ، الخبير الاقتصادي الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»: «من المرجح أن تظل الشحنات الصادرة قوية في الأشهر المقبلة. ومن المسلم به أن المزيد من الحواجز قيد الإنشاء». وأضاف: «نشك في أن التعريفات الجمركية التي أُعلن عنها حتى الآن ستمنع انخفاضات أسعار الصرف الفعلية الحقيقية من تأجيج المزيد من المكاسب في حصة الصين في سوق التصدير العالمية».

وقد لا تبشر الواردات الأقل من المتوقع بالخير للصادرات في الأشهر المقبلة، حيث إن ما يقرب من ثلث مشتريات الصين عبارة عن أجزاء لإعادة التصدير، وخاصة في قطاع الإلكترونيات.

كما أشارت مشتريات الصين من السلع الأساسية إلى صورة محلية قاتمة، حيث انخفضت واردات خام الحديد في العملاق الآسيوي بنسبة 4.73 في المائة عن العام السابق في الشهر الماضي، حيث أدى ضعف الطلب في قطاع البناء في البلاد إلى تقليص شركات صناعة الصلب.

وعلاوة على ذلك، في حين اشترت الصين 12.14 مليون طن متري من فول الصويا في أغسطس، كانت هناك علامات مشؤومة لأداء التصدير المستقبلي لقوة الإنتاج. ويقول المحللون إن موجة الشراء كانت مدفوعة باستغلال التجار لانخفاض الأسعار للتخزين وسط مخاوف من أن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة قد تشتد إذا عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض العام المقبل.

وبشكل عام، في حين كانت صادرات أغسطس إيجابية للنمو، «لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان هذا الزخم يمكن أن يستمر»، كما قالت لين سونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد المختصة بالصين في «آي إن جي»، موضحة أنه «بصرف النظر عن الرسوم الجمركية الواردة وبيانات طلبات التصدير البطيئة في الأشهر القليلة الماضية، إذا بدأ زخم النمو العالمي في التباطؤ أيضاً، فقد يؤدي هذا أيضاً إلى إبطاء زخم التصدير».

وفي الأسواق، هبطت أسهم الصين إلى أدنى مستوى لها في سبعة أشهر، حيث فشلت بيانات التصدير القوية في تهدئة مخاوف السوق بشأن النزاعات التجارية والانكماش المحلي. بينما ارتفعت أسهم هونغ كونغ، بفضل قفزة أسهم «علي بابا»، والتي تم إضافتها إلى مخطط ربط الأسهم، مما يسمح للمستثمرين في البر الرئيسي بشراء أسهمها.

وانخفضت أسهم شركة التكنولوجيا الحيوية «وكزي آب تك كو ليمتد» بنسبة 8.3 في المائة في هونغ كونغ و4.7 في المائة في البر الرئيسي، بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي يوم الاثنين مشروع قانون يهدف إلى تقييد الأعمال مع كثير من شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وانخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.53 في المائة، ومؤشر «سي إس آي300» الصيني للأسهم القيادية بنسبة 0.52 في المائة، مع انخفاض مؤشره الفرعي للقطاع المالي بنسبة 0.15 في المائة، وقطاع السلع الاستهلاكية الأساسية 0.03 في المائة، ومؤشر العقارات 2.63 في المائة، ومؤشر الرعاية الصحية الفرعي 1.34 في المائة.


مقالات ذات صلة

وزير المالية: مشروع موازنة ألمانيا 2025 يتوافق مع القانون

الاقتصاد وزير المالية كريستيان ليندنر يعرض مشروع موازنته لعام 2025 على مجلس النواب (رويترز)

وزير المالية: مشروع موازنة ألمانيا 2025 يتوافق مع القانون

قال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر يوم الثلاثاء في مجلس النواب إن مشروع موازنة ألمانيا لعام 2025 يتوافق مع القانون.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد سيارات كهربائية من إنتاج شركة «بي واي دي» الصينية خلال عرض في تايلاند الصيف الماضي (رويترز)

أوروبا تعتزم خفض بعضٍ من تعريفات السيارات الكهربائية الصينية

سيخفِض الاتحاد الأوروبي التعريفات النهائية المقترحة على «تسلا»، كما سيخفض قليلاً المعدلات للسيارات الكهربائية الأخرى من الصين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
تكنولوجيا هاتف «هواوي مايت إكس تي» الجديد القابل للطي 3 مرات معروض في حفل إطلاقه بمتجر الشركة في مدينة شنتشن الصينية (أ.ف.ب)

«هواوي» تطرح أول هاتف في العالم قابل للطي 3 مرات

كشفت شركة «هواوي تكنولوجيز» الصينية، الثلاثاء، عن هاتف ذكي قابل للطي 3 مرات بقيمة 2800 دولار.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل يلقي كلمته في افتتاح المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:34

حجم سوق إدارة المرافق في السعودية يتجاوز 50 مليار دولار

كشف وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، عن تجاوز حجم سوق إدارة المرافق بالسعودية 50 مليار دولار، مع توقعات بأن يشهد نمواً نسبته 8 في المائة سنوياً.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد فتاة تجرب إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)

«الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»... «قمة الرياض العالمية» تجمع المختصين وصناع القرار

تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، تنطلق «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي»، في الرياض يوم الثلاثاء.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

الأسواق الأميركية تستعيد هدوءها بعد أسابيع من التقلبات الحادة

العلم الأميركي معلق على واجهة بورصة نيويورك (أ.ب)
العلم الأميركي معلق على واجهة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

الأسواق الأميركية تستعيد هدوءها بعد أسابيع من التقلبات الحادة

العلم الأميركي معلق على واجهة بورصة نيويورك (أ.ب)
العلم الأميركي معلق على واجهة بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفعت معظم الأسهم الأميركية بشكل طفيف، مقدمةً فترة راحة بعد أسابيع من التقلبات الحادة.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة في التعاملات الصباحية. ويظل المؤشر منخفضاً بنسبة 3.2 في المائة عن أعلى مستوياته في يوليو (تموز)، لكنه شهد تقلبات حادة منذ ذلك الحين وسط مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي وما إذا كانت تخفيضات أسعار الفائدة المحتملة ستمنع الركود المحتمل.

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 17 نقطة، أو أقل من 0.1 في المائة، في حين ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وارتفعت أسهم «أوراكل» بنسبة 12.1 في المائة بعد أن أعلنت الشركة عن أرباح وإيرادات أفضل من المتوقع في الربع الرابع، مما ساعد في قيادة السوق. وبخلاف ذلك، كان التداول هادئاً بشكل عام، بما في ذلك في سوق السندات حيث ظلت العائدات ثابتة نسبياً.

وكما هو الحال مع الأسهم، كانت عائدات سندات الخزانة متقلبة قبيل اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ أزمة كوفيد - 19 في عام 2020.

والآن يركز الاحتياطي الفيدرالي على حماية الاقتصاد بدلاً من كبح جماح التضخم المرتفع. ويدور الجدل في «وول ستريت» حول مدى خفض أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية، والتي ظلت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين من الزمان، وما إذا كان تخفيف الفائدة سيكون متأخراً للغاية لمنع الركود.

وقد تؤثر التقارير المتعلقة بالتضخم المقرر صدورها يومي الأربعاء والخميس على حجم التخفيضات التالية لأسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي. السيناريو الأسوأ بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي هو تسارع التضخم في حين تبدو سوق العمل هشة، لأن معالجة أي من هذين الأمرين تتطلب اتخاذ تدابير مضادة.

ومن المتوقع أن يظهر أحدث تقرير للتضخم المقرر صدوره يوم الأربعاء أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.6 في المائة في أغسطس (آب) مقارنة بالعام السابق، وهو تباطؤ عن معدل يوليو البالغ 2.9 في المائة.

وقبل ذلك، سيكون هناك مناظرة ليلة الثلاثاء بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب. ويقول استراتيجيو «بنك أوف أميركا» إن هذا قد يكون المحفز التالي للسوق.

وارتفع الدولار الأميركي سابقاً مقابل العملات الأخرى عندما زادت توقعات إعادة انتخاب ترمب، على سبيل المثال، جزئياً بسبب دعواته لفرض تعريفات جمركية إضافية. لكن خبراء الاقتصاد يناقشون تأثير السياسات المقترحة من قبل أي من المرشحين على الاقتصاد، وقد تكون القضية الكبرى هي ما إذا كان أحد الحزبين سيكون قادراً على السيطرة على الكونغرس والبيت الأبيض.

وعلى الرغم من الاهتمام الشديد بالمناظرة الرئاسية، يقول جوليان إيمانويل وغيره من الاستراتيجيين في «إيفركور آي إس آي»: «إن التأثيرات المحركة للسوق معدومة تقريباً».

وفي «وول ستريت»، انخفضت أسهم شركة «أبل» بنسبة 1.7 في المائة بعد أن رفضت المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي التحدي القانوني الأخير للشركة لأمر من السلطة التنفيذية للكتلة بدفع 13 مليار يورو - أكثر من 14 مليار دولار - في الضرائب المتأخرة إلى آيرلندا.

واتهمت المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بإبرام صفقة ضريبية غير قانونية مع السلطات الآيرلندية سمحت لها بدفع معدلات ضريبية منخفضة للغاية، وهو ما تنفيه الشركة.

ولم تكن شركة «أبل» الشركة التكنولوجية الأميركية الوحيدة التي تضررت من قبل الجهات التنظيمية الأوروبية يوم الثلاثاء. فقد خسرت «غوغل» تحديها القانوني الأخير لغرامة الاتحاد الأوروبي لمنح اقتراحات التسوق الخاصة بها ميزة غير قانونية على المنافسين في نتائج البحث. وينهي القرار قضية مكافحة الاحتكار طويلة الأمد التي تأتي مع غرامة قدرها 2.4 مليار يورو (2.7 مليار دولار). وارتفعت أسهم شركة «ألفابت»، الشركة الأم لشركة «غوغل»، بنسبة 1 في المائة.

وفي سوق السندات، انخفض العائد على السند لمدة 10 سنوات إلى 3.69 في المائة من 3.70 في المائة في أواخر يوم الاثنين.

وفي الأسواق العالمية، كانت الإشارات متباينة في مختلف أنحاء أوروبا وآسيا. وارتفعت الأسهم بنسبة 0.2 في المائة في هونغ كونغ و0.3 في المائة في شنغهاي بعد أن أعلنت هيئة الجمارك الصينية أن الصادرات نمت للشهر الخامس على التوالي، وهو ما يشير إلى زيادة الطلب الخارجي.