استقرار التضخم الأميركي يفتح الباب أمام «الفيدرالي» لخفض الفائدة

العلم الأميركي خارج بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)
العلم الأميركي خارج بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)
TT

استقرار التضخم الأميركي يفتح الباب أمام «الفيدرالي» لخفض الفائدة

العلم الأميركي خارج بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)
العلم الأميركي خارج بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

ظلّ مقياس التضخم الذي يراقبه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من كثب منخفضاً الشهر الماضي، مما يمدد اتجاه تخفيف زيادات الأسعار الذي يمهد الطريق أمام «الفيدرالي» لبدء خفض أسعار الفائدة الرئيسية الشهر المقبل لأول مرة منذ أربع سنوات ونصف السنة.

وارتفعت الأسعار بنسبة 0.2 في المائة فقط من يونيو (حزيران) إلى يوليو (تموز)، وفقاً لما أعلنته وزارة التجارة يوم الجمعة، بزيادة طفيفة عن الزيادة البالغة 0.1 في الشهر السابق. ومقارنة بالعام الماضي، ظلّ التضخم دون تغيير عند 2.5 في المائة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقد يؤدي تباطؤ التضخم إلى تعطيل جهود الرئيس السابق دونالد ترامب لإلقاء اللوم على نائبة الرئيس كامالا هاريس بشأن ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، على الرغم من اقتراب نهاية التضخم المرتفع، لا يزال عديد من الأميركيين غير راضين عن ارتفاع الأسعار الحاد الحالي للضروريات مثل الغاز والطعام والإسكان، مقارنة بمستوياتها قبل جائحة «كوفيد-19».

وباستثناء تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفع ما يُسمّى التضخم الأساسي بنسبة 0.2 في المائة من يونيو إلى يوليو، وهو مستوى الشهر السابق نفسه. وبالمقارنة بالعام السابق، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.6 في المائة، وهي أيضاً دون تغيير عن العام السابق.

وتؤكد الأرقام الصادرة يوم الجمعة أن التضخم يتلاشى تدريجياً في الولايات المتحدة بعد ثلاث سنوات مؤلمة من ارتفاع الأسعار الذي أضر بمالية عديد من الأسر. ووفقاً للمقياس المبلغ عنه يوم الجمعة، بلغ التضخم ذروته عند 7.1 في المائة في يونيو 2022، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.

وأظهر التقرير الصادر يوم الجمعة، أيضاً، أن الإنفاق الاستهلاكي الصحي لا يزال يدعم الاقتصاد الأميركي. فقد زاد الأميركيون إنفاقهم بنسبة قوية بلغت 0.5 في المائة من يونيو إلى يوليو، مقارنة بـ0.3 في المائة في الشهر السابق.

وارتفعت المداخيل بنسبة 0.3 في المائة، وهي وتيرة أسرع من الشهر السابق. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن الإنفاق يفوق الدخل، ما أدى إلى انخفاض مدخرات المستهلكين. وانخفض معدل الادخار إلى 2.9 في المائة فقط، وهو أدنى مستوى منذ الأشهر الأولى من الجائحة.

ويميل «الفيدرالي» إلى تفضيل مؤشر التضخم الذي أصدرته الحكومة يوم الجمعة -مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي- على مؤشر أسعار المستهلك الأكثر شهرة. ويحاول مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي مراعاة التغييرات في كيفية تسوق الناس عندما يرتفع التضخم.

وبوجه عام، يميل مؤشر الإنفاق الشخصي إلى إظهار معدل تضخم أقل من مؤشر أسعار المستهلك. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإيجارات، التي كانت مرتفعة، تحمل وزناً مضاعفاً في مؤشر أسعار المستهلك مقارنة بالمؤشر الذي صدر يوم الجمعة.

وارتفع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بقوة في يوليو، مما يشير إلى أن الاقتصاد ظلّ على قدم صلبة في بداية الربع الثالث، ويدعم موقفاً معارضاً لخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية من قبل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الشهر المقبل.

وارتفع الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثّل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، بنسبة 0.5 في المائة الشهر الماضي، بعد تقدمه بنسبة 0.3 في المائة غير المنقحة في يونيو، وفقاً لما أعلنته وزارة التجارة يوم الجمعة. وتوقع الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، أن يتسارع الإنفاق بنسبة 0.5 في المائة.

ويعني ذلك أن الإنفاق الاستهلاكي حافظ على معظم زخم الربع الثاني، عندما ساعد في زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى معدل سنوي قدره 3.0 في المائة.

ولا يزال المستهلكون راغبين في زيادة إنفاقهم، مما يغذّي النمو المطرد في الاقتصاد. ويوم الخميس، عدّلت الحكومة تقديرها للنمو في الربع الثاني من أبريل (نيسان) - يونيو إلى معدل سنوي صحي يبلغ 3 في المائة، بزيادة من 2.8 في المائة.

وكانت هناك مخاوف بشأن صحة الاقتصاد بعد ارتفاع معدل البطالة إلى ما يقرب من أعلى مستوى له في ثلاث سنوات عند 4.3 في المائة في يوليو. ودفعت الزيادة الشهرية الرابعة على التوالي في معدل البطالة الأسواق المالية وبعض الاقتصاديين إلى وضع خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس على الطاولة عندما يشرع المصرف المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية المتوقع على نطاق واسع في سبتمبر (أيلول).

وقد لفت تباطؤ سوق العمل، الذي كان مدفوعاً في الأغلب بانخفاض التوظيف وليس تسريح العمال، انتباه صناع السياسات. وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، الأسبوع الماضي: «لقد حان الوقت لتعديل السياسة».

ويعتقد معظم الاقتصاديين أن «الفيدرالي» سيتصدّى لخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية مع استمرار الاقتصاد في النمو والتضخم أعلى من هدف «المركزي» البالغ 2 في المائة، رغم استمرار تراجع ضغوط الأسعار.

وقال رئيس بنك «الاحتياطي الفيدرالي» السابق في سانت لويس، جيمس بولارد، يوم الجمعة، إن بيانات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي لشهر يوليو تُبقي «الفيدرالي» على المسار الصحيح لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

وفي مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»، قال بولارد إنه يتوقع أيضاً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعي نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).


مقالات ذات صلة

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو، إن «المركزي» ليس متأخراً في خفض أسعار الفائدة، لكنه بحاجة إلى مراقبة من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
TT

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)

تخطط كازاخستان لإنتاج 88.4 مليون طن من النفط في عام 2024 بدلاً من 90.3 مليون طن المعلن عنها سابقاً، حسبما قال وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف.

وقال ساتكالييف في مجلس النواب في البرلمان يوم الاثنين إن إنتاج النفط في البلاد بلغ 73.5 مليون طن في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، بحسب وكالة «إنترفاكس».

وأوضح أن الإنتاج سيكون أقل مما هو مخطط له بسبب الإصلاحات في حقلي تنجيز وكاشاغان، بالإضافة إلى التزامات كازاخستان بموجب اتفاقية «أوبك بلس».

وأشار إلى أن التزام كازاخستان بإنتاج «أوبك بلس» لعام 2024 محدد بـ1.468 مليون برميل يومياً. وقال: «الوفاء ببنود الاتفاقية ضروري للحفاظ على الاستقرار في سوق النفط العالمية».

وأوضح أن عمليات الإغلاق غير المجدولة في حقل كراتشاجاناك والقيود المفروضة على استهلاك الغاز في محطة معالجة الغاز في أورينبورغ ساهمت أيضاً في انخفاض الإنتاج.

ولفت إلى أن كازاخستان تدرس شحن جزء كبير من صادراتها النفطية عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان على المدى المتوسط.

ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تجعل أستانا أقل اعتماداً على روسيا التي تنقل حالياً الحصة الكبرى من الصادرات الكازاخستانية، وفق «رويترز».

وقال ساتكالييف إن الدولة الواقعة في آسيا الوسطى يمكن أن تزيد شحنات النفط الخام من 1.5 مليون طن متري سنوياً إلى ما يصل إلى 20 مليون طن متري سنوياً مع زيادة إنتاجها من النفط الخام، لكنه لم يقدم إطاراً زمنياً محدداً.

وقال: «هناك اهتمام بتطوير وزيادة حجم شحنات النفط الكازاخستاني تدريجياً في هذا الاتجاه من جانبنا ومن جانب الشركاء الأذربيجانيين». وقال إن كازاخستان ستصدّر 68.8 مليون طن من النفط هذا العام، بما في ذلك 55.4 مليون طن عبر اتحاد أنابيب بحر قزوين، و8.6 مليون طن عبر خط أنابيب أتيراو-سامارا، و3.6 مليون طن عبر بحر قزوين و1.1 مليون طن عبر خط أنابيب إلى الصين. واعتباراً من عام 2026، تتوقع كازاخستان إنتاج أكثر من 100 مليون طن من النفط سنوياً.