تناقض صيني: واردات خام الحديد القوية تصطدم بضعف إنتاج الفولاذ

اليوان يهبط لأدنى مستوى في سبعة أشهر

عامل يضع علامات على قضبان الصلب في مصنع للصلب والحديد في تشانغتشي الصينية (رويترز)
عامل يضع علامات على قضبان الصلب في مصنع للصلب والحديد في تشانغتشي الصينية (رويترز)
TT

تناقض صيني: واردات خام الحديد القوية تصطدم بضعف إنتاج الفولاذ

عامل يضع علامات على قضبان الصلب في مصنع للصلب والحديد في تشانغتشي الصينية (رويترز)
عامل يضع علامات على قضبان الصلب في مصنع للصلب والحديد في تشانغتشي الصينية (رويترز)

تشهد واردات خام الحديد الصينية هذا العام قوة كبيرة على النقيض تماماً من ضعف إنتاج الفولاذ والطلب عليه، ما يطرح معضلة حول كيفية حل هذا التناقض.

واستوردت الصين، التي تشتري حوالي 75 في المائة من خام الحديد المنقول بحراً على مستوى العالم، 102.3 مليون طن متري في شهر مايو (أيار)، وفقاً لبيانات الجمارك، وهو الشهر الثالث على التوالي الذي تتجاوز فيه الواردات 100 مليون طن، بحسب «رويترز».

وبالنسبة لأول خمسة أشهر من العام، بلغت واردات خام الحديد، وهي المادة الخام الرئيسية للصلب، 513.75 مليون طن، بزيادة قدرها 7 في المائة.

ومع ذلك، انخفض إنتاج الصين من الفولاذ الخام في أبريل (نيسان) إلى 85.94 مليون طن، بانخفاض قدره 2.6 في المائة عن مارس (آذار) و7.2 في المائة عن نفس الشهر من عام 2023، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، أنتجت الصين 343.67 مليون طن من الفولاذ الخام، بانخفاض قدره 3 في المائة على أساس سنوي.

وفي حين لم يتم نشر الأرقام الرسمية لشهر مايو حتى الآن، تشير بيانات من جمعية الحديد والصلب الصينية، التي تمثل أكبر مصانع البلاد، إلى أن إنتاج الفولاذ من غير المرجح أن يكون قد شهد انتعاشاً كبيراً الشهر الماضي.

وتعاني مصانع الصلب أيضاً من هوامش ضعيفة، إذ أظهرت بيانات من وكالة تقارير الأسعار «أرغوس» أنه في الأيام العشرة الأخيرة من شهر مايو، انخفضت أرباح إنتاج لفائف الصلب المدلفن على الساخن بمقدار 20 يواناً (2.76 دولار) إلى ما بين 50 و100 يوان للطن.

ولم تتحسن معنويات صانعي الصلب بعد بسبب جهود بكين المستمرة لتعزيز قطاع تشييد المساكن الرئيسي.

وقد يرتفع الطلب على الفولاذ ومعنويات الصناعة في النصف الثاني مع بدء تأثير إجراءات التحفيز، ولكن في الوقت الحالي يفوق واقع ضعف الطلب على الفولاذ آمال التعافي.

ويثير هذا التساؤل حول المدة التي يمكن أن تظل فيها واردات خام الحديد عند مستويات قوية.

ولم يتم استخدام الواردات المتزايدة لإنتاج المزيد من الفولاذ - بل تم استخدامها لإعادة بناء المخزونات.

وارتفعت مخزونات الموانئ التي تراقبها شركة «ستيل هوم» الاستشارية إلى 147.3 مليون طن في الأسبوع المنتهي في السابع من يونيو (حزيران)، وهو أعلى مستوى في 25 شهراً.

لقد ارتفعت بشكل مطرد منذ أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في سبع سنوات عند 104.9 مليون طن في الأسبوع الأخير من أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الآن أعلى بـ 42.4 مليون طن.

ويصل ارتفاع المخزونات على مدار الأشهر السبعة الماضية إلى متوسط زيادة قدره 6.06 مليون طن شهرياً، وهو ما يفسر إلى حد ما القوة الأخيرة في واردات خام الحديد.

ولا يزال هناك مجال لارتفاع المخزونات بشكل أكبر قبل أن تصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وهو 160.6 مليون طن المسجل في مايو 2018.

تأثير السعر

هناك أيضاً علاقة قوية بين أسعار خام الحديد وواردات الصين، ويمكن أن يعزى جزء من قصة الاستيراد القوية إلى انخفاض الأسعار بين بداية العام والانخفاض الذي حدث حتى الآن هذا العام في أبريل.

ووصلت عقود خام الحديد المتداولة في بورصة سنغافورة إلى أعلى مستوى لها في 18 شهراً عند 143.60 دولار للطن في 3 يناير (كانون الثاني) قبل أن تنخفض إلى 98.36 دولار في 4 أبريل.

هذا يعني أن الجزء الأكبر من خام الحديد الذي تم تسليمه حتى نهاية مايو تم شراؤه بينما كانت الأسعار تنخفض.

ومع ذلك، تعافت الأسعار منذ انخفاضها في أبريل، لتصل إلى أعلى مستوى لها عند 119.64 دولار للطن في 6 مايو. ومنذ ذلك الحين، أثر ضعف المعنويات في قطاع الصلب على خام الحديد، مع انتهاء العقد عند 107.06 دولار يوم الاثنين.

وفي غياب ارتفاع الطلب على الصلب في الصين، فمن المعروف أن مصانع الصلب تعاني من هوامش ربح ضعيفة إذا تجاوزت أسعار خام الحديد 100 دولار للطن.

وهذا يعني ضمناً أن الطريقة الأكثر ترجيحاً لحل التباين الحالي بين واردات خام الحديد وضعف إنتاج الصلب تتلخص في انخفاض أسعار خام الحديد وحجم الواردات.

وبطبيعة الحال، فإن أي إشارات تشير إلى أن الطلب على الصلب يتعزز بالفعل من شأنها أن تغير ديناميكيات السوق، ولكن حتى الآن هذه العلامات مفقودة.

اليوان الصيني يهبط

على صعيد آخر، هبط اليوان الصيني إلى مستوى يقارب أدنى مستوى له في سبعة أشهر مقابل الدولار الأميركي يوم الثلاثاء، مع عودة المستثمرين من عطلة نهاية أسبوع طويلة ومواكبتهم لقوة الدولار الواسعة في الأسواق الخارجية.

وذكر مصدر لـ«رويترز» أن الخسائر لم تتفاقم، حيث تدخلت المصارف الحكومية الرئيسية بسرعة لبيع الدولارات مقابل اليوان في سوق الصرف الأجنبي الفوري المحلية لتحقيق الاستقرار في العملة المحلية.

ويعود ضعف اليوان إلى حد كبير إلى تماشيه مع العملات الأخرى، حيث دعمت البيانات القوية بشكل مفاجئ عن الوظائف الأميركية يوم الجمعة الدولار، ما أدى إلى خفض كبير للمراهنات على تخفيضات أسعار الفائدة من قبل مجلس الفيدرالي هذا العام.

ودفع ارتفاع الدولار نقطة المنتصف الرسمية لليوان إلى أضعف مستوى في نحو خمسة أشهر. وقبل افتتاح السوق، حدد بنك الشعب الصيني سعر الوسط عند 7.1135 يوان للدولار، وهو أضعف بـ 29 نقطة أساس عن التسعير السابق البالغ 7.1106 يوان، وهو الأضعف منذ 19 يناير.

وقال متداول في أحد المصارف الصينية إن التخفيض الرسمي في تحديد نقطة المنتصف فتح الباب أمام بعض الضعف في الأسعار الفورية.

وفي سوق العقود الآجلة، افتتح اليوان المحلي عند 7.2502 يوان للدولار وهبط إلى مستوى 7.2531 في المعاملات المبكرة، وهو أضعف مستوى له منذ 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأغلق آخر مرة عند 7.2529 يوان بحلول ظهر اليوم.

وقال محللون في «مؤسسة الصين الدولية للاستثمار المالي» في مذكرة: «قبل أن يبدأ مجلس الفيدرالي في خفض الفائدة، قد يحافظ سعر صرف اليوان على اتجاه الانخفاض مقابل الدولار والارتفاع مقابل سلة من العملات».

وقال متعاملون بشكل منفصل إنهم سيتابعون من كثب بيانات إقراض الصين باليوان لشهر مايو هذا الأسبوع لتقييم صحة الاقتصاد بشكل عام.

وأشار استطلاع أجرته «رويترز» إلى أن قروض اليوان الجديدة في الصين من المحتمل أن تنتعش في مايو مقارنةً بشهر أبريل، حيث طلب «المركزي» من المقرضين تسريع إقراض المصارف لدعم الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

كشف تقرير صحافي أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على عدة شركات صينية يُزعم أنها ساعدت شركات روسية في تطوير طائرات مسيرة هجومية تم استخدامها ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

انخفاض العقود الآجلة للأسهم الأميركية قبيل بيانات التضخم الرئيسة

متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

انخفاض العقود الآجلة للأسهم الأميركية قبيل بيانات التضخم الرئيسة

متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات اقتصادية رئيسة، خصوصاً تقرير التضخم الشهري الرئيس الذي من المتوقع أن يؤثر في مسار السياسة النقدية لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في المستقبل.

ومن المقرر أن يصدر تقرير الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي في وقت لاحق من الأربعاء. ويتوقع خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، ارتفاع الأسعار بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة مع 2.1 في المائة في الشهر السابق، وفوق هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

قال محللون في بنك «آي إن جي»، في مذكرة: «على الرغم من أن السوق ابتعدت إلى حد كبير عن قصة التضخم في الولايات المتحدة، فإن القراءة الثابتة من شأنها أن تزيد من الشكوك حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد كل شيء».

وأظهر محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر (تشرين الثاني)، التي صدرت يوم الثلاثاء، أن صناع السياسات كانوا غير متأكدين بشأن آفاق خفض أسعار الفائدة ومدى تقييد الأسعار الحالية للاقتصاد.

وأصبح لدى المتداولين الآن فرصة بنسبة 62.8 في المائة بأن يخفّض «البنك المركزي» تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر، وفقاً لأداة «فيد ووتش». كما يتوقعون خفض أسعار الفائدة بنحو 75 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2025، انخفاضاً من نحو 250 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول).

وتشمل المخاوف السياسات التي اقترحها الرئيس المنتخب دونالد ترمب لخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، بما في ذلك موقفه الأخير بشأن الواردات من المكسيك وكندا والصين، التي قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإشعال حرب تجارية وتؤثر سلباً في النمو العالمي.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «دويتشه بنك» أن تؤدي هذه التعريفات الجمركية إلى رفع معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة في عام 2025 من 2.6 في المائة إلى 3.7 في المائة إذا تم تنفيذها بالكامل. وقبل فوز ترمب، كان من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 2.3 في المائة العام المقبل.

وصباحاً، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بمقدار 6 نقاط أو 0.01 في المائة، كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 9.75 نقطة أو 0.16 في المائة، في حين انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بمقدار 69.75 نقطة أو 0.33 في المائة.

وارتفعت العقود الآجلة للأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة بنسبة 0.7 في المائة. وكذلك ارتفعت أسعار الأسهم هذا العام، حيث تم تداول مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة ومؤشر «راسل 2000» للشركات الصغيرة بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

ومن المتوقع أن يسجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أكبر مكاسب شهرية له في عام، مسجلاً بذلك الشهر السادس على التوالي من المكاسب، حيث تسعّر الأسواق الشركات المحلية والاقتصاد الأوسع ككل للاستفادة من سياسات ترمب.

وأصبحت الأسواق العالمية في حالة من التوتر، بعد أن حذّرت وسائل الإعلام الصينية من أن تعهّدات ترمب السياسية في وقت سابق من هذا الأسبوع قد تجر أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تجارية مدمرة.

ومن بين أكبر التحركات، هبطت أسهم «ديل» بنسبة 11.5 في المائة، بعد أن أصدرت الشركة توقعات ضعيفة للإيرادات الفصلية، وهبطت أسهم «إتش بي» بنسبة 8.3 في المائة، بعد أن قدّمت توقعات سلبية للأرباح في الربع الأول؛ مما يشير إلى ضعف الطلب في سوق أجهزة الكومبيوتر الشخصية.

وامتدت المشاعر السلبية إلى أسماء تقنية أخرى مثل «إنفيديا» التي انخفضت بنسبة 1.2 في المائة، و«مايكروسوفت» التي انخفضت بنسبة 0.6 في المائة، و«أبل» التي انخفضت بنسبة 0.4 في المائة.