هل تتعرض حظوظ كامالا هاريس للخطر بسبب الوضع الاقتصادي؟

مخاوف الركود بعد هبوط سوق الأسهم تلقي بظلالها على حملة المرشحة الديمقراطية

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال فعالية في هيوستن 25 يوليو (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال فعالية في هيوستن 25 يوليو (أ.ب)
TT

هل تتعرض حظوظ كامالا هاريس للخطر بسبب الوضع الاقتصادي؟

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال فعالية في هيوستن 25 يوليو (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال فعالية في هيوستن 25 يوليو (أ.ب)

استيقظ الأميركيون، صباح الاثنين، على هبوط حاد في سوق الأسهم، وهو ما أطلق عليه البعض «الاثنين الأسود»، وسط مخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، مدفوعاً بتراجع نمو الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي. وتتزامن هذه العوامل مع التأثيرات السابقة الناجمة عن تداعيات تفشي فيروس كوفيد – 19، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، والمشهد الجيوسياسي المتقلب الذي يهدد بإشعال حرب في الشرق الأوسط.

وشهد يوم الاثنين هبوط المؤشرات كافة، حيث انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز» بنسبة 3 في المائة، ومؤشر «داو جونز» بنسبة 2.6 في المائة، ومؤشر «ناسداك» بنسبة 3 في المائة. وبلغت خسائر «ناسداك» وحده ما يقرب من تريليون دولار من القيمة السوقية. وأدى انخفاض سوق الأسهم إلى مخاوف سياسية ألقت بظلال قاتمة على المرشحة الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس مقارنةً بالمرشح الجمهوري دونالد ترمب.

ما الركود؟

حسب كبير خبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، جان هاتزيوس -الذي يُنسب إليه التنبؤ بالركود في عام 2008- فإنه يتوقع تباطؤاً اقتصادياً على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، مشيراً إلى تباطؤ في نمو الوظائف (أضاف الاقتصاد 114 ألف وظيفة، أي أقل من 175 ألف وظيفة متوقعة، وارتفع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة من 4.1 في المائة) -وهو مستوى لم نشهده منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021. لكنه أكد أن الاقتصاد الأميركي يتمتع بصحة جيدة بشكل عام، وأن خطر الركود محدود، وأن «الفيدرالي» لديه كثير من الحرية لخفض أسعار الفائدة، بسرعة إذا لزم الأمر.

وأشار هاتزيوس إلى تعريف الرئيس هاري ترومان للركود، الذي وصفه مازحاً على النحو التالي: «إنه ركود عندما يفقد جارك وظيفته، وهو كساد عندما تفقد وظيفتك».

وبعيداً عن المزاح الشائع، يرتبط الركود عادةً بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 2 في المائة، وتراجع النشاط الاقتصادي في جميع القطاعات، وقد يستمر لعدة أشهر، تصل في بعض الأحيان إلى عام كامل. ولا يتوقف الأمر على أرقام الوظائف ومعدلات البطالة فقط، بل يعتمد أيضاً على قياسات الدخل الشخصي الحقيقي، والمبيعات، والإنتاج الصناعي، والإنفاق الاستهلاكي، بالإضافة إلى النظرة الشاملة للبيانات الاقتصادية. وكان الركود الاقتصادي الذي شهدته الولايات المتحدة في عام 2008 واستمر حتى عام 2009 (الأطول والأشد حدةً منذ عام 1960) سببه المباشر انهيار سوق الرهن العقاري، وفشل بنك «ليمان براذرز»، حيث كان التعافي منه بطيئاً مع استمرار مستويات البطالة المرتفعة.

الركود ليس حتمياً

فتحت أسواق الأسهم، يوم الثلاثاء، على نوع من الاستقرار واستعادة التوازن. وفي هذا السياق، شددت كلوديا ساهم، الخبيرة الاقتصادية في «الاحتياطي الفيدرالي»، التي طوَّرت أداةً للتنبؤ بالركود تُعرف باسم «SAHM»، على أن الركود ينشأ عندما يكون متوسط معدل البطالة في الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أشهر أعلى بنصف نقطة مئوية على الأقل من أدنى مستوى له خلال الـ12 شهراً السابقة. ووفقاً لهذه المعادلة، بلغ معدل البطالة في يوليو (تموز) 2023 نحو 3.5 في المائة. وأكدت ساهم لشبكة «سي إن بي سي» أن هذا يعني أن الاقتصاد الأميركي لا يواجه حالة ركود حالياً، وأن الركود ليس حتمياً.

لكن المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم دفعت أكثر من 62 في المائة من الناخبين الأميركيين إلى القلق المتزايد بشأن البرامج الاقتصادية للمرشحين في سباق الرئاسة الأميركي، وتقييم قدرتهم على تحقيق انفراجة اقتصادية. وبغضّ النظر عن العوامل الاجتماعية والسياسية، فإن عديداً من الناخبين ينظرون إلى شؤونهم المالية ووضعهم الوظيفي عند اتخاذ قرارهم بدعم المرشح الذي يعتقدون أنه قادر على إصلاح الاقتصاد.

وتُظهر تقديرات وزارة الزراعة الأميركية أن تكلفة بند الطعام للأسرة المكونة من 4 أفراد ارتفعت بشكل ملحوظ في عهد الرئيس بايدن، حيث ارتفعت من 675 دولاراً شهرياً في عام 2021 إلى 975 دولاراً حالياً، بزيادة هائلة بنسبة 44 في المائة. هذه الزيادة الكبيرة تضع ضغوطاً حقيقية على الأسر الفقيرة وذات الدخل المتوسط في بند الطعام فقط. وفي الولايات المتأرجحة التي تُعد ساحات معركة انتخابية، يلوم 66 في المائة من الناخبين إدارة الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس على هذه الزيادة.

ويقول خبراء الاقتصاد والمحللون إن الركود من شأنه أن يزيد من احتدام السباق نحو البيت الأبيض ويضيف مستويات جديدة من الارتباك حول من يستحق قيادة البلاد وإنقاذها من التدهور الاقتصادي.

وينظر المحللون إلى عام 2008 بوصفه إحدى أسوأ فترات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث أثرت الأزمة الاقتصادية المترتبة على انهيار الأسواق المالية وأزمة الرهون العقارية بشكل كبير على حظوظ المرشحين الرئاسيين في ذلك الوقت. فقد أصر المرشح الجمهوري آنذاك، جون ماكين، على أن الاقتصاد الأميركي قوي، إلا أن الأميركيين لم يصدقوا ذلك، مما أضر بحملة ماكين وأسهم في دفع المرشح الديمقراطي آنذاك، باراك أوباما، نحو تحقيق النصر.

هاريس وترمب

يُبرز المرشح الجمهوري دونالد ترمب قدرته على تحقيق اقتصاد قوي، حيث يَعِد بزيادة الأجور وخلق مزيد من الوظائف. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن معدل التضخم كان مرتفعاً بشكل ملحوظ خلال فترة ولاية ترمب السابقة التي امتدت لأربع سنوات. ويشكك البعض في وعوده الاقتصادية، التي تبدو كأنها تتلاعب بأحلام الناخب الأميركي.

في المقابل، فشل الرئيس جو بايدن في تحسين الاقتصاد لصالح عشرات الملايين من الأميركيين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. ولم يحقق برنامجه الاقتصادي، والترويج لقوة الاقتصاد، أي ردود فعل إيجابية من الناخبين الذين لم يصدقوا دعاية الديمقراطيين بأن الاقتصاد يعمل بقوة. وكانت الخطة التي اتبعها بايدن لمحاولة لخفض إيجارات المنازل وإعفاء قروض الطلبة محاولة ضعيفة لجذب أصوات هذه الفئة من الأميركيين ذوي الدخل المنخفض.

ويقول المحللون إن إدارة بايدن فشلت في كبح جماح مستويات العجز الكبيرة في الموازنة، حيث ارتفع الدين الوطني إلى أكثر من 35 تريليون دولار ويواصل الزيادة. كما ظل معدل التضخم مرتفعاً طوال فترة ولاية بايدن في البيت الأبيض، مما جعل المستهلكين يشعرون بأن أسعار السلع والخدمات اليومية أصبحت أكثر تكلفة. بالإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة العبء على أي شخص يرغب في شراء منزل أو سيارة.

وسعت وزارة الخزانة خلال فترة ولاية بايدن إلى التستر على الوضع الاقتصادي غير المريح من خلال تمويل الإنفاق بالاقتراض قصير الأجل وطرح سندات خزانة قصيرة الأجل بدلاً من سندات ذات آجال استحقاق تمتد من عشر سنوات إلى ثلاثين عاماً. ومع انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، ترث كامالا هاريس هذا الوضع الاقتصادي، بما في ذلك المخاوف من احتمال الدخول في مرحلة ركود قد تؤثر بشكل كبير على قرارات الناخبين في الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

القرار

يتعلق قرار الناخب الأميركي في اختيار المرشح الرئاسي بنظرة وبرنامج الجمهوريين والديمقراطيين بشكل عام تجاه الاقتصاد. ويميل الديمقراطيون عادةً إلى فرض مزيد من الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي، وقد اتَّبع بايدن هذا النهج، ولا يتوقع المحللون نمطاً مختلفاً من المرشحة المحتملة كامالا هاريس. من جهة أخرى، يميل الجمهوريون إلى إلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب على الأغنياء لزيادة فرص خلق الوظائف، متَّبعين قاعدة حرية العرض والطلب في التأثير على السوق بشكل طبيعي. ومع ذلك، انحرف الرئيس ترمب عن هذا المسار عندما أطلق حزم التحفيز لمواجهة جائحة كوفيد ورفع من الأنفاق الحكومي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، كما فرض تعريفات جمركية على الواردات بما يتعارض مع مبادئ السوق الحرة، وأدى أيضاً إلى مزيد من الارتفاع في التضخم. ويبدو أن كلا المرشحين الرئاسيين، ترمب وهاريس، قد فشل في كبح جماح الإنفاق الحكومي وتقليص العجز في الموازنة.


مقالات ذات صلة

«نايس ون بيوتي» تكشف تفاصيل طرح 30 % من أسهمها بالسوق الرئيسية السعودية

الاقتصاد شعار شركة «نايس ون» أثناء أحد الاحتفالات (لينكد إن التابع للشركة)

«نايس ون بيوتي» تكشف تفاصيل طرح 30 % من أسهمها بالسوق الرئيسية السعودية

أعلنت شركة «نايس ون بيوتي للتسويق الإلكتروني»، الأحد، عن نشرة الإصدار الخاصة بطرح ثلث أسهمها العادية في السوق الرئيسية للسوق المالية السعودية (تداول).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول يتابع شاشة الأسهم في «السوق المالية السعودية» بالرياض (أ.ف.ب)

«سوق الأسهم السعودية» تكسب 24 نقطة في أولى جلسات الأسبوع

أغلق «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية (تاسي)» مرتفعاً في أولى جلسات الأسبوع، بمقدار 24.38 نقطة، وبنسبة 0.21 في المائة، إلى 11864.90 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح «جي إف إتش» في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (الموقع الرسمي للمبادرة)

«جي إف إتش المالية» البحرينية تواصل المحادثات للاستحواذ على محافظ «الإثمار القابضة»

أعلنت شركة «جي إف إتش المالية» البحرينية، الأحد، أن محادثات الاستحواذ على محافظ «الإثمار القابضة للتمويل والاستثمار» لا تزال مستمرة.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة «فرانكفورت» (رويترز)

الأسواق العالمية تتباين وسط تصاعد التوترات في الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت الأسواق العالمية أداءً متبايناً، الأربعاء، على الرغم من المكاسب التي حققتها «وول ستريت»، وسط تزايد المخاوف بشأن تصعيد الحرب الروسية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
TT

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

قال وزير البترول المصري، كريم بدوي، إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية»، وإنه تابع ميدانياً أعمال حفر البئر الاستكشافية الجديدة (خنجر) لشركة شيفرون العالمية.

وأكد الوزير خلال المؤتمر السنوي العاشر لمؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز»، الأحد، على أهمية «الجهود الجارية مع شركاء الاستثمار في قطاع النفط والغاز للعمل على ضخ المزيد من الاستثمارات لزيادة الإنتاج من البترول والغاز والكشف عن المزيد من الموارد البترولية بطرق اقتصادية وأقل تكلفة، ومستدامة بيئياً، مع اتباع قواعد الحفاظ على السلام».

وأشار إلى أن «العمل مستمر على تنفيذ أولويات العمل البترولي التي تشمل توفير احتياجات المواطنين من المنتجات البترولية والغاز، من خلال التركيز على تعظيم البحث والاستكشاف والإنتاج وكفاءة إدارة الخزانات، والاستفادة الكاملة من البنية التحتية لتكرير البترول وإنتاج البتروكيماويات، واستخدامها بأفضل وسيلة لتحقيق قيمة مضافة وأقصى عائد من موارد البترول والغاز، فضلاً عن استغلال الإمكانيات والخبرات في تطوير قطاع التعدين المصري ورفع مساهمته في الناتج القومي من واحد في المائة حالياً إلى ما يتراوح بين 5 و6 في المائة في السنوات المقبلة».

وأكد بدوي على أن جذب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع النفط والغاز، «من أهم الأولويات التي تعمل عليها الوزارة، والتي أطلقت مبادرة في هذا الصدد في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي حققت نتائج إيجابية بجذب استثمارات مصرية للقطاع الخاص في مجال الاستكشاف والإنتاج».

وشدد في هذا الصدد، على أهمية التعاون الإقليمي لتحويل الطموحات إلى حقيقة ودعم دور مصر بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة، وهو ما «تدعم تحقيقه البنية التحتية في مصر والتعاون مع قبرص وشركائنا من الشركات العالمية لاستغلال الاكتشافات الحالية والمستقبلية للغاز في قبرص بواسطة البنية التحتية المصرية، لاستغلال الغاز لإعادة التصدير أو كقيمة مضافة للسوق المحلية».

وأضاف الوزير: «نعمل مثل فريق واحد مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على تشكيل مزيج الطاقة الأمثل لمصر»، لافتاً إلى «التزام الحكومة بهدف زيادة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42 في المائة بحلول عام 2030، مما يتيح الاستفادة من موارد الوقود التقليدي التي تتوفر في التصدير أو صناعات القيمة المضافة».