اجتماع «الفيدرالي» اليوم: كيف سيحدد قرار خفض الفائدة اتجاه الاقتصاد؟

الأسواق تترقب والمصرف يواجه اختبار الركود

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

اجتماع «الفيدرالي» اليوم: كيف سيحدد قرار خفض الفائدة اتجاه الاقتصاد؟

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

بعد أن نجح في ترويض التضخم تقريباً، يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للقيام بشيء لم يفعله منذ أكثر من أربع سنوات يوم الأربعاء، ألا وهو خفض سعر الفائدة القياسي، وهي الخطوة التي من شأنها أن تخفض تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، فإن جواً غير عادي من عدم اليقين يخيم على اجتماع هذا الأسبوع: فمن غير الواضح إلى أي مدى سيخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة. ويتوقع المتداولون في «وول ستريت» وبعض خبراء الاقتصاد بشكل متزايد أن يعلن المصرف المركزي عن خفض أكبر من المعتاد، بمقدار نصف نقطة مئوية، بينما يتوقع كثير من المحللين خفضاً أكثر شيوعاً بمقدار ربع نقطة مئوية، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال الرئيس السابق لشركة إدارة الأصول التي تركز على السندات «بيمكو»، محمد العريان، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى «رويترز»: «أشعر أن ما تتوقعه الأسواق حالياً من الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة يتجاوز ما يرتاح إليه معظم مسؤولي الفيدرالي والاقتصاديين».

وتنقسم التوقعات بين خفض بمقدار 50 نقطة أساس و25 نقطة أساس يوم الأربعاء، مع ميل الرهانات نحو خفض أكبر اعتباراً من يوم الثلاثاء، مما يهيئ الأسواق لاندفاع من التقلبات. وبالإضافة إلى الإعلان عن قراره بشأن أسعار الفائدة، سيقوم «الفيدرالي» بتحديث توقعاته بشأن مسار خفض أسعار الفائدة في المستقبل.

ومع ارتفاع التضخم بالكاد فوق هدفه، حول مسؤولو «الفيدرالي» تركيزهم إلى دعم سوق العمل الضعيفة وتحقيق «هبوط ناعم» نادر، حيث يتم كبح جماح التضخم دون التسبب في ركود حاد. ومن شأن خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أن يشير إلى أن «الفيدرالي» حريص على الحفاظ على النمو الاقتصادي الصحي بقدر حرصه على التغلب على التضخم المرتفع.

مخاوف ركود في الأفق

ومن المتوقع أن تكون الخطوة التي سيتم اتخاذها هذا الأسبوع هي الأولى في سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة التي ستستمر حتى عام 2025. لكن تخفيضات أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة قد تكون أقل مما يتوقع السوق. ويرى بعض المستثمرين والمحللين الكبار أن دورة خفض الفائدة قد تترك الأسعار عند مستويات مرتفعة نسبياً بسبب استمرار قوة الاقتصاد، ويقولون إن التخفيضات العميقة لن تكون منطقية إلا إذا كان هناك ركود في المستقبل، وفق «رويترز».

ويتوقع المستثمرون خفض أسعار الفائدة بنحو 240 نقطة أساس بحلول نهاية العام المقبل، مما يتوافق مع معدل يقرب من 3 في المائة، من 5.25 في المائة - 5.5 في المائة حالياً.

وبحسب كبير خبراء الاقتصاد في شركة «أبولو غلوبال مانجمنت»، تورستن سلوك، فإن مثل هذه الوتيرة من خفض أسعار الفائدة تعني الركود. وقال في مذكرة يوم الثلاثاء: «على الرغم من أن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن الإجماع يتوقع هبوطاً ناعماً، فإن أسواق أسعار الفائدة تسعر ركوداً كاملاً».

وترى كبيرة استراتيجيي الاستثمار العالمي في معهد بلاك روك للاستثمار، وي لي، أن عائدات سندات الخزانة قصيرة الأجل، والتي تتحرك في الاتجاه المعاكس لأسعار الفائدة، سترتفع مع بدء السوق في تسعير ضغوط التضخم المستدامة.

وقالت إن «الأسواق قامت بتسعير مجموعة من تخفيضات أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي، وهو ما يُرى عادةً فقط استجابة للركود، على الرغم من أن البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ أكثر من الركود».

وأضافت: «لا نعتقد أن الفيدرالي سيكون قادراً على خفض أسعار الفائدة كثيراً أو بسرعة». وقالت إن أرباح الشركات الصحية وسوق العمل المستقرة لا يبدو أنها تبرر التخفيضات العميقة التي تتوقعها السوق.

وقد أدت أسعار الفائدة المرتفعة وتكلفة كل شيء من البقالة إلى الغاز إلى الإيجار إلى تغذية خيبة الأمل العامة على نطاق واسع في الاقتصاد ووفرت خط هجوم لحملة الرئيس السابق دونالد ترمب. بدورها، اتهمت نائبة الرئيس كامالا هاريس ترمب بأن وعده بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات من شأنه أن يرفع الأسعار على المستهلكين بشكل أكبر.

وأوضح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الشهر الماضي في خطاب رفيع المستوى ألقاه في جاكسون هول بولاية وايومنغ أن مسؤولي «الفيدرالي» واثقون من أن التضخم كان خافتاً إلى حد كبير. فقد انخفض معدل التضخم من ذروة بلغت 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022 إلى 2.5 في المائة الشهر الماضي، وهو ما لا يبعد كثيراً عن هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

وقاومت المصارف المركزية ارتفاع الأسعار من خلال رفع أسعار الفائدة القياسية 11 مرة في عامي 2022 و2023 إلى أعلى مستوى في عقدين من الزمان عند 5.3 في المائة في محاولة لإبطاء الاقتراض والإنفاق، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تبريد الاقتصاد. وتباطأ نمو الأجور منذ ذلك الحين، مما أدى إلى إزالة مصدر محتمل للضغوط التضخمية.

ولكن بعد عدة سنوات من النمو القوي للوظائف، تباطأ أصحاب العمل في التوظيف، وارتفع معدل البطالة بنحو نقطة مئوية كاملة من أدنى مستوى له في نصف قرن في أبريل (نيسان) 2023 إلى 4.2 في المائة، وهو مستوى لا يزال منخفضاً. وبمجرد أن يصل معدل البطالة إلى هذا المستوى المرتفع، فإنه يميل إلى الاستمرار في الارتفاع.

ولكن مسؤولي «الفيدرالي» وكثيرا من خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن ارتفاع معدلات البطالة يعكس إلى حد كبير زيادة في أعداد العمال الجدد الباحثين عن عمل - وخاصة المهاجرين الجدد وخريجي الكليات الجدد - وليس عمليات التسريح.

ومع ذلك، قال باول في جاكسون هول: «سنفعل كل ما في وسعنا لدعم سوق العمل القوية». وأضاف أن أي «ضعف إضافي» في سوق العمل سيكون «غير مرحب به».

وقال بعض المحللين إن مثل هذا التصريح الشامل يشير إلى أن باول يفضل خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. ولا يزال خبراء اقتصاديون آخرون يعتقدون أن خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية هو الأكثر احتمالاً.

ويبقى السؤال هو مدى السرعة التي يرغب بها «الفيدرالي» في خفض الفائدة إلى النقطة التي لم تعد تعمل كفرامل للاقتصاد - ولا مسرعاً لنموه. ولكن ليس من الواضح أين يقع هذا المستوى «المحايد»، على الرغم من أن كثيرا من المحللين يقدرونه عند 3 في المائة إلى 3.5 في المائة.

ويرى خبراء الاقتصاد الذين يؤيدون خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أن الفائدة الرئيسية لدى «الفيدرالي» أصبحت مرتفعة للغاية الآن في ظل انخفاض معدلات التضخم.

لكن آخرين يشيرون إلى أن «الفيدرالي» عادة ما يخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية أو أكثر فقط في حالة الطوارئ. وكانت المرة الأخيرة التي أجرت فيها مثل هذا التخفيض في مارس (آذار) 2020، عندما أدى الوباء إلى شلل الاقتصاد.

ومع بقاء إنفاق المستهلكين على حاله واحتمال نمو الاقتصاد بوتيرة صحية في الربع الثاني من يوليو وسبتمبر (أيلول)، فإن المسؤولين الأكثر تشاؤماً في «الفيدرالي» قد يزعمون أنه لا يوجد أي اندفاع لخفض أسعار الفائدة.

ومن بين العلامات المشجعة أنه مع إشارة باول ومسؤولين آخرين في «الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة قادمة، فقد تم بالفعل تخفيض كثير من أسعار الاقتراض تحسباً لذلك.

على سبيل المثال، انخفض متوسط ​​سعر الفائدة على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً إلى 6.2 في المائة الأسبوع الماضي - وهو أدنى مستوى في حوالي 18 شهراً انخفاضاً من ذروة بلغت حوالي 7.8 في المائة، وفقاً لشركة الرهن العقاري العملاقة «فريدي ماك». وانخفضت أيضاً أسعار الفائدة الأخرى، مثل العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة خمس سنوات، والتي تؤثر على أسعار قروض السيارات.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
TT

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)
أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)

قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، في مقابلة نُشرت اليوم (الأحد)، إن بلاده ستوقف شحن الغاز للاتحاد الأوروبي إذا فرضت دوله الأعضاء بصرامة قانوناً جديداً يتعلق بالعمالة والضرر البيئي.

وبموجب قانون يتعلق بالفحص النافي للجهالة واستدامة الشركات الذي تمّت الموافقة عليه هذا العام، مطلوب من الشركات الكبرى العاملة في الاتحاد الأوروبي التحقق مما إذا كانت سلاسل الإمداد الخاصة بها تستخدم العمالة القسرية أو تتسبب في أضرار بيئية، واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا خلصت إلى ذلك. وتشمل العقوبات غرامات تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية.

وقال الكعبي للصحيفة: «إذا كان الأمر ينطوي على خسارة 5 في المائة من الإيرادات التي حققتها بسبب (البيع) لأوروبا، فلن أبيع لأوروبا. أنا جاد في ذلك. 5 في المائة من إيرادات شركة (قطر للطاقة) تعني 5 في المائة من إيرادات دولة قطر. هذه أموال الشعب، لذلك لا يمكنني أن أخسر مثل هذه الأموال، ولا أحد يقبل خسارة مثل هذه الأموال».

وأشار الكعبي، وهو أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة «قطر للطاقة» المملوكة للدولة، إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يراجع هذا القانون بشكل شامل.

وقال إن بلاده لا تشعر بالقلق من وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بإلغاء سقف مفروض على صادرات الغاز الطبيعي المسال.

وتسعى قطر، وهي من بين أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى الاضطلاع بدور أكبر في آسيا وأوروبا مع ازدياد المنافسة من الولايات المتحدة.

وتخطِّط قطر لزيادة طاقة تسييل الغاز إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 من 77 مليون طن حالياً.