«الفيدرالي» يدرس تعديل قواعد ستوفر لكبار البنوك الأميركية مليارات الدولارات

أشخاص يتجولون في الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
أشخاص يتجولون في الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يدرس تعديل قواعد ستوفر لكبار البنوك الأميركية مليارات الدولارات

أشخاص يتجولون في الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
أشخاص يتجولون في الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)

يدرس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، تغيير القواعد التي يمكن أن توفر لأكبر ثمانية مصارف في البلاد مجتمعةً، مليارات الدولارات، في مكاسب محتمَلة طال انتظارها لقطاع البنوك، وفقاً لأربعة أشخاص مطلعين على الأمر.

ويدور النقاش حول كيفية حساب البنك المركزي الأميركي الزيادة الإضافية من رأس المال التي يفرضها على المصارف الأميركية ذات الأهمية الدولية، والمعروفة باسم «رسم GSIB الإضافي»، التي قُدمت في عام 2015 لتعزيز سلامتها ومتانتها، وفق «رويترز».

ويدرس «الفيدرالي» تحديث المدخلات التي يستخدمها في الحساب، والتي عُدلت في عام 2015، للتكيف مع النمو الاقتصادي وبالتالي تعكس بشكل أكثر دقة حجم المصارف بالنسبة للاقتصاد العالمي، حسبما قالت مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها لـ«رويترز».

وقالت مصادر إن تحديث تلك المدخلات أو «المعاملات» سيقلل من نتائج المصارف النظامية ورسوم رأس المال الإضافي.

وأكدت المصادر أن مداولات «الفيدرالي»، وفق «رويترز»، لا تزال جارية ولم تُتخَذ أي قرارات. ولكنّ استعداد «الفيدرالي» لمراجعة المناقشات يعد تقدماً كبيراً بالنسبة لحملة استمرت لسنوات من أكبر المصارف، لتخفيض الرسوم الإضافية، والتي لم تَلقَ اهتماماً يُذكر حتى وقت قريب. كما يُظهر كيف أن معركة أوسع بشأن قواعد رأس المال تخلق فرصاً جديدة للمصارف للضغط من أجل تنازلات تنظيمية أخرى طال انتظارها.

وستعتمد المدخرات الرأسمالية المحتملة للمصارف الثمانية التي منها «جيه بي مورغان» و«سيتي غروب» و«بنك أوف أميركا»، على عدد من العوامل، بما في ذلك نماذج أعمالها.

وحسب بيانات «الفيدرالي»، فإن مصارف «GSIBs» الأميركية مجتمعةً كانت تحتفظ بما يقرب من 230 مليار دولار من رأس المال، بسبب الرسوم الإضافية في الربع الأول من عام 2024. مما يوحي بأن أي تغيير بسيط يمكن أن يؤدي إلى وفورات كبيرة لبعض المصارف.

على سبيل المثال، يُعادل رسم إضافي بنسبة 0.5 في المائة أكثر من 8 مليارات دولار لكل من «جيه بي مورغان» و«بنك أوف أميركا»، وفقاً لحسابات «رويترز». وهذا هو المبلغ النقدي الذي تقول المصارف إنها يمكن أن تضخه مرة أخرى في الاقتصاد من خلال الإقراض.

وتشمل مصارف «GSIBs»، أيضاً «ويلز فارغو» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» و«بي إن واي ميلون» و«ستيت ستريت».

وتهدف الرسوم الإضافية، التي تم تقديمها نتيجة للأزمة المالية العالمية عام 2009، إلى تعزيز استدامة مصارف «GSIBs» بالنظر إلى التهديد الذي تشكله على الاستقرار المالي.

اعتماد القاعدة الرأسمالية

وعند اعتماد القاعدة، يقول «الفيدرالي» إنه يثبت المعاملات التي تتعلق بحجم المصرف ووضعه المالي وتعاملاته ونشاطه عبر الحدود، باستخدام بيانات سابقة. ويضيف أن هذه المقاربة ستحسّن قابلية التوقعات بالنتائج وتُسهّل على المصارف التخطيط، لكنها ستراجع الإطار بشكل دوري.

وتقول المصارف إن هذه المراجعة متأخرة منذ فترة طويلة. ويجادلون بأن المصارف تميل إلى النمو بما يتماشى مع الاقتصاد، ولذلك، فاستخدام منهجية قديمة يجعلها تبدو أكبر مقارنةً بالاقتصاد العالمي مما هي عليه في الواقع.

وكتب «جي بي مورغان» في رسالة إلى «الفيدرالي» في يناير (كانون الثاني) الماضي: «تحتفظ مصارف (GSIBs) الأميركية بأكثر من 59 مليار دولار في احتياطيات رأس مال، ترجع فقط إلى النمو الاقتصادي العام».

ويأخذ «الفيدرالي» في الاعتبار تحديث المعاملات لأخذ النمو الاقتصادي العالمي في السنوات الأخيرة بعين الاعتبار، وفقاً للمصادر.

معركة «بازل»

كان مسؤولو «الفيدرالي» مترددين منذ فترة طويلة في مراجعة تفويضات رأس المال الإضافية المفروضة على المصارف، خوفاً من أن يُنظَر إليهم على أنهم يقدمون خدمات لعدد قليل من المصارف العملاقة، وفق مصادر ومسؤولين مصرفيين.

لكنّ «الفيدرالي» أشعل فتيل النقاش العام الماضي عندما كشف، إلى جانب جهتين تنظيميتين أخريين، عن اقتراح «نهاية بازل» الذي من شأنه أن يزيد من رأس مال مصارف «GSIBs» والمصارف الكبيرة الأخرى. وقد جادل مسؤولو «الفيدرالي» بأن الخطة ستقيس مخاطر خسائر المصارف بشكل أكثر دقة.

في الوقت نفسه، اقترح «الفيدرالي» جعل الرسوم الإضافية أكثر حساسية لمخاطر البنوك، وهو تغيير يمكنه القيام به بمفرده.

ولم يناقش «الفيدرالي» معاملات رأس المال الإضافية، وتوقع أن يكون للتغييرات تأثير ضئيل على حجم رسوم رأس المال الإضافية للمصارف، على الرغم من أن بعض المصارف تقول إنها ستزيدها. لكنَّ المقترحات أثارت ضغوطاً هائلة من جانب القطاع المصرفي، وفتحت الباب أمام كبار المصارف للضغط مرة أخرى بشأن مسألة المعاملات الرأسمالية الإضافية.

وتعد المصارف الكبرى الأكثر تضرراً من اقتراح «بازل»، وتقول في هذا الصدد، إنه سيجبرها على كبح الإقراض.

ويستجيب «الفيدرالي» لتلك الشكاوى ويعمل على إصلاح الاقتراح، لكن أي تنازلات يجب أن توافق عليها هيئات تنظيمية أخرى، قد تكون أقل استعداداً للتنازل، وفقاً لـ«رويترز».

ويرى بعض مسؤولي القطاع المصرفي، في اجتماعات خاصة مع «الفيدرالي»، أن تحديث معاملات رسم «GSIB» الإضافي يعد طريقة واحدة يمكن لـ«الاحتياطي» من خلالها تعويض تأثير زيادات قاعدة «بازل» على المصارف الكبيرة بشكل مستقل. ومع ذلك، قال مصدر مطلع إن «المشروعين ليسا مرتبطين، وإن مسؤولي (الفيدرالي) يمضون قدماً بهما بشكل مستقل».


مقالات ذات صلة

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الربع الثالث من 2024 بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة عن الربع المماثل.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «بنك الرياض» بالمركز المالي في العاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

أرباح «بنك الرياض» ترتفع 27 % إلى 705 ملايين دولار في الربع الثالث

ارتفع صافي أرباح «بنك الرياض» بنسبة 27 في المائة خلال الربع الثالث من 2024 بسبب زيادة الدخل وانخفاض المصاريف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

تراجع الأسهم الأميركية مع نتائج إيجابية للمصارف وهبوط أسعار النفط

هبطت الأسهم الأميركية قرب مستوياتها القياسية بعد أن حققت عدة مصارف كبرى أرباحاً أقوى في الصيف مما توقعه المحللون بينما تراجع سعر النفط الخام مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليوان والروبل وسط أعلام الصين وروسيا (رويترز)

التجارة باليوان مستمرة بموسكو رغم انتهاء صلاحية الترخيص الأميركي

استمرت تجارة اليوان الصيني في بورصة موسكو للأوراق المالية الاثنين رغم انتهاء ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.