شركة النفط الصينية تعتزم إحياء صفقات الاستحواذ العالمية

شعار شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) بمؤتمر الغاز العالمي في باريس (رويترز)
شعار شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) بمؤتمر الغاز العالمي في باريس (رويترز)
TT

شركة النفط الصينية تعتزم إحياء صفقات الاستحواذ العالمية

شعار شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) بمؤتمر الغاز العالمي في باريس (رويترز)
شعار شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) بمؤتمر الغاز العالمي في باريس (رويترز)

قال رئيس ذراع الأبحاث في شركة النفط الوطنية الصينية (سي إن بي سي)، إن أكبر منتج للنفط في آسيا تراجع استراتيجيتها العالمية في إطار سعيها لإحياء صفقات الاستحواذ العالمية، وتستهدف تسييل الغاز والحفر في أعماق البحار، فضلاً عن البناء على سجلها في إنتاج المزيد من الآبار القديمة.

تواجه شركة النفط الوطنية الصينية وذراعها المدرجة في البورصة «بتروتشاينا»، ركوداً في إنتاج النفط المحلي وندرة في المشاريع الجديدة عالمياً مع تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة استخدام السيارات الكهربائية.

وأوضح لو روكوان، مدير معهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع للشركة، أن شركة النفط الوطنية الصينية قد تعيد إحياء الاستثمار في أصول النفط والغاز الكبيرة كمشغل، كما فعلت قبل عقدين من الزمان بشرائها لشركة «بتروكازاخستان» الكندية مقابل 4 مليارات دولار واستحواذها على عمليات «ديفون إنرجي» في إندونيسيا.

والتحول في الاستراتيجية لأكبر منتج للنفط في آسيا، سيكون بمثابة عودة إلى التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما انتقلت إلى السودان وتشاد ونفذت الصفقات مع كازاخستان وإندونيسيا.

وشبّه لو روكوان، استثمارات الشركة في الخارج على مدى ثلاثة عقود بـ«سفينة تبحر إلى منتصف الطريق»، حيث وصف الحاجة إلى أن تشرع شركة النفط الوطنية الصينية في المزيد من عمليات الاستحواذ العالمية.

وقال لو، رئيس الاستراتيجية والتطوير السابق في الذراع الاستحواذية للمجموعة، بشركة النفط الوطنية الصينية، قبل الانتقال إلى معهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا: «يحتاج المرء إلى التجديف بقوة أكبر، وإلا فسوف يتراجع إلى الوراء»، ويشير ذلك إلى التفكير الاستراتيجي لواحدة من أقوى الشركات المملوكة للدولة في الصين.

وتتمتع شركة النفط الوطنية الصينية بالقوة اللازمة للتأثير على مشهد صفقات النفط والغاز، حيث تمتلك شركة «بتروتشاينا» وحدها 37.5 مليار دولار من السيولة النقدية في عام 2023. وقال لو، إن الشركة قد تحاول توسيع استثماراتها في الغاز الطبيعي المسال في قطر، في أعقاب صفقة العام الماضي. مشيراً إلى أن «النفط الوطنية الصينية» ستبحث أيضاً عن فرص عن التنقيب في أعماق البحار في أميركا الجنوبية المجاورة للحقول في غيانا، حيث حققت شركة «سي إن أو أو سي» الصينية، وهي جزء من اتحاد بقيادة «إكسون موبيل»، اكتشافات ضخمة.

تنتج شركة «بتروتشاينا» النفط أكثر من «إكسون موبيل»، لكن حصتها من الإنتاج من العمليات العالمية تقلصت إلى 11 في المائة العام الماضي، وفقاً لبيانات الشركة، من ذروة بلغت ما يقرب من 14 في المائة في عام 2019. وحدّت الشركات الصينية من عمليات الاستحواذ العالمية بعد انهيار أسعار النفط في 2014 - 2015.

وحذّر لو، من أنه في ظل القيود المفروضة والعقوبات، على أهداف رئيسية غنية بالهيدروكربونات مثل فنزويلا وإيران وروسيا، فإن «الخيارات الأكثر عملية تشمل تمديد العقود القائمة مثل تلك الموجودة في كازاخستان وإندونيسيا، والتي تقترب من انتهاء عقودها».

وقال: «أكبر قوة لشركة (بتروتشاينا) هي استخراج المزيد من النفط من الحقول القديمة»، وهي القدرة التي تم تطويرها على مدى عقود في حقل «داتشينغ» الشاسع الذي لا يزال منتجاً في شمال شرق الصين.

انتعاش عمليات الاستحواذ الدولية

يتوقع المحللون في «وود ماكنزي» انتعاشاً في عمليات الاستحواذ الدولية من قِبل شركات النفط الوطنية (NOCs) بعد أن سجلت أدنى مستوى لها في عقدين في العام الماضي، حيث تعيد الصناعة التركيز على النفط والغاز وسط تباطؤ في نشاط التحول الطاقي.

وقال محللو «وود ماكنزي»: «لا يزال تطوير الأعمال الدولية يمثل أولوية رئيسية لأكبر شركات النفط الوطنية في الصين، لكنها تبنت نهجاً حذراً في عقد الصفقات في السنوات الأخيرة».

ويقول لو: «ربما تواجه شركة النفط الوطنية الصينية أعلى معدل من العقبات الجيوسياسية حالياً، منذ أن قررت لأول مرة التوسع دولياً في عام 1993».

وامتنعت الشركات الصينية عن القيام باستثمارات جديدة في روسيا في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، على الرغم من أن الصين واحدة من أكبر عملاء النفط في روسيا ومشترٍ سريع النمو للغاز الطبيعي.

ولا تمتلك شركة النفط الوطنية الصينية، و«بتروشاينا»، أي أصول إنتاجية أميركية، وتم إلغاء إدراج الأخيرة من بورصة نيويورك للأوراق المالية عام 2022.


مقالات ذات صلة

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

الاقتصاد مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقشا خلاله اتفاق «أوبك بلس» الخاص بإنتاج النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد) «الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)

هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

يضع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، والجمهوريون في الكونغرس «وكالة الطاقة الدولية» في مرمى نيرانهم، حيث يخططون لمراجعة دور الولايات المتحدة فيها وتمويلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، (الأربعاء)، إن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات المقطرات، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».