صندوق النقد الدولي يدعو مصر للتحوط ضد المؤثرات الخارجية بـ3 إجراءات

حددها لـ«الشرق الأوسط» بـ"دعم القطاع الخاص وكبح التضخم واستمرار سعر صرف مرن"

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي يدعو مصر للتحوط ضد المؤثرات الخارجية بـ3 إجراءات

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

دعا صندوق النقد الدولي مصر إلى إعطاء مجال أكبر للقطاع الخاص خلال الفترة المقبلة، مع الحفاظ على مرونة سعر الصرف، وتخفيض التضخم، وذلك للتحوط من التداعيات الخارجية المتسارعة على المستوى الإقليمي والعالمي.

وقالت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، في ردها على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال مؤتمر افتراضي عُقد الاثنين، إن «دعم القطاع الخاص سيكون محركاً للنمو الاقتصادي... وأسعار الفائدة لخفض التضخم... واستمرار سعر صرف مرن...».

وأشارت في هذا الصدد إلى أن الإصلاحات القادمة للاقتصاد المصري هي «إصلاحات هيكلية، مثل: تقليص دور الدولة في الاقتصاد... ومن الضروري استبدال دعم الوقود، بالإنفاق الاجتماعي (أي الدعم العيني)».

وعن المراجعتين الأولى والثانية ضمن برنامج الصندوق لمصر، قالت: «استكملنا يوم 29 مارس (آذار) المراجعتين، وقررنا زيادة الموارد المتاحة لمصر بنحو 5 مليارات دولار... الشريحة التي سيتم صرفها بعد المراجعتين الأولى والثانية ستكون بمقدار 820 مليون دولار».

وأضافت أن المراجعة التالية، وهي الثالثة «من المتوقع أن تُعقد بنهاية يونيو (حزيران) المقبل، أما المراجعات من الرابعة إلى الثامنة فستتم كل 6 أشهر، (على أن يكون) إجراء المراجعة الأخيرة للبرنامج بحلول خريف 2026».

كان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق، بعد مناقشة المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج الاقتصادي لمصر، على رفع قيمة التمويل بقيمة 5 مليارات دولار، ليصل إجمالي التمويل إلى 8 مليارات دولار.

وقالت فلادكوفا هولار، إن المراجعة المقبلة ستشهد مناقشة قرض إضافي من تسهيل الصلابة والاستدامة بالصندوق، بقيمة 1.2 مليار دولار.

وبخصوص صفقة رأس الحكمة التي مثَّلت نقطة الفصل في الاقتصاد المصري للخروج من أزمة شح الدولار، في صفقة بلغت قيمتها 35 مليار دولار، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد إلى مصر، إن «صفقات مثل رأس الحكمة تساعد في تخفيف الضغوط التمويلية الخارجية... وننتظر من مصر استخدام الموارد الجديدة بحكمة للحد من المخاطر، ودعم الاحتياطيات الحكومية لمواجهة الصدمات، وتخفيف الدين العام».

وعن معدل التضخم المتوقع، قالت إيفانا إن التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع التضخم في مصر على المدى القريب؛ إذ من المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم للسنة المالية المقبلة 25.5 في المائة.

وبخصوص مستوى الدين العام، قالت إن الاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي، سيساعد على خفض مستويات الدين العام في مصر، ويحد من الضغوط التمويلية على الحكومة.

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 3.51 مليار دولار خلال الربع الأخير من 2023، ليسجل إجمالي الدين 168.034 مليار دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقارنة بنحو 164.52 مليار دولار من الربع السابق له المنتهي في سبتمبر (أيلول) 2023، حسب تقرير صادر عن وزارة التخطيط.

ومنذ أن سمح البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه في 6 مارس الماضي، ورفع معدل الفائدة بنسبة 6 في المائة، يتهافت المستثمرون المحليون والأجانب على أدوات الدين بوتيرة قياسية، وفقاً لـ«غولدمان ساكس».

ويوم الخميس الماضي، جمعت وزارة المالية 25 مليار جنيه من بيع أذون خزانة لأجل عام، و35 مليار جنيه من بيع أذون خزانة لأجل 6 أشهر في عطاء، وفق الموقع الإلكتروني للبنك المركزي، والذي أفاد بتراجع متوسط العائد على الأذون أجل عام إلى 25.9 في المائة من 32.3 في المائة، في وقت سابق من الشهر الحالي. كما تراجع العائد على الأذون أجل 6 أشهر إلى 25.74 في المائة، من 31.84 في المائة في وقت سابق من الشهر.

وباع أيضاً البنك المركزي المصري، الأسبوع الماضي، نيابة عن وزارة المالية، سندات خزانة لأجل 3 سنوات ذات العائد الثابت، (يبلغ 25.46 في المائة نزولاً من 26.23 في المائة)، بقيمة 2.9 مليار جنيه.

يأتي هذا بعد أن تراجعت تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر بشكل حاد، لتصل العقود أجل 5 سنوات إلى نحو 5 في المائة مقابل 9.85 في المائة سابقاً، وأكثر من 16 في المائة قبل الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، وهو المستوى الذي تصل إليه عادة الدول المتخلفة عن السداد.


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

تتطلع محافظة جنوب سيناء المصرية إلى تعزيز موقعها كمركز جذب سياحي، سواء على مستوى الاستثمارات أو تدفقات السياح من كل أنحاء العالم.

مساعد الزياني (دبي)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.