الصين تهدد بسحب استثمارات من أوروبا

عرض سيارة «BYD Seal» الكهربائية «EV» في شنغهاي بالصين (رويترز)
عرض سيارة «BYD Seal» الكهربائية «EV» في شنغهاي بالصين (رويترز)
TT

الصين تهدد بسحب استثمارات من أوروبا

عرض سيارة «BYD Seal» الكهربائية «EV» في شنغهاي بالصين (رويترز)
عرض سيارة «BYD Seal» الكهربائية «EV» في شنغهاي بالصين (رويترز)

هددت الصين بسحب جميع استثماراتها من أوروبا، في حال استمر الاتحاد الأوروبي في فرض رسوم مكافحة الدعم على المركبات الكهربائية الصينية.

وقالت غرفة التجارة الصينية لاستيراد وتصدير الآلات والمنتجات الإلكترونية، إن الاتحاد الأوروبي قد يخسر الاستثمارات الصينية في أوروبا؛ إذ إن «الشركات الصينية أعربت عن قلقها الشديد إزاء التقارير التي عرّف الاتحاد الأوروبي من خلالها المركبات الكهربائية الصينية على أنها مدعومة، ويمكن أن تصبح ذريعة لبدء تحقيقات في الدعم الأجنبي في المستقبل مع الشركات الصينية التي تستثمر في أوروبا بالمليارات».

وأشارت الغرفة السبت، إلى أن العديد من شركات السيارات الصينية بدأت أو خططت للاستثمار أو العمل في أوروبا قبل إطلاق الاتحاد الأوروبي تحقيقه في مكافحة الدعم للمركبات الكهربائية الصينية، إلا أن العديد من شركات السيارات الكهربائية الصينية أعربت، منذ قرار الاتحاد الأوروبي فرض رسوم تعويضية مؤقتة، عن مخاوفها بشأن التحقيق والمخاطر المحتملة للاستثمار في أوروبا.

وقالت الغرفة إن «شركات المركبات الكهربائية الصينية تولي اهتماماً وثيقاً للتقدم المحرز في تحقيقات الاتحاد الأوروبي لمكافحة الدعم، وإنها ستُقيّم مخاطر الاستثمار في أوروبا وتتخذ قرارات الاستثمار وفقاً لذلك».

وأضافت الغرفة أن «السلسلة الصناعية للسيارات بين الصين والاتحاد الأوروبي مترابطة وتتميز بآفاق تعاون واسعة»، معربة عن أملها في أن يمضي الاتحاد الأوروبي نحو موقف مفتوح وتعاوني، ويوقف التحقيقات المذكورة في أقرب وقت ممكن، وأن يعمل على دعم التعاون الشامل في صناعة السيارات بين الصين والاتحاد الأوروبي.

وفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية تصل إلى 37.6 في المائة على واردات السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين بدءاً من 5 يوليو (تموز) الماضي، مع فترة 4 أشهر تكون خلالها التعريفات مؤقتة مع توقع محادثات مكثفة بين الجانبين.

وتهدف الرسوم المؤقتة التي تتراوح بين 17.4 في المائة و37.6 في المائة دون أثر رجعي، إلى منع ما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إنه طوفان من السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة المصنوعة بدعم من الدولة.

في غضون ذلك، عززت الصين الحوافز المالية لتشجيع المستهلكين المحليين على التخلص من سياراتهم القديمة وشراء أخرى جديدة، وفقاً لتعميم أصدرته وزارة التجارة وست إدارات حكومية أخرى مساء الجمعة.

ووفقاً للتعميم، تضاعفت الإعانات لاستبدال سيارات الركاب العاملة بالطاقة الجديدة من 10 آلاف يوان (1399 دولاراً أميركياً)، الرقم المنصوص عليه في وثيقة صدرت في أبريل (نيسان) الماضي، إلى 20 ألف يوان. في حين زادت الإعانات لاستبدال سيارات الركاب العاملة بالوقود من 7 آلاف يوان إلى 15 ألف يوان. وتنطبق السياسة الجديدة، وفق البيانات، على جميع طلبات الدعم المقدمة خلال الفترة ما بين 24 أبريل 2024 و10 يناير (كانون الثاني) 2025.

وأظهرت بيانات الصناعة أنه تم بيع نحو 5 ملايين سيارة ركاب تعمل بالطاقة الجديدة و6.57 مليون سيارة ركاب تعمل بالوقود للمستهلكين الأفراد في الصين خلال الفترة من يناير إلى يوليو (تموز) الماضيين، وشهد هذان الرقمان ارتفاعاً بنسبة 33.7 في المائة وانخفاضاً بنسبة 15 في المائة على أساس سنوي على التوالي.

ويعد نقص الطلب الفعال أحد التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني، ما دفع صنّاع السياسات إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز النمو المستقر في الإنفاق الاستهلاكي. وتعهد تقرير عمل الحكومة لعام 2024 بتشجيع برامج استبدال بالسلع الاستهلاكية القديمة أخرى جديدة، وغيرها من التدابير لتعزيز الطلب المحلي.


مقالات ذات صلة

تقرير: مهاجمة أميركا لإيران ستظهر محدودية قوة الصين

شؤون إقليمية صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)

تقرير: مهاجمة أميركا لإيران ستظهر محدودية قوة الصين

تعتمد الصين على إيران في الحصول على النفط ومواجهة النفوذ الأميركي، وستخسر بكين كثيراً من أي حرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل تشارك بها الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا موقع متضرر بعد هجوم صاروخي من إيران على إسرائيل (رويترز) play-circle

الصين تنصح مواطنيها بمغادرة إسرائيل «بأسرع وقت ممكن»

طالبت السفارة الصينية في إسرائيل، الثلاثاء، المواطنين الصينيين بمغادرة إسرائيل عبر المعابر الحدودية البرية في أسرع وقت ممكن، نظراً لتدهور الوضع الأمني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ يحضران عرضاً عسكرياً في يوم النصر، إحياءً للذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، في الساحة الحمراء، وسط موسكو، روسيا 9 مايو 2025 (رويترز)

الجواسيس الصينيون يثيرون قلق روسيا

تؤكد روسيا والصين دائماً على تحالفهما. لكن وثيقة استخباراتية تكشف أن موسكو تخشى من نشاطات الجواسيس الصينيين.

جاكوب جودا بول سون أنطون ترويانوفسكي
سفن حربية في بحر اليابان (أرشيفية - رويترز)

اليابان ترصد مرور حاملة طائرات صينية في مياهها الاقتصادية

دخلت حاملة طائرات صينية المياه الاقتصادية اليابانية في عطلة نهاية هذا الأسبوع، ثم غادرتها، لإجراء مناورات بمشاركة طائرات مقاتلة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا أفراد من خفر السواحل التايواني يشاركون في التدريبات (أ.ب)

تايوان: تدريبات لخفر السواحل والجيش لمواجهة التهديد الصيني في «المنطقة الرمادية»

أجرت قوات خفر السواحل التايوانية تدريبات مع الجيش على تنفيذ العمليات المشتركة في مواجهة ما تقول الحكومة إنه تهديد متزايد في «المنطقة الرمادية».

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصادات أوروبا لا تزال تُبدي قدراً كبيراً من التماسك، في ظل تسجيل معدلات بطالة منخفضة بشكل غير مسبوق، واقتراب معدل التضخم العام من المستوى المستهدف، إلى جانب استقرار النظام المالي.

ومع ذلك، أعرب الصندوق عن قلقه من أن صناع السياسات يواجهون جملة من التحديات المتصاعدة، أبرزها تصاعد الرسوم الجمركية، وتنامي حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية، إضافة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية، والحاجة المُلحة إلى تعزيز أمن الطاقة. وتتزامن هذه التحديات مع ضغوط هيكلية تتمثل في تباطؤ نمو الإنتاجية وتسارع وتيرة الشيخوخة السكانية.

وفي البيان الختامي لبعثة موظفي الصندوق لعام 2025 بشأن السياسات المشتركة للدول الأعضاء، حذَّر الصندوق من أن هذه العوامل مجتمعة تقوض الطلب المحلي والصادرات، وتطغى على المكاسب المتوقعة من زيادة الإنفاق الدفاعي ومشروعات البنية التحتية.

وأشار البيان إلى ما ورد في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في أبريل (نيسان)، والذي توقّع أن يظل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو عند وتيرة معتدلة تبلغ 0.8 في المائة خلال عام 2025، مع إمكانية تسارعه إلى 1.2 في المائة في عام 2026.

كما لفت إلى أن التضخم العام يقترب من هدف 2 في المائة، مدعوماً بانخفاض أسعار الطاقة والسلع الأساسية، في حين يُتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي إلى 2 في المائة بحلول عام 2026، لكن بوتيرة أبطأ. ومع ذلك، تبقى التوقعات عرضة لمخاطر مزدوجة: فمن جهة، قد يؤدي ضعف النشاط وتباطؤ الأجور إلى تضخم أقل من المتوقع، ومن جهة أخرى، قد تسهم التوترات الجيوسياسية وارتفاع الرسوم والإنفاق الحكومي في إعادة إشعال الضغوط التضخمية.

متسوق يدفع بورقة نقدية من فئة 10 يوروات في سوق محلية بمدينة نانت - فرنسا (رويترز)

أما على المدى المتوسط، فتُثقل القيود الهيكلية التوقعات الاقتصادية، لا سيما في ظل الشيخوخة السكانية، وضعف الإنتاجية، ونقص المهارات. ويؤكد الصندوق أن مواجهة هذه التحديات تتطلب استراتيجية أوروبية متكاملة لتعزيز النمو المستدام، ودعم الاستقرار المالي، دون المساس بالاستدامة المالية.

وفي هذا الإطار، أوصى الصندوق بأربع أولويات لتسريع استكمال السوق الموحدة. أولاً، خفض التجزؤ التنظيمي عبر نظام «الدولة الثامنة والعشرين»، الذي يوفر إطاراً موحداً لتأسيس الشركات وتشغيلها وحلها. ثانياً، تسريع اتحاد أسواق رأس المال واستكمال اتحاد البنوك، بما يسهل توجيه المدخرات نحو استثمارات محفوفة بالمخاطر تدعم الابتكار والنمو. ثالثاً، تعزيز التنقل العمالي الأوروبي لتسهيل مواءمة المهارات مع احتياجات السوق. ورابعاً، تحقيق تكامل سوق الطاقة لتوفير طاقة أرخص وأكثر استقراراً؛ ما قد يرفع الناتج المحتمل بنسبة تصل إلى 3 في المائة خلال عقد.

كما لفت الصندوق إلى أهمية اليورو الرقمي في دعم السيادة النقدية وتعزيز التكامل المالي داخل السوق الأوروبية، من خلال تحسين كفاءة المدفوعات وخفض التكاليف. لكنه شدد أيضاً على أن تعميق التكامل الأوروبي وحده لا يكفي، بل يجب أن يُستكمل بإصلاحات وطنية في سوق العمل، والسياسات الضريبية، وتنمية رأس المال البشري، لتحفيز النمو ورفع الإنتاجية.

عملات معدنية من فئة 2 يورو (رويترز)

وفيما يخص السياسة المالية، تختلف الاحتياجات بين الدول الأوروبية. ففي حين تحتاج الدول ذات الدين المرتفع إلى ضبط مالي أكبر، يمكن للدول ذات الهوامش المالية الأوسع اتباع نهج أكثر تدرجاً. ويوصي الصندوق دول منطقة اليورو، باستثناء ألمانيا، بتحقيق فائض أولي هيكلي بنسبة 1.4 في المائة من الناتج بحلول 2030؛ ما يتطلب تقليصاً إضافياً للعجز بنحو نقطتين مئويتين مقارنة بالخط الأساسي. ويأتي ذلك وسط ضغوط إنفاق متزايدة تشمل تكاليف الفوائد، والشيخوخة، وتحول الطاقة، والدفاع، ويتوقع أن تصل إلى 4.4 في المائة من الناتج سنوياً بحلول 2050.

ولمواجهة هذه الضغوط، يوصي الصندوق بالاستخدام المحدود لبنود الاستثناء في مراحل الإنفاق الدفاعي الأولى فقط، مع ضرورة تطوير خطط متوسطة الأجل لضمان استقرار الدين العام. كما دعا إلى إصلاح قواعد المالية الأوروبية لتمكين الدول منخفضة المخاطر من الاستثمار في النمو، دون أن تتقيد بقيود تعيق قدرتها على الاستجابة للاحتياجات التنموية.

وفي سياق متصل، يرى الصندوق أن الاستثمار المشترك والمنسق على مستوى الاتحاد الأوروبي هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الكبرى. وتقدّر تحليلاته أن التنسيق في مشروعات الطاقة النظيفة وحدها يمكن أن يقلل التكاليف بنسبة 7 في المائة. كما دعا إلى زيادة موازنة الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 50 في المائة لمواكبة الطلب المتزايد على الاستثمارات المشتركة، وتمويلها عبر توسيع القدرة على الاقتراض وزيادة الموارد الذاتية، وربط التمويل بأداء الدول في تنفيذ الإصلاحات.

وعلى صعيد السياسة النقدية، يرى الصندوق أن الإبقاء على سعر الفائدة عند 2 في المائة حالياً ملائم في ظل استقرار التضخم، مع ضرورة المرونة في التعديل حال ظهور صدمات جديدة. وفيما يخص الاستقرار المالي، أكد أن النظام المصرفي الأوروبي يتمتع بمتانة عامة، لكن هناك تصاعداً في المخاطر من المؤسسات المالية غير المصرفية؛ ما يستدعي رقابة أشد وتطوير إطار لدعم السيولة في هذا القطاع.

أخيراً، شدد الصندوق على أهمية استكمال اتحاد البنوك، بما يشمل نظام تأمين ودائع مشترك، وتعزيز صلاحيات الجهات الرقابية، وتطبيق معايير «بازل 3» بالكامل، لإنشاء نظام مالي أوروبي أكثر تكاملاً ومرونة.