الرئيس الجديد لمصرف تركيا المركزي: أولويتنا خفض التضخم

تعهد في أول بياناته بالحفاظ على التشديد النقدي ومراقبة سلوك التسعير

رئيس مصرف تركيا المركزي الجديد فاتح كاراهان (موقع المركزي التركي)
رئيس مصرف تركيا المركزي الجديد فاتح كاراهان (موقع المركزي التركي)
TT

الرئيس الجديد لمصرف تركيا المركزي: أولويتنا خفض التضخم

رئيس مصرف تركيا المركزي الجديد فاتح كاراهان (موقع المركزي التركي)
رئيس مصرف تركيا المركزي الجديد فاتح كاراهان (موقع المركزي التركي)

أكد الرئيس الجديد للمصرف المركزي التركي فاتح كاراهان، أن المصرف سيواصل سياسة التشديد النقدي خلال الفترة المقبلة ولن يسمح بأي تدهور في توقعاته.

وشدد كاراهان، في أول بيان له صدر الأحد، بعد يوم واحد من توليه منصبه خلفاً لرئيسة المصرف السابقة حفيظة كايا أركان، على أن الهدف الرئيسي والأولوية للمصرف المركزي ضمان استقرار الأسعار.

ووسط توقعات بقفزة جديدة للتضخم في أرقام يناير (كانون الثاني)، التي لم تعلن بعد، قال كاراهان: «نحن مصممون على الحفاظ على التشديد النقدي اللازم حتى ينخفض التضخم إلى مستويات متوافقة مع هدفنا، نتابع عن كثب توقعات التضخم وسلوك التسعير، وبالتأكيد لن نسمح بأي تدهور في توقعات التضخم».

وحدد المصرف المركزي التركي 5 في المائة هدفاً للتضخم على المدى المتوسط، فيما وصل المعدل السنوي إلى 65 في المائة نهاية عام 2023. ويستهدف برنامج الحكومة الاقتصادي متوسط المدى الذي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي 36 في المائة في نهاية العام الحالي و15 في المائة في نهاية عام 2025.

وقال كاراهان، في بيانه، إن «هدفنا الرئيسي وأولويتنا هما ضمان استقرار الأسعار، ونحن مصممون على الحفاظ على التشدد النقدي اللازم حتى ينخفض التضخم إلى مستويات متوافقة مع هدفنا، ولن نسمح بالتأكيد بأي تدهور في توقعات التضخم».

ومن المقرر أن يعلن كارهان، الخميس المقبل، أول تقرير فصلي للتضخم سيصدره المصرف المركزي وسط ترقب لما سيحدثه التغيير في قيادة المركزي التركي بعد إعفاء غايا إركان من منصبها ليل الجمعة - السبت، وتعيين نائبها فاتح كاراهان خلفاً لهاً، وتحديداً على أسعار الصرف عند فتح الأسواق، الاثنين، بعد عطلة نهاية الأسبوع.

توقعات التضخم في يناير

وبالعودة إلى توقعات التضخم، كشفت بيانات غرفة تجارة إسطنبول لمؤشر تحركات أسعار التجزئة في الولاية الأكبر والأكثر ازدحاماً بالسكان، عن ارتفاع في أسعار التجزئة بنسبة 6.72 في المائة وأسعار الجملة بنسبة 4.69 في المائة على أساس شهري في يناير.

وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار التجزئة بنسبة 76.17 في المائة وأسعار الجملة بنسبة 61.48 في المائة، ما يعطى مؤشراً على ارتفاع التضخم على المستوى العام في البلاد في يناير.

ويتوقع خبراء أن يكون التضخم الشهري في تركيا زاد في يناير بأسرع وتيرة له منذ الصيف، واحتمال أن يشكل ذلك اختباراً لتوجهات رئيس المصرف المركزي الجديد، بعدما أعلنت غايا إركان قبل رحيلها المفاجئ، انتهاء دورة التشديد النقدي التي طبقت منذ يونيو (حزيران) الماضي، وتم خلالها تطبيق 8 زيادات في سعر الفائدة الرئيسي ليرتفع من 8.5 إلى 45 في المائة.

ومن المنتظر صدور أرقام التضخم لشهر يناير، يوم الاثنين، وهو أول يوم عمل فعلي لرئيس المصرف المركزي الجديد، مع توقعات بارتفاع التضخم بسبب تطبيق الزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور (49 في المائة) والتعديلات الضريبية التي أقرتها الحكومة.

وبحسب متوسط التوقعات، في استطلاع لآراء اقتصاديين نشرته «بلومبرغ» الأحد، ونقلته وسائل الإعلام التركية، فإن البيانات التي ستصدر اليوم الاثنين قد تظهر أن زيادات الأسعار في يناير، مقارنة بالشهر السابق، بلغت 6.5 في المائة.

وفور إعلان غايا إركان استقالتها، شدد الفريق الاقتصادي في حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان على التمسك بالبرنامج الاقتصادي للحكومة والحفاظ على السياسات التقليدية، بهدف طمأنة المستثمرين.

وأكد نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، أن الحكومة ستحافظ على البرنامج الاقتصادي، ومصممة على المضي قُدما في تنفيذه.

وقال وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك: «هناك ثقة ودعم كاملان لفريقنا الاقتصادي وبرنامجنا».

وعدّ تعيين كاراهان بدلاً من غايا إركان تأكيداً على الاستمرار في السياسات التقليدية التي بعثت على الارتياح لدى المستثمرين، بعد 5 سنوات من التقلبات التي صاحبت تطبيق نموذج غير تقليدي يتمسك بأن خفض الفائدة يقود إلى خفض التضخم.

ويتوقع الخبراء أن تحدد بيانات شهر يناير ما إذا كان التضخم سيظل على المسار الذي يتوقعه المصرف المركزي. وإذا تجاوزت الزيادة الشهرية في الأسعار توقعات المحللين بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى مراجعة تصاعدية للتوقعات، وربما إعادة النظر في سياسة تحديد سعر الفائدة.

وتوقع المركزي التركي، في تقريره الفصلي الرابع والأخير لعام 2023 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن تتباطأ الزيادات الشهرية في الأسعار خلال فبراير (شباط) الحالي وما بعده، لكنه لفت أيضاً إلى أن الطلب المحلي والمخاطر الجيوسياسية، من بين العوامل التي قد تُبقي التضخم عند مستويات مرتفعة وراسخة.

كما توقع أن يصل التضخم إلى ذروته في مايو (أيار) عند 70 في المائة بعد انتهاء تخفيض أسعار استهلاك الغاز الطبيعي لمدة عام خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو الماضي.

وتعهد المركزي التركي بإعادة تقييم السياسة النقدية، إذا ظهرت مخاطر ملحوظة ومستمرة على الاتجاه الأساسي للتضخم.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دي غالهو من «المركزي الأوروبي»: التعريفات الجمركية لترمب لن تؤثر في توقعات التضخم

قال فرنسوا فيليروي دي غالهو، عضو صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إن زيادات التعريفات تحت إدارة ترمب الجديدة لن تؤثر في توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.