«فيتش» تتوقع تصنيفاً إيجابياً لاقتصاد تركيا على ضوء سياساتها الاقتصادية

مع خفض التضخم وتضييق العجز الجاري وانتعاش الاحتياطيات

الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
TT

«فيتش» تتوقع تصنيفاً إيجابياً لاقتصاد تركيا على ضوء سياساتها الاقتصادية

الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)

قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، إن التحسن المستمر في اتساق السياسات الاقتصادية يمكن أن يكون إيجابياً لتصنيف تركيا الائتماني.

وأضافت «فيتش»، في بيان، السبت، حول تقييمها لتصنيف تركيا، أن «التشديد المتوقع في الموقف المالي بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي في تركيا، سيعزز فاعلية السياسة النقدية».

وتابعت: «الحفاظ على هذا التحسن في اتساق السياسات سيدعم انخفاض التضخم وتضييق العجز في الحساب الجاري، وانتعاش الاحتياطيات الدولية، وقد يكون هذا إيجابياً للتصنيف الائتماني لتركيا».

وذكر البيان أن النفقات العامة قبل الانتخابات المحلية تسببت في نمو عجز الموازنة، وأن العجز في الربع الأول وصل إلى 5.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولفت البيان إلى أن العجز الأولي للموازنة يقدر بنحو 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن السياسة المالية ساهمت في مرونة الطلب المحلي في الربع الأول، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتخفيض العجز المالي لبقية العام من خلال تباطؤ نمو الإنفاق، وبخاصة النفقات التي لا علاقة لها بإعادة الإعمار بعد زلزال 6 فبراير (شباط) 2023.

مخاطر محتملة

وقالت «فيتش» في بيانها، إنه من المرجح أن يتم تصميم إجراءات جديدة لزيادة الإيرادات، لتأخذ في الاعتبار التأثيرات التضخمية المحتملة، وإن نجاح المعارضة في الانتخابات المحلية قد يؤثر على سرعة وحجم ومجالات اللوائح المالية.

وأكدت أن تركيا ستستمر في الحفاظ على قوة ائتمانية مقارنة بنظيراتها، نظراً لانخفاض مستويات ديونها، وقاعدة إيراداتها القوية، والديون التي يمكن التحكم فيها، وتحسين ظروف التمويل.

في الوقت ذاته، أوضح البيان أن المالية العامة معرضة لمخاطر أسعار الصرف وارتفاع أسعار الفائدة والتضخم.

كانت «فيتش» قد حذرت من أن تكاليف التمويل تضغط على هامش أرباح البنوك، متوقعة حدوث انخفاض في أرباحها بنهاية العام الحالي.

ولفت تقرير مراقبة بيانات البنوك التركية الفصلي الصادر عن «فيتش»، الجمعة، إلى تأثير الضغط على هامش الأرباح، وارتفاع تكاليف الودائع والمقايضة، وانخفاض الأرباح المرتبطة بمؤشر أسعار المستهلك، وتكاليف انخفاض قيمة القروض، والضغوط التضخمية على النفقات التشغيلية في انخفاض الربحية.

وتوقع التقرير حدوث ضعف معتدل في جودة الأصول في تركيا في عام 2024، وذلك بعد أن حذَّرت «فيتش» مؤخرا من التوسع المالي، خلال حلقة نقاشية حول تركيا.

وقال المحلل في «فيتش»، إريك أريسبي موراليس، إن الموقف المالي لتركيا من الواضح أنه في وضع توسعي، مؤكداً أن تعديل السياسة المالية ضروري لدعم تشديد السياسة النقدية.

وتعهدت الحكومة التركية بخفض التضخم الذي يحلق حالياً عند مستوى يقترب من 70 في المائة، بسرعة كبيرة خلال أشهر الصيف.

وقال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، خلال «قمة أولوداغ الاقتصادية» في مدينة بورصة (غرب تركيا)، الجمعة: «أولويتنا القصوى هي استقرار الأسعار، ودعم الانضباط المالي. يستغرق تباطؤ التضخم وقتاً، ومكافحة التضخم عملية مستمرة وطويلة، وسوف نعمل على خفضه من خلال سياسة نقدية ومالية متشددة، وسياسة دخل متوافقة مع الأهداف، وعبر التحول الهيكلي وزيادة الإنتاجية، وسنبدأ في رؤية النتائج في النصف الثاني من العام».

وأضاف أنه «ابتداءً من العام المقبل، سوف نعمل على خفض عجز الموازنة، بما في ذلك النفقات المتعلقة بالزلزال، إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

وتابع شيمشك بأنه سيتم اتخاذ خطوات للسياسة المالية والإصلاحات الهيكلية؛ مشيراً إلى أن جهود الادخار في مؤسسات الدولة وصلت إلى نقطة النهاية، وستدخل السيطرة على الإنفاق العام حيز التنفيذ في النصف الثاني من العام.

وتوقع أن يكون هناك تباطؤ مؤقت في النمو؛ لكنه سيتعزز، وسيظل أداؤه قوياً جداً على المديين المتوسط ​​والطويل مقارنة ببقية العالم.

وتوقع شيمشك أن يبلغ العجز في الحساب الجاري 3.1 في المائة في البرنامج متوسط ​​الأجل للحكومة الذي يغطي حتى عام 2026، وأن يكون عجز الموازنة 6.4 في المائة بنهاية العام الحالي.

وأضاف: «هدفنا سيكون أقل من 5 في المائة، وخفض نسبة عجز الحساب الجاري إلى الدخل القومي إلى أقل من 2.5 في المائة، ما سيوفر لنا الفرصة لمراكمة الاحتياطيات».


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال، في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام، رافعاً التوقعات بنهاية العام إلى 44 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

«منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

شهد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» توقيع 10 اتفاقيات تعاون في كثير من القطاعات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد زحام على عربات بيع السميط في أحد شوارع إسطنبول في عطلة نهاية الأسبوع (إعلام تركي)

تركيا: التضخم يتراجع إلى 48.58 % في أكتوبر بأقل من المتوقع

تراجع التضخم في تركيا بأقل من المتوقع خلال أكتوبر الماضي، ما يشير إلى استمرار الضغوط التضخمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».