بعد تحررها من روسيا... «نيبيوس» الهولندية تسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي

تماثيل صغيرة تحمل أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» باللغة الإنجليزية (رويترز)
تماثيل صغيرة تحمل أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» باللغة الإنجليزية (رويترز)
TT

بعد تحررها من روسيا... «نيبيوس» الهولندية تسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي

تماثيل صغيرة تحمل أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» باللغة الإنجليزية (رويترز)
تماثيل صغيرة تحمل أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» باللغة الإنجليزية (رويترز)

تأمل شركة «نيبيوس» الهولندية الجديدة، التي تم الكشف عنها حديثاً، بقيادة أركادي فولوز مؤسس شركة «ياندكس» الروسية العملاقة للتكنولوجيا سابقاً، في إسهامها في ريادة المسعى الكبير لبناء بنية تحتية تدعم الذكاء الاصطناعي، حسب فولوز.

وأكمل «كونسورتيوم» من المشترين الروس، الاثنين، صفقة نقدية وأسهم بقيمة 5.4 مليار دولار، للاستحواذ على أصول «ياندكس» الموجودة في روسيا، التي كانت تحتفظ بها من خلال شركة «ياندكس إن في» الهولندية الأم، المدرجة في «ناسداك»، وهي أكبر عملية تخارج لشركة منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وإن كان ذلك بخصم كبير.

ومهّدت الصفقة إلى نهاية الملكية الأجنبية في شركة التكنولوجيا الرائدة في روسيا؛ ما رفع بصفة حادة إمكانية فرض رقابة من «الكرملين» على مجال الإنترنت الروسي. لكنها أيضاً حررت شركة «ياندكس إن في» -التي أعادت تسمية نفسها الآن إلى مجموعة «نيبيوس»- من قيودها الروسية؛ ما مكّنها من متابعة التطوير في مكان آخر.

وقال فولوز لـ«رويترز»، في أول تعليق علني له منذ أن هدّدت الاحتجاجات المناهضة للحرب بعرقلة اتفاق الخروج برمته في أغسطس (آب) من العام الماضي: «من الجيد أن تكون حراً، بل من الأفضل أن تكون حراً ومعك بضعة مليارات من الدولارات لبناء شيء ما».

ويريد فولوز إنشاء بنية تحتية تعتمد على منصة الحوسبة السحابية الخاصة في شركة «نيبيوس» لخدمة صناعة الذكاء الاصطناعي العالمية التي تشهد نمواً سريعاً، بما في ذلك مجموعات وحدات معالجة الرسومات (GPU) واسعة النطاق، ومنصات سحابية، وأدوات وخدمات للمطورين.

وقال فولوز: «نأمل أن تصبح شركة (نيبيوس) واحدة من كبرى شركات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في العالم، وبالتأكيد في أوروبا. نحن ندرك أن شيئاً جدياً قادم، ربما يحدث مرة واحدة في جيل، مثل الإنترنت في التسعينات».

وغذّت رهانات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي هذا العام ارتفاعاً في أسهم اللاعبين الثلاثة الكبار في مجال الذكاء الاصطناعي، وهم: «ألفابيت» و«أمازون.كوم» و«مايكروسوفت».

وتأمل شركة «نيبيوس»، التي ورثت إدراج شركة «ياندكس إن في» في «ناسداك»، في العودة إلى التداول قريباً بعد تعليق طويل بسبب أعمالها الروسية، وتعتقد أنها قد تكون السهم المتداول علناً الوحيد في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، خارج شركات التكنولوجيا الكبرى.

كما تأمل «نيبيوس»، التي تمتلك مركز بيانات في فنلندا، وتصمّم أجهزة إلكترونية داخلياً مع أكثر من ألف مهندس نُقلوا من روسيا مع اندلاع الحرب، في تحقيق التعادل المالي خلال عدة أشهر ثم النمو على خلفية الطلب الهائل.

وقال فولوز: «إنه سوق عرض الآن، فكل ما تبنيه يجري طلبه مسبقاً لشهور. إذا استطعنا ركوب هذه الموجة فستكون رحلة جيدة».

وعلى الرغم من التخلي عن أعمالها الروسية في صفقة مخفضة السعر، تمتلك شركة «نيبيوس» بعض التدفق النقدي الحر للاستخدام، رغم أنه سيجري استخدام جزء من عائدات الصفقة في إعادة شراء الأسهم من كثير من المستثمرين الذين لا يزالون يحتفظون بأسهم «ناسداك» غير القابلة للتداول.

وعلى الرغم من تخليها عن أعمالها الروسية في صفقة مخفضة السعر، فإن لدى «نيبيوس» بعض التدفق النقدي الحر للعب به، رغم أن جزءاً من عائدات الصفقة سيجري استخدامه لإعادة شراء أسهم من كثير من المستثمرين الذين ما زالوا يحتفظون بأسهم غير قابلة للتداول في «ناسداك».

وقال فولوز: «إن البنية التحتية هي لعبة كثيفة الاستخدام لرأس المال. نحن نتطلّع إلى استثمارات بمليارات الدولارات، سيُموّل جزء منها من أموالنا، وجزء آخر من التمويل الخارجي (الديون أو الأسهم)».

وأشار إلى أن الخطة تهدف إلى بناء قدرة تبلغ مئات الميغاواط، وزيادة قدرة مركز البيانات الفنلندي ثلاث مرات خلال العام المقبل.

وتتمتع «نيبيوس» بوصول جيد إلى وحدات معالجة الرسومات بفضل العلاقة طويلة الأمد مع «إنفيديا»، وفي حين يستخدم اللاعبون الكبار شرائح «إنفيديا» لبناء نماذجهم الخاصة، تقدم «نيبيوس» منصة للاعبين الأصغر.

وقد يكون إقناع المستثمرين بآفاقها هو التحدي التالي، خصوصاً حال استئناف التداول في بورصة «ناسداك»، وهو ما يأمل فولوز أن يحدث في أقرب وقت في سبتمبر (أيلول).

ومع الأخذ في الاعتبار أن «نيبيوس» هي شركة مختلفة تماماً عن «ياندكس»، قال فولوز: «إنه من الصعب التحدث عن أي سعر مستهدف للسهم، وأوضح أنه لن تكون هناك مشاعر سلبية إذا اختار المستثمرون الانفصال». وقال: «إذا أراد شخص ما مغادرة القطار الآن، ونحن لا نزال في المحطة، فنحن نرحب به».


مقالات ذات صلة

هل نشهد أول هاتف ثلاثي الطي؟ إليك أبرز التسريبات قبيل حدث «سامسونغ» الشهر المقبل

تكنولوجيا «سامسونغ غالاكسي إس 25 ألترا»

هل نشهد أول هاتف ثلاثي الطي؟ إليك أبرز التسريبات قبيل حدث «سامسونغ» الشهر المقبل

تستعد «سامسونغ» للكشف عن أجهزة قابلة للطي أكثر نحافة وذكاء الشهر المقبل، مع تعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي، وإطلاق محتمل لساعات وسماعات جديدة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شعار «ديب سيك» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)

الصين تستعد لطفرة ذكاء اصطناعي تتجاوز 100 مشروع جديد كـ«ديب سيك»

تستعد الصين لإطلاق أكثر من 100 نموذج ذكاء اصطناعي متقدم، مدعومة بكفاءات محلية وسوق ضخمة رغم القيود الأميركية وتصاعد التوترات التكنولوجية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص يؤكد باحثون أن الأتمتة الذكية في السعودية أصبحت أداة استراتيجية لتمكين الكفاءات الوطنية لا لإحلالها (غيتي)

خاص الأتمتة الذكية في السعودية... كيف تُمكن المواهب وتُعيد تعريف الخدمات الحكومية؟

تسهم الأتمتة الذكية في السعودية في تمكين الكفاءات الوطنية وتطوير الخدمات الحكومية من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التدريب والتوظيف لتحقيق «رؤية 2030».

نسيم رمضان (لندن)
علوم مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية

مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية

يقدمون أنفسهم على أنهم «مهندسو مستقبل أنصعَ إشراقاً وأعلى سمواً» لدمج وعي الإنسان مع الذكاء الاصطناعي في مسعى لتحقيق حلم الخلود.

علوم  مراكز بيانات متخصصة في الذكاء الاصطناعي لدى 32 دولة فقط

الفجوة العالمية في الذكاء الاصطناعي: دليل شامل

الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي أكبر مناطق المستفيدة من ثورة الذكاء الاصطناعي، إذ إنها تستضيف أكثر من نصف أقوى مراكز البيانات في العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
TT

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، شهدت الأسواق المصرية تحسناً ملموساً عَكَسه تراجع في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وانخفاض في أسعار الذهب، ما أثار تساؤلات بشأن إمكانية تجاوز القاهرة تداعيات حرب الـ12 يوماً، وتعزيز الآمال بقرب عودة الملاحة بقناة السويس لطبيعتها، وانتظام واردات البلاد من الغاز.

وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك، الثلاثاء، بنحو 60 قرشاً، ليصل سعر صرف الدولار إلى 50.1 جنيه في البنك المركزي. كما شهد سعر الذهب استقراراً نسبياً، الثلاثاء، بعد تراجعات سجلها، مساء الاثنين، بلغت نحو 25 جنيهاً في سعر الغرام، حسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

كانت الضربات الإسرائيلية - الإيرانية قد أحدثت ارتباكاً في الأسواق المصرية، عَكَسه تراجع في مؤشرات البورصة، وعدم انتظام واردات الغاز، ما كان يثير مخاوف بأزمة كهرباء.

وكثفت الحكومة المصرية خلال الأيام الأخيرة جهودها لتلافي تداعيات نقص واردات الغاز على الكهرباء.

وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعاً، الثلاثاء، مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمود عصمت، تناول جهود «رفع جودة وكفاءة الطاقة وترشيدها والتشغيل الاقتصادي لمحطات الكهرباء بما يحقق وفراً في الوقود، وكذا جهود تحسين الشبكة القومية للكهرباء عن طريق مشروعات الربط الكهربائي، ومحاولات تلبية الاحتياجات من الغاز والوقود لتشغيل محطات الكهرباء»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة.

وأكد السيسي «ضرورة تكثيف الجهود الحكومية لجذب الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة، والعمل على استدامة الإمدادات لشبكة الكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية»، وفق الإفادة.

وكانت وزارة البترول المصرية قد فعَّلت في بداية التصعيد خطة طوارئ، «نظراً للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة، وتوقف إمدادات الغاز من الشرق (الغاز الإسرائيلي)»، وشملت الخطة «إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية»، بحسب إفادة رسمية وقتها.

«رسالة طمأنينة»

أبدى الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، تفاؤلاً بانعكاسات اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران على الأسواق. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اتفاق وقف إطلاق النار بعث رسالة طمأنينة إلى الأسواق انعكست على حركة التداولات وأسعار النفط والذهب وسعر الصرف».

وأضاف: «الأسواق استجابت سريعاً واستقرت»، مشيراً إلى أن هذا الاستقرار، حال استمرّ وقف إطلاق النار، سيساعد مصر على تجاوز تداعيات التصعيد الأخير. وأعرب عن أمله أن «يسهم الاستقرار في تشجيع الاستثمار وعودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها والتي تأثرت سلباً بحرب غزة».

سفينة حاويات في أثناء عبورها بقناة السويس (هيئة قناة السويس)

وبلغت خسائر قناة السويس بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر وهجمات «الحوثيين» على السفن المارة بمضيق باب المندب، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، نحو 7 مليارات دولار، العام الماضي.

وفي الآونة الأخيرة، تحدثت هيئة قناة السويس عن عودة تدريجية للملاحة بالقناة، تزامناً مع تقديم «حوافز» لتشجيع سفن الحاويات العملاقة على المرور بالقناة.

وقال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في إفادة رسمية، مساء الجمعة الماضي، إن «عودة سفن الحاويات العملاقة للعبور من قناة السويس يعد أمراً حتمياً نظراً لما تتمتع به القناة من مزايا تنافسية عديدة تجعلها الممر الملاحي الأقصر والأسرع والأكثر أماناً واستدامة».

وأكدت خبيرة الاقتصاد، شيماء سراج عمارة، أن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني كانت له تأثيرات آنية على الاقتصاد العالمي، ما انعكس على مصر في ارتفاع أسعار الدولار وتزايد المخاوف من تأثر الملاحة في قناة السويس.

وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن وقف إطلاق النار بدأت المؤشرات التصاعدية لأسعار الوقود والذهب تتراجع، «ما غيَّر دفة الاقتصاد العالمي الذي كان يتجه وبقوة نحو المزيد من الموجات التضخمية».

وأضافت: «الاقتصاد المصري جزء من المنظومة العالمية، وحتماً سينعكس تحسن المؤشرات العالمية على قدراته، لترتفع معدلات التنمية الاقتصادية، ويتم السيطرة بصورة أفضل على أسعار النقد الأجنبي»، مشيرة إلى أن «استقرار المنطقة يدفع نحو عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها، ويزيد من تدفقات النقد الأجنبي».

وكان رئيس الوزراء المصري قد حذر في أبريل (نيسان) الماضي من «احتمالية حدوث موجة تضخم وركود اقتصادي عالمي خلال الفترة المقبلة في ظل المشهد الإقليمي المضطرب».