بيروت بين أغلى المدن عالمياً في تكلفة المعيشة… والأسوأ في نوعية الحياة

انهيار القدرة الشرائية والتضخم المفرط ينافسان تفشي الفساد

خلال احتجاجات للمودعين في لبنان للمطالبة باستعادة ودائعهم المحتجزة في المصارف ويرفع أحدهم لافتة كُتب عليها «المصرفيون يعيشون في الجنة والمودعون يعيشون في الجحيم» (د.ب.أ)
خلال احتجاجات للمودعين في لبنان للمطالبة باستعادة ودائعهم المحتجزة في المصارف ويرفع أحدهم لافتة كُتب عليها «المصرفيون يعيشون في الجنة والمودعون يعيشون في الجحيم» (د.ب.أ)
TT

بيروت بين أغلى المدن عالمياً في تكلفة المعيشة… والأسوأ في نوعية الحياة

خلال احتجاجات للمودعين في لبنان للمطالبة باستعادة ودائعهم المحتجزة في المصارف ويرفع أحدهم لافتة كُتب عليها «المصرفيون يعيشون في الجنة والمودعون يعيشون في الجحيم» (د.ب.أ)
خلال احتجاجات للمودعين في لبنان للمطالبة باستعادة ودائعهم المحتجزة في المصارف ويرفع أحدهم لافتة كُتب عليها «المصرفيون يعيشون في الجنة والمودعون يعيشون في الجحيم» (د.ب.أ)

احتفظت العاصمة اللبنانية بـ«تفوّقها» السلبي على الصعيدين الإقليمي والدولي في مؤشري تكلفة المعيشة ونوعية الحياة على حد سواء، نتيجة تفاقم التأثيرات الناجمة عن الانهيار النقدي والارتفاعات الصاروخية في نسب التضخم التي بلغت تراكماتها نحو 6 آلاف نقطة مئوية، كما مع تردي معظم الخدمات العامة بما يشمل الانحدار الحاد لمستويات الآمان والرعاية الاجتماعية والصحية.

وإلى جانب التداعيات المستمرة للأزمات المالية والنقدية التي قطعت الربع الأول من عامها الخامس على التوالي، تحجز مؤشرات ضعف الحوكمة، وضعف القضاء، وغياب الشفافية، ومعوقات الحصول على المعلومات، حصة وازنة في تعزيز التدنّي المتواصل لترتيب لبنان في مستويات مدركات الفساد، ليقبع في المرتبة 149 من أصل 180 دولة مدرجة لعام 2023، وفق اللائحة المحدثة لمنظمة الشفافية الدولية.

واقتربت بيروت من قعر التصنيف العالمي وفق مؤشر نوعية الحياة، بعدما حلّت في المركز 191 ضمن قائمة تشمل 195 مدينة في العالم، تُرصد مؤشراتها سنوياً من مؤسسة «نامبيو للإحصاءات». ليتكرس بالتالي الانحدار الحاد في جدول المقارنة على الصعيد الإقليميّ، إذ حصلت مدينة مسقط على النتيجة الأفضل بين المدن العربية في المركز 23 عالمياً، تبعتها مدينة دبي في المركز 39، ومدينة أبوظبي في المركز 43 عالمياً، في حين حلّت القاهرة قريباً من بيروت في المرتبة 185 عالمياً، وفق التقرير الدولي.

وبالتوازي، برزت بيروت بوصفها سادس أغلى مدينة عربيّة في المرتبة 194 ضمن قائمة المدن في العالم، عند مقارنة حزمة أساسية من المؤشرات بمثيلاتها المسجلة في مدينة نيويورك المعتمدة كقياسات مرجعية. وذلك بضغط أساسي من مؤشّر القدرة الشرائيّة الذي سجل 14.9 نقطة في العاصمة اللبنانية، أي أقلّ في القدرة الشرائية بنسبة 85.1 في المائة من مستواها في المدينة الأميركية.

ويظهر التأثير الحاسم لانخفاض العملة الوطنية واستطراداً مداخيل المستهلكين من موظفين وعاملين في القطاعين العام والخاص على السواء، في طغيانه على التصنيف والتقليل من قيم التحسن النسبي الذي طرأ على مؤشرات أساسية حصدتها بيروت، حسب رصد مؤسسة «نامبيو للإحصاءات» للعام الحالي، والمعزَّز بقوائم تُفضي إلى قياس وترتيب المدن المشمولة بمؤشري تكلفة المعيشة ونوعية الحياة.

وفي التفاصيل، سجّل مؤشّر تكلفة المعيشة في بيروت 48.2 نقطة، التي تعني أن الأسعار في بيروت أقل تكلفة بنسبة 51.8 في المائة من مثيلتها في مدينة نيويورك. كذلك سجّلت بيروت نتيجة 18.5 في مؤشّر أسعار الإيجار، مما يعني أنّ أسعار الإيجار أقلّ تكلفة من نظيرتها في المدينة الأميركية بنسبة 81.5 في المائة، وبالمثل تدني بند أسعار السلع المقارنة بنسبة 65.6 في المائة وتدني بند أسعار المطاعم بنسبة 62.8 في المائة.

وبالفعل، يُظهر التطوّر السنوي لمؤشّر تكلفة المعيشة الذي تتابعه المؤسسة الدولية، تسجيل لبنان زيادات قياسية في الأسعار للفترة بين 2019 و2022، قبل أن تعود وتنخفض في 2023 و2024. بفعل التدني المستمر لنتائج مؤشرات أساسية باستثناء مؤشر «القدرة الشرائية». وهو ما يثبت أن الارتفاعات الصاروخية في المؤشّر ترتبط عضوياً بالأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي تمرّ بها البلاد وما خلّفته من موجات غلاءٍ كبيرة جرّاء تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي.

ويتم استخلاص مؤشر نوعية الحياة ارتكازاً إلى نتائج ثمانية مؤشّرات فرعية تشمل مؤشّرات: القدرة الشرائيّة، والأمان، والرعاية الصحّيّة، وتكلفة المعيشة، ومعدَّل سعر المنزل على الدخل الذي يعكس القدرة على تحمّل تكلفة السكن، ومؤشّر حركة المرور أو الوقت المطلوب للتنقّل، والتلوّث، والمناخ.

وفي مقتضيات الاستجابة للتقدم في الترتيب، فإنه من الأفضل أن تكون النتيجة مرتفعة لمؤشرات القدرة الشرائيّة والرعاية الصحّيّة والمناخ، والأمان، في حين يتوجب أن تكون متدنّية في كلٍّ من مؤشّر التلوّث ومعدّل سعر المنزل على الدخل ومؤشّر تكلفة المعيشة ومؤشّر حركة المرور، لكي تحصُل مدينة ما على نتيجة مُرضية في مؤشّر نوعيّة الحياة.

أما في نطاق الفساد، فقد حدّد الفرع المحلي لجمعية الشفافية الدولية مجموعة من الإصلاحات الأساسية المطلوبة، وفي مقدمها الاستعجال بتنفيذ تدابير ملحّة تشمل خصوصاً التطبيق العاجل لقانون الحقّ في الوصول إلى المعلومات، واعتماد الشفافيّة في الإفصاح عن أصول الموظّفين العموميين، وتعزيز المساءلة والشفافيّة، وتسريع تنفيذ استراتيجيّة الشراء العام.

كما طالب بمعالجة الممارسات الغامضة في الإدارة الماليّة العامّة، باعتبار أن الشفافيّة الماليّة هي شرط أساسي للإصلاحات السليمة. وباستقلال النظام القضائي وبمنحه من البرلمان الموارد الملائمة والشفافية اللازمة لمعاقبة كل جرائم الفساد واستعادة الضوابط والتوازنات في السلطة. فضلاً عن تمكين الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد وتزويدها بالموارد اللازمة لمكافحة الفساد بشكلٍ فعّال، وإنهاء الإفلات من العقاب.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
TT

كازاخستان تخفض إنتاجها النفطي وتؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)
وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)

تخطط كازاخستان لإنتاج 88.4 مليون طن من النفط في عام 2024 بدلاً من 90.3 مليون طن المعلن عنها سابقاً، حسبما قال وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف.

وقال ساتكالييف في مجلس النواب في البرلمان يوم الاثنين إن إنتاج النفط في البلاد بلغ 73.5 مليون طن في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، بحسب وكالة «إنترفاكس».

وأوضح أن الإنتاج سيكون أقل مما هو مخطط له بسبب الإصلاحات في حقلي تنجيز وكاشاغان، بالإضافة إلى التزامات كازاخستان بموجب اتفاقية «أوبك بلس».

وأشار إلى أن التزام كازاخستان بإنتاج «أوبك بلس» لعام 2024 محدد بـ1.468 مليون برميل يومياً. وقال: «الوفاء ببنود الاتفاقية ضروري للحفاظ على الاستقرار في سوق النفط العالمية».

وأوضح أن عمليات الإغلاق غير المجدولة في حقل كراتشاجاناك والقيود المفروضة على استهلاك الغاز في محطة معالجة الغاز في أورينبورغ ساهمت أيضاً في انخفاض الإنتاج.

ولفت إلى أن كازاخستان تدرس شحن جزء كبير من صادراتها النفطية عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان على المدى المتوسط.

ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تجعل أستانا أقل اعتماداً على روسيا التي تنقل حالياً الحصة الكبرى من الصادرات الكازاخستانية، وفق «رويترز».

وقال ساتكالييف إن الدولة الواقعة في آسيا الوسطى يمكن أن تزيد شحنات النفط الخام من 1.5 مليون طن متري سنوياً إلى ما يصل إلى 20 مليون طن متري سنوياً مع زيادة إنتاجها من النفط الخام، لكنه لم يقدم إطاراً زمنياً محدداً.

وقال: «هناك اهتمام بتطوير وزيادة حجم شحنات النفط الكازاخستاني تدريجياً في هذا الاتجاه من جانبنا ومن جانب الشركاء الأذربيجانيين». وقال إن كازاخستان ستصدّر 68.8 مليون طن من النفط هذا العام، بما في ذلك 55.4 مليون طن عبر اتحاد أنابيب بحر قزوين، و8.6 مليون طن عبر خط أنابيب أتيراو-سامارا، و3.6 مليون طن عبر بحر قزوين و1.1 مليون طن عبر خط أنابيب إلى الصين. واعتباراً من عام 2026، تتوقع كازاخستان إنتاج أكثر من 100 مليون طن من النفط سنوياً.