محللون: تصفية صفقات التمويل بالاقتراض وراء انهيار الأسواق العالمية

يعمل تجار العملات في غرفة التداول في أحد البنوك في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)
يعمل تجار العملات في غرفة التداول في أحد البنوك في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)
TT

محللون: تصفية صفقات التمويل بالاقتراض وراء انهيار الأسواق العالمية

يعمل تجار العملات في غرفة التداول في أحد البنوك في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)
يعمل تجار العملات في غرفة التداول في أحد البنوك في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

قال محللون إن الانهيار الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية في الأيام الأخيرة يعكس بشكل أكبر تصفية الصفقات المالية التي يستخدمها المستثمرون لزيادة رهاناتهم وليس تحولاً حاسماً في التوقعات الاقتصادية الأميركية.

وأضافوا أن بيانات الوظائف الأميركية التي جاءت أضعف من المتوقع يوم الجمعة كانت المحفز لعمليات بيع في السوق، حيث عانى مؤشر «نيكي» الياباني من أكبر انخفاض يومي له منذ انهيار «الاثنين الأسود» عام 1987 لكن تقرير التوظيف وحده لم يكن ضعيفاً بما يكفي ليكون المحرك الرئيسي للتحركات العنيفة، وفق «رويترز».

وبدلاً من ذلك، تكمن الإجابة على الأرجح في تصفية حادة أخرى لصفقات التمويل بالاقتراض، حيث اقترض المستثمرون أموالاً من اقتصادات ذات أسعار فائدة منخفضة مثل اليابان أو سويسرا لتمويل استثمارات في أصول ذات عوائد أعلى في أماكن أخرى. وهو ما يعرف بتجارة الفائدة أو Carry trade. إلا أنهم وقعوا في الفخ عندما ارتفع الين الياباني بأكثر من 11 في المائة مقابل الدولار الأميركي من أدنى مستوى له منذ 38 عاماً، الذي سجل قبل شهر فقط.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في «بلو باي أسيت مانجمنت»، مارك داونينغ: «يرجع السبب الرئيسي وراء هذا الانهيار السريع في السوق، حسب تقديراتنا، إلى تصفية سريعة للمراكز المالية، حيث تعرض العديد من صناديق الاستثمار الكبرى لخسائر فادحة بسبب تحركات مفاجئة في أسواق العملات، لا سيما الين الياباني».

وأضاف: «لا نرى أدلة في البيانات تقول إننا نتطلع إلى هبوط قاس».

وقال مستثمر آسيوي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن بعض أكبر صناديق التحوط المنهجية التي تتداول داخل وخارج الأسهم بناء على إشارات من خوارزميات بدأت في بيع الأسهم عندما أثار رفع أسعار الفائدة المفاجئ من قبل بنك اليابان الأسبوع الماضي توقعات بتشديد السياسة النقدية بشكل أكبر.

وفي حين يصعب الحصول على أرقام دقيقة وتحركات مواقع محددة وراء هذه التحركات، يشتبه المحللون في أن المراكز المزدحمة في أسهم التكنولوجيا الأميركية، الممولة من خلال صفقات التمويل بالرافعة المالية، تفسر سبب معاناتها أكثر من غيرها.

وبحلول الساعة 14:32 (بتوقيت غرينتش) يوم الاثنين، انخفض مؤشر «ناسداك» الأميركي الذي يضم شركات التكنولوجيا بأكثر من 8 في المائة حتى الآن في أغسطس (آب)، مقابل 6 في المائة لمؤشر «ستاندرد آند بورز» الأوسع نطاقاً.

وقالت «آي إن جي» إن صفقات التمويل بالاقتراض المدعومة بسنوات من السياسة النقدية اليابانية شديدة التيسير أدت إلى طفرة في الاقتراض بالين عبر الحدود لتمويل الصفقات في أماكن أخرى.

وأشارت بيانات بنك التسويات الدولية إلى أن الاقتراض بالين عبر الحدود زاد بمقدار 742 مليار دولار منذ نهاية عام 2021، كما لاحظ البنك.

وقال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لأوروبا في «ستيت ستريت غلوبال ماركتس»، تيم غراف، إنها «عملية تصفية لتمويل الين الياباني وتصفية للأسهم اليابانية. تظهر مقاييسنا للمراكز أن المستثمرين يفرطون في شراء الأسهم اليابانية».

وقد خفض المضاربون الرهانات البيعية ضد الين بقوة في الأسابيع الأخيرة، ليصل صافي المراكز القصيرة في الين إلى 6.01 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني)، من أعلى مستوى له في سبعة أعوام بلغ 14.5 مليار دولار في أبريل (نيسان)، وفقاً لأحدث البيانات الأسبوعية من الجهة التنظيمية الأميركية للأسواق.

وقال كبير استراتيجيي العملات في «سوسيتيه جنرال»، كيت جوكيس: «لا يمكنك تصفية أكبر صفقة تمويل بالاقتراض شهدها العالم على الإطلاق دون كسر بعض الرؤوس».

معاناة صناديق التحوط

وقال بعض المستثمرين إن صناديق التحوط تعزز تحركات السوق لأنها تمول عادة رهاناتها من خلال الاقتراض.

وتمنح البنوك صناديق التحوط الرافعة المالية، وهي في الأساس قرض لتمويل الاستثمار، مما يضخم عوائد صناديق التحوط ولكنه يمكن أن يزيد الخسائر أيضاً.

أظهرت مذكرة أرسلها «غولدمان ساكس» إلى العملاء يوم الجمعة أن الرافعة المالية الإجمالية من الوساطة الرئيسية في «غولدمان ساكس»، أو إجمالي المبلغ الذي اقترضته صناديق التحوط، انخفض في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، لكنه لا يزال قريباً من أعلى مستوياته في خمس سنوات.

وأشارت «غولدمان ساكس» إلى أن صناديق التحوط واصلت، للأسبوع الثالث على التوالي، زيادة رهاناتها على هبوط الأسهم بشكل أكبر مقارنة بزيادة رهاناتها على الارتفاع، حيث بلغت نسبة المراكز البيعية إلى الشرائية 3.3 إلى 1».

وأضاف يوم الاثنين أنه مع إغلاق السوق الآسيوية، هبطت صناديق التحوط التي تركز على اليابان بنسبة 7.6 في المائة في جلسات التداول الثلاث الماضية. وقال مستثمرون إن العديد من صناديق التحوط التي تتاجر في الأسهم، بسبب حظر البيع على المكشوف في كوريا الجنوبية في يونيو والعقبات التنظيمية ضد هذه الممارسة في الصين، حولت تركيزها إلى اليابان.

وأضاف المحللون أن هناك مجالاً لمزيد من الألم على المدى القصير مع تصفية المراكز، لكن الاضطراب في السوق سيكون محدوداً. ويتوقع المتداولون الآن أكثر من 120 نقطة أساس من تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية بحلول نهاية العام، مقابل نحو 50 نقطة أساس في بداية الأسبوع الماضي، ويقيمون بالكامل خفضاً كبيراً بنسبة 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول).

وقد تكون هذه التوقعات مبالغاً فيها إذا أظهرت البيانات القادمة أن الاقتصاد الأميركي من المرجح أن يتجنب الهبوط القاسي.

وقال داونينغ: «نعتقد أن إعادة تقييم وجهة نظرك الأساسية هنا تعد خطأ فادحاً. إن القيام بذلك يعني ببساطة وضع رواية تتناسب مع حركة الأسعار».


مقالات ذات صلة

التداول بالاقتراض الضخم يهدد الأسواق المالية بمزيد من الانهيارات

الاقتصاد أشخاص يمرون أمام مؤشر «ناسداك» في نيويورك (وكالة حماية البيئة)

التداول بالاقتراض الضخم يهدد الأسواق المالية بمزيد من الانهيارات

قال المستثمرون إن تداعيات التداول بالاقتراض الضخم الذي أدى إلى ارتدادات في الأسواق المالية العالمية لم تنتهِ بعد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد منظر عام لمبنى وزارة الخزانة الأميركية في واشنطن (رويترز)

العائد على سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل أقل من «العشرية» لأول مرة منذ 2022

تراجع سعر العائد على سندات الخزانة الأميركية أجل عامين إلى أقل من سعر العائد على السندات أجل 10 سنوات، الاثنين، لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يتابع المتداولون تطورات الأسعار على الشاشات في بورصة فرنكفورت (د.ب.أ)

​صدمة في الأسواق: تراجع حاد وسط مخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي

انهارت الأسواق العالمية وسط موجة بيع للأوراق المالية حيث تكبدت الأسهم الأوروبية والأميركية والآسيوية خسائر فادحة في ظل مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي

«الشرق الأوسط» (برلين - نيويورك )
الاقتصاد إحدى الآلات التابعة لـ«أنابيب السعودية» (موقع الشركة)

أرباح «أنابيب السعودية» تتراجع 17% في الربع الثاني من 2024

انخفض صافي ربح الشركة السعودية لأنابيب الصلب (أنابيب السعودية) بنسبة 17.2 في المائة إلى 72 مليون ريال (19.2 مليون دولار) في الربع الثاني من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من أحد المتاجر التابعة لـ«بدجت السعودية» (موقع الشركة)

تراجع طفيف لأرباح «بدجت السعودية» إلى 18.7 مليون دولار في الربع الثاني

تراجع صافي ربح الشركة المتحدة الدولية للمواصلات «بدجت السعودية» بنسبة 0.16% إلى 70.17 مليون ريال (18.712 مليون دولار) خلال الربع الثاني من العام الجاري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وفاة سلطان الدغيثر... رجل الاتصالات الذي انتشل «زين السعودية» من الخسائر

المهندس سلطان الدغيثر (الشرق الأوسط)
المهندس سلطان الدغيثر (الشرق الأوسط)
TT

وفاة سلطان الدغيثر... رجل الاتصالات الذي انتشل «زين السعودية» من الخسائر

المهندس سلطان الدغيثر (الشرق الأوسط)
المهندس سلطان الدغيثر (الشرق الأوسط)

تلقت منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، الثلاثاء، نبأ وفاة الرئيس التنفيذي لشركة «زين السعودية» المهندس سلطان الدغيثر، بعد أن ترك إرثاً لا ينسى في القطاع وتنمية الاقتصاد الرقمي؛ حيث تمكن من تحقيق التحول المالي والتشغيلي للشركة من خلال مضاعفة القيمة السوقية، وإطفاء أكثر من ملياري ريال (533.3 مليون دولار) من الخسائر المتراكمة، لتبدأ في توزيع الأرباح لأول مرة في تاريخها، بعد أن حققت إيرادات وأرباحاً قياسية، وتصبح بين أفضل 50 علامة تجارية من حيث القيمة السوقية على مستوى البلاد.

وشهدت شركة «زين السعودية» عدة أزمات في الفترة الماضية، واتخذت خطوات في إعادة هيكلة رأسمالها وتسوية أوضاعها المالية المتمثلة في تخفيض رأس المال، ثم اعتمدت زيادة رأس المال عن طريق فتح باب الاكتتاب العام، عبر إصدار أسهم حقوق أولوية.

وكان المهندس الدغيثر يتمتع بمسيرة كبيرة من الإنجازات والخبرة في الإدارة التنفيذية والتشغيلية والتقنية، تمتد إلى 19 عاماً؛ حيث قاد كثيراً من المشاريع التي مكَّنت «زين» من أن تصبح كبرى شركات الاتصالات في المملكة.

كما لعب دوراً محورياً في تطوير وتوسعة شبكات الشركة داخل المملكة. وتحت قيادته، نجحت «زين السعودية» عام 2019 في إطلاق أكبر شبكة للجيل الخامس (5G) في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، ورابع أكبر شبكة في العالم.

وصاغ الدغيثر رؤية واضحة لقطاع الأعمال في «زين»، الذي شهد تطوراً كبيراً مدفوعاً باستثمارات نوعية في التقنيات المبتكرة والحلول والخدمات الرقمية التي تتنوع من الحوسبة السحابية إلى تطبيقات الجيل الخامس المستقبلية، بما فيها إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والطائرات من دون طيار.

وأدار الدغيثر عملية تحويل «زين السعودية» من شركة اتصالات إلى منظومة متكاملة للخدمات الرقمية، شكَّلت مرتكزاً لظهور ونمو كثير من القطاعات التقنية الجديدة في المملكة.

وفي عام 2022، قاد الشراكة الاستراتيجية ما بين «زين السعودية» و«بلاي هيرا العالمية» للرياضات الإلكترونية، والتي أثمرت تأسيس «PLAYHERA MENA».

كما وظَّف الدغيثر الخبرات التي اكتسبها في إطلاق شركة «تمام للتمويل» بوصفها أول شركة للتمويل المصغَّر في المملكة والشرق الأوسط. وأشرف على خطتها التوسَّعية والتشغيلية.

وتميَّزت رؤية الدغيثر القيادية بتطبيق قيم التنوُّع والشمولية في «زين السعودية»، فشهدت الشركة تحت قيادته تمكين المرأة السعودية في المناصب القيادية، وتعزيز حضورها في قطاع التقنية والاتصالات بشكلٍ كبير.

وتحت قيادته، حققت «زين السعودية» ريادة في مجال الاستدامة على مختلف الأصعدة؛ ففي العام الماضي، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وقَّعت الشركة على اتفاقية مع مركز برنامج «شريك» لإطلاق مراكز بيانات فائقة النطاق، كما أطلقت أول شبكة جيل خامس (5G) في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية، في منتجع «سيكس سينسز الكثبان الجنوبية» الصحراوي في وجهة «البحر الأحمر».

وصُنِّف الدغيثر ضمن أفضل 300 رئيس تنفيذي حسب «MENA TRNDS»، وقد حمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والاتصالات من جامعة الملك سعود، كما أكمل برنامج الإدارة المتقدّم في جامعة «IESE».

وشغل المهندس سلطان الدغيثر عدة مناصب، أبرزها منصب الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات المتنقلة السعودية «زين السعودية»، ونائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة «تمام» للتمويل، ورئيس مجلس إدارة شركة «PLAYHERA MENA» للرياضات الإلكترونية.

عاجل الطيران الإسرائيلي يخرق جدار الصوت على علو منخفض في سماء بيروت