نشاط المصانع العالمي يواصل هبوطه في نهاية عام 2023

مؤشرات مديري المشتريات تؤكد تراجعه وسط مخاوف من الركود

انكمش نشاط التصنيع في منطقة اليورو للشهر الثامن عشر على التوالي بينما تضررت قوى التصنيع في آسيا بسبب التعافي الاقتصادي غير المستقر في الصين (رويترز)
انكمش نشاط التصنيع في منطقة اليورو للشهر الثامن عشر على التوالي بينما تضررت قوى التصنيع في آسيا بسبب التعافي الاقتصادي غير المستقر في الصين (رويترز)
TT

نشاط المصانع العالمي يواصل هبوطه في نهاية عام 2023

انكمش نشاط التصنيع في منطقة اليورو للشهر الثامن عشر على التوالي بينما تضررت قوى التصنيع في آسيا بسبب التعافي الاقتصادي غير المستقر في الصين (رويترز)
انكمش نشاط التصنيع في منطقة اليورو للشهر الثامن عشر على التوالي بينما تضررت قوى التصنيع في آسيا بسبب التعافي الاقتصادي غير المستقر في الصين (رويترز)

شهدت المصانع العالمية نهاية ضعيفة للغاية لعام 2023، حيث انكمش نشاط منطقة اليورو للشهر الثامن عشر على التوالي في ديسمبر (كانون الأول)، وتضررت قوى التصنيع في آسيا بسبب التعافي الاقتصادي غير المستقر في الصين.

وأظهرت مجموعة من مؤشرات مديري مشتريات المصانع التي نشرت يوم الثلاثاء استمرار التباطؤ، وأشارت إلى أن أي تحول إيجابي هذا العام سيستغرق وقتاً طويلاً، ما يشكل تحدياً للتفاؤل المتجدد في الأسواق المالية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفق «رويترز».

ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي النهائي لمنطقة اليورو (إتش سي أو بي) الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال» بشكل طفيف إلى 44.4 في ديسمبر، من 44.2 في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه ظل أقل بكثير من مستوى 50 الذي يشير إلى النمو.

ويشير هذا الاتجاه إلى انكماش الاقتصاد الأوروبي في الربع الأخير، حيث انكمش نشاط التصنيع في ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة المكونة من 20 دولة، في ديسمبر أيضاً.

وانكمش الاقتصاد الأوروبي بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثالث، وفقاً للبيانات الرسمية، لذا فإن الربع الثاني من الانكماش سيفي بالتعريف الفني للركود.

وقال كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو في «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، كلاوس فيستيسن: «واصل التصنيع في منطقة اليورو التراجع في نهاية عام 2023. بالنظر إلى المستقبل، فإن الزيادة الطفيفة في التفاؤل فيما يتعلق بتوقعات العام المقبل تعد بمثابة جانب إيجابي، ولكنه ضئيل للغاية».

وانخفض مؤشر يقيس إنتاج المصانع في منطقة اليورو، والذي يغذي مؤشر مديري المشتريات المركب المقرر صدوره يوم الخميس ويعد مقياساً جيداً لقوة الاقتصاد، إلى 44.4 من القراءة النهائية لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) البالغة 44.6، لكنه تجاوز قليلاً التقدير الأولي البالغ 44.1.

وعانى قطاع التصنيع في بريطانيا أيضاً من انتكاسة حادة، حيث تراجعت القراءة النهائية لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي «ستاندرد آند بورز غلوبال/سي آي بي إس» إلى 46.2 في ديسمبر، منهية بذلك سلسلة من التحسن استمرت ثلاثة أشهر.

وستسلط البيانات المقرر صدورها في وقت لاحق يوم الثلاثاء الضوء على ما إذا كان هناك أيضاً تدهور في نشاط التصنيع الأميركي قرب نهاية عام 2023، كما تشير القراءات الأولية.

إشارات متشائمة من آسيا

وواصل نشاط المصانع في آسيا صراعه أيضاً في الشهر الماضي، خاصة في الاقتصادات التي تعتمد على التكنولوجيا.

وانخفض نشاط المصانع في كوريا الجنوبية مرة أخرى، بينما واصلت تايوان انكماشها للشهر التاسع عشر على التوالي.

وأظهر مؤشر مديري المشتريات «كايكسين» الصيني تسارعاً غير متوقع في النشاط في ديسمبر، على الرغم من أنه يتناقض مع مؤشر مديري المشتريات الرسمي الصادر في بكين يوم الأحد والذي ظل في منطقة الانكماش للشهر الثالث على التوالي.

ولا تزال الآفاق الاقتصادية المختلطة للصين تلقي بظلالها على التوقعات بالنسبة لشركائها التجاريين الرئيسيين.

وقال وانغ تشي، كبير الاقتصاديين في مجموعة «كايكسين إنستيت غروب»: «بشكل عام، استمرت التوقعات الاقتصادية لقطاع التصنيع الصيني في التحسن في ديسمبر، مع توسع الطلب والعرض واستقرار مستويات الأسعار».

ومع ذلك، ظل التوظيف يمثل تحدياً كبيراً، وأعربت الشركات عن مخاوفها بشأن المستقبل، وظلت حذرة في مجالات مثل التوظيف وشراء المواد الخام وإدارة المخزون.

وطرحت بكين في الأشهر الأخيرة سلسلة من السياسات لدعم التعافي الضعيف بعد الوباء، لكن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يكافح من أجل اكتساب الزخم وسط تراجع حاد في العقارات ومخاطر ديون الحكومات المحلية وضعف الطلب العالمي.

وفي أماكن أخرى من آسيا، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات أن النشاط في قطاعات المصانع في ماليزيا وفيتنام ظل في وضع انكماشي، على الرغم من تسارعه قليلاً في إندونيسيا.

هذا وسيتم إصدار مؤشر مديري المشتريات الهندي للشهر الماضي يوم الأربعاء، ومن المقرر صدور مؤشر مديري المشتريات الياباني يوم الخميس.

وبينما كانت مؤشرات مديري المشتريات لشهر ديسمبر في آسيا متشائمة بشكل عام، تشير المؤشرات الأخيرة الأخرى إلى علامات على أن تعافي المنطقة بعد الوباء بدأ يكتسب زخماً.

فقد أظهرت بيانات يوم الاثنين أن الناتج المحلي الإجمالي لسنغافورة ارتفع في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالعام السابق، مدعوماً بثبات البناء والتصنيع. كما أظهرت أن صادرات كوريا الجنوبية ارتفعت في ديسمبر، وإن كان بوتيرة أبطأ، حيث عوض ضعفَ الطلب الصيني المبيعات العالمية القوية لأشباه الموصلات.


مقالات ذات صلة

انكماش الأعمال بمنطقة اليورو وسط تخفيف الضغوط التضخمية

الاقتصاد مبنى «المصرف المركزي الأوروبي» خلف أعلام «الاتحاد» في فرنكفورت (رويترز)

انكماش الأعمال بمنطقة اليورو وسط تخفيف الضغوط التضخمية

تراجع نشاط الأعمال بمنطقة اليورو إلى الانكماش في الشهر الماضي، رغم أن هذا التراجع لم يكن حاداً كما كان متوقعاً في البداية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد منظر جوي لمحطة حاويات في ميناء هامبورغ (رويترز)

الركود الألماني يثير تساؤلات حول «الهبوط الناعم» في أوروبا

في حين تنعم الأسواق الأميركية بالأمل في «هبوط ناعم»، فإن أحدث ركود في أكبر اقتصاد بأوروبا يثير تساؤلات أكثر جدية على الجانب الشرقي من المحيط الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد حافلة ذات طابقين تمر عبر أفق فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الألماني»: انكماش الاقتصاد قد يتواصل هذا الربع

قال المصرف المركزي الألماني، في تقرير اقتصادي شهري، اليوم (الخميس)، إن اقتصاد البلاد قد ينكمش مجدداً هذا الربع، وسط ركود صناعي عميق واستثمار ضعيف.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

اجتماع «الفيدرالي» اليوم: كيف سيحدد قرار خفض الفائدة اتجاه الاقتصاد؟

بعد أن نجح في ترويض التضخم تقريباً، يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للقيام بشيء لم يفعله منذ أكثر من أربع سنوات يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير السياحة المصري: اتفقنا على مبادرات مع السعودية سنطورها لاحقاً

جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

وزير السياحة المصري: اتفقنا على مبادرات مع السعودية سنطورها لاحقاً

جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)

كشف وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، لـ«الشرق الأوسط» أنه اتفق مع وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، على التعاون في كثير من المجالات المتعلقة بالمنظومة، بما فيها التسويق المشترك، وبرامج سياحية مشتركة، ومبادرات لحماية البيئة، وتنشيط أنواع معينة من السياحة في البحر الأحمر، وخلافه.

وكانت لوزير السياحة المصري زيارة إلى الرياض منذ أيام، التقى خلالها الوزير الخطيب. وعقد الوزيران عدداً من اللقاءات الرسمية والمهنية، ومع رجال الأعمال السعوديين، تمّت خلالها مناقشة آليات الترويج السياحي المشترك، وزيادة حركة السياحة البينية بين البلدين.

وقال فتحي لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط بالرياض، إن وجود هذا المكتب في السعودية هو إضافة كبيرة لعمل المنظمة في المنطقة، وتسهل عملية التواصل مع البلدان، وصناعة السياحة ومجابهة التحديات.

وأوضح أن المبادرات المتفق عليها سيتم تطويرها في المرحلة المقبلة، والبدء في تحقيق أجزاء منها.

صورة تجمع وزير السياحة والآثار المصري مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)

وبيَّن فتحي أن الشرق الأوسط من المناطق الرائدة في مجال السياحة العالمية، وتستحق أن يكون لديها مكتب داخل المنطقة ليعود بالفائدة على جميع البلدان.

السياحة والناتج القومي

من جهته، ذكر مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط، سامر الخراشي، أن المكتب أُسس لخدمة دول المنطقة الثلاث عشرة، ومصر عضو مؤثر وبارز في المنطقة. وقال إن زيارة وزير السياحة والآثار الذي يمثل نائب رئيس اللجنة الإقليمية، تفتح الكثير في مجال التعاون، وكيفية جعل السياحة عنصراً مساهماً في الناتج القومي، إلى جانب توليد الوظائف، وأن تكون السياحة مستدامة، وتحافظ على البيئة، وتحقق مستهدفات النماء للدول.

وأكمل الخراشي خلال تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن المنظمة لديها فرص كبيرة يمكن أن تتعاون من خلالها مع مصر التي تمتلك خبرة وباعاً طويلاً في المجال السياحي، وهي من أقدم الدول التي تمتلك الآثار والمناطق السياحية. وفي الجهة المقابلة، يتمتع مكتب الأمم المتحدة الإقليمي بخبرة في دعم الدول من عدة مجالات مختلفة.

وأفاد بأن الاجتماع تطرق إلى كثير من آفاق التعاون والإسهام في المشاريع المشتركة، متطلعاً إلى تنفيذ تلك الرؤى على أرض الواقع، لخدمة مصر ودول الإقليم بشكل عام.

تبادل الخبرات

وتأتي زيارة فتحي للمكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية؛ حيث تُعد القاهرة عضواً مهماً وفاعلاً في المنظمة، وتسعى دائماً إلى تطوير قطاع السياحة لديها من خلال التعاون الدولي.

وناقش اللقاء بين فتحي ومدير المكتب الإقليمي كثيراً من القضايا التي تهم قطاع السياحة في مصر والمنطقة، بما في ذلك التحديات والفرص المتاحة لتعزيز هذا القطاع الحيوي، واستعراض فرص التعاون والتطوير المستقبلية، بما في ذلك تبادل الخبرات في مجال التدريب والتعليم السياحي، وتحسين الخدمات السياحية وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع.

وتحتل مصر المرتبة الأولى في أفريقيا، والخامسة في منطقة الشرق الأوسط، والمرتبة الـ63 عالمياً في مؤشر تنمية السفر والسياحة.

يذكر أن المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الرياض يُعد أول مكتب إقليمي للمنظمة خارج مقرها الرئيسي، ويهدف إلى دعم ومساعدة الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط. ويعمل المكتب على تعزيز التعليم والتدريب السياحي، وتطوير البنية التحتية السياحية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال في القطاع السياحي، كما يساهم المكتب في تعزيز السياحة المستدامة، وحماية التراث الثقافي والاجتماعي والبيئي في المنطقة.