أكبر المصارف الأميركية تحقق أرباحاً قوية في 2023 بدعم من الفائدة

رغم الأزمة التي واجهت القطاع وانهيار «سيليكون فالي» و«سيغنتشر»

فرع «جي بي مورغان تشيس» في مدينة نيويورك (رويترز)
فرع «جي بي مورغان تشيس» في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

أكبر المصارف الأميركية تحقق أرباحاً قوية في 2023 بدعم من الفائدة

فرع «جي بي مورغان تشيس» في مدينة نيويورك (رويترز)
فرع «جي بي مورغان تشيس» في مدينة نيويورك (رويترز)

حققت أكبر المصارف الأميركية أرباحاً قوية العام الماضي، مدعومة بارتفاع أسعار الفائدة والاقتصاد القوي، رغم الاضطرار إلى التعامل مع تكاليف الصناعة المستمرة للأزمة المصرفية في العام الماضي التي تسببت في انهيار مصرفي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر».

كان لدى جميع المصارف رسوم لمرة واحدة في نتائجها ربع السنوية، وكان الكثير منها يتعلق على وجه التحديد بأعمالها الخاصة، مما يجعل هذا الربع فوضوياً بشكل خاص.

لكن بغض النظر عن اضطراب الذعر المصرفي والرسوم، فإن المصارف كانت تتمتع بالقوة في الغالب في عام 2023. إذ استفادت من سوق العمل المرن، والمستهلكين الأميركيين الذين، رغم التضخم، استمروا في الإنفاق ولم يتخلفوا عن سداد ديونهم، وارتفاع أسعار الفائدة.

«جي بي مورغان»

قال مصرف «جي بي مورغان تشيس» إن أرباحه انخفضت بنسبة 15 في المائة في الربع الرابع، رغم إعلان المصرف عن إيرادات فصلية قياسية.

وانخفضت أرباح «جي بي مورغان» لأنه كان مطلوباً منه دفع 2.9 مليار دولار إلى المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع كجزء من تقييم خاص لمرة واحدة على مستوى الصناعة من قبل الهيئة التنظيمية لتغطية تكاليف 16.7 مليار دولار لتغطية المودعين غير المؤمن عليهم المحاصرين في انهيار «سيليكون فالي». وتدفع بنوك أخرى مثل «سيتي» و«بنك أوف أميركا» هذا التقييم أيضاً.

وبغض النظر عن ذلك، حقق «جي بي مورغان» أرباحاً مذهلة بلغت 50 مليار دولار في العام الماضي، ارتفاعاً من أرباح قدرها 37.6 مليار دولار في عام 2022. وبلغت إيرادات أكبر مصرف في البلاد ما يقرب من 160 مليار دولار. وعلى أساس كل سهم، حقق «جي بي مورغان» ربحاً قدره 3.04 دولار للسهم، وهو أقل مما توقعه المحللون، لكن التوقعات لهذا الربع تم إلغاؤها بسبب هذه الرسوم لمرة واحدة.

وقال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة «جي بي مورغان»، في بيان: «لا يزال الاقتصاد الأميركي يتمتع بالمرونة، حيث لا يزال المستهلكون ينفقون، وتتوقع الأسواق حالياً هبوطاً سلساً». ويشير الهبوط الناعم إلى خطة الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم دون التسبب في الركود.

رسم المصرف صورة قوية نسبياً لإنفاق المستهلكين، حيث أظهر أن عملاء «جي بي مورغان» أنفقوا 8 في المائة أكثر على بطاقاتهم مقارنة بالعام الماضي ويحملون أرصدة بطاقات ائتمان أعلى بنسبة 14 في المائة. وخصص المصرف المزيد لتغطية القروض المعدومة، لكنه قال إن صحة المستهلك لا تزال قوية.

وقال جيريمي بارنوم، المدير المالي لمصرف «جي بي مورغان» «الجميع يريد أن يرى مشكلة، لكن الحقيقة أننا لا نراها الآن».

«سيتي غروب»

في ظل المعاناة من الاضطرابات الجيوسياسية، سجل «سيتي غروب» خسارة في الربع الرابع بسبب تقييم مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية والرسوم الأخرى المتعلقة بإعادة الهيكلة على مستوى الشركة التي قام الرئيس التنفيذي جين فريزر بتفصيلها للمستثمرين في أواخر العام الماضي. وتضمن جزء من هذه الخطة إعلاناً يوم الجمعة عن إلغاء 20 ألف وظيفة، أي ما يقرب من 10 في المائة من القوة العاملة.

وأعلن «سيتي»، وهو أكثر المصارف الدولية، عن خطط مختلفة لتقليص أو إعادة هيكلة أو بيع العديد من أعماله في العامين الماضيين. ويقوم المصرف ببيع بنك باناميكس، فرعه في المكسيك، ويقوم فعلياً بتصفية عملياته الروسية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل عامين.

وسجل «سيتي» خسارة قدرها 1.8 مليار دولار في الربع الرابع مقارنة بأرباح قدرها 2.5 مليار دولار في العام السابق.

«بنك أوف أميركا»

وإلى جانب تقييم مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية وبعض الرسوم الأخرى التي يتم دفعها لمرة واحدة، انخفضت أرباح «بنك أوف أميركا» بنسبة 50 في المائة عن العام السابق. لقد مر «بنك أوف أميركا» بعام صعب نسبياً لأن ميزانيته العمومية تميل نحو الأوراق المالية قصيرة الأجل، مما يعني أنه اشترى الكثير من الأوراق المالية أثناء الوباء عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة. هذه السندات والأوراق المالية الأخرى لا تدر الكثير من العائدات بسبب انخفاض أسعار الفائدة.

ولكن مثل «جي بي مورغان»، كان المسؤولون التنفيذيون في البنوك الأخرى متفائلين بشأن المستهلك.

وقال أليستر بورثويك، المدير المالي لـ«بنك أوف أميركا»، في اتصال مع الصحافيين: «لا يزال المستهلك لديه الكثير من القوة».

«ويلز فارغو»

إحدى النقاط المضيئة كان «ويلز فارغو». حقق مصرف «ويلز» ومقره سان فرانسيسكو أرباحا بلغت 3.45 مليار دولار، أو 86 سنتا للسهم الواحد، من إيرادات بلغت 20.5 مليار دولار. وحققت الأرباح أهداف محللي وول ستريت بينما جاءت المبيعات قبل التوقعات مباشرة. وكان المحللون يبحثون عن ربح قدره 86 سنتاً للسهم الواحد على إيرادات بقيمة 20.3 مليار دولار.

وعلى مدار العام بأكمله، زادت إيرادات «ويلز» بنسبة 11 في المائة مقارنة بعام 2022، لتقفز إلى 82.6 مليار دولار. وقد تعزز ذلك بارتفاع صافي إيرادات الفوائد بنسبة 16 في المائة. بلغت ربحية السهم لعام 2023 4.83 دولار، بزيادة 48 في المائة تقريباً عن 3.27 دولار في العام السابق.


مقالات ذات صلة

أكبر 4 بنوك أميركية تحقق أعلى حصة من أرباح القطاع منذ عقد

الاقتصاد لافتة خارج المقر الرئيسي لبنك «جيه بي مورغان تشيس» بنيويورك (رويترز)

أكبر 4 بنوك أميركية تحقق أعلى حصة من أرباح القطاع منذ عقد

تتجه أكبر 4 بنوك أميركية نحو الاستحواذ على أكبر حصة لها من أرباح القطاع المصرفي منذ ما يقارب العقد، في دلالة على تعزيز مكانتها المهيمنة بالسوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» يُعيد النظر في «اختبارات الضغط» للبنوك

أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نيته إدخال تغييرات جوهرية على «اختبارات الضغط» السنوية للبنوك، استجابةً للتطورات القانونية الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد تمثيل لعملة «البتكوين» أمام صورة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (وكالة حماية البيئة)

صناعة العملات المشفرة تدعو ترمب لتنفيذ إصلاحات فورية بمجرد توليه منصبه

حثت صناعة العملات المشفرة فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، على بدء تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها في حملته الانتخابية بشأن السياسة المتعلقة بالتشفير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «الأهلي المالية» (الشرق الأوسط)

«موديز» ترفع التصنيف الائتماني لـ«الأهلي المالية» إلى «إيه2»

رفعت وكالة «موديز» العالمية التصنيف الائتماني لشركة «الأهلي المالية» عند «إيه 2» مع الحفاظ على نظرة مستقبلية مستقرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شرارات تضرب تمثيلاً للبتكوين في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«البتكوين» تنخفض 5 % بعد تصريحات باول برفض «الفيدرالي» تخزينها

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأربعاء، إن البنك المركزي الأميركي يرغب في المشاركة بأي مسعى حكومي لتخزين كميات كبيرة من «البتكوين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

مصير صفقة «يو إس ستيل» على طاولة بايدن

شعار شركة «يو إس ستيل» لإنتاج الصلب على مقرها بمدينة بيتسبرغ الأميركية (أ.ب)
شعار شركة «يو إس ستيل» لإنتاج الصلب على مقرها بمدينة بيتسبرغ الأميركية (أ.ب)
TT

مصير صفقة «يو إس ستيل» على طاولة بايدن

شعار شركة «يو إس ستيل» لإنتاج الصلب على مقرها بمدينة بيتسبرغ الأميركية (أ.ب)
شعار شركة «يو إس ستيل» لإنتاج الصلب على مقرها بمدينة بيتسبرغ الأميركية (أ.ب)

فشلت لجنة حكومية أميركية ذات صلاحيات واسعة في الوصول إلى توافق بشأن المخاطر المحتملة التي يمكن أن تمثلها صفقة الاستحواذ المحتملة من شركة «نيبون ستيل» اليابانية للصلب على منافستها الأميركية «يو إس ستيل»، ليصبح القرار النهائي بشأن الصفقة في يد الرئيس الأميركي جو بايدن المعارض لها منذ وقت طويل.

وذكر البيت الأبيض أن «لجنة الاستثمار الأجنبي» في الولايات المتحدة، رفعت يوم الاثنين التقرير الذي طال انتظاره بشأن صفقة الاندماج المقترحة إلى الرئيس بايدن، الذي أعلن معارضته الرسمية للصفقة، وأنه أمامه 15 يوماً لإعلان القرار النهائي. وقال مسؤول مطلع، رافضاً الكشف عن اسمه، إن بعض الوكالات الاتحادية الممثلة في اللجنة شككت في أن السماح لشركة يابانية بشراء شركة صلب أميركية يمكن أن يؤدي إلى مخاطر على الأمن القومي للولايات المتحدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

يذكر أن كلاً من الرئيس بايدن والرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، حاول استقطاب العمال في الولايات المتحدة خلال معركة انتخابات الرئاسة الأميركية، وتعهد بعرقلة الصفقة في ظل المخاوف من انتقال ملكية شركة أميركية كبرى إلى الأجانب. ولكن على الجانب الاقتصادي تمتلك شركة «نيبون ستيل» الموارد المالية اللازمة للاستثمار في المصانع وتطويرها، وهو ما قد يساعد في الحفاظ على إنتاج الصلب داخل الولايات المتحدة.

وتترأس «لجنة الاستثمار الأجنبي» في الولايات المتحدة، برئاسة وزيرة الخزانة، جانيت يلين، الصفقات التجارية بين الشركات الأميركية والمستثمرين الأجانب، ويمكنها منع المبيعات أو إجبار الأطراف على تغيير شروط الاتفاقية لحماية الأمن القومي.

وتضم «لجنة الاستثمار الأجنبي» في الولايات المتحدة ممثلين عن كثير من الإدارات الاتحادية، وتستعرض مثل هذه الصفقات لتقييم المخاطر المحتملة على الأمن القومي في حال إتمامها. وكان يوم الاثنين هو الموعد النهائي للموافقة على الصفقة، أو التوصية بأن يحظرها بايدن، أو يمدد عملية المراجعة.

يذكر أن «نيبون ستيل»، وهي كبرى المجموعات اليابانية للصلب، أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي اعتزامها الاستحواذ على منافستها «يو إس ستيل» الأميركية.

وأعلنت الشركتان في ذلك الوقت أن «نيبون ستيل» سوف تدفع 55 دولاراً للسهم نقداً. ويبلغ إجمالي التقييم، باحتساب الديون المفترضة على الشركة الأميركية، 14.9 مليار دولار.

وبموجب شروط الصفقة المقترحة، فستحتفظ «يو إس ستيل» باسمها ومقرها الرئيسي في بيتسبرغ، حيث تأسست عام 1901 من قبل «جي بي مورغان» وآندرو كارنيغي. وستصبح شركة تابعة لشركة «نيبون ستيل»، وستكون الشركة المدمجة ضمن أكبر 3 شركات لصناعة الصلب في العالم، وفقاً لأرقام عام 2023 من «رابطة الصلب العالمية».

وقال بايدن، بدعم من «اتحاد عمال الصلب»، في وقت سابق من هذا العام، إنه «من الضروري لشركة (يو إس ستيل) أن تظل شركة أميركية للصلب مملوكة ومُدارة محلياً». كما عارض ترمب عملية الاستحواذ وتعهد في وقت سابق من هذا الشهر على منصته «تروث سوشيال»، «بمنع حدوث هذه الصفقة». واقترح إحياء ثروات شركة «يو إس ستيل» المتدهورة «عبر سلسلة من الحوافز الضريبية والتعريفات الجمركية».

ويتساءل «اتحاد عمال الصلب» عما إذا كانت شركة «نيبون ستيل» ستحتفظ بالوظائف في المصانع النقابية، وعما إذا كانت ستفي بالمزايا التي جرى التفاوض عليها جماعياً، وعما إذا كانت ستحمي إنتاج الصلب الأميركي من الواردات الأجنبية الرخيصة.

وقال ديفيد ماكول، رئيس «عمال الصلب»، في بيان يوم الاثنين: «لقد طالب اتحادنا بمراقبة حكومية صارمة للصفقة منذ الإعلان عنها. والآن الأمر متروك للرئيس بايدن لتحديد أفضل مسار للمضي قدماً. وما زلنا نعتقد أن هذا يعني إبقاء شركة (يو إس ستيل) مملوكة ومُدارة محلياً».

وشنت شركتَي «نيبون ستيل» و«يو إس ستيل» حملة علاقات عامة لكسب المتشككين. وقالت شركة «يو إس ستيل»، في بيان يوم الاثنين، إن الصفقة «هي أفضل طريقة، حتى الآن، لضمان ازدهار (يو إس ستيل)، بمن فيها موظفوها ومجتمعاتها وعملاؤها، في المستقبل».

وقالت شركة «نيبون ستيل»، يوم الثلاثاء، إنها أُبلغت من قبل «لجنة الاستثمار الأجنبي» في الولايات المتحدة بأنها أحالت القضية إلى بايدن، وحثته على «التفكير في الجهود الكبيرة التي بذلناها لمعالجة أي مخاوف تتعلق بالأمن القومي التي أثيرت، والالتزامات الكبيرة التي قطعناها على أنفسنا لتنمية شركة (يو إس ستيل) وحماية الوظائف الأميركية وتعزيز صناعة الصلب الأميركية بأكملها؛ الأمر الذي سيعزز الأمن القومي الأميركي». وأضافت في بيانها: «نحن على ثقة بأن معاملتنا يجب أن تتم الموافقة عليها، وسوف تتم الموافقة عليها إذا جرى تقييمها بشكل عادل على أساس مزاياها».

وأيد عدد متنامٍ من «المحافظين» الصفقة علناً، حيث بدأت شركة «نيبون ستيل» في كسب بعض أعضاء نقابات عمال الصلب والمسؤولين في المناطق القريبة من أفران الصهر الخاصة بها في بنسلفانيا وإنديانا. وقال كثير من المؤيدين إن «نيبون ستيل» لديها ميزانية مالية أقوى من منافستها «كليفلاند كليفس» لاستثمار الأموال اللازمة لتحديث أفران الصهر القديمة لشركة «يو إس ستيل».

وتعهدت شركة «نيبون ستيل» باستثمار 2.7 مليار دولار في المرافق التي تمثلها «نقابة عمال الصلب المتحدة»، بما في ذلك أفران الصهر الخاصة بشركة «يو إس ستيل»، ووعدت بعدم استيراد ألواح الصلب التي من شأنها أن تنافس أفران الصهر.

كما تعهدت بحماية «يو إس ستيل» في الأمور التجارية، وبعدم تسريح الموظفين، أو إغلاق المصانع، خلال مدة اتفاقية العمل الأساسية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، عرضت 5 آلاف دولار مكافآت إغلاق لموظفي «يو إس ستيل»، وهي تكلفة إجمالية تقترب من 100 مليون دولار.

وتمتلك شركة «نيبون ستيل» مصانع في الولايات المتحدة والمكسيك والصين وجنوب شرقي آسيا. وهي تزود شركات صناعة السيارات الكبرى في العالم بما لديها من مواد، بما فيها شركة «تويوتا موتور كورب»، وتصنع الفولاذ للسكك الحديدية، والأنابيب، والأجهزة، ولناطحات السحاب.