وزير المالية الفرنسي: فوز اليمين المتطرف يهدد ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو

ارتفاع علاوة المخاطر على السندات إلى أعلى مستوى منذ 2017

منظر جوي يظهر برج إيفل ونهر السين وأفق باريس (رويترز)
منظر جوي يظهر برج إيفل ونهر السين وأفق باريس (رويترز)
TT

وزير المالية الفرنسي: فوز اليمين المتطرف يهدد ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو

منظر جوي يظهر برج إيفل ونهر السين وأفق باريس (رويترز)
منظر جوي يظهر برج إيفل ونهر السين وأفق باريس (رويترز)

حذر وزير المالية الفرنسي برونو لومير يوم الجمعة من أن ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو يواجه خطر حدوث أزمة مالية إذا فاز اليمين المتطرف في انتخابات مبكرة في الأسابيع المقبلة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب التجمع الوطني المشكك في الاتحاد الأوروبي بزعامة مارين لوبان، والذي وعد بخفض أسعار الكهرباء وضريبة القيمة المضافة على الغاز وزيادة الإنفاق العام، في طريقه لتصدر الانتخابات المقررة في 30 يونيو (حزيران) والسابع من يوليو (تموز) بعد فوزه في انتخابات البرلمان الأوروبي، وفق «رويترز».

وقال لومير لراديو «فرانس إنفو»: «عندما أنظر إلى اليمين المتطرف، أرى برنامجاً مصنوعاً من الأكاذيب»، وحث الناخبين بدلاً من ذلك على دعم مرشحي حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي.

ويدعو حزب التجمع الوطني إلى انتهاج سياسات اقتصادية حمائية تحت شعار «فرنسا أولاً»، وجعل خفض تكلفة المعيشة أولوية قصوى في حملته. كما اقترح زيادة الإنفاق العام، على الرغم من مستويات الدين العام الكبيرة بالفعل.

ضربة قوية للسندات والأسهم

وتعرضت السندات والأسهم الفرنسية لضربة قوية هذا الأسبوع، وقالت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز» التي خفضت تصنيف البلاد مؤخراً، إن السياسات التي دعا إليها حزب التجمع الوطني قد يكون لها آثار على التصنيف الائتماني.

وارتفعت علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات الحكومة الفرنسية إلى أعلى مستوى لها منذ بداية عام 2017 يوم الجمعة، مع ضعف قبضة الرئيس إيمانويل ماكرون على السلطة بعد توحد أحزاب اليسار ضده.

ويتجه الفارق بين تكاليف الاقتراض الفرنسية والألمانية لتحقيق أكبر ارتفاع أسبوعي له منذ أزمة ديون منطقة اليورو في عام 2011، حيث يتجاوز 25 نقطة أساس، وفق «رويترز».

وارتفع الفرق بين تكاليف الاقتراض الفرنسية والألمانية لأجل 10 سنوات إلى 77 نقطة أساس يوم الجمعة، مع انخفاض العوائد الألمانية، بينما استقرت العوائد الفرنسية.

وقام المستثمرون ببيع الأصول الفرنسية منذ أن دعا ماكرون إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة يوم الأحد استجابة للفوز الكبير لليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي.

ويخشى المشاركون في السوق أن يفوز اليمين المتطرف، بقيادة حزب التجمع الوطني، بالانتخابات ويدفع بأجندة إنفاق مرتفع ستزيد من عبء الدين الفرنسي الكبير بالفعل.

ويعزى جزء من اتساع الفارق في هامش العائد الذي تتم مراقبته من كثب إلى انخفاض العوائد الألمانية مع تزايد احتمالية قيام المصارف المركزية بخفض أسعار الفائدة بعد بيانات التضخم والوظائف الأميركية الأضعف من المتوقع، وكذلك مع إقبال المستثمرين على ملاذ الأمان من الديون الألمانية بسبب تصاعد الغموض السياسي.

وقال محللو السوق إن قرار أحزاب اليسار الفرنسية بتشكيل «جبهة شعبية» للترشح في الانتخابات المبكرة كان أحد دوافع تحركات السوق، قائلين إنه يقلص فرص ماكرون في الخروج منتصراً.

وبلغ عائد سندات ألمانيا لأجل 10 سنوات انخفاضاً قدره 7 نقاط أساس عند 2.423 في المائة، وهو أدنى مستوى لها في شهر، بينما انخفض عائد سندات فرنسا لأجل 10 سنوات بنقطة أساس واحدة عند 3.168 في المائة.

وقال كبير الاقتصاديين لشؤون أوروبا في «جيفريز»، موهيت كومار: «مخاوف السوق تتراوح بين تعثر عملية الإصلاح، وتخفيضات التصنيف المحتملة، وزيادة المخاوف بشأن الحديث عن تفكك منطقة اليورو».

وأدت المخاوف بشأن الانتخابات الفرنسية إلى إلحاق الضرر بسندات الدول المدينة الأخرى، حيث ارتفع الفارق بين العائد الإيطالي والألماني إلى 152 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير (شباط).

وبلغ عائد سندات إيطاليا لأجل 10 سنوات انخفاضاً قدره 3 نقاط أساس عند 3.919 في المائة يوم الجمعة، بعد انخفاضه بنقطة أساس هذا الأسبوع، مقارنة بانخفاض قدره 19 نقطة أساس في العائد الألماني المعادل.

تسارع التضخم

في سياق متصل، قال مكتب الإحصاء الفرنسي إن وتيرة التضخم في البلاد تسارعت خلال شهر مايو (أيار) الماضي، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. وقفز مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي الشهر الماضي، وهو أسرع من الزيادة البالغة 2.2 في المائة التي تحققت في أبريل (نيسان). وتم تعديل سعر الفائدة لشهر مايو من 2.2 في المائة.

من ناحية أخرى، انخفض معدل تضخم الخدمات من 3 في المائة إلى 2.8 في المائة. وانخفضت أسعار المنتجعات المصنعة مرة أخرى بنسبة 0.1 في المائة. وانخفض التضخم الأساسي من 1.9 في المائة إلى 1.7 في المائة في أبريل. وعلى أساس شهري، استقرت أسعار المستهلكين في مايو، مقارنة بزيادة قدرها 0.5 في المائة في الشهر السابق.


مقالات ذات صلة

تركيا تفرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في منطقة البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)

تركيا تفرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %

تعتزم تركيا فرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %، بدءاً من بداية عام 2025، للمساعدة في تقليص العجز في الميزانية.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك الأسهم (أ.ب)

بيانات الوظائف تختبر آمال الهبوط الهادئ للاقتصاد الأميركي

تتطلع الأسواق مرة أخرى إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي في الأسبوع المقبل لتبيان مدى سرعة قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك، فرانكفورت، لندن)
الاقتصاد شخص يتسوق في أحد المتاجر الكبرى في مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

ارتفاع طفيف في إنفاق المستهلكين الأميركيين خلال أغسطس

ارتفع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بشكل طفيف في أغسطس (آب)، ما يشير إلى أن الاقتصاد ظل صامدا في الربع الثالث مع استمرار تراجع ضغوط التضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تضارب الآراء في «الفيدرالي» بشأن وتيرة خفض الفائدة

لم يكن هناك إجماع كامل في «الاحتياطي الفيدرالي» عندما صوت الأسبوع الماضي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث اعترض صانع سياسة واحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
TT

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)

حصلت باكستان على دفعة قوية لاقتصادها المتداعي، من حزمة إنقاذ جديدة من مُقرِض عالمي، بينما تجد نفسها في تحدٍ كبير لتنفيذ الأهداف الصعبة في موازنتها العامة، التي تعهّدت بها أمام صندوق النقد الدولي، للحصول على 7 مليارات دولار.

ترى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن حزمة الإنقاذ الجديدة، التي تمت الموافقة عليها لباكستان، تهدف إلى مساعدة الحكومة على التعافي الاقتصادي وتقليص التضخم، إلى جانب توفير فرص عمل وتحقيق نمو شامل.

وأضافت غورغييفا، في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي، «إكس»: «اجتماع مثمر للغاية مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. ناقشنا برنامجاً جديداً لباكستان، يدعمه الصندوق، يساعد على التعافي المستمر، وتقليص التضخم، وزيادة العدالة الضريبية، وإجراء إصلاحات لتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق نمو شامل»، حسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية (السبت).

تصريحات غورغييفا تأتي بعد أن وافقت الهيئة التنفيذية للصندوق، ومقره واشنطن، على قرض بقيمة 7 مليارات دولار، بموجب ما يُعرف بـ«تسهيل الصندوق الموسع».

تأتي أحدث حزمة إنقاذ لباكستان، في شكل قروض، في أعقاب التزام من قبل الحكومة بتنفيذ إصلاحات، بما في ذلك جهد واسع لتوسيع القاعدة الضريبية للبلاد، وهو إجراء انعكس في ميزانية مثقلة بالضرائب، تم تمريرها في وقت سابق من هذا العام، من قبل الإدارة الحالية.

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ترتيب ممتد لمدة 37 شهراً بموجب تسهيل الصندوق الموسع لباكستان. وقال صندوق النقد في بيان له يوم الخميس، إن الصرف الفوري للصندوق سيبلغ نحو مليار دولار. بينما أفاد مكتب رئيس الوزراء بأنه من المقرر أن يتم الإفراج عن الشريحة الأولى التي تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليار دولار، على الفور.

ضمانات سعودية وإماراتية وصينية

سهّلت الضمانات التمويلية التي حصلت عليها باكستان، من السعودية والإمارات والصين، موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد، وامتنع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في باكستان، ناثان بورتر، عن تقديم تفاصيل عن حجم التمويل الإضافي الذي تعهّدت به السعودية والإمارات والصين، لكنه قال إن هذا التمويل بخلاف تمديد أجل الديون.

وسبق أن حصلت الدولة الواقعة في جنوب آسيا على 22 برنامج إنقاذ من صندوق النقد منذ عام 1958 في ظل ما تعانيه من أزمات.

وقال بورتر للصحافيين، في مؤتمر عبر الجوال، «لن أخوض في التفاصيل، لكن السعودية والإمارات والصين قدمت جميعها ضمانات تمويلية كبيرة تنضم إلى هذا البرنامج».

وشكر شريف دولاً صديقة لتسهيل صفقة باكستان مع صندوق النقد الدولي. وقال لوسائل الإعلام الباكستانية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن باكستان استوفت جميع شروط المُقرض بمساعدة من الصين والسعودية. أضاف: «من دون دعمهما، لم يكن هذا ممكناً»، دون الخوض في تفاصيل المساعدة التي قدمتها بكين والرياض لإتمام الصفقة.

أهداف صعبة

حدّدت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، أهداف إيرادات صعبة في موازنتها السنوية للمساعدة في الفوز بموافقة صندوق النقد على إجراءات جديدة للضرائب.

وحدّدت باكستان هدفاً لإيرادات الضرائب بقيمة 13 تريليون روبية (47 مليار دولار) للعام المالي الذي بدأ في 1 يوليو (تموز) الماضي، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 40 في المائة تقريباً عن العام السابق، وانخفاضاً حاداً في عجزها المالي إلى 5.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من 7.4 في المائة في العام السابق.

وقال وزير الدولة للشؤون المالية والإيرادات والطاقة، علي برويز مالك، في تصريحات سابقة، إن الهدف من إخراج موازنة صعبة وغير شعبية هو استخدامها منطلقاً لبرنامج صندوق النقد، مضيفاً أن المقرض راضٍ عن الإجراءات المتخذة بشأن الإيرادات، بناءً على محادثاتهما.

وقال مالك: «من الواضح أن إصلاحات الموازنة هذه تشكّل عبئاً على الاقتصاد المحلي، لكن برنامج صندوق النقد يدور حول الاستقرار».

إلى ذلك، انخفض العجز التجاري الباكستاني بنسبة 12.3 في المائة في العام المالي 2024، ليصل إلى 24.9 مليار دولار، مقارنة بـ27.47 مليار دولار في العام المالي 2023، بحسب بيانات مكتب الإحصاء.

وذكرت قناة «جيو نيوز» الباكستانية، أنه خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو (حزيران) 2024، شهد إجمالي صادرات باكستان زيادة بنسبة 10.54 في المائة ليصل إلى 30.645 مليار دولار، بينما تقلص إجمالي الواردات بنسبة 0.84 في المائة ​​ليصل إلى 54.73 مليار دولار.

وفي يونيو 2024، ارتفعت صادرات المنتجات الباكستانية بنسبة 7.3 في المائة لتصل إلى 2.529 مليار دولار، مقارنة بـ2.356 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذه هي الزيادة الشهرية العاشرة على التوالي في الصادرات.

إشادة الصندوق

وفي بيان صدر يوم الخميس، أشاد صندوق النقد الدولي بباكستان؛ لاتخاذها خطوات رئيسية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي. فقد انتعش النمو، وانخفض التضخم إلى رقم أحادي، وسمحت سوق الصرف الأجنبي الهادئة بإعادة بناء الاحتياطي.

لكنه انتقد السلطات أيضاً، وحذّر من أنه على الرغم من التقدم، فإن نقاط الضعف والتحديات البنيوية التي تواجهها باكستان لا تزال هائلة. وقال إن بيئة الأعمال الصعبة والحوكمة الضعيفة والدور الضخم للدولة أعاقت الاستثمار، في حين ظلت القاعدة الضريبية ضيقة للغاية. وحذّر من أن «الإنفاق على الصحة والتعليم لم يكن كافياً لمعالجة الفقر المستمر، كما أن الاستثمار غير الكافي في البنية التحتية حدّ من الإمكانات الاقتصادية وترك باكستان عرضة لتأثير تغير المناخ».

وتعتمد باكستان منذ عقود على قروض صندوق النقد الدولي؛ لتلبية احتياجاتها الاقتصادية. وكانت الأزمة الاقتصادية الأخيرة هي الأطول أمداً، وشهدت باكستان أعلى معدل تضخم لها على الإطلاق، مما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن سداد الديون السيادية في الصيف الماضي قبل خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وقد تراجع التضخم منذ ذلك الحين، ورفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيفات باكستان للديون المحلية والأجنبية والديون غير المضمونة العليا إلى «سي إيه إيه 2» من «سي إيه إيه 3»، مشيرة إلى تحسن الظروف الاقتصادية الكلية، والسيولة الحكومية، والمواقف الخارجية الأفضل بشكل معتدل.