«أوبك»: تعليقات وكالة الطاقة بشأن أهمية أمن النفط «مشجعة»

وزيرة الطاقة البريطانية تصف من يدعو لوقف إنتاج النفط والغاز بـ«الساذج»

نموذج لحفارة نفط وفي الخلفية شعار أوبك (رويترز)
نموذج لحفارة نفط وفي الخلفية شعار أوبك (رويترز)
TT

«أوبك»: تعليقات وكالة الطاقة بشأن أهمية أمن النفط «مشجعة»

نموذج لحفارة نفط وفي الخلفية شعار أوبك (رويترز)
نموذج لحفارة نفط وفي الخلفية شعار أوبك (رويترز)

زاد الزخم حول أهمية النفط ضمن مزيج الطاقة العالمي في المستقبل على مدار الأيام الماضية، وذلك بعد تأكيدات على أن اعتماد العالم على النفط لا يزال «متجذرا»، بالنسبة للعالم أجمع.

وبينما كانت أوبك تنادي دائما بأهمية وأمن النفط، وتدعو لزيادة الاستثمارات في القطاع لضمان أمن الطاقة العالمي بأسعار مقبولة، إلا أنها واجهت اعتراضات كثيرة ومتكررة من جهات عدة، أبرزها وكالة الطاقة الدولية، التي قالت مرارا وتكرارا إن ذروة النفط تقترب يوما بعد يوم.

لكن يبدو أن وكالة الطاقة الدولية عدلت عن هذا الرأي، وذلك بعد تأكيدها في تقديرات نشرت مساء الاثنين، وكتبها المحلل رونان جراهام المعني بأمن الطاقة والباحث إلياس أتيجي، أن اعتماد العالم على النفط «لا يزال متجذرا، لذا فإن تعطل الإمدادات لا يزال من الممكن أن يسبب ضررا اقتصاديا كبيرا وأن يكون له تأثير سلبي كبير على حياة الناس». وزادت وكالة الطاقة الدولية: «سيكون التركيز القوي على أمن النفط أمراً بالغ الأهمية طوال فترة التحول إلى الطاقة النظيفة».

وسرعان ما أثنت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) على هذه التقديرات، التي سلطت الضوء على أهمية أمن النفط، وأكدت أن أمن النفط حيوي للجميع، وقالت إنه يتعين على جميع أصحاب المصلحة في الصناعة التركيز على أمن النفط والمساهمة فيه، بجميع جوانبه، نظراً للفوائد الهائلة التي يواصل النفط والمنتجات النفطية المشتقة منه تقديمها للناس والدول في جميع أنحاء العالم.

وقالت أوبك، إنها أحيطت علماً بتأكيد وكالة الطاقة مجدداً على أهمية أمن النفط في تحولات الطاقة، مؤكدة «شجعتنا هذه الرسالة والإشارة إلى الأهمية المستمرة للنفط بالنسبة للعالم».

إشادة أوبك جاءت بعد تأكيد وكالة الطاقة الدولية في تعليقها، أن «التركيز الدائم على أمن النفط هو نتيجة للحاجة المستمرة إلى النفط لتزويد السيارات والشاحنات والسفن والطائرات، وكذلك لإنتاج البتروكيميائيات اللازمة لتصنيع عدد لا يحصى من المواد اليومية».

لكن أوبك عاودت لتذكر وكالة الطاقة الدولية، بمسؤوليتها في حالة الغموض في حجم الاستثمار بقطاع النفط، وأوضحت أن دعوات وكالة الطاقة الدولية لعدم توجيه استثمارات جديدة في النفط والغاز الطبيعي «ساهمت بشكل كبير في حالة الغموض هذه».

كان تقدير الوكالة أشار إلى أن «هناك درجة عالية من الغموض بشأن مدى سرعة انخفاض الطلب، مما يترك شركات النفط في مواجهة قرارات صعبة ومحفوفة بالمخاطر تجاريا بشأن الاستثمار في عمليات المنبع»، وأشارت إلى أن الغموض في الاستثمار يزيد من خطر اختلال التوازن بين العرض والطلب.

وبالنظر إلى استمرار دور أوبك في تأمين المعروض من النفط لضمان أمن الطاقة العالمي، أكدت المنظمة على أنها ستستمر في «التأكيد على أن أمن الطاقة والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة وخفض الانبعاثات يجب أن تسير جنباً إلى جنب، بينما نتطلع إلى نهج يشمل جميع الطاقات والتكنولوجيات وجميع الشعوب إزاء التحولات في مجال الطاقة».

كان الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص، قد دعا إلى الحذر من تعريض الحاضر للخطر، باسم إنقاذ المستقبل، وذلك في مقال نشرته المنظمة يوم الاثنين، أسهب فيه في عرض المخاطر التي سيشهدها العالم والاقتصاد الدولي من دون نفط.

ويبدو أن المقال لاقى توافقا كبيرا من وزراء الطاقة حول العالم، إذ قالت وزيرة الدولة لأمن الطاقة وصافي الصفر البريطانية، كلير كوتينيو، إن «من قال إننا قادرون على إيقاف النفط والغاز ليس مخطئاً فحسب، بل هو ساذَج أيضاً»، مشددة على أنه «يجب أن نكون حازمين وواقعيين بشأن مستقبل نظام الطاقة لدينا».

كلام كوتينيو جاء خلال عرضها استراتيجيتها للغاز، في خطاب ألقته بمركز الأبحاث «تشاتام هاوس»، في وسط لندن، الثلاثاء، قالت فيه: «تخيلوا لو أخبرنا الناس أننا سنغلق جميع محطات الوقود، اليوم، لأننا نعتقد أن السيارات الكهربائية ستكون هي القاعدة في عام 2050. سيقول لنا الناس بحق إننا كنا مجانين، إن غرائزهم ستخبرهم بأننا لا نستطيع التأثير على هذا النوع من التغيير بين عشية وضحاها».

وأضافت: «لا توجد حلول سهلة في مجال الطاقة، بل هناك مقايضات فقط. إذا اضطرت البلدان إلى الاختيار بين صافي الصفر والحفاظ على سلامة ودفء مواطنيها، فصدِّقوني إنها ستختار إبقاء الأضواء مُضاءة... لن نسمح بأن نضع أنفسنا في هذا الموقف. وهكذا، بينما نواصل التحرك نحو الطاقة النظيفة، يجب علينا أيضاً أن نكون واقعيين. يحتاج نظام الطاقة، القائم على مصادر الطاقة المتجددة، إلى دعم محطات الطاقة، والتي يمكننا تكثيفها وتقليصها عندما لا يكون الجو عاصفاً أو مُشمساً بدرجة كافية».

وشددت على أهمية احتياطي الغاز لمصادر الطاقة المتجددة، محذرة من احتمال انقطاع التيار الكهربائي من دونه. وقالت: «دون دعم الغاز لمصادر الطاقة المتجددة، فإننا نواجه احتمالاً حقيقياً بانقطاع التيار الكهربائي. وكانت بلدان أخرى في السنوات الأخيرة مهددة بشدة بسبب القيود المفروضة على العرض، حتى إنها اضطرت للعودة إلى الفحم».

وتوجهت إلى جميع شركات توليد الكهرباء في المملكة المتحدة، قائلة: «ستلعب مصادر الطاقة المتجددة دوراً حاسماً أكثر من أي وقت مضى في تزويد بريطانيا بالطاقة، لكنني لن أخاطر بأمن الطاقة لدينا من خلال رفض معالجة الخيارات الصعبة قصيرة المدى التي نحتاج إلى اتخاذها».


مقالات ذات صلة

بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

الاقتصاد بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقشا خلاله اتفاق «أوبك بلس» الخاص بإنتاج النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد) «الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)

هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

يضع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، والجمهوريون في الكونغرس «وكالة الطاقة الدولية» في مرمى نيرانهم، حيث يخططون لمراجعة دور الولايات المتحدة فيها وتمويلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، (الأربعاء)، إن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات المقطرات، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.