صندوق عقاري عملاق يفرض قيوداً صارمة على المستثمرين الراغبين باسترداد أموالهم

في ظل تضاؤل سيولته وتجنباً لأزمة نقدية محتملة مع بقاء أسعار الفائدة مرتفعة

باري ستيرنليشت الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستاروود كابيتال» (رويترز)
باري ستيرنليشت الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستاروود كابيتال» (رويترز)
TT

صندوق عقاري عملاق يفرض قيوداً صارمة على المستثمرين الراغبين باسترداد أموالهم

باري ستيرنليشت الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستاروود كابيتال» (رويترز)
باري ستيرنليشت الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستاروود كابيتال» (رويترز)

يعمل صندوق عقاري عملاق بقيمة 10 مليارات دولار، تديره شركة «ستاروود كابيتال»؛ ومقرها ميامي، والتابعة لشركة «باري ستيرنليخت»، على الحد بشكل صارم من قدرة المستثمرين على التخارج من استثماراتهم؛ في محاولة منه للمحافظة على السيولة، وتجنب حدوث أزمة نقدية محتملة مع بقاء أسعار الفائدة مرتفعة.

أخبر الصندوق، المعروف باسم «سريت (Sreit)»، المستثمرين، يوم الخميس، بأنه يقيّد عمليات الاسترداد بنسبة 0.33 في المائة من الأصول شهرياً، وهو ما يمثل انخفاضاً يزيد عن 80 في المائة في حقوق السيولة الخاصة بهم. ومنذ إنشائه في عام 2018، سمح الصندوق للمستثمرين باسترداد ما يصل إلى 2 في المائة من صافي أصوله شهرياً، أو 5 في المائة كل ربع سنة. تشمل محفظة «سريت» مباني سكنية في ولاية أريزونا، ومراكز لوجستية في النرويج، وقرضاً كبيراً قدّمته لشركة «بلاك ستون»؛ للاستحواذ على مجموعة الفنادق والكازينو الأسترالية «كراون ريزورت»، وفق صحيفة «فايننشال تايمز».

وفي مواجهة طلبات الاسترداد المرتفعة وتضاؤل السيولة، قال «سريت» إنه سيعمل بشكل متزايد على «استقبال» المستثمرين؛ لأنه يعتقد أن «الاحتياطي الفيدرالي» سيخفض أسعار الفائدة قريباً، مما يوفر «سماء أكثر إشراقاً» يفضل فيها بيع العقارات.

يأتي هذا التقييد وسط تدقيق متزايد في الوضع المالي لـ«سريت» في مواجهة طلبات الاسترداد الكبيرة من مستثمريه. وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» بالتفصيل كيف سحب «سريت» أكثر من 1.3 مليار دولار من تسهيلاته الائتمانية، البالغة 1.55 مليار دولار، ابتداء من عام 2023، حيث استخدم كثيراً من سيولته المتاحة لدفع عمليات الاسترداد، مما تركه يعاني نقص السيولة.

وقد أدى ذلك إلى زيادة خطر نفاد الأموال النقدية دون بيع الممتلكات بسعر بخس أو اقتراض مزيد من الأموال.

وتتعامل صناديق عقارية أخرى مع الضغوط الناجمة عن طابور طويل من عمليات الاسترداد بدرجات متفاوتة. أكبر الصناديق «بلاك ستون ريل إستايت إنكام تراست» أو «بريت (Breit)»، لديه سيولة بقيمة 7.5 مليار دولار، وقد تمكّن، في وقت سابق من هذا العام، من تلبية جميع طلبات الاسترداد. لكن عمليات السحب لا تزال تتجاوز الأموال التي يجري تجميعها، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وتستثمر هذه الصناديق، المعروفة باسم صناديق الاستثمار العقاري غير المتداولة، في العقارات التجارية المشابهة لصناديق الاستثمار العقارية المتداولة علناً.

وأعلن «سريت»، آخِر مرة، وجود سيولة لديه بقيمة 752 مليون دولار، اعتباراً من 30 أبريل (نيسان)، مقابل وتيرة استرداد ربع سنوية تبلغ نحو 500 مليون دولار. لكن الصندوق كان من المقرر أن يستنفد ما يقرب من 200 مليون دولار من تلك الأموال النقدية، في الأول من مايو (أيار)، ومواصلة سداد المبالغ المستردة، وفقاً لإيداعات الأوراق المالية المنشورة في 13 مايو.

وستعمل الحدود الجديدة على إبقاء عمليات الاسترداد ربع السنوية عند نحو 100 مليون دولار، مما يحافظ على السيولة النقدية النادرة.

وقال باري ستيرنليشت، الرئيس التنفيذي لمجموعة «ستاروود كابيتال»، في 15 مايو، إن العقارات التجارية تواجه أزمة في الميزانية العمومية، على الرغم من أداء الأصول الأساسية.

ومنذ بداية عام 2023، استرد المستثمرون ما يقرب من 3 مليارات دولار من «سريت». وفي الربع الأول، طلب المستثمرون استرداد مبلغ 1.3 مليار دولار نقداً، لكنهم تلقّوا نحو 38 في المائة فقط على أساس تناسبي.

وفي رسالة إلى المساهمين، يوم الخميس، قال «سريت» إنه قرر تقييد حقوق السيولة للمستثمرين بشكل كامل تقريباً؛ لأنه يعتقد أن أسواق العقارات ستتعافى قريباً.

وقال «سريت»، في الرسالة: «بوصفنا وكيلاً ائتمانياً لمساهمينا، لا يمكننا أن نوصي بأن نكون بائعاً نشطًا للأصول العقارية، اليوم؛ نظراً لما نعتقد أنه سوق قريبة من القاع مع أحجام معاملات محدودة، وإيماننا بأن الأصول الحقيقية لأسواق العقارات سوف تتحسن».

وفي الربع الأول من العام، قال «سريت» إن عقاراته حققت زيادة بنسبة 7 في المائة في الإيجارات، وهو ما وصفه بأنه «الأفضل في مجموعتنا التنافسية»، لكنه كشف أيضاً أنه باع أصولاً عقارية بقيمة 2.8 مليار دولار للوفاء باستردادات بقيم أقل بقليل من القيمة التي كانت تحملها في دفاترها.

وقالت «ستاروود»: «في المجمل، قمنا ببيع ما يقرب من 2.8 مليار دولار من العقارات، بما في ذلك ما يقرب من 1.8 مليار دولار من القروض متعددة الأسر والصناعية والعقارية بربح قدره 335 مليون دولار... حدثت هذه المبيعات في حدود 2 في المائة من إجمالي قيم أصول الصندوق».

ويعني الرفع المالي المرتفع لدى «ستاروود» بنسبة 57 في المائة من إجمالي أصولها، أنه لجمع 500 مليون دولار لسداد مستحقات المستثمرين، سيتعيّن عليها بيع أكثر من مليار دولار من الأصول العقارية، وفق «فايننشال تايمز».

وكان المستثمرون والمنظمون يدققون، من كثب، بيانات الاسترداد من الأموال المستثمَرة في الأسواق الخاصة؛ نظراً لأن الأصول الأساسية قد يكون من الصعب تقييمها. وقد أثار ذلك مخاوف بشأن ما إذا كان مدير الصندوق يمكنه توليد المبلغ بالكامل عند بيع الأصول.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يوقع على قانون الاستثمار في البنية التحتية بالبيت الأبيض 15 نوفمبر 2021 (رويترز)

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

أعلنت الإدارة الأميركية يوم الاثنين أن الشركات تعهدت باستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاعات صناعية أميركية، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المهندس خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية بمؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد بالرياض (الشرق الأوسط)

الاستثمارات الأجنبية تتضاعف في السعودية... واستفادة 1200 مستثمر من «الإقامة المميزة»

تمكنت السعودية من مضاعفة حجم الاستثمارات 3 أضعاف والمستثمرين بواقع 10 مرات منذ إطلاق «رؤية 2030»

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:56

مسؤول في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي»: 4 سنوات لربط الكويت بالسعودية سككياً

قال مساعد المدير العام لشؤون تطوير الأعمال في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر» بالكويت محمد يعقوب لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده تعمل على تعزيز الاستثمارات.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد القيمة الإجمالية لطلبات الأفراد في طرح «المتحدة الدولية القابضة» بلغت 903.5 مليون ريال (أ.ف.ب)

تغطية اكتتاب الأفراد في طرح «المتحدة الدولية القابضة» السعودية 9.1 مرة

جرت تغطية الطرح العام الأولي للشركة «المتحدة الدولية القابضة» السعودية بواقع 9.1 مرة، مع تخصيص 3 أسهم حداً أدنى لكل مكتتب في الطرح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أثناء مشاركته في المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: توقيع اتفاقيات استراتيجية مصرية - سعودية تمتد 5 أعوام

أفصح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري المهندس حسن الخطيب عن توقيع اتفاقيات استراتيجية بين القاهرة والرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفعت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، مما أضاف إلى المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي. فقد حقق المؤشر القياسي «ستاندرد آند بورز 500»، ومؤشر «داو جونز» الصناعي مستويات قياسية جديدة خلال تعاملات يوم الاثنين، بينما شهد أيضاً مؤشر «ناسداك» ارتفاعاً ملحوظاً، مدعوماً بترشيح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة في إدارة ترمب المقبلة، مما عزز معنويات المستثمرين بشكل كبير.

وارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي 459.25 نقطة، أو بنسبة 1.03 في المائة، ليصل إلى 44,753.77 نقطة، وزاد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 43.12 نقطة، أو بنسبة 0.72 في المائة، ليصل إلى 6,012.50 نقطة، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب قفزة قدرها 153.88 نقطة، أو بنسبة 0.81 في المائة، ليصل إلى 19,157.53 نقطة. كما شهد مؤشر «راسل 2000»، الذي يتتبع أسهم الشركات الصغيرة المحلية، زيادة بنسبة 1.5 في المائة، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق، وفق «رويترز».

وانخفضت عائدات الخزانة أيضاً في سوق السندات وسط ما وصفه بعض المحللين بـ«انتعاش بيسنت». وانخفضت عوائد السندات الحكومية الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 10 نقاط أساس، بينما تراجعت عوائد السندات لأجل عامين بنحو 5 نقاط، مما أدى إلى انقلاب منحنى العوائد بين العائدين على هذين الاستحقاقين.

وقد أدت التوقعات باتساع عجز الموازنة نتيجة لتخفيضات الضرائب في ظل إدارة ترمب الجمهورية إلى ارتفاع عائدات السندات في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، رأى المستثمرون أن اختيار بيسنت قد يخفف من التأثير السلبي المتوقع لسياسات ترمب على الصحة المالية للولايات المتحدة، ومن المتوقع أيضاً أن يحد من الزيادات المتوقعة في التعريفات الجمركية.

وكان بيسنت قد دعا إلى تقليص عجز الحكومة الأميركية، وهو الفارق بين ما تنفقه الحكومة وما تحصل عليه من الضرائب والإيرادات الأخرى. ويُعتقد بأن هذا النهج قد يساعد في تقليل المخاوف التي تراكمت في «وول ستريت» من أن سياسات ترمب قد تؤدي إلى تضخم العجز بشكل كبير، مما قد يضغط على عوائد الخزانة.

وقال المدير العام في مجموعة «ميشلار» المالية، توني فارين: «إنه رجل (وول ستريت)، وهو جيد جداً فيما يفعله. ليس متطرفاً سواء من اليسار أو اليمين، إنه رجل أعمال ذكي ومعقول، وأعتقد بأن السوق تحب ذلك، كما أنه ضد العجز».

وفي التداولات المبكرة، الاثنين، كانت عوائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 4.3 في المائة، منخفضة من 4.41 في المائة يوم الجمعة. كما كانت عوائد السندات لأجل عامين، التي تعكس بشكل أكثر دقة توقعات السياسة النقدية، عند نحو 4.31 في المائة، منخفضة من 4.369 في المائة يوم الجمعة.

وأضاف فارين: «كثير من الناس كانوا يعتقدون بأن ترمب سيكون سيئاً للأسعار، وكانوا يراهنون ضد ذلك، وأعتقد بأنهم الآن يتعرضون للعقاب».

وشهد منحنى العوائد بين السندات لأجل عامين و10 سنوات انقلاباً بمقدار 1.3 نقطة أساس بالسالب، حيث كانت العوائد على السندات قصيرة الأجل أعلى من العوائد على السندات طويلة الأجل.

وتابع فارين: «مع وجود ترمب سيكون الاحتياطي الفيدرالي أقل عدوانية، وهذا ما تجلى بوضوح في الفترة الأخيرة، لذلك لا أفاجأ بتسطح منحنى العوائد خلال الأسابيع الماضية».

وكانت عقود الفائدة المستقبلية، الاثنين، تشير إلى احتمال بنسبة 52.5 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنة باحتمال 59 في المائة في الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات مجموعة «فيد ووتش».

وقال الاستراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس» في مذكرة إن منطق انتعاش السندات، الاثنين، كان «بسيطاً نسبياً»، حيث كان يعتمد على رؤية أن بيسنت سيسعى إلى «التحكم في العجز، واتخاذ نهج مدروس بشأن التعريفات الجمركية».

وقال بيسنت في مقابلة مع «وول ستريت جورنال» نُشرت يوم الأحد إنه سيعطي الأولوية لتحقيق وعود تخفيضات الضرائب التي قدمها ترمب أثناء الانتخابات، بينما سيركز أيضاً على تقليص الإنفاق والحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية.

وأضاف استراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس»: «بيسنت لن يمنع استخدام التعريفات أو زيادة احتياجات الاقتراض، لكنه ببساطة سيتعامل معهما بطريقة أكثر منهجية مع الالتزام بالسياسة الاقتصادية التقليدية».

أما في الأسواق العالمية، فقد ارتفعت المؤشرات الأوروبية بشكل طفيف بعد أن أنهت الأسواق الآسيوية تداولاتها بشكل مختلط.

وفي سوق العملات المشفرة، تم تداول البتكوين حول 97,000 دولار بعد أن اقتربت من 100,000 دولار في أواخر الأسبوع الماضي لأول مرة.