لماذا شهدت أسواق الأسهم الأميركية الأسبوعين الأكثر تقلباً في أكثر من عام؟

متداول في بورصة نيويورك يراقب سرعة تحرك الأسهم بعد بيانات يوم الجمعة (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك يراقب سرعة تحرك الأسهم بعد بيانات يوم الجمعة (أ.ب)
TT

لماذا شهدت أسواق الأسهم الأميركية الأسبوعين الأكثر تقلباً في أكثر من عام؟

متداول في بورصة نيويورك يراقب سرعة تحرك الأسهم بعد بيانات يوم الجمعة (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك يراقب سرعة تحرك الأسهم بعد بيانات يوم الجمعة (أ.ب)

انخفضت الأسهم الأميركية يوم الجمعة لتختتم فترة أكثر تقلباً قد شهدتها السوق منذ أكثر من عام وفقاً لبعض المقاييس؛ إذ فقد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» 1.8 في المائة ليغلق منخفضاً للأسبوع الثالث على التوالي، وهي أطول سلسلة خسائر له منذ أبريل (نيسان).

وارتفع مؤشر تقلبات السوق إلى أعلى نقطة له طوال العام يوم الجمعة بعد أن أظهرت البيانات أن معدل البطالة قفز إلى 4.3 في المائة في يوليو (تموز)، وفق موقع «إنفستوبيا» الأميركي. لقد مر ما يقرب من عام منذ أن شهدت الأسهم تقلبات عنيفة، مثل تلك التي شهدتها مؤخراً. في الأيام العشرة الماضية للتداول، كانت هناك ست جلسات ارتفع فيها أو انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 1 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني).

وفقاً لمقياس آخر، تتحرك الأسهم بشكل أكثر دراماتيكية الآن مما كانت عليه في أكثر من عام. وعلى مدار الأيام العشرة الماضية، كان متوسط ​​التحرك اليومي 1.02 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2023.

لماذا زادت تقلبات السوق؟

يبرز تقرير التضخم الضعيف في الشهر الماضي على اعتباره أنه المسبب الرئيسي لكل هذه التقلبات. لم يكن هناك يوم واحد تحرك فيه «مؤشر ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 1 في المائة بين 6 يونيو (حزيران) و9 يوليو، قبل يومين من مفاجأة بيانات التضخم لـ«وول ستريت».

لقد أدت الأرباح، خصوصاً أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى، إلى تفاقم التقلبات. في الأسبوع الماضي، عندما أعلنت أربع من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم عن نتائجها الفصلية، كانت هناك ثلاثة أيام ارتفع فيها «مؤشر ستاندرد آند بورز 500» أو انخفض بأكثر من 1 في المائة.

لقد ساد التوتر بشأن أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة، حيث أصبح المستثمرون أكثر تطلباً من «المحبوبين» في السوق مثل «السبعة الكبار». لأكثر من عام، أفادت معظم شركات المجموعة باستمرار عن نمو في الأرباح بأرقام مزدوجة، حيث عززت تخفيضات التكاليف، التي تحققت من خلال تسريح العمال وإعادة الهيكلة، صافي أرباحها.

أما الآن، يشعر المستثمرون بالقلق مرة أخرى بشأن الإنفاق، لكن تركيزهم تحول.

كانت «وول ستريت» قلقة بشأن تكاليف الموظفين في عام 2022 بعد أن أطلقت شركات التكنولوجيا حملة توظيف لتلبية الطلب في ذروة الوباء. اليوم، تكمن المشكلة في البنية التحتية. فقد تردد المستثمرون في الإنفاق الرأسمالي المتزايد في شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «غوغل»، و«ألفابت»، و«مايكروسوفت»، و«أمازون»، التي تشتري جميعها أشباه الموصلات والعقارات وأجهزة مراكز البيانات بوتيرة سريعة لتلبية الطلب الزائد على الذكاء الاصطناعي. ودافعت الشركات بقوة عن استثماراتها، قائلة: «يُشكل الإنفاق غير الكافي على الذكاء الاصطناعي والتخلف عن المنافسين خطراً أكبر بكثير من الإنفاق الزائد».

وقد خففت نتائج «ميتا» الأفضل من المتوقع يوم الأربعاء بعض مخاوف الشارع، لكن النتائج المخيبة للآمال من «أمازون» يوم الخميس أعادت إشعال الجدل حول إنفاق الذكاء الاصطناعي.

الاقتصاد المضطرب يثير قلق المستثمرين

في الوقت نفسه، أصبح المستثمرون قلقين بشكل زائد بشأن حالة الاقتصاد. ربما فتح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الباب أمام خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) في مؤتمر صحافي في وقت سابق من الأسبوع الماضي، لكن التباطؤ المفاجئ نسبياً في سوق العمل جعل البعض يتساءل عما إذا كان الأوان قد فات بالفعل. إذ أدى تقرير الوظائف الصادر يوم الجمعة إلى إطلاق قاعدة «ساهم» Sahm، وهي مؤشر للركود يعتمد على مدى سرعة ارتفاع معدل البطالة.

هل الولايات المتحدة على أعتاب ركود اقتصادي؟

أشار باول، عندما سُئل عن القاعدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلى أن كثيراً من المؤشرات الأخرى، مثل منحنى العائد المقلوب، أشارت لبعض الوقت إلى ركود لم يأت بعد. وقال: «ما نعتقد أننا نراه هو سوق عمل طبيعية»، مشيراً إلى نمو قوي، ولكنه بطيء للأجور، وقلة الوظائف الشاغرة في دليل على إعادة التوازن في سوق العمل.

وأضاف: «نحن نراقب بعناية لمعرفة ما إذا كان الأمر سيزداد سوءاً»، في إشارة إلى تباطؤ سوق العمل.

وإذ بدا تقرير يوم الجمعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي دليلاً على تدهور أكثر دراماتيكية في سوق العمل، قال باول إن البنك المركزي «في وضع جيد للاستجابة».

بعد بيانات الوظائف يوم الجمعة، تقدر الأسواق المالية 125 نقطة أساس، أو 1.25 نقطة مئوية، من تخفيضات أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2024، ارتفاعاً من 75 نقطة أساس في اليوم السابق، وفقاً لأداة «فيدووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي»، والتي تتوقع تحركات أسعار الفائدة بناءً على بيانات تداول العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي.

وتشير التوقعات إلى احتمال خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر يبلغ الآن نحو 72 في المائة، ارتفاعاً من 22 في المائة يوم الخميس.


مقالات ذات صلة

الأسواق الآسيوية تتباين... والمستثمرون في حالة ترقب

الاقتصاد شخص يمشي أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» الياباني (رويترز)

الأسواق الآسيوية تتباين... والمستثمرون في حالة ترقب

تباينت الأسهم في أسواق آسيا، الأربعاء، حيث قادت الأسهم الصينية المكاسب، بعد أن سجّلت نظيرتها الأميركية مستويات قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (تداول)

الأربعاء... بدء تداول أسهم «تمكين للموارد البشرية» في السوق السعودية

أعلنت السوق المالية السعودية (تداول) أنه سيجري إدراج وبدء تداول أسهم شركة «تمكين للموارد البشرية» في مؤشر «تاسي» بدءاً من يوم الأربعاء 27 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مخطط لمؤشر أسعار الأسهم الألمانية داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)

قطاع السيارات يقود تراجع الأسهم الأوروبية وسط تصاعد التوترات التجارية

افتتحت الأسهم الأوروبية على انخفاض يوم الثلاثاء متأثرة بتراجع أسهم شركات السيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظفو بنك هانا في سيول يعملون أمام شاشات الكومبيوتر (وكالة حماية البيئة)

تراجع الأسهم الآسيوية بفعل مخاوف من تعريفات ترمب الجمركية

تراجعت الأسهم الآسيوية بشكل عام يوم الثلاثاء وسط تصاعد المخاوف من تصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترمب بشأن خططه لفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

ارتفعت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية مما أضاف إلى المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

الذهب يتحرك في نطاق ضيق قبيل بيانات التضخم الأميركية

بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
TT

الذهب يتحرك في نطاق ضيق قبيل بيانات التضخم الأميركية

بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)

تحركت أسعار الذهب في نطاق ضيق يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات تضخم رئيسية في الولايات المتحدة، سعياً إلى مؤشرات على المدى المحتمل لخفض مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة الشهر المقبل.

واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 2635.56 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:22 بتوقيت غرينتش، وتحرك بالأساس ضمن نطاق ضيق يبلغ 9 دولارات خلال الجلسة.

وسجل الذهب أدنى مستوى في أكثر من أسبوع، الثلاثاء. وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.6 في المائة إلى 2635.80 دولار.

وقال كايل رودا، محلل الأسواق المالية لدى «كابيتال دوت كوم»: «هناك العامل الجيوسياسي في كل هذا، إذ نشأت بعض ضغوط البيع بسبب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان».

وأضاف رودا: «على المدى الطويل، أعتقد أن الحرب التجارية التي سيشنها (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترمب قد تكون إيجابية للذهب، بسبب أعباء الديون المرتفعة، وبعض التخلي عن الدولار».

وانقسم مسؤولو مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن خفض أسعار الفائدة مجدداً، في اجتماعهم بوقت سابق من الشهر؛ لكنهم اتفقوا على تجنب تقديم كثير من التوجيهات بشأن الاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية.

ووفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي»، تتوقع الأسواق حالياً بنسبة 63 في المائة خفض أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول). وسوف يراقب المتداولون من كثب بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وطلبات إعانة البطالة، والمراجعة الأولى للناتج المحلي الإجمالي، المقرر صدورها في وقت لاحق يوم الأربعاء.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1 في المائة إلى 30.39 دولار للأوقية، واستقر البلاتين عند 927.45 دولار، وهبط البلاديوم 0.4 في المائة إلى 973.50 دولار.