السعودية «تحاصر» البيروقراطية العائقة لدخول الاستثمارات الأجنبية

تنفذ إصلاحات اقتصادية بشكل مستمر للقضاء على الإجراءات التقليدية

مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

السعودية «تحاصر» البيروقراطية العائقة لدخول الاستثمارات الأجنبية

مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تتخذ الحكومة السعودية خطوات جادة لمحاصرة «البيروقراطية» التي تعوق دخول الاستثمارات الأجنبية، من خلال إصلاحات مستمرة في الأنظمة والتشريعات، والتي كان آخرها تحديث نظام الاستثمار بهدف توفير بيئة جاذبة وداعمة وآمنة للمستثمرين المحليين والأجانب، في إطار جهودها لجذب المزيد من رؤوس الأموال دعماً للتنوع الاقتصادي، إلى جانب تقديم برامج ومبادرات تزيد من تدفق الاستثمارات الداخلة إلى السوق السعودية.

وفي خطوة جديدة تؤكد مضي البلاد نحو هذا الاتجاه، تعتزم السعودية تخفيف القيود المفروضة على تدفق الاستثمارات الأجنبية، ضمن جهودها الرامية إلى التحول لمركز استثمار إقليمي رئيسي، وفق ما نقلته «بلومبرغ»، عن بيان موجّه إليها من وزارة الاستثمار السعودية، يُفصح عن أن الحكومة تنوي إطلاق آلية «عملية التسجيل لمرة واحدة» للمستثمرين، في إطار القواعد الجديدة للاستثمار بالمملكة، وهو ما يلغي الحاجة إلى الحصول على عدة تراخيص أو موافقات مسبقة، ما يقلل الإجراءات الورقية والعقبات البيروقراطية.

وأتاحت الحكومة في فترة سابقة، خدمة إصدار تأشيرة زيارة الأعمال «مستثمر زائر» إلكترونياً في مرحلة ثانية تشمل جميع بلدان العالم، وذلك بالتعاون بين وزارتَي الاستثمار والخارجية.

هذه الخدمة تُتاح للمستثمرين من الخارج ضمن جهود البلاد في سبيل تحقيق تطلعات القطاعات الاستثمارية المتناغمة مع «رؤية 2030»، الرامية إلى جذب المزيد من شرائح المستثمرين حول العالم، لتحسين بيئة الاستثمار وتسهيل بدء ممارسة الأعمال مع التركيز على جذب الاستثمارات النوعية الكبرى نظراً لدورها الفعال في تحريك عجلة الاقتصاد.

تملّك العقارات

كما وفرت منتج «إقامة مستثمر أعمال»، الذي يستهدف الراغبين في الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية بالسعودية، والتي تمتاز بالإقامة مع الأسرة شاملة الوالدين والأزواج والأبناء، وكذلك الإعفاء من المقابل المالي المقرر على الوافدين والمرافقين، وإصدار تأشيرات زيارة للأقارب، وأيضاً مزاولة الأعمال التجارية وفقاً لنظام الاستثمار، وتملك العقارات والانتفاع بها.

وقدمت وزارة الاستثمار، بالتنسيق مع وزارة المالية، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حزمة حوافز ضريبية جديدة، لمدة 30 سنة، لدعم برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، وذلك لتشجيع وتيسير إجراءات افتتاح الشركات العالمية لمقراتها الإقليمية في المملكة.

والبرنامج السعودي لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، هو مبادرة مشتركة بين وزارة الاستثمار والهيئة الملكية لمدينة الرياض. ويهدف إلى جذب الشركات العالمية لإنشاء مقراتها الإقليمية في المملكة وجعل البلاد الخيار الأول لهذه المنشآت، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال تقديم مجموعة من المزايا وخدمات الدعم المتميزة لهم.

الإعفاء الضريبي

وتتضمن حزمة الإعفاء الضريبي للمقرات الإقليمية لمدة 30 سنة، نسبة صفر في المائة لكل من: ضريبة الدخل على كيانات المقرات الإقليمية، وضريبة الاستقطاع للأنشطة المعتمدة للمقرات الإقليمية، وستستفيد الشركات من هذه الحزمة اعتباراً من تاريخ إصدار ترخيص المقر.

وأعلنت السعودية تحديث نظام الاستثمار، في منتصف أغسطس (آب) المنصرم، الذي يُترقب دخوله حيّز التنفيذ مطلع عام 2025، وذلك بهدف جذب الاستثمارات العالمية وتطوير تنافسية بيئتها الاستثمارية، والمساهمة في دعم التنوع الاقتصادي، وخلق الفرص الوظيفية تماشياً مع «رؤية 2030»، ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية.

ويعد النظام المحدث الذي وافق مجلس الوزراء عليه، من ركائز الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتي تسهم في دفع عجلة التنمية وتنويع الاقتصاد المحلي؛ إذ تستهدف جذب أكثر من 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً بحلول عام 2030.

ويشمل نظام الاستثمار المحدث مزايا عديدة، أبرزها: تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة، وحماية الملكية الفكرية، والحرية في إدارة الاستثمارات، وتحويل الأموال بسلاسة، والشفافية والوضوح في الإجراءات، بما يتماشى مع الممارسات الرائدة ويسهم في خلق بيئة استثمار موثوقة.

تيسير الإجراءات

كما يعمل على تخفيف القيود التنظيمية وتيسير الإجراءات؛ إذ يحل التسجيل المبسط مكان رخصة الاستثمار السابقة، مما يمنح المستثمرين حماية وثقة أكبر، ومزيداً من المرونة للقيام بأعمالهم، ويعزز بيئة ديناميكية ومحفزة للاستثمار. في حين يعمل مركز الخدمات الشامل والمركز السعودي للأعمال على تسهيل الإجراءات الحكومية وعمليات الاستثمار، مما يعزز من قدرة المستثمرين على توسيع أعمالهم وخلق فرص جديدة.

ويوفر نظام الاستثمار المحدث معاملة عادلة دون تمييز بين المستثمرين المحليين والأجانب، في حين يعمل على تسوية النزاعات بكفاءة بالتعاون مع المركز السعودي للتحكيم التجاري وغيره من الجهات.

يُذكر أن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تعد أحد الممكنات الرئيسية لتحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وستسهم الاستراتيجية في نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، الأمر الذي سيحقق العديد من أهداف «رؤية 2030»، بما في ذلك رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المائة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وتخفيض معدل البطالة إلى 7 في المائة، وتقدُّم المملكة إلى أحد المراكز العشرة الأوائل في مؤشر التنافسية العالمي بحلول 2030.


مقالات ذات صلة

تخصيص «مطار ملهم» في الرياض للطيران العام

الاقتصاد يستوعب مطار ملهم أكثر من 25 ألف رحلة سنوياً (هيئة الطيران المدني)

تخصيص «مطار ملهم» في الرياض للطيران العام

خصَّصت هيئة الطيران المدني السعودي «مطار ملهم» شمال العاصمة الرياض كأحد مطارات الطيران العام لتحقيق «رؤية 2030» بجعل المملكة وجهة عالمية لرجال الأعمال والسياحة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد «مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)

تكوين رأس المال الثابت بالسعودية ‫يتجاوز مستهدف «استراتيجية الاستثمار» بـ22 %

تجاوز الأداء الفعلي لإجمالي تكوين رأس المال الثابت في السعودية مستهدفات «الاستراتيجية الوطنية للاستثمار» بنسبة 22 في المائة لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال توقيع اتفاقية المشروع المشترك بين «أرامكو» و«سينوبك» و«ياسرف» (أرامكو)

اتفاقية بين «أرامكو» و«سينوبك» و«ياسرف» لمشروع توسعة في قطاع البتروكيميائيات

أعلن كل من «أرامكو السعودية» و«سينوبك» الصينية و«ياسرف» توقيع اتفاقية إطارية لمشروع توسعة مخطط له بقطاع البتروكيميائيات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت في البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

وزير الطاقة الأميركي: سأزور الشرق الأوسط هذا الأسبوع للترويج للاستثمار في الولايات المتحدة

يبدأ وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، يوم الأربعاء، جولةً تستمر نحو أسبوعين تشمل 3 دول في الشرق الأوسط، من بينها المملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مجموعة «إم بي سي» الإعلامية (الشرق الأوسط)

مجموعة «إم بي سي» تعيّن مايك سنيسبي رئيساً تنفيذياً جديداً خلفاً لسام بارنيت

أعلنت مجموعة «إم بي سي» الإعلامية تغييرات مهمة في إدارتها التنفيذية، مع تعيين مايك سنيسبي رئيساً تنفيذياً جديداً خلفاً لسام بارنيت.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الأسهم العالمية ترتفع وسط ارتياح بعد قرار ترمب تعليق الرسوم

الابتسامة تعلو وجه أحد المتعاملين بعد ارتفاع مؤشر نيكي الياباني بنسبة ثمانية بالمئة (رويترز)
الابتسامة تعلو وجه أحد المتعاملين بعد ارتفاع مؤشر نيكي الياباني بنسبة ثمانية بالمئة (رويترز)
TT
20

الأسهم العالمية ترتفع وسط ارتياح بعد قرار ترمب تعليق الرسوم

الابتسامة تعلو وجه أحد المتعاملين بعد ارتفاع مؤشر نيكي الياباني بنسبة ثمانية بالمئة (رويترز)
الابتسامة تعلو وجه أحد المتعاملين بعد ارتفاع مؤشر نيكي الياباني بنسبة ثمانية بالمئة (رويترز)

ارتفعت الأسهم العالمية، واستعاد الدولار توازنه، واستقرت عمليات بيع السندات اليوم الخميس بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق تطبيق الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها قبل أيام على عشرات الدول.

وبعد أيام من انهيار في الأسواق أدى إلى محو تريليونات الدولارات من الأسهم العالمية وهز سندات الخزانة الأميركية والدولار، أعلن ترامب أمس الأربعاء تعليق تطبيق الرسوم لمدة 90 يوما. ودفع القرار أسهم الشركات السبع الكبرى في وول ستريت إلى الارتفاع مجددا، لتحقق زيادة في قيمتها السوقية بواقع 1.5 تريليون دولار أميركي بين عشية وضحاها.

وحقق مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المجمع أكبر مكاسب يومية لهما من حيث النسبة المئوية منذ أكثر من عقد. وسجل الدولار أكبر ارتفاع يومي له مقابل الين في شهرين، وأكبر زيادة له مقابل الفرنك السويسري في خمسة أشهر خلال الجلسة السابقة، لكنه قلص بعض مكاسبه في آسيا اليوم الخميس، مما يُبرز حالة عدم اليقين في السوق بشأن التوقعات على المدى الطويل، في ظل عدم ظهور أي بوادر انحسار للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

وفي آسيا، رحب المستثمرون بالإعفاء المؤقت من الرسوم الجمركية. وارتفع مؤشر نيكي الياباني بنسبة ثمانية بالمئة، وارتفعت العقود الآجلة الأوروبية بشكل حاد. وزادت العقود الآجلة لمؤشر يوروستوكس 50، وعقود داكس الآجلة بنحو ثمانية بالمئة لكل منهما. وقفزت العقود الآجلة لمؤشر فايننشال تايمز بنسبة 5.5 بالمئة.

ولم يكن قرار ترمب شاملا لكل الرسوم. وقال البيت الأبيض إن الرسوم الجمركية الشاملة بنسبة 10 بالمئة على معظم الواردات الأميركية ستظل سارية. كما لا يبدو أن الإعلان يؤثر على الرسوم الجمركية المفروضة بالفعل على السيارات والصلب والألمنيوم.

وزاد ترمب من الضغوط على الصين، قائلا إنه سيرفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125 بالمئة من مستوى 104 بالمئة الذي دخل حيز التنفيذ أمس الأربعاء. وفي المقابل، رفعت الصين أمس الأربعاء الرسوم الجمركية الإضافية على المنتجات الأميركية إلى 84 بالمئة، وفرضت قيودا على 18 شركة أميركية، معظمها في الصناعات الدفاعية.

وفتحت أسواق الأسهم الصينية التعامل على ارتفاع اليوم الخميس، حيث زاد مؤشر الأسهم القيادية بنسبة 1.6 بالمئة. وقال وونغ كوك هونغ، رئيس مبيعات الأسهم المتداولة في ماي بنك «أعتقد أن الارتياح الآن على الأقل هو أن التجارة العالمية لن تتوقف تماما». كما أظهرت عمليات البيع المكثفة للسندات هذا الأسبوع بعض علامات الانحسار اليوم الخميس.

وانخفض عائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات إلى 4.2889 بالمئة، بعد أن لامس أعلى مستوى له عند 4.5150 بالمئة في الجلسة السابقة، مرتفعا بنحو 13 نقطة أساس.