​صدمة في الأسواق: تراجع حاد وسط مخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي

يتابع المتداولون تطورات الأسعار على الشاشات في بورصة فرنكفورت (د.ب.أ)
يتابع المتداولون تطورات الأسعار على الشاشات في بورصة فرنكفورت (د.ب.أ)
TT

​صدمة في الأسواق: تراجع حاد وسط مخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي

يتابع المتداولون تطورات الأسعار على الشاشات في بورصة فرنكفورت (د.ب.أ)
يتابع المتداولون تطورات الأسعار على الشاشات في بورصة فرنكفورت (د.ب.أ)

انهارت الأسواق العالمية وسط موجة بيع للأوراق المالية، حيث تكبدت الأسهم الأوروبية والأميركية والآسيوية خسائر فادحة في ظل مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي، مع تداول عدد قليل فقط من الأسهم في المنطقة الخضراء.

وقادت الأسواق اليابانية والآسيوية الأخرى الانخفاضات الحادة يوم الاثنين، وانضمت إليها العملات المشفرة والنفط، وهبط كل من الدولار واليورو بنسبة 2 في المائة مقابل الين الياباني. كما انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل حاد. ووصل «مقياس الخوف» في «وول ستريت»، مؤشر «فيكس» لتقلبات سوق الأسهم الضمنية، إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات تقريباً، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وفي أوروبا، تراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية عند الافتتاح لتنخفض في باريس بنسبة 2.42 في المائة، ولندن 1.95 في المائة، وفرنكفورت 2.49 في المائة، وأمستردام 3.05 في المائة، وميلانو 3.31 في المائة، وزيوريخ 2.97 في المائة، ومدريد 2.79 في المائة.

وانخفض مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 2.2 في المائة إلى 487.15 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ 14 فبراير (شباط)، بحلول الساعة 08:27 (بتوقيت غرينيتش).

وقفز مؤشر «يورو ستوكس» للتقلبات 5.7 نقطة إلى 30.26، وهو أعلى مستوى له منذ مارس (آذار) 2023.

وشهد مؤشر «ستوكس 600» أسوأ أسبوع له منذ ما يقرب من 10 أشهر يوم الجمعة، وتراجع عن مستوى 500 لأول مرة منذ 15 أبريل (نيسان).

وتراجع مؤشر «داكس» الألماني، ومؤشر «كاك 40» الفرنسي، ومؤشر «فوتسي» البريطاني، ومؤشر «إيبيكس 35» الإسباني بأكثر من 2 في المائة.

رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

ومن بين الأسهم الفردية، ارتفع سهم «غالدرما» بنسبة 6.7 في المائة بعد أن قالت شركة «لوريال» إنها ستكتسب حصة بنسبة 10 في المائة في شركة العناية بالبشرة السويسرية من مجموعة من المساهمين الرئيسيين.

وقفز سهم «أو سي آي غلوبال» بنسبة 10.3 في المائة بعد أن قالت شركة «وودسايد إنرجي» إنها ستشتري مشروع الأمونيا النظيفة لشركة الكيماويات الهولندية في تكساس مقابل 2.35 مليار دولار.

وتتوقع الأسواق فرصة بنسبة 78 في المائة لخفض بنسبة 50 نقطة أساس من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 18 سبتمبر (أيلول)، بينما يتوقع المتداولون تخفيضاً ثانياً من قبل المركزي الأوروبي في 12 سبتمبر.

وقال كبير استراتيجيي السوق في «لازارد»، رونالد تيمبل: «أنا متردد في تصديق أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ عملية التيسير بخفض 50 نقطة أساس، ولكن إذا كانت بيانات الأسابيع السبعة المقبلة متسقة مع بيانات هذا الأسبوع، فيجب أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي عدوانياً».

وفي أسواق الأسهم الآسيوية، كان انخفاض المؤشرات أكثر وضوحاً الاثنين، لا سيما في طوكيو التي تراجع مؤشرها الرئيسي، «نيكي»، بنسبة 12.4 في المائة، بمقدار 4400 نقطة، مسجلاً أسوأ انخفاض تاريخي له منذ انهيار سوق الأسهم في أكتوبر (تشرين الأول) 1987. وهبط مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 12.23 في المائة.

وانخفضت بورصتا تايوان بأكثر من 8 في المائة، وسيول بأكثر من 9 في المائة.

وقال كبير محللي السوق في مجموعة «آي جي»، كريس بوشامب: «لا يمكنك أن ترى مؤشر (نيكي) يهبط بأكبر قدر له في نحو 40 عاماً دون أن يكون لذلك أي نوع من التداعيات في الأسواق الأوروبية».

وأضاف: «عادة لا تتوقف هذه الأمور فجأة، يستغرق الأمر بضعة أيام لتصحيح الأمور... لكن الذعر الأولي يبدو أنه انتهى».

وتعرضت أسهم الطاقة لأشد الضربات، حيث تراجعت بنسبة 3.4 في المائة بعد أن هبطت أسعار النفط بنسبة 1 في المائة مع تعويض مخاوف الركود الأميركي لمخاوف العرض في الشرق الأوسط.

رجل يمر أمام شاشة تعرض مؤشر «كوسبي» القياسي بعد إغلاق التداول في سيول (أ.ف.ب)

كما تأثرت الأسهم المالية، حيث خسرت المصارف 3 في المائة، وفقدت الخدمات المالية 2.8 في المائة، بينما انخفض قطاع التكنولوجيا بنسبة 2.1 في المائة.

كذلك هبطت جميع أسهم الشركات الكبرى وأسهم النمو، المحرك الرئيسي للمؤشرات التي بلغت مستويات قياسية مرتفعة في وقت سابق من هذا العام، بشكل حاد في تعاملات ما قبل السوق.

وأثار قرار شركة «بيركشاير هاثاواي» بخفض حصتها في شركة «أبل» مخاوف بشأن مستقبل الشركة والاقتصاد الأميركية. وتراجعت أسهم «أبل» بنسبة 7.3 في المائة، مما يعكس قلق المستثمرين من تقييمات السوق المرتفعة وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وانخفضت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 6.8 في المائة بعد تقارير عن تأخير إطلاق رقائق الذكاء الاصطناعي بسبب عيوب في التصميم.

كما انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل حاد قبيل الافتتاح يوم الاثنين، حيث انخفض «مؤشر ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 2.8 في المائة، وانخفض مؤشر «ناسداك» بنسبة 5.5 في المائة.

وقال محللون في «غولدمان ساكس» يوم الأحد إنهم يزيدون من احتمال حدوث ركود في الولايات المتحدة بنسبة 10 نقاط مئوية إلى 25 في المائة بعد تقرير الوظائف الأضعف من المتوقع يوم الجمعة، مما أدى إلى تعميق المخاوف بشأن أقوى اقتصاد في العالم.

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وفي سوق السندات، واصلت أسعار الفائدة الأميركية التي تتحرك في الاتجاه المعاكس لأسعار السندات تراجعها، لتصل إلى 3.76 في المائة بحلول الساعة 07:25 (بتوقيت غرينيتش) مقارنة مع 3.79 في المائة يوم الجمعة للسندات التي يبلغ أجلها عشر سنوات، وهو ما يظهر اهتمام المستثمرين بالتوجه إلى أصول توفر مزيداً من الأمان مقارنة بالأسهم التي تعد أصولاً محفوفة بالمخاطر.

وسيحصل المستثمرون على قراءة عن التوظيف الأميركي في قطاع الخدمات من مسح معهد إدارة التوريد غير التصنيعي في وقت لاحق من اليوم.

وأثار تقرير الرواتب الضعيف لشهر يوليو (تموز) الأسبوع الماضي مخاوف المستثمرين بشأن صحة الاقتصاد الأميركي، مما حفز معنويات العزوف عن المخاطرة على مستوى العالم.


مقالات ذات صلة

أسهم شركات صناعة الصلب الصينية تتراجع مع رسوم ترمب الجديدة

الاقتصاد عامل يعمل في سوق للصلب بمدينة فويانغ بمقاطعة آنهوي بوسط الصين (رويترز)

أسهم شركات صناعة الصلب الصينية تتراجع مع رسوم ترمب الجديدة

تراجعت أسهم شركات صناعة الصلب الرئيسية المدرجة في بورصة الصين يوم الثلاثاء مع تصاعد المخاوف بشأن التأثير المحتمل على صادرات الصلب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مستثمر يراقب شاشة التداول في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

ارتفاع طفيف لمؤشر السوق السعودية بدعم من القطاعات الرئيسية

ارتفع مؤشر السوق السعودية بنسبة طفيفة وسط صعود قطاعات السوق الرئيسية بنسب لا تتجاوز 0.4 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك بجانب علم الولايات المتحدة (رويترز)

«وول ستريت» تتجاهل تهديدات ترمب بشأن التعريفات الجمركية

بشكل عام، لم تُبدِ «وول ستريت» اهتماماً كبيراً بالتهديد الأخير الذي أطلقه الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لفائف الصلب في مصنع «سالزغيتر إيه جي» بألمانيا (رويترز)

ألمانيا تكثّف جهودها لتجنّب زيادة الرسوم الجمركية التي هدد بها ترمب

أكد متحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية، يوم الاثنين، أن الحكومة الألمانية تكثّف جهودها الدبلوماسية لتجنّب الزيادات المحتملة في الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

هبوط أسهم شركات الصلب الأوروبية بعد إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية

هبطت أسهم شركات صناعة الصلب الأوروبية التي تمثل نحو 15 في المائة من إجمالي واردات الصلب إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

تراجع حاد في أعداد الشركات الناشئة بألمانيا

مقار بنوك وشركات وسط تجمعات تجارية وسكنية في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مقار بنوك وشركات وسط تجمعات تجارية وسكنية في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

تراجع حاد في أعداد الشركات الناشئة بألمانيا

مقار بنوك وشركات وسط تجمعات تجارية وسكنية في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مقار بنوك وشركات وسط تجمعات تجارية وسكنية في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أظهرت دراسة أجراها معهد «زد إي دبليو» الألماني للبحوث الاقتصادية أن عدد الشركات الجديدة التي يُجرى تأسيسها في ألمانيا يتناقص بشكل متزايد.

وحسب تحليل للمعهد في مانهايم، يشهد عدد الشركات الجديدة التي تأسست في ألمانيا انخفاضاً حاداً منذ منتصف تسعينات القرن العشرين، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

ووفقاً للتحليل، تمّ تسجيل زيادة طفيفة قدرها 1.3 في المائة إلى نحو 161 ألف شركة جديدة في عام 2023، حيث أصبح هناك بعد جائحة كورونا المزيد من الشركات الناشئة في قطاع المطاعم. وأشار التحليل في المقابل إلى تراجع عدد الشركات الجديدة في القطاع الصناعي.

وللمقارنة، بلغ عدد الشركات الجديدة التي تأسّست في ألمانيا عام 1995 -وهو العام الذي بدأ فيه المعهد رصد عدد الشركات الجديدة في ألمانيا- نحو 240 ألف شركة جديدة.

وقالت الخبيرة لدى المعهد، هانا هوتنروت: «انخفاض عدد الشركات الجديدة يعني انخفاض المنافسة، وانخفاض الاستثمار، وانخفاض الآفاق الإيجابية للاقتصاد الألماني»، مطالبة الساسة بجعل تأسيس الشركات الجديدة أكثر جاذبية.

ووفقاً للدراسة، فإن التراجع حاد بشكل خاص في القطاعات الصناعية التي تعتمد بشدة على الأبحاث، مثل صناعة الآلات أو الصناعات الكيماوية أو الهندسة الكهربائية.

وأشارت الدراسة إلى أن عدد الشركات الجديدة في هذه القطاعات تراجع إلى أكثر من النصف منذ عام 2002 من 1400 شركة إلى 625 شركة في عام 2023. وفي القطاعات الأقل اعتماداً على الأبحاث، مثل صناعة الأغذية والمنسوجات أو صناعة الأخشاب والأسمنت، بلغ التراجع 27 في المائة إلى نحو 5300 شركة مؤخراً، وذلك حسب الدراسة التي قامت فيها وكالة الائتمان «كريديت ريفورم» بتقييم ومعالجة بيانات السجل التجاري الخاصة بها.

ووفقاً للتحليل، فإن أحد الأسباب المهمة لتراجع عدد الشركات الجديدة هو البيروقراطية. وحسب استطلاع أجراه المعهد وشمل نحو 5 آلاف شركة، فإن الشركات الجديدة تقضي في المتوسط تسع ساعات أسبوعياً في إتمام مهام إدارية؛ من لوائح حماية البيانات إلى التزامات بإعداد تقارير. ويُضاف إلى ذلك نقص العمالة الماهرة وارتفاع أسعار الطاقة، حسبما أوضحت الباحثة ساندرا جوتشالك من معهد «زد إي دبليو».

وفي الصناعات الكيماوية والدوائية، تُعد تكاليف الطاقة المرتفعة السبب الرئيسي وراء التراجع الأخير في عدد الشركات الجديدة، حسب الدراسة. وفي قطاع الإنتاج كثيف الاستهلاك للطاقة، مثل الحديد والصلب والمعادن الثمينة، انخفض أيضاً عدد الشركات الجديدة بنسبة تزيد على 10 في المائة في كل من عامَي 2022 و2023. في المقابل، تعافت مؤخراً الأرقام في مجالَي الهندسة الكهربائية وصناعة الآلات.

وذكرت جوتشالك أن التراجع في الصناعات المعتمدة بشدة على الأبحاث أمر مثير للقلق بشكل خاص، وقالت: «هناك خطر حدوث فجوات في الابتكار يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد في قطاعات أخرى من الاقتصاد الألماني».

وأوضحت جوتشالك أنه من منظور اقتصادي عام ليس من المهم ما إذا كانت الابتكارات تأتي من شركات حديثة أو من أخرى كبيرة، وقالت: «كلما تراجع عدد الشركات الجديدة ذات الأفكار الجذرية، تراجعت الضغوط التنافسية على القطاع بأكمله».