السودان الغني بالذهب يعاني نقصاً في المياه

أشخاص يصطفون لإعادة ملء خزانات المياه التي تجرها الحمير خلال أزمة المياه في بورتسودان (أ.ف.ب)
أشخاص يصطفون لإعادة ملء خزانات المياه التي تجرها الحمير خلال أزمة المياه في بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

السودان الغني بالذهب يعاني نقصاً في المياه

أشخاص يصطفون لإعادة ملء خزانات المياه التي تجرها الحمير خلال أزمة المياه في بورتسودان (أ.ف.ب)
أشخاص يصطفون لإعادة ملء خزانات المياه التي تجرها الحمير خلال أزمة المياه في بورتسودان (أ.ف.ب)

يعاني السودان، الغني بالذهب، من نقص حاد في المياه، ينعكس على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بجانب تأثير الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

وتجاوزت صادرات السودان من الذهب خلال الربع الأول من العام الحالي، نحو 7.626 طن بقيمة 428 مليون دولار، وسط توقعات أن تصل قيمة صادرات الذهب بنهاية العام الحالي إلى مليارين و182 مليون دولار.

يقول رب الأسرة عيسى المقيم في مخيّم «سرتوني» للنازحين بولاية شمال دارفور في غرب البلاد، والذي يضم أكثر من 65 ألف شخص، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023 يسير اثنان من أطفالي مسافة 14 كيلومتراً يومياً لجلب المياه».

ويتركز في إقليم دارفور الشاسع العدد الأكبر من مراكز إيواء النازحين في البلاد التي تسببت الحرب الأخيرة فيها بارتفاع عدد النازحين داخلياً ليقترب من 10 ملايين شخص. ويضاف النقص في المياه إلى أزمات أخرى كثيرة يعانيها السودانيون في حياتهم اليومية.

وفي السودان الذي دمرت النزاعات على مدى عقود بناه التحتية، للتغير المناخي تداعيات، تتمثل في أمطار غزيرة تليها موجات قيظ مع وصول الحرارة صيفاً لحدود الخمسين درجة مئوية.

في 15 أبريل 2023 عندما اندلعت حرب جديدة في البلاد بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان، سارع الدبلوماسيون والعاملون في المجال الإنساني إلى مغادرة السودان. فتراجع بشكل كبير مستوى المساعدات إلى الفئات الضعيفة. وهذا ما حصل في سرتوني.

ويوضح عيسى أن إحدى منظمات العمل الإنساني الإيطالية التي كانت مسؤولة عن محطات مياه الشرب في المخيّم، توقفت عن العمل بسبب الحرب.

لكن حتى قبل اندلاع النزاع الأخير، حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن «26 في المائة من سكان السودان يسيرون لأكثر من 50 دقيقة للعثور على مياه، ويعرّضون أنفسهم لمخاطر أمنية ولا سيما النساء».

وفي قرية شقرة في دارفور أيضاً، التي يقيم فيها 40 ألف نازح، تكثر الشكوى من نقص المياه، وفق المتحدث باسم تنسيقية النازحين آدم رجال.

يقف نازحون بغالبيتهم من النساء والأطفال ينتظرون دورهم للحصول على مياه، وهم يحتمون من أشعة الشمس الحارقة في ظل بعض الأشجار.

ويقول رجال: «بعد الحرب وعلى الرغم من تضاؤل مصادر المياه، يصطف الناس في طوابير يصل طولها إلى 300 متر للحصول على مياه الشرب».

باستثناء المناطق المتاخمة للأنهار في السودان وعلى رأسها نهر النيل، يعتمد سكان البلاد على مصدرين للمياه: الأمطار والمياه الجوفية.

لكن على صعيد الأمطار، تشهد منطقة القرن الأفريقي الأوسع التي تشمل السودان، منذ نهاية عام 2020 أسوأ موجة جفاف في تاريخها منذ أربعين عاماً.

وتسببت خمسة مواسم متتالية انحسرت خلالها الأمطار في نفوق الملايين من رؤوس الماشية وتدمير محاصيل، ودفعت ملايين الأشخاص إلى مغادرة مناطقهم بحثاً عن الماء والغذاء في أماكن أخرى.

وبالنسبة للمياه الجوفية، يقف نقص الوقود، بسبب الحرب، عائقاً أمام استخراج المياه، خصوصاً في المناطق البعيدة عن مصادر الماء العذب مثل إقليم دارفور، وولاية القضارف في شرق السودان.

ويقول دبلوماسي أوروبي مطلع على الشأن السوداني طلب عدم ذكر اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «حتى لو توافرت المياه، لكن إذا تعطلت المضخة أو لم يكن الوقود متوافراً، فلن تتمكن من الوصول إليها».

ويوضح «المياه موجودة، لكن عمقها يصل إلى أكثر من 60 متراً، ما يعرقل الوصول إليها باستخدام مضخة يدوية».

ويأتي الدبلوماسي على ذكر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور البالغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، حيث تدور اشتباكات عنيفة منذ الأسبوع الأول من مايو (أيار) بين طرفي الحرب، مع حصار شديد ونقص في مصادر الماء والغذاء.


مقالات ذات صلة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان

التقى المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو الاثنين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أول زيارة يقوم بها إلى البلاد التي تمزقها الحرب.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

في تصعيد مبكر قبيل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهامه الرئاسية في يناير (كانون الثاني) المقبل، أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن، مستشهداً بالمخاطر المالية والأمنية، في إشارة إلى أن التوترات المتنامية بين الولايات المتحدة والصين بدأت تؤثر في تدفقات رأس المال العالمية.

وفي رسالة إلى وكالات الولاية بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، نُشرت على موقعه على الإنترنت، قال الحاكم الجمهوري غريغ أبوت إن «الأفعال العدائية» للحزب الشيوعي الحاكم في الصين زادت من المخاطر على استثمارات تكساس في الصين، وحث المستثمرين على الخروج، وتابع: «أوجه الكيانات الاستثمارية في تكساس بأنه يُحظر عليكم القيام بأي استثمارات جديدة لصناديق الدولة في الصين. وبقدر ما لديكم من استثمارات حالية في الصين، فأنتم مطالبون بالتخلص منها في أول فرصة متاحة».

وتتخذ تكساس موقفاً نشطاً بشكل متنامٍ في استثمارات وكالاتها، بعد أن قيدت سابقاً صناديق التقاعد العامة من التعامل مع شركات «وول ستريت» التي تبنت مبادئ بيئية واجتماعية وحوكمة.

وتشمل وكالاتها الحكومية نظام تقاعد المعلمين في تكساس، الذي كان لديه 210.5 مليار دولار تحت الإدارة في نهاية أغسطس (آب) الماضي، وفقاً لتقريره السنوي.

ويبلغ تعرض نظام تقاعد المعلمين في تكساس 1.4 مليار دولار لأصول اليوان الصيني ودولار هونغ كونغ، وجرى إدراج شركة «تينسنت» القابضة بوصفها عاشر أكبر مركز لها، بقيمة نحو 385 مليون دولار بالأسعار الحالية.

وقال أبوت في خطابه إنه أبلغ شركة إدارة الاستثمار بجامعة تكساس «إيه آند إم»، التي تدير استثمارات بما يقرب من 80 مليار دولار، بالتخلص من استثماراتها في الصين في وقت سابق من هذا العام.

وانخفضت الأسواق في الصين بشكل حاد، يوم الجمعة، حيث انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 3 في المائة، وانخفضت أسهم تينسنت بنحو 2 في المائة في تعاملات بعد الظهر في هونغ كونغ. وقال المتعاملون إن التداول كان خفيفاً في هونغ كونغ، وأن المعنويات ضعيفة بالفعل، حيث خيبت السلطات الصينية التوقعات بشأن التحفيز الاقتصادي، لكن الأخبار أضافت إلى المزاج المتشائم.

وقال ستيفن ليونغ، المدير التنفيذي لشركة «يو أو بي كاي هيان» للسمسرة في هونغ كونغ: «على الرغم من أننا جميعاً نعلم أنه سيكون هناك مزيد ومزيد من السياسات ضد الصين من جانب الولايات المتحدة... كلما وردت أي أخبار مثل هذه، فإنها ستؤثر في المعنويات هنا».

وفي سياق منفصل على صلة بالحروب التجارية، قالت الصين، يوم الجمعة، إنها ستوسع نطاق تحقيقها بشأن مكافحة الدعم في واردات الألبان من الاتحاد الأوروبي لتغطية برامج الدعم الإضافية للاتحاد الأوروبي، وكذلك تلك الموجودة في الدنمارك وفرنسا وإيطاليا وهولندا.

وبدأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم التحقيق في واردات بعض أنواع الجبن والحليب والقشدة من الاتحاد الأوروبي في أغسطس (آب) الماضي، في أعقاب خطة التعريفات الجمركية التي وضعها الاتحاد على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين.

ودخلت التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي بنسبة تصل إلى 45.3 في المائة على واردات السيارات الكهربائية الصينية حيز التنفيذ في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث حثت الصين بعض حكومات دول الاتحاد الأوروبي على دفع المفوضية الأوروبية نحو حل مقبول لصناعات السيارات الكهربائية في كلا الجانبين.

وقالت وزارة التجارة الصينية، يوم الجمعة، إنها قررت إدراج أسئلة حول برامج الدعم الإضافية في الاستبيانات المرسلة إلى شركات الاتحاد الأوروبي بوصفها جزءاً من تحقيقها، وذلك في أعقاب طلب من صناعة الألبان الصينية. وقالت الوزارة في بيان إن الإضافة لا تشمل منتجات الألبان الجديدة، وتأخذ في الحسبان المطالبات التي قدمها أعضاء الاتحاد الأوروبي والمشاورات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي.

وأضافت الوزارة أنه «في 19 نوفمبر، عقدت السلطات التحقيقية مشاورات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي بشأن البرامج الجديدة التي ستجري إضافتها». وتظهر بيانات الجمارك الصينية أن الاتحاد الأوروبي كان ثاني أكبر مصدر لمنتجات الألبان للصين، بعد نيوزيلندا فقط. وأظهرت بيانات الاتحاد الأوروبي أن الصين كانت ثاني أكبر وجهة لمسحوق الحليب منزوع الدسم، العام الماضي، والرابعة لكل من الزبد ومسحوق الحليب كامل الدسم.