التوترات الجيوسياسية تضغط على سلاسل الإمداد العالمية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الاضطرابات سترفع أسعار التأمين على البضائع والشحنات

تخوف عالمي من انعكاس الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة على منظومة سلاسل الإمداد العالمية (الشرق الأوسط)
تخوف عالمي من انعكاس الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة على منظومة سلاسل الإمداد العالمية (الشرق الأوسط)
TT

التوترات الجيوسياسية تضغط على سلاسل الإمداد العالمية

تخوف عالمي من انعكاس الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة على منظومة سلاسل الإمداد العالمية (الشرق الأوسط)
تخوف عالمي من انعكاس الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة على منظومة سلاسل الإمداد العالمية (الشرق الأوسط)

مع زيادة المخاوف إزاء التداعيات العالمية للتصعيد الإيراني - الإسرائيلي عالمياً، بدأت تطرح تساؤلات حول مدى انعكاس هذا التطور على التجارة العالمية وسلاسل الإمداد التي كانت الأشد تأثراً أثناء جائحة «كورونا»، ومع بدء الحرب الروسية - الأوكرانية.

منذ أيام، أصدرت منظمة التجارة العالمية تقريراً ضمّنته توقعاتها لهذا العام، وفيه أنها تتوقع انتعاش التجارة العالمية، لكنها في المقابل حذرت من أن النزاعات والتوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين في السياسة الاقتصادية تشكل مخاطر سلبية كبيرة على التوقعات.

وأوضحت أن أحجام التجارة العالمية انخفضت بشكل غير متوقع بنسبة 1.2 في المائة في عام 2023. وهي توقعات أقل من الزيادة البالغة 3.3 في المائة التي كانت توقعتها المنظمة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي هذا الصدد، يرى الخبير في التجارة الدولية، الدكتور فواز العلمي لـ«الشرق الأوسط»، أنه مع استمرار التوترات الجيوسياسية، والتي كانت آخرها أزمة البحر الأحمر الذي يمثل 15 في المائة من إجمالي التجارة العالمية، وكذلك تعليق الحركة الجوية في بعض الدول العربية نتيجةً للتصعيد الإيراني - الإسرائيلي، فإن حركة التجارة الدولية ستستمر في التراجع خلال العام الحالي.

ونبّه العلمي، والذي كان سابقاً وكيل وزير التجارة والمفاوض التجاري في منظمة التجارة العالمية، من أنه في حال استمر الوضع لفترة طويلة سوف يكون له ضرره على قطاع سلاسل الإمداد، خصوصاً في ظل مواصلة مشاكل أزمة البحر الأحمر التي تؤثر على حركة مرور السفن، لافتاً إلى انخفاض توقعات منظمة التجارة العالمية مقارنة مع ما كانت توقعته في أكتوبر.

المخاطر الجيوسياسية

وتوقع المدير التنفيذي للخدمات اللوجيستية في شركة «المديفر» للخدمات اللوجيستية، نشمي الحربي لـ«الشرق الأوسط»، أن تزداد اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى ما عاناه ولا يزال قطاع الشحن في البحر الأحمر والذي أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين، وبالتالي تسبب في ارتفاع أسعار كثير من السلع.

ويعتقد الحربي أن المخاطر الجيوسياسية ستتجاوز خسائرها أكثر من جائحة «كورونا» التي أثرت على المنظومة خلال الفترة الماضية، مبيناً أن قرار تعليق حركة الطيران في بعض الدول العربية بسبب الهجمات الإيرانية على إسرائيل ينعكس أيضاً على سلاسل الإمداد.

وكانت شركات طيران كبرى أعلنت إلغاء بعض رحلاتها، في حين اضطرت إلى تغيير مسار بعض الرحلات، بعد إطلاق إيران عشرات الطائرات المُسيَّرة والصواريخ على إسرائيل.

المنتدى العالمي لسلاسل الإمداد

إلى ذلك، قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في بيان على موقعه، إن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وتعطيل الملاحة بشدة في قناة السويس، إلى جانب الاضطرابات في البحر الأسود بسبب الحرب في أوكرانيا، وتأثير انخفاض منسوب المياه الناجم عن الجفاف في قناة بنما، أدت إلى ظهور أزمة معقدة تؤثر على طرق التجارة الرئيسية.

وأشار «أونكتاد» إلى أن السعودية، ومن خلال الهيئة العامة للموانئ (موانئ) تدعم انعقاد المنتدى العالمي الأول لسلسة التوريد في باربادوس بين 21 مايو و24 (أيار) المقبل، الذي سيجمع مسؤولين حكوميين وقادة أعمال وخبراء من جميع أنحاء العالم لمعالجة التحديات اللوجيستية العالمية التي تضخمت بسبب جائحة «كوفيد - 19» والتحولات الجيوسياسية، وتغير المناخ، وارتفاع أسعار الشحن البحري، وفق البيان.

وقالت «موانئ»: «تؤكد هيئة الموانئ السعودية التزامها بتعزيز مرونة سلسلة التوريد العالمية وتعزيز التعاون الدولي».

سيعمل المنتدى العالمي لسلسلة التوريد على دفع الحلول المبتكرة لبناء شبكات إنتاج وتوزيع عالمية أكثر خضرة وأكثر كفاءة ومرونة.

ويهدف هذا الحدث الذي يقام كل سنتين إلى تحويل الفرص التجارية إلى مكاسب إنمائية مشتركة، خاصة للاقتصادات الضعيفة، بما في ذلك أقل البلدان نموا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الصغيرة النامية، وفق ما ذكر «أونكتاد».


مقالات ذات صلة

بعد إطلاق «أونستار»... كيف تعزز «جنرال موتورز» التحول الرقمي لقطاع السيارات السعودي؟

خاص توفر «أونستار» خدمات الاستجابة التلقائية لحوادث الاصطدام والطوارئ والمساعدة في إيجاد المركبة المسروقة (جنرال موتورز)

بعد إطلاق «أونستار»... كيف تعزز «جنرال موتورز» التحول الرقمي لقطاع السيارات السعودي؟

تقنية «OnStar» متوفرة الآن في سيارات «شيفروليه» و«جي إم سي» و«كاديلاك» في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد زوّار يتوافدون في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 2024 (الشرق الأوسط)

السعودية: إطلاق حاضنة لدعم الأفكار المُعزِّزة للابتكار الصناعي والتحول الرقمي

أطلقت شركتا «كوالكوم تكنولوجيز» و«أرامكو السعودية»، بالتعاون الاستراتيجي مع هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، حاضنة لدعم الأفكار الابتكارية الناشئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي للإيرادات في «كونتكست» (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:24

«كونتكست» تواكب نقلة السعودية في الذكاء الاصطناعي

تطمح شركة «كونتكست» السعودية إلى أن تكون جزءاً فعّالاً من التغيرات المتسارعة والنقلات النوعية التي يشهدها الذكاء الاصطناعي في البلاد.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد جانب من حضور إحدى جلسات قمة الذكاء الاصطناعي بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:08

«أوليفر وايمان»: استثمارات ضخمة للسعودية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي التوليدي

السعودية تستثمر بشكل ضخم في الذكاء الاصطناعي لتحسين البنية التحتية وزيادة الناتج المحلي، وتطوير المهارات البشرية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد عام 2024 انطلق بتقدم ملحوظ على صعيد جميع محاور «رؤية السعودية 2030» الثلاثة (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)

المجلس الاقتصادي السعودي ينوّه بمتانة الاقتصاد الوطني

نوّه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي بمتانة الاقتصاد الوطني وفاعلية الإجراءات والتدابير المتخذة في مواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«نيبون» و«يو إس ستيل» ترسلان خطاباً إلى بايدن بشأن خطط الاندماج

مصنع شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ف.ب)
مصنع شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

«نيبون» و«يو إس ستيل» ترسلان خطاباً إلى بايدن بشأن خطط الاندماج

مصنع شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ف.ب)
مصنع شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ف.ب)

قال متحدث باسم شركة صناعة الصلب اليابانية «نيبون ستيل» إنها و«يو إس ستيل» أرسلتا خطاباً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن اندماجهما المخطط له بقيمة 15 مليار دولار، بعد أن ذكرت وسائل الإعلام أنه يستعد لعرقلة الصفقة.

ولم يقدم المتحدث تفاصيل حول محتوى الرسالة التي أُرسلت يوم الأحد الماضي، لكنه قال إنها وُقّعت من قبل الرئيس التنفيذي لشركة «نيبون ستيل» إيجي هاشيموتو، والرئيس التنفيذي لشركة «يو إس ستيل» ديفيد بوريت، بالإضافة إلى مسؤولين تنفيذيين آخرين.

ولم ترد «يو إس ستيل» على الفور على طلب للتعليق خارج ساعات العمل في الولايات المتحدة. ولم يكن لدى السفارة الأميركية لدى اليابان تعليق على الفور.

وتسعى أكبر شركة لصناعة الصلب في اليابان إلى إبرام صفقة نقدية لشراء شركة «يو إس ستيل» التي يبلغ عمرها 123 عاماً، وذلك على الرغم من مقاومة بايدن ونقابة عمال الصلب المتحدة (USW) والعديد من أعضاء الكونغرس أثناء إجراء مراجعة للأمن القومي الأميركي. كما عارض الصفقة كل من المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. ويتنافس كلاهما للفوز بولاية بنسلفانيا المتأرجحة الحاسمة، حيث يقع المقر الرئيسي لشركة «يو إس ستيل».

وأخبرت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الشركات في رسالة بتاريخ 31 أغسطس (آب) اطلعت عليها «رويترز» بأن الصفقة من شأنها أن تخلق مخاطر على الأمن القومي؛ لأنها قد تضر بإمدادات الصلب اللازمة لمشاريع النقل والبنية التحتية والبناء والزراعة الحيوية.

وقال شخص مطلع على الأمر إن أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة «نيبون ستيل» والرئيس التنفيذي لشركة «يو إس ستيل» اجتمعا مع كبار المسؤولين الأميركيين يوم الأربعاء في محاولة لإنقاذ الصفقة. ولم تتضح نتيجة الاجتماع على الفور.

وأعرب اتحاد الأعمال الياباني وعدد من مجموعات الأعمال الأميركية، في رسالة إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين يوم الأربعاء، عن مخاوف من أن مراجعة إدارة بايدن للأمن القومي للصفقة «تتأثر بشكل غير ملائم بالضغوط السياسية».

ورفض وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني كين سايتو يوم الجمعة التعليق على الصفقة، قائلاً إن القيام بذلك من شأنه أن يتدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة... لكن سايتو أضاف: «من المهم للغاية أن تستمر الشركات اليابانية والأميركية في إجراء المعاملات، ويشكل النمو في الصفقات عنصراً أساسياً في العلاقة الاقتصادية القوية بين البلدين».