تكثف الحكومة السعودية جهودها لمساعدة الأفراد على رفع معدل الادخار في البلاد، عبر تشجيع القطاع الخاص لإصدار صكوك جديدة، وذلك بعد أن طرحت أخيراً، أول صكوك حكومية (صح)، على أن يتم إصدار منتجات حكومية أخرى لحفظ المال وتأمين احتياجات المستقبل للأفراد.
ويهدف برنامج تطوير القطاع المالي، أحد برامج «رؤية 2030»، إلى رفع معدلات الادخار بين الأفراد من خلال تحفيزهم على استقطاع جزء من دخلهم بشكل دوري وتخصيصه للادخار، إضافة إلى زيادة المعروض من المنتجات الادخارية، وإثراء الثقافة المالية والتوعية بأهمية الادخار وفوائده للتخطيط لأهداف مستقبلية.
ووفق تصريح سابق لوزير المالية محمد الجدعان، فإن الصكوك الحكومية (صح) تأتي ضمن مبادرات متعددة تصبو إلى زيادة نسبة الادخار، الذي هو أحد مرتكزات برنامج تطوير القطاع المالي التابع لـ«رؤية 2030»، مفيداً بأنه يجري العمل مع قطاع التقنية المالية لإصدار منتجات أخرى تساعد على الادخار.
وتعمل الحكومة السعودية للوصول إلى مستهدفها في زيادة معدلات الادخار من 6 في المائة إلى المتوسط العالمي البالغ 10 في المائة.
حماية رأس المال
من جهتها، تتنافس شركات التقنية المالية، لطرح منتجات ادخارية أكثر ابتكاراً وأقل تعقيداً، من ضمنها المرابحات التي تشمل الصكوك والودائع.
وقال الرئيس التنفيذي لمنصة «عوائد»، عادل العتيق، لـ«الشرق الأوسط»، إن شركات التقنية المالية تسعى في الوقت الحالي لطرح منتجات ادخارية جديدة ذات عوائد منخفضة المخاطر، مضيفاً أن الادخار أصبح ضرورياً للحفاظ على رأس المال وحمايته من تأثير التضخم وارتفاع الأسعار الذي يحصل مع مرور الوقت. وأفاد بأن الطريقة المثلى للحفاظ على رأس المال هو ادخاره في المرابحات بدلاً من إبقائه راكداً لمدة طويلة في الحساب البنكي.
وبيّن العتيق أن شركات التقنية المالية في السعودية تعمل حالياً على تطوير عدة منتجات ادخارية، تختلف عن غيرها بسهولة استخدامها وذات فترة استثمارية قصيرة.
وأوضح أن شركة «عوائد» تعتزم طرح منتجات ادخارية خلال الفترة المقبلة، مبيناً أنها ستتميز بفترتها الفصيرة التي تبدأ من ثلاثة أشهر وبمبلغ يبدأ من ألف ريال (266 دولاراً)، كما ستكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية ومرتبطة بعدة بنوك محلية.
حالات الطوارئ
وأشار الخبير الاقتصادي أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، إلى أهمية الادخار على الفرد والأسرة، لعدة أسباب مثل تأمين المستقبل المالي، أو توفير فرص تعليم أفضل للأطفال، وشراء منزل، أو مرحلة التقاعد، بالإضافة إلى التعامل مع حالات الطوارئ المالية، والسعي للاستقلال المالي من خلال الادخار.
وبحسب الشهري، يتيح الادخار للأفراد والأسر أن يحققوا درجة من الاستقلالية المالية، التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم المالية دون الحاجة لتكبد الديون أو الاعتماد على مصادر خارجية. كما أنه يساهم في التخفيف من التوتر والقلق بشأن الأمور المالية، ويمنح الفرد والأسرة شعوراً بالأمان والثقة في مواجهة المصاعب المالية التي قد تنشأ.
وأكمل الشهري أن السعودية تشهد تحولاً كبيراً في الثقافة الادخارية في السنوات الأخيرة. وقد بدأت الحكومة بتعزيز الوعي المالي والادخار من خلال حملات توعوية وبرامج تثقيفية وإطلاق برامج ادخارية للأفراد.
وأضاف أنه يمكن تعزيز الثقافة الادخارية عبر تضمين تعليم المال والادخار في المناهج الدراسية وتوفير برامج تثقيفية للشباب والبالغين، وزيادة الثقافة المالية من خلال التركيز على أهمية الاستثمار المالي المناسب، والتعريف بالخيارات المتاحة لهم لتحقيق عائد مالي على المدى الطويل.
وأوصى الشهري بوضع ميزانية يتم فيها تحديد الدخل والنفقات المختلفة، تشمل النفقات الضرورية، والاستثمار، والترفيه، مع إعطاء الأولوية القصوى للضروريات والحاجات الأساسية، بالإضافة إلى تحديد نسبة معينة من الدخل للادخار. كما يجب تجنب الديون، والاعتماد الزائد على بطاقات الائتمان، والحرص على عدم تراكم الديون وتسديدها في الوقت المناسب.
الادخار والاستثمار
وذكر الشهري أن الادخار يشير إلى تجميع الأموال وتوفيرها في حسابات مخصصة أو ودائع ثابتة، ويعد أكثر أماناً ويوفر سيولة مالية في حالات الطوارئ، أما الاستثمار فيحمل مخاطر أعلى، ولكنه يمكن أن يحقق عائداً مالياً أكثر على المدى الطويل.
وواصل، أن الحل الأمثل هو التوازن بين الادخار والاستثمار بناءً على الأهداف الشخصية والظروف المالية لكل فرد. قد يكون من الجيد الحفاظ على جزء من الأموال في حسابات الادخار للطوارئ والاحتياجات القريبة.
وكانت أطلقت وزارة المالية والمركز الوطني لإدارة الدين، أول منتج ادخاري مخصص للأفراد ومدعوم من الحكومة، وذلك تحت اسم «صح»، بقيمة ألف ريال للصك الواحد، وبنسبة عوائد تتجاوز 5 في المائة، يحصل عليها المستثمر بعد مرور عام كامل من تاريخ شراء الصك. وأقفلت هذه الصكوك أول جولتين ادخاريتين لشهري فبراير (شباط) الماضي ومارس (آذار) الحالي، بقيمة تلامس ملياري ريال (533 مليون دولار).