«مؤشر الخوف» يتراجع... هل انتهت فترة الاضطرابات أم أن القادم أعظم؟

رجل يقف بجوار لوحة إلكترونية لأسعار الأسهم داخل مبنى في طوكيو (رويترز)
رجل يقف بجوار لوحة إلكترونية لأسعار الأسهم داخل مبنى في طوكيو (رويترز)
TT

«مؤشر الخوف» يتراجع... هل انتهت فترة الاضطرابات أم أن القادم أعظم؟

رجل يقف بجوار لوحة إلكترونية لأسعار الأسهم داخل مبنى في طوكيو (رويترز)
رجل يقف بجوار لوحة إلكترونية لأسعار الأسهم داخل مبنى في طوكيو (رويترز)

يبدو أن الذعر قد تلاشى بعد اندلاع التقلبات في الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي، ولكن إذا كان التاريخ دليلاً، فقد تظل الأسواق متقلبة لعدة أشهر.

وانخفض مؤشر تقلبات السوق، وهو مقياس القلق للمستثمرين الأكثر مراقبة على نطاق واسع في «وول ستريت»، بسرعة بعد الإغلاق عند أعلى مستوى له منذ أربع سنوات الأسبوع الماضي، وارتفعت الأسهم بشكل كبير بعد أسوأ انهيار لها هذا العام. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 3 في المائة عن أدنى مستوياته الأسبوع الماضي، بينما يراوح مؤشر الخوف (VIX ) حول 20، وهو أقل بكثير من إغلاق 5 أغسطس (آب) عند 38.57، وفق «رويترز».

وأشار المستثمرون إلى التبدد السريع للقلق في السوق كدليل إضافي على أن انهيار الأسبوع الماضي كان مدفوعاً بتصفية المواقف المالية الضخمة، بما في ذلك صفقات الين الممولة، بدلاً من المخاوف طويلة الأجل مثل النمو العالمي.

وعلى الرغم من الهدوء الظاهري في الأسواق في الوقت الراهن، فإن التاريخ يخبرنا أن فترات الاضطرابات المطولة غالباً ما تتبعها فترات من التقلب المستمر، ما يشير إلى أن الاستقرار الحالي قد يكون مؤقتاً.

وتظهر البيانات أن فترات الاضطراب الشديد في الأسواق، والتي تترافق مع ارتفاع حاد في مؤشر الخوف، تمتد لفترات طويلة. فبعد كل انفجار، تستمر الأسواق في حالة من التذبذب والارتفاعات غير المبررة لعدة أشهر. وهذا يؤكد أن المخاطر التي دفعت أسعار الأصول للارتفاع في بداية العام قد تكون أعمق وأكثر تعقيداً مما يبدو. وتؤكد تحليلات «رويترز» هذه الحقيقة، حيث تشير إلى أن مؤشر الخوف يستغرق متوسط 170 جلسة للعودة إلى مستواه الطبيعي، بمجرد تجاوزه عتبة الـ 35 نقطة التي تدل على حالة من الهلع بين المستثمرين.

ويؤكد الرئيس التنفيذي لشركة «آي جي نورث أميركا» ورئيس شركة «تاستيتريد» للسمسرة عبر الإنترنت، جيه جاي كيناهان، على طبيعة الأسواق المتقلبة. فبمجرد أن يستقر مؤشر الخوف ضمن نطاق معين، سرعان ما يعود المستثمرون إلى التشاؤم. ومع ذلك، يشير كيناهان إلى أن هذه المرحلة من الحذر الزائد لا تدوم طويلاً، حيث عادة ما يستعيد المستثمرون ثقتهم خلال فترة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر.

ويأتي الاضطراب الحالي في سوق الأسهم الأميركية بعد فترة من الهدوء والاستقرار، شهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 19 في المائة ليصل إلى مستوى قياسي جديد في أوائل يوليو (تموز). إلا أن هذا الهدوء قد انكسر مع صدور نتائج مخيبة للآمال لشركات التكنولوجيا الكبرى، ما أدى إلى موجة بيع واسعة النطاق وارتفاع حاد في مؤشر الخوف.

وشهدت الأسواق المزيد من الاضطرابات في أواخر يوليو وأوائل أغسطس، وذلك بعد قرار مفاجئ من بنك اليابان برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. هذا القرار غير المتوقع ضغط بشدة على المتداولين الذين اعتمدوا على استراتيجية «صفقة كاري»، والتي تقوم على اقتراض الين الياباني الرخيص للاستثمار في أصول ذات عائد أعلى مثل أسهم التكنولوجيا الأميركية والعملات المشفرة مثل البتكوين.

وفي الوقت نفسه، سارع المستثمرون إلى تسعير احتمالية تباطؤ الاقتصاد الأميركي بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية المثيرة للقلق. وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة تصل إلى 8.5 في المائة عن أرقام يوليو، وهو ما يقل قليلاً عن عتبة 10 في المائة التي تعتبر عادة تصحيحاً. ولا يزال المؤشر مرتفعاً بنسبة 12 في المائة هذا العام.

قالت رئيسة قسم استخبارات سوق المشتقات المالية في «سي بي أو إي غلوبال ماركتس»، ماندي شو، إن الانخفاض السريع للسوق والتعافي السريع يشيران إلى تفكيك المخاطر الناجم عن تحديد المواقع.

وقالت: «ما رأيناه يوم الاثنين (5 أغسطس) كان معزولاً حقاً في سوق الأسهم وسوق العملات الأجنبية. لم نشهد زيادة كبيرة مقابلة في تقلبات الأصول الأخرى، مثل تقلبات أسعار الفائدة وتقلبات الائتمان».

ولدى المستثمرين أسباب كافية للبقاء قلقين في الأشهر المقبلة. وينتظر الكثيرون البيانات الأميركية، بما في ذلك تقرير أسعار المستهلك في وقت لاحق هذا الأسبوع، لمعرفة ما إذا كان الاقتصاد يتباطأ ببساطة أو يتجه نحو تباطؤ أكثر خطورة.

كما أن عدم اليقين السياسي، بدءاً من الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى احتمال زيادة التوترات في الشرق الأوسط، يبقي المستثمرين على أهبة الاستعداد.

ويراقب المؤسس المشارك لشركة «داتا تريك» للأبحاث، نيكولاس كولاس، ما إذا كان مؤشر الخوف يمكن أن يظل أقل من متوسطه الطويل الأجل البالغ 19.5 لتحديد ما إذا كان الهدوء يعود حقاً إلى الأسواق.

وقال: «حتى ينخفض مؤشر الخوف إلى ما دون 19.5 (المتوسط طويل الأجل) لبضعة أيام على الأقل، نحتاج إلى احترام عدم اليقين في السوق والبقاء متواضعين بشأن محاولة اختيار القاع في الأسواق أو الأسهم الفردية».

مراقبة التصحيح؟

يزيد القرب الحالي للسوق من منطقة التصحيح من المخاوف بشأن مستقبل السوق. تشير البيانات التاريخية، التي تعود إلى عام 1929، إلى أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» دخل في تصحيح فعلي في 20 حالة من أصل 28 حالة وصل فيها إلى مسافة 1.5 في المائة من مستوى التصحيح، واستمر هذا التصحيح في المتوسط لمدة 26 جلسة تداول.

ومع ذلك، في الحالات الثماني التي لم يؤكد فيها تصحيحاً، استغرق المؤشر متوسط 61 جلسة تداول للوصول إلى مستوى قياسي جديد.

وقال رئيس أبحاث الاستثمار في «نيشن وايد»، مارك هاكيت، في مذكرة حديثة، إن بيانات مؤشر أسعار المستهلك المقررة في 14 أغسطس وأرباح «وول مارت» وغيرها من تجار التجزئة هذا الأسبوع قد تكون حاسمة في تحديد معنويات المستثمرين.

وأضاف: «لن يكون من المستغرب أن نرى ردود فعل مبالغا فيها ربما على رقم مؤشر أسعار المستهلك هذا الأسبوع، وأرباح تجار التجزئة ومبيعات التجزئة من المستثمرين بالنظر إلى الاستجابات العاطفية المرتفعة في السوق مؤخراً».


مقالات ذات صلة

أسعار المنتجين تدفع عوائد السندات الأميركية إلى الهبوط

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ ب)

أسعار المنتجين تدفع عوائد السندات الأميركية إلى الهبوط

شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية تراجعاً ملحوظاً يوم الثلاثاء، وذلك عقب صدور بيانات أسعار المنتجين التي جاءت أقل من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

«أرامكو» تقود ارتفاع سوق الأسهم السعودية

ارتفع «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، بنسبة 0.48 في المائة، وبمقدار 56.18 نقطة، إلى مستويات 11796.84 نقطة، وسط تداولات بلغت 5.5 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تتراجع مع اقتراب بيانات التضخم

انخفضت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية بشكل طفيف، يوم الاثنين، حيث امتنع المستثمرون عن القيام برهانات كبيرة قبل موجة من البيانات في وقت لاحق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مستثمران يتابعان شاشة التداول في السوق المالية السعودية (رويترز)

تراجع طفيف لسوق الأسهم السعودية وسط سيولة 1.6 مليار دولار

تراجع «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، بنسبة 0.26 في المائة، وبفارق 31.03 نقطة، إلى مستويات 11740.66 نقطة، وسط تداولات بلغت 6 مليارات ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تعرض الشاشات والألواح تطور مؤشر «إيبكس 35» ومعلومات الأسهم الأخرى في بورصة مدريد (وكالة حماية البيئة)

الأسهم الأوروبية ترتفع بانتظار البيانات الأميركية

بدأت الأسهم الأوروبية الأسبوع على ارتفاع طفيف، حيث يستعد المستثمرون لبيانات التضخم الأميركية لتقييم مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (لندن )

«فيتش» تخفض تصنيف إسرائيل... الحرب في غزة تضغط على الاقتصاد

القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
TT

«فيتش» تخفض تصنيف إسرائيل... الحرب في غزة تضغط على الاقتصاد

القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

خفضت وكالة «فيتش» تصنيف إسرائيل الائتماني إلى «إيه» من «إيه بلس»، مشيرة إلى تدهور المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في غزة، وأبقت على نظرة مستقبلية سلبية، مما يعني احتمال خفض التصنيف مرة أخرى.

وتتوقع وكالة التصنيف الائتماني أن تزيد الحكومة الإسرائيلية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مما يضع ضغطاً تصاعدياً على عجز الموازنة ومستويات الدين في البلاد، وفق «رويترز».

وقالت في بيان: «نعتقد أن الصراع في غزة يمكن أن يستمر حتى عام 2025، وأن هناك مخاطر من اتساعه إلى جبهات أخرى».

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه يتوقع رفع التصنيف مرة أخرى بعد فوز إسرائيل في الحرب.

وأضاف في بيان: «الاقتصاد الإسرائيلي قوي ويعمل بشكل جيد للغاية. وخفض التصنيف هو نتيجة تعامل إسرائيل مع حرب متعددة الجبهات فرضت عليها».

وفي وقت سابق من هذا العام، خفضت وكالتا «موديز» و«ستاندرد آند بورز غلوبال» التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرتين إلى المخاطر الجيوسياسية المرتفعة.

وتصاعدت المخاوف من تحول الصراع في غزة إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في إيران، والقائد العسكري البارز في «حزب الله» فؤاد شكر في بيروت، في وقت تستعد فيه إسرائيل لهجمات كبيرة من إيران و«حزب الله».

من جانبه، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على منصة «إكس» إن «خفض التصنيف بعد الحرب والمخاطر الجيوسياسية التي يخلقها أمر طبيعي».

وتراجعت العملة الإسرائيلية بنسبة تصل إلى 1.7 في المائة مقابل الدولار يوم الاثنين، وانخفضت الأسهم بأكثر من 1 في المائة في تل أبيب وسط مخاوف من هجوم محتمل على إسرائيل. ويوم الثلاثاء، ارتفع الشيقل بنسبة 0.3 في المائة.

وقالت «فيتش» إن التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها يمكن أن تعني زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، وتدمير البنية التحتية، وتضرر النشاط الاقتصادي والاستثمار.

وأضافت: «لقد تأثرت المالية العامة، ونتوقع عجزاً في الموازنة بنسبة 7.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2024، ويبقى الدين فوق 70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط».

وبلغ عجز الموازنة الإسرائيلية 8.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في يوليو (تموز)، لكن سموتريتش أعرب عن ثقته في عودته إلى هدف 6.6 في المائة لعام 2024 بحلول نهاية العام.

وقال كبير المحاسبين في وزارة المالية، يالي روثنبرغ، إن الاقتصاد الإسرائيلي قوي، وإن البلاد لا تزال تتمتع بإمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية، لكنه دعا إلى موازنة للدولة لعام 2025 تعيد بناء الاحتياطيات المالية من خلال خفض تدريجي لنسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي.

وقد بدأت بالفعل مناقشات أولية حول موازنة عام 2025، وقال سموتريتش إنه سيتم اعتماد موازنة مسؤولة تدعم الحرب مع الحفاظ على الأطر المالية. وأضاف: «سيرتفع التصنيف بسرعة».