تخفيض الفائدة يعزز الآمال في تحسن الاقتصاد البريطاني

عمال يسيرون باتجاه جسر البرج في لندن (رويترز)
عمال يسيرون باتجاه جسر البرج في لندن (رويترز)
TT

تخفيض الفائدة يعزز الآمال في تحسن الاقتصاد البريطاني

عمال يسيرون باتجاه جسر البرج في لندن (رويترز)
عمال يسيرون باتجاه جسر البرج في لندن (رويترز)

سيساعد خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات في تعزيز التفاؤل الحذر بشأن الاقتصاد البريطاني الذي يعاني منذ فترة طويلة، لكن حجم تحدي النمو الذي يواجه الحكومة الجديدة لا يزال ضخماً.

فقد خفض «المركزي» معدل الفائدة الأساسي إلى 5 في المائة يوم الخميس، من مستوى قياسي بلغ 5.25 في المائة، ما يوفر بعض الراحة للأسر والشركات الذين يتعافون من الصدمات التضخمية لجائحة «كوفيد – 19» وغزو روسيا لأوكرانيا، وفق «رويترز».

وأظهرت بيانات نُشرت قبل ساعات من إعلان «المركزي» أن الشركات المصنعة البريطانية حققت أداءً أقوى في يوليو (تموز) مقارنة بنظرائها في معظم أنحاء أوروبا وآسيا.

وأضافت الأسهم البريطانية، التي تأخّرت عن أداء بقية الأسواق منذ تصويت خروج بريطانيا عام 2016، إلى المكاسب الأخيرة بعد خفض سعر الفائدة من قبل «المركزي»؛ حيث وصل مؤشر «فوتسي 250» للشركات متوسطة الحجم إلى أعلى مستوى له منذ فبراير (شباط) 2022، قبل أن يتبع الأسواق الأخرى ويتراجع في وقت لاحق من اليوم بسبب المخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي.

ويمثل خفض سعر الفائدة من أعلى مستوى له منذ 16 عاماً ودلائل التعافي الاقتصادي بعد الركود الطفيف في عام 2023 مساعدة لرئيس الوزراء الجديد كير ستارمر، الذي جعل النمو الاقتصادي - خصوصاً من خلال الإصلاحات لتعزيز نمو الإنتاجية الضعيف في البلاد - أولوية حكومته.

ورحب كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، الذي صوّت لصالح الإبقاء على الأسعار دون تغيير، بتحسن الآفاق الاقتصادية، حتى لو كان لا يزال يمثل نمواً بطيئاً تاريخياً بنحو 1 في المائة سنوياً بين عامي 2024 و2026.

وقال بيل: «هذا النوع من المعدلات، كما تعلمون، أفضل مما رأيناه. لكن في الوقت نفسه، أعتقد أن من الإنصاف القول إنه ليس شيئاً يجب أن نشعر حياله بالرضا أو الحماس الزائد».

وقال مايكل براون، كبير مسؤولي الاستثمار في «مارتن كوري»، وهي جزء من مجموعة إدارة الأصول «فرانكلين تيمبلتون»، إن احتمال مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي» سيساعد في تعزيز الشعور بالانتعاش في بريطانيا.

وأضاف: «في هذه البيئة، ما زلنا نميل إلى القطاعات الحساسة لسعر الفائدة مثل شركات البناء والإسكان والعقارات والمرافق خاصة قطاع الطاقة الخضراء».

أسباب للحذر

جاء إعلان بنك إنجلترا بعد 3 أيام من إعلان وزيرة المالية راشيل ريفز عن زيادة كبيرة في رواتب القطاع العام في الخطوة الأولى لبرنامجها الاقتصادي الذي يسعى إلى مضاعفة وتيرة النمو الاقتصادي البريطاني إلى نحو 2.5 في المائة سنوياً.

لكن هناك مجموعة من الأسباب للاستمرار في الحذر.

فقد أكد التصويت الضيق 5 - 4 لصالح خفض سعر الفائدة من قبل لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي على مدى مخاطر التضخم التي لا تزال تلوح في الأفق بالنسبة للاقتصاد.

وأكد محافظ البنك أندرو بيلي أن «المركزي» لم يكن في بداية سلسلة من التخفيضات السريعة لتكاليف الاقتراض، قائلاً إن الأداء الأقوى للاقتصاد في الأشهر الأخيرة يمكن أن يبقي مخاطر التضخم على الرادار.

وقال مدير الاقتصاد في هيئة المحاسبة (ICAEW) سورين ثيرو إن خفض سعر الفائدة يمثل تحولاً ملحوظاً في الاتجاه، لكن الواقع المالي الذي تواجهه الأسر والشركات لم يتغير.

وقال ثيرو: «هذه مجرد خطوة واحدة إلى الوراء من الفترة السابقة لـ14 رفعاً لسعر الفائدة».

ويقوم المستثمرون بتسعير خفض واحد فقط لمعدلات الفائدة من قبل بنك إنجلترا في وقت لاحق من هذا العام.

وبنسبة تقارب 6 في المائة، يسير نمو الأجور بنحو ضعف المعدل الذي يتوافق عادة مع هدف التضخم للبنك المركزي البالغ 2 في المائة.

وفي حين رفع البنك المركزي بشكل حاد توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني في عام 2024 إلى 1.25 في المائة من 0.5 في المائة السابق، مما قد يضعه في مقدمة فرنسا وإيطاليا وألمانيا، فإن هذا التحسن يعكس بداية أقوى لهذا العام بدلاً من إعادة التفكير في التوقعات.

وفي ردها على خفض سعر الفائدة من قبل بنك إنجلترا، أكدت ريفز على الطريق الصعب الذي يواجهها؛ حيث لا تزال تكاليف الاقتراض تمثل ضغطاً على العديد من الأسر، وتتعرض المالية العامة للإجهاد، مما يزيد من احتمال زيادة الضرائب في أول موازنة لها في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت: «لهذا السبب تتخذ هذه الحكومة القرارات الصعبة الآن لإصلاح أسس اقتصادنا بعد سنوات من النمو المنخفض».


مقالات ذات صلة

إنتاجية العمال في الولايات المتحدة تسجل تسارعاً في الربع الثاني

الاقتصاد عامل بناء على قمة مبنى «وان تايمز سكوير» في مانهاتن (رويترز)

إنتاجية العمال في الولايات المتحدة تسجل تسارعاً في الربع الثاني

تسارع نمو إنتاجية العمال في الولايات المتحدة في الربع الثاني، مما حافظ على زيادة تكاليف العمالة تحت السيطرة، وزاد من تفاؤل التوقعات بشأن التضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يعمل الموظفون على خط التجميع في مصنع «أوروس» في ييلابوغا - روسيا (رويترز)

تراجع نمو الصناعة الروسية بأبطأ وتيرة منذ 6 أشهر

نما نشاط قطاع التصنيع في روسيا بأبطأ وتيرة خلال ستة أشهر في يوليو (تموز)، كما أظهر استطلاع أعمال، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

«الفيدرالي» يبقي على الفائدة ثابتة ويشير إلى إحراز تقدم في التضخم

أبقى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء على أسعار الفائدة قصيرة الأجل ثابتة عند 5.25 في المائة و5.5 في المائة، لكنهم أشاروا إلى أن التضخم يقترب من…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد قطار يمر من أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (أ.ب)

ارتفاع التضخم في أوروبا يعقد الخطوة التالية لـ«المركزي»

ارتفع التضخم في الدول العشرين التي تستخدم اليورو إلى 2.6 في المائة في يوليو (تموز)، وهو ما يزيد بعناد عن هدف البنك المركزي الأوروبي ويعقد قرار البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مبنى «بنك الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» الأميركي يواجه لحظة حاسمة: هل نرى أول خفض في الفائدة منذ 2019؟

باقتراب نهاية معركتهم التي استمرت عامين ضد التضخم، فمن المرجح أن يمهد مسؤولو «الفيدرالي» الأميركي يوم الأربعاء الطريق لأول خفض لسعر الفائدة الرئيسي منذ 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مستشار بـ«المركزي الصيني» يدعو إلى تحفيز أكبر وهدف للتضخم

ركاب في مترو أنفاق بالعاصمة الصينية بكين وقت الذروة (أ.ف.ب)
ركاب في مترو أنفاق بالعاصمة الصينية بكين وقت الذروة (أ.ف.ب)
TT

مستشار بـ«المركزي الصيني» يدعو إلى تحفيز أكبر وهدف للتضخم

ركاب في مترو أنفاق بالعاصمة الصينية بكين وقت الذروة (أ.ف.ب)
ركاب في مترو أنفاق بالعاصمة الصينية بكين وقت الذروة (أ.ف.ب)

قال مسؤول كبير بوزارة التجارة الصينية يوم الجمعة إن الصين ستساعد شركاتها على الاستجابة للقيود التجارية «غير المعقولة». وقال لي يونغ جيه، ​​نائب الممثل التجاري الدولي للصين، في مؤتمر صحافي، إن بيئة التجارة أصبحت معقدة على نحو متزايد.

وفي سياق منفصل، قال مستشار للسياسة في البنك المركزي الصيني، في تصريحات اطلعت عليها «رويترز» يوم الجمعة، إن الصين يجب أن تزيد من التحفيز المالي لدعم النمو الاقتصادي، وتحديد هدف تضخم ثابت لمنع البلاد من الوقوع في «فخ التضخم المنخفض».

وأشار زعماء الصين هذا الأسبوع إلى أن الدعم المالي لبقية العام «سيركز على الاستهلاك»، بهدف تعزيز الدخول والرفاهية الاجتماعية في أعقاب خطط لاستخدام أموال من السندات الحكومية لتمويل المقايضة على السلع الاستهلاكية.

وقال هوانغ يي بينغ مستشار السياسة في بنك الشعب الصيني، في مقال نشرته كلية التنمية الوطنية بجامعة بكين في حسابها على «وي تشات»: «نحن بحاجة إلى زيادة كثافة السياسات الاقتصادية الكلية وخاصة لتنفيذ النفقات المالية التي تم ترتيبها بالفعل في أقرب وقت ممكن». وأشار هوانغ، وهو خبير اقتصادي صيني مؤثر يرأس الكلية، إلى أنه إذا كانت سياسات البنك المركزي ووزارة المالية متحفظة للغاية في محاولة للحفاظ على استقرار السياسة، فإنها قد تنتهي إلى تقويض الاستقرار الاقتصادي. وقال: «إذا كانت السياسات محافظة، فبمجرد أن تؤثر على الاستقرار الاقتصادي، فلن يكون هناك المزيد من الاستقرار السياسي».

وقال هوانغ إن الصين يجب أن تسرع الإنفاق المالي ويجب على صناع السياسات تغيير موقفهم من إعطاء الأولوية للاستثمار على الاستهلاك، داعياً إلى اتخاذ خطوات للسماح لمزيد من العمال المهاجرين بالاستقرار في المدن وتقديم إعانات نقدية للسكان.

ونما ثاني أكبر اقتصاد في العالم بمعدل أبطأ من المتوقع بلغ 4.7 بالمائة في الربع الثاني ويواجه ضغوطاً انكماشية، مع أداء مبيعات التجزئة والواردات بشكل أقل بكثير من الناتج الصناعي والصادرات.

وحددت الحكومة هدفاً للنمو الاقتصادي بنحو 5 بالمائة لعام 2024. وقال هوانغ إن الحكومة يجب أن تحدد هدفاً «صارماً» للتضخم السنوي للمستهلك بنسبة 2 إلى 3 بالمائة، ورفع هدف تحقيق التضخم المعتدل ليكون على قدم المساواة مع هدف النمو الاقتصادي. وأضاف: «إذا وقعنا حقاً في (فخ التضخم المنخفض)، فإن العواقب ستكون خطيرة للغاية».

وحددت الصين منذ فترة طويلة هدفاً للتضخم بنحو 3 بالمائة، لكن ارتفاع الأسعار الفعلي أخطأ الهدف بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ويقول خبراء اقتصاديون إن استمرار انخفاض معدلات التضخم قد يعرقل النشاط الاقتصادي ويجعل من الصعب على صناع السياسات تعزيز النمو.

وفي الأسواق، هبطت الأسهم الصينية يوم الجمعة مقتفية أثر ضعف في الأسواق العالمية، بعد أن أثارت بيانات أضعف من المتوقع لنشاط المصانع في الولايات المتحدة مخاوف من تباطؤ الاقتصاد، في حين أثر الصراع في الشرق الأوسط والتعافي الهش في الصين أيضاً على المعنويات.

كما شعر المستثمرون بالقلق إزاء المصاعب الاقتصادية في الصين، وأظهرت بيانات في وقت سابق من هذا الأسبوع أن نشاط التصنيع انكمش بشكل حاد، كما أعلنت الصين عن نمو اقتصادي أضعف من المتوقع في الربع الثاني في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال تشنغ يوفي، المحلل في شركة «جوسن» للأوراق المالية (هونغ كونغ): «لقد شهدت الأسواق العالمية تقلبات جامحة، مع تدفق المستثمرين إلى الأصول الآمنة على أمل أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد، في حين أدت المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي وعائدات الاستثمار من شركات التكنولوجيا العملاقة إلى حالة من عدم اليقين واتجاهات الاستثمار الدفاعية».

وانخفض مؤشر «شنغهاي» المركب بنسبة 0.45 بالمائة، ومؤشر الأسهم القيادية الصيني «سي إس آي 300» بنسبة 0.66 بالمائة، مع انخفاض مؤشره الفرعي للقطاع المالي بنسبة 0.7 بالمائة، وارتفاع قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 0.21 بالمائة، وانخفاض مؤشر العقارات بنسبة 0.11 بالمائة، وارتفاع مؤشر الرعاية الصحية بنسبة 1.6 بالمائة.

وانخفضت الأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ 1.92 بالمائة، في حين انخفض مؤشر «هانغ سنغ» 2.05 بالمائة. وانخفض مؤشر «شنتشن» الأصغر 0.32 بالمائة، ومؤشر «تشينيكست» المركب للشركات الناشئة 0.85 بالمائة، ومؤشر شنغهاي للتكنولوجيا «ستار 50» بنسبة 0.93 بالمائة.