الخريف لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لإنشاء تجمّع متكامل لصناعة السيارات الكهربائية في السعودية

وزير الصناعة أكّد رهان المملكة على صناعات المستقبل... وحدّد 3 ركائز لدعم سلاسل الإمداد

TT

الخريف لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لإنشاء تجمّع متكامل لصناعة السيارات الكهربائية في السعودية

الوزير الخريف خلال مشاركته في إحدى الجلسات في منتدى دافوس (من موقع المنتدى)
الوزير الخريف خلال مشاركته في إحدى الجلسات في منتدى دافوس (من موقع المنتدى)

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر بن إبراهيم الخريف، إن بلاده تسعى إلى إنشاء تجمّع متكامل لصناعة السيارات الكهربائية.

وعدّ الخريف، في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، ما حققته المملكة في السنوات القليلة الماضية في مجال صناعة السيارات «دليلاً على رهانها على صناعات المستقبل».

كما أكّد الوزير السعودي أن بلاده ستلعب «بلا شكّ» دوراً أكبر في تعزيز سلاسل الإمداد العالمية، بالنظر إلى موقعها الجغرافي المتميّز، والثروات الطبيعية التي تزخر بها، وتعزيزها للبنى التحتية الأساسية لدعم سلاسل الإمداد وفق «رؤية 2030».

وكشف المسؤول السعودي دخول الاستراتيجية الصناعية الجديدة مرحلة التنفيذ، مشدداً على دور القطاع الخاص في بناء صناعات على أسس اقتصادية وتجارية بحتة.

 

وفيما يلي نصّ الحوار:

 

أطلقتم الاستراتيجية الوطنية للصناعة قبل أكثر من عام، حدثونا عن أبرز ما حققته حتى الآن؟ وما هي أهم القطاعات (النفطية وغير النفطية) التي تدفع النمو الصناعي في السعودية؟

- نستطيع أن نقول اليوم، وبكل ثقة، إن الاستراتيجية أصبحت في مراحل التنفيذ. وهي تشمل شقين، يتعلق الأول بالتنفيذ من خلال الحكومة، ويتمثل في البنية التحتية، والمدن الصناعية، وشبكات الغاز والكهرباء، وكل ما يتعلق بتطوير القدرات البشرية وغيرها. وهي اليوم في الاتجاه الصحيح. ففي الأسبوع الأول من عام 2024، توفرت الميزانية، وبدأنا في إرساء بعض المشاريع.

أما الشق الثاني، وهو الأهم، فيتمثل في القطاع الخاص. إذ إن هناك عملاً كبيراً مع المستثمرين في المملكة وخارجها. ونقوم في هذا الإطار برصد رغبة (واحتياجات) المستثمرين. و(أسّسنا) فرقاً على أكثر من مستوى؛ (يتّصل بعضها) بالمشاريع المليارية الكبرى التي تحتاج إلى العمل عن قرب مع المستثمرين لفهم احتياجاتهم وتحديد متطلباتهم. كما نعمل من جانبنا مع شركائنا في الجهات الحكومية الأخرى، مثل وزارة الطاقة ووزارة الاستثمار وهيئة الغذاء والدواء وغيرها، لتذليل أي عقبات وتسهيل رحلة المستثمر.

ويبشر عدد المشاريع (المندرجة) اليوم على قائمة التنفيذ بالخير، ونبقى حريصين على تسريع تحقيق هذه المشاريع.

 

ما الدور الذي تلعبه السعودية في تعزيز سلاسل الإمداد العالمية، خاصة مع استمرار تعثرها بعد جائحة كورونا؟ وهل تتوقعون أن تلعب السعودية دوراً أكبر في سلاسل الإمداد الصناعية إقليمياً وعالمياً؟

- الإجابة السريعة على هذا السؤال هي «دون شك». إذ إن جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا في الصناعة والتعدين وفي الخدمات اللوجيستية وفي الصادرات، هو أن تكون المملكة لاعباً مهماً.

شاركت «في دافوس» بجلسة حوار حول موضوع سلاسل الإمداد. وقد يغفل البعض، اليوم، الفرص المتاحة أمام بلد مثل المملكة للمشاركة في حل مشاكل سلاسل الإمداد.

فمن جانب، تتمتع المملكة بموقع جغرافي متميز جداً، وبالثروات الطبيعية الموجودة فيها. كما مكّن العمل، منذ إطلاق رؤية 2030، على تعزيز القدرات في البنية التحتية؛ سواء في الموانئ أو الطرق أو في السكة الحديد، من وضع المملكة في موقف جيد (يتيح لها) تقديم الكثير من الحلول.

أما فيما يتعلّق بالشق الصناعي، فإن الاستراتيجية الصناعية ستفتح المجال دون شك لدخول صناعات كثيرة لم تكن موجودة في المملكة، وذلك استجابةً للطلب المحلي والعالمي.

آخر شيء أودّ قوله في هذا الصدد، هو أن التطورات التقنية التي حصلت في السنوات الـ15 الماضية، في القطاع الصناعي تحديداً، تُمكّن من بناء قدرات صناعية بإنتاج أقل من السابق. ففي السابق، كانت بعض القدرات تُحتّم إنتاج مائة وحدة من شيء معين. أما اليوم، فيمكن إنتاج عشرات الوحدات فقط لتكون منافساً. (تشمل هذه التقنيات) الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والطباعة بالإضافة.

كل هذه التقنيات تشكّل فرصة مهمة. ويعوّل جزء أساسي من استراتيجيتنا على تبنّي هذه التقنيات والإسراع فيها. لذلك، (أنشأنا) في الوزارة برنامج مصانع المستقبل لمساعدة المصانع على التحول بشكل سريع.

الوزير الخريف خلال مشاركته في إحدى الجلسات في منتدى دافوس (من موقع المنتدى)

 

بالحديث عن التقنيات الحديثة، تعمل السعودية على إنشاء قطاع متكامل لصناعة السيارات الكهربائية. حدثونا عن الشراكات المبرمة والمتوقعة في هذا المجال؟ وهل ستنجح هذه الشراكات في تلبية الطلب المحلي؟

- ميزة قطاع السيارات أنه يخلق قاعدة صناعية عريضة، ويساعد على بناء القدرات التي يحتاجها القطاع نفسه، والتي يمكن كذلك استخدامها في قطاعات أخرى. هنا تبرز أهمية هذا القطاع في أثره على القطاع الصناعي بشكل عام، وبناء القدرات الصناعية. فضلاً عن أن المملكة تعدّ أكبر دولة مستوردة للسيارات، ليس بها صناعة السيارات.

قد نكون تأخّرنا في صناعة السيارات، لكن ما تحقق خلال السنوات الماضية دليل على أن المملكة تراهن على صناعات المستقبل، خاصة بالنظر إلى أن الشركات الثلاث (لصناعة السيارات في السعودية) ستنتج سيارات كهربائية.

نعمل مع هذه الشركات لمساعدتها في تنفيذ المشاريع بشكل جيد. فقد افتتحت «لوسيد» قبل عدة أشهر، المرحلة الأولى في التصنيع من خلال التجميع. والخطة تسير في الاتجاه الصحيح في المصانع الأخرى.

لكننا نعمل مع الشركات أيضاً لجذب الموردين، وبناء «تجمّع متكامل» لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة. ويتم هذا الجهد بالتعاون بين وزارة الاستثمار ووزارة الطاقة ووزارة الصناعة، لضمان وجود الموردين بالقرب من هذه الشركات، لتكون منافِسة.

 

كيف تقيمون جهود تنويع قطاع الصناعة ودعم الصناعات غير النفطية منذ إعلان «رؤية 2030»؟

- يمكن اعتبار ذلك من أهم أهداف رؤية المملكة 2030، وأهم أهداف الاستراتيجية الصناعية. بنيت هذه الاستراتيجية في الحقيقة على ثلاثة مسارات مهمة، ونهدف إلى أن نكون منافسين في جل هذه المسارات. وألا تكون أي من الصناعات مبنية على دعم حكومي أو غيره، وإنما على أسس اقتصادية وتجارية بحتة.

الشق الأول من استراتيجيتنا الصناعية هي الصناعات المرتبطة بأمننا الصحي والغذائي والعسكري والمائي. هذه هي الصناعات التي نحاول أن نهيئ لها الظروف لأن تنشأ، وتقوم بشكل سريع من خلال مجموعة من الأدوات، من أهمها المحتوى المحلي.

أما الشق الثاني من الصناعات، وهي صناعات رفع القيمة المضافة من الموارد الطبيعية، سواء النفط أو الغاز أو البتروكيماويات أو الصناعات التعدينية، (فيركّز على) سبل مشاركة المملكة في الصناعات المرتبطة بالصناعات التحويلية في قطاع البتروكيماويات، وإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة في قطاع التعدين.

لدينا تجربة ممتازة مثلاً في صناعة الألومنيوم. فقد أصبح اليوم جزءاً لا يستهان به من صادراتنا في قطاع الألومنيوم يتعلق بتصدير منتجات عالية القيمة تدخل في صناعة السيارات والتغليف.

كما نعمل مع شركات الطيران لتأهيل منتجاتنا لهذا القطاع.

الشق الثالث من الاستراتيجية، يركز على المستقبل. أي كيف نجعل المملكة جاهزة لصناعات المستقبل وتستفيد من التوجهات العالمية الجديدة، مثل الطاقة المتجددة والصناعات المرتبطة بالفضاء وصناعة الطائرات. فضلاً عن عدد من الصناعات التي قد لا تكون اليوم معروفة، ولكننا نودّ أن نكون جاهزين «لاعتمادها» من خلال «تعزيز» قدرات البحث والتطوير والابتكار والقدرات البشرية.

 

في إطار جهود مكافحة التغير المناخي، التزمت الوزارة بتعزيز جهود حماية البيئة. حدّثونا عن جهود إزالة الكربون من القطاعات الصناعية.

- لدينا مشروع بالتعاون مع وزارة الطاقة، بحكم أنها الوزارة التي تقود هذا الملف. وكنا قد أعلنا بداية العام عن برنامج لإزاحة ما يعادل قرابة مليون برميل تُستخدم لتوليد الطاقة في الصناعات واستبدالها.

هناك عمل كبير جداً أيضاً لمساعدة المستثمرين، وبالذات المستثمرين الجدد، الذين تتطلب طبيعة استثماراتهم طاقة كثيفة لبناء هذه القدرات وفق خطة واضحة للتحول إلى الطاقة المتجددة.

إلى ذلك، أعطتنا المشاريع الثلاثة التي أطلقت مؤخراً في مجال الطاقة الشمسية، قناعة بأن المملكة ستكون منافساً (في هذا المجال). إذ إن الأسعار التي حصلنا عليها من خلال هذه المشاريع مشجّعة جداً، وتجعلنا نتفاءل بتحقيق أهدافنا.

 

تحدّثتم أخيراً عن أهمية إعادة هيكلة كاملة لعدد من القطاعات الصناعية. ما أهم القطاعات التي تستهدفونها؟ ولماذا؟

- ينبغي أن تستجيب الصناعات لديناميكية السوق. اليوم، هناك حاجة إلى أن تقوم الجهات التشريعية، مثل وزارة الصناعة وغيرها، بمساعدة هذه الديناميكية إلى الاتجاه المناسب. أعطي هنا مثالاً قطاع الحديد. فقد وجدنا أنه قطاع لا يقدم المنتجات التي تحتاجها الصناعة. إذ إن معظم صناعة الحديد الموجودة في المملكة تتجه لإنتاج منتجات مرتبطة بالبناء والتشييد.

رأينا أن هذا القطاع بحاجة إلى إعادة هيكلة، بحيث يساهم في الصناعة بشكل عام، من خلال توفير المنتجات من الحديد التي تدخل في صناعة السفن والمعدات، وفي الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة وفي التوسع في البنية التحتية وغيرها.

عليه، عملنا مع القطاع الخاص والشركات الكبرى التي لها رغبة في العمل في المملكة، وأعدنا هيكلة القطاع ليكون مشاركاً حقيقياً. وجزء مما حصل في إعادة الهيكلة دفع الشركتين الكبيرتين إلى الاندماج؛ شركة حديد «سابك» مع «الراجحي» لإنشاء شركة جديدة.

لذلك، يركّز جانب السياسات في الاستراتيجية الصناعية على إعادة هيكلة بعض القطاعات، وكيف نستطيع كحكومة المشاركة دون إرباك هذه القطاعات.

قطاع الأدوية هو كذلك مثال على القطاعات التي عملنا عليها، وساهمت التغييرات الهيكلية التي خلقت في القطاع في نمو كبير جداً لقدرات تصنيع الأدوية. وأعلنا قبل فترة قريبة عن توطين الإنسولين في المملكة. ولم يكن من الممكن لهذه الإنجازات أن تتحقق في غياب هيكلة تسمح للشركات أن تستثمر وتطمئن على استثماراتها.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.