وجّه الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص مجدداً انتقادات الى وكالة الطاقة الدولية من دون أن يسميها، فقال إن الدعوات التي تنادي بالتخلي عن النفط «مغلوطة وغير واقعية»، متوقعاً أن يستمر النفط في لعب دور مهم وحيوي في أسواق الطاقة العالمية على مدى العقود القادمة، ومشيراً إلى إن «الاستغناء عنه ليس بالأمر السهل».
تصريحات الغيص التي أدلى بها إلى وكالة الأنباء الكويتية (كونا) جاءت بعد نشر رسالة موقعة من مشرعين جمهوريين أميركيين وموجهة إلى المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، تضمنت انتقادات إلى اداء الوكالة وأنها «ابتعدت عن مهمتها الأساسية» المتمثلة في حماية أمن الطاقة، وبرزت باعتبارها «قائدة مشجعة» على التحول الأخضر.
كما وصف الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر، التخلص التدريجي من النفط والغاز بأنه نوع من الخيال، قائلاً إن الجداول الزمنية الحالية لتحول الطاقة «ضرب من الخيال»، وهو ما يستدعي «إعادة ضبط» لخطط الاستبدال السريع للوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة.
وحذر الغيص في المقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية، يوم الأحد، من المخاطر الجسيمة التي من الممكن أن يعاني منها العالم إذا توقف إنتاج النفط أو تم وقف استخدامه. وتوقع أن يستمر النفط في شغل دور هام وحيوي في أسواق الطاقة العالمية لسنوات وعقود قادمة،
وأشار إلى الأهمية البالغة للنفط في حياة جميع البشر بلا استثناء إذ يستخدم النفط الخام ومشتقاته في العديد من الأنشطة اليومية الحيوية التي يقوم بها الناس باختلاف أماكنهم وجنسياتهم ووظائفهم واهتماماتهم وأبرزها التنقل والسفر وتوليد الطاقة والصناعة.
وأوضح أن عوامل وفرة النفط وسهولة استخراجه وتكريره ونقله وتواجده بأسعار معقولة تبلور الدور الهام للنفط منذ اكتشافه قبل عدة عقود «حتى أصبح عنصرا رئيسيا يرتكز عليه الاقتصاد العالمي وأصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية نعتمد عليه لأن إمداداته مضمونة وإنتاجه مستمر».
وقال: «كثرت الأصوات في السنوات الأخيرة التي تنادي بالتخلي عن النفط بحجة الحفاظ على البيئة»، محذراً من المخاطر الجسيمة التي من الممكن أن يعاني منها العالم إذا توقف إنتاج النفط أو تم وقف استخدامه.
وعن أبرز القطاعات التي ستتأثر باختفاء النفط قال الغيص إن التأثير سيمتد ليشمل وسائل النقل سواء كانت جوية أو بحرية أو برية ومركبات الطوارئ مثل سيارات الإسعاف وإنتاج الأغذية وتغليفها وتخزينها إضافة إلى الأدوية ومعدات المستشفيات والمستلزمات الطبية.
وأضاف أن التأثير السلبي لاختفاء النفط سيطول مصادر الطاقة المتجددة مثل صناعة توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية لأن إنتاجها مرتبط بمنتجات نفطية وبطاريات أيونات الليثيوم للسيارات الكهربائية فضلا عن عدم إمكانية إنتاج مواد النظافة مثل الصابون ومعجون الأسنان.
وأكد الغيص أن اختفاء النفط ستكون له تداعيات كارثية مثل فقدان الملايين لوظائفهم وكبح جماح الإنتاج الصناعي في العالم والنمو الاقتصادي العالمي كما سيفاقم من أزمة فقر الطاقة في دول كثيرة حول العالم في وقت يفتقد فيه الملايين لأبسط الاحتياجات الكهربائية مثل الإضاءة.
وأضاف «يعاني تقريبا 2.3 مليار نسمة من عدم توافر المعدات والوقود الملائم للطبخ وهي كلها أمور هامة في حياة الناس يوفرها النفط كمصدر للطاقة». ودعا في هذا الصدد، إلى تشجيع الصناعة النفطية والاستثمار فيها وتطويرها مع الاهتمام بالمعايير البيئية مؤكدا أن هذه هي رسالة (أوبك) للعالم.
تأييد أوبك
ولفت الغيص إلى أن «أوبك» باتت تلاقي تأييدا واسعا لهذا الصوت الذي ينادي بالعقلانية لإيجاد حلول واقعية في وقت انتشرت فيه معلومات مغلوطة غير مبنية على أسس علمية حول هذه المسألة، مشيرا في الصدد إلى انتشار تقارير حول التوقعات بالوصول إلى ذروة الطلب على النفط بحلول عام 2030 «وهي للأسف مبنية على أسس أيديولوجية» تدفع باتجاه التخلي عن النفط والغاز والوقود الأحفوري بشكل عام.
وأفاد بأنه عند النظر إلى المستقبل ودراسة التغيرات المتوقعة فإن (أوبك) ليست وحدها بل هناك العديد من التقارير المهمة الصادرة عن جهات استشارية عالمية في قطاع الطاقة تؤكد على استمرارية الدور الهام والمحوري للنفط في السنوات والعقود القادمة نتيجة للنمو السكاني المتوقع أن يصل إلى 9.5 مليار نسمة بحلول 2045 «وغالبية هذا النمو السكاني سيتركز في الدول النامية اقتصاديا».
وتوقع تضاعف حجم الاقتصاد العالمي عن مستواه الحالي بحلول عام 2045 «وجميع هذه التطورات تؤكد على أن العالم سيحتاج إلى جميع مصادر الطاقة المتوفرة إذ من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بمقدار 23 في المائة وسيصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى 116 مليون برميل يوميا بحلول عام 2045».
ولفت إلى أن هناك سيناريو آخر في توقعات (أوبك) يفيد بأنه من الممكن أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى 120 مليون برميل يوميا بحلول عام 2045، مؤكداً أنه يجب تأمين استثمارات كافية لتوفير هذه المستويات الهائلة للطلب على الطاقة والنفط.
وأضاف أنه لتأمين الإمدادات اللازمة من النفط يجب ضخ نحو 14 تريليون دولار لاستثمارها في مختلف أنشطة الصناعة النفطية بحلول عام 2045 «وهذا الأمر يعزز من أمن الطاقة ويساعد أيضا في تطوير التقنيات المطلوبة لخفض الانبعاثات».