العالم يعوّل على انتعاش الاكتتابات العامة في العام الجديد

2023 إحدى أسوأ السنوات في العقد الأخير

شعار مؤشر «ناسداك» الأميركي في باحة ميدان تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)
شعار مؤشر «ناسداك» الأميركي في باحة ميدان تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

العالم يعوّل على انتعاش الاكتتابات العامة في العام الجديد

شعار مؤشر «ناسداك» الأميركي في باحة ميدان تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)
شعار مؤشر «ناسداك» الأميركي في باحة ميدان تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)

يأمل المصرفيون الذين يقدمون المشورة للشركات بشأن الإدراج في سوق الأسهم أن يجلب العام الجديد انتعاشاً في الطروحات العامة الأولية، بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى أنه قد يبدأ في عكس أسرع ارتفاع في أسعار الفائدة منذ عقود.

وقال دانييل لودفيغ، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال الأسهم في «غولدمان ساكس»: «ستكون أسواق الاكتتابات العامة الأولية أفضل بكثير في عام 2024 مما كانت عليه هذا العام، ويخبرني حدسي أن كلاً من الأحجام وإمكانية الوصول ستتقدم مع تقدمنا خلال العام»، بحسب «رويترز».

وتأتي هذه التطلعات الإيجابية بعد عام صعب بالنسبة للمصرفيين. وحتى الآن، يعدّ عام 2023 ثاني أسوأ عام من حيث الإدراجات في العقد الماضي بعد عام 2022، حيث تم جمع 532 مليار دولار حتى الآن، وفقاً لبيانات «ديلوجيك». وبالنسبة للاكتتابات العامة الأولية، على وجه الخصوص، شهد عام 2023 أدنى مستويات النشاط منذ عام 2016.

وشهدت بعض الشركات التي أُدرجت هذا العام انخفاضاً في أسعار أسهمها في سوق ما بعد البيع، بما في ذلك صانع الرقائق البريطاني «آرم هولدينغز»، وصانع الصنادل الألماني «بيركنستوك». ورغم ذلك، يتم تداول الكثير من هذه الأسهم الآن فوق سعر إصدارها، وسط ارتفاع عالمي في الأسهم، يغذيه الإجماع المتزايد على أن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها.

وقال ستيفان بوجينا، الرئيس التنفيذي لمجموعة «يورونكست» الأوروبية: «هناك فهم واضح أننا - في أسوأ الأحوال - في توقف مؤقت لزيادة أسعار الفائدة، وفي أحسن الأحوال، في بداية ما يمكن أن يكون انخفاضاً في أسعار الفائدة». وأضاف، أن ذلك سيدفع المستثمرين إلى تحويل الأصول من السندات إلى الأسهم.

ولكن لا تزال التوقعات الإيجابية بعيدة كل البعد عن أوقات الازدهار لعام 2021. ومع ذلك، قد يشهد العام المقبل طرح مجموعة الأزياء «شي إن» ومقرها سنغافورة للاكتتاب العام بتقييم يصل إلى 90 مليار دولار، بعد تقديم الأوراق مؤخراً للاكتتاب العام في الولايات المتحدة.

وقالت مصادر: إن مجموعة الاستحواذ «بيرميرا» تستعد لإدراج شركة «غولدن جوس»، المعروفة بأحذيتها الرياضية الفاخرة، في ميلانو في صفقة قد تجمع نحو مليار يورو (1.09 مليار دولار).

ويتوقع صانعو الصفقات أن تكون صناديق الاستحواذ مصدراً حيوياً للأعمال في الأشهر المقبلة، حيث تتعرض هذه الأموال لضغوط لإعادة رأس المال إلى المستثمرين بعد واحدة من أبطأ السنوات لعمليات خروج الأسهم الخاصة منذ عقد من الزمن.

وقال غاريث مكارتني، الرئيس العالمي المشارك لقسم الطروحات في «يو بي إس»: إن «الظروف مؤهبة لإعادة فتح أسواق الاكتتابات العامة الأولية، وتمتلك الأسهم الخاصة أصولاً كبيرة جذابة لمستثمري السوق العامة».

ويتطلع بعض مديري الأصول إلى طرح أسهمهم للاكتتاب العام مثل شركات محافظهم الاستثمارية؛ في محاولة لتمويل التوسع والسماح لأصحابها ببيع حصصهم.

ويمكن لشركة «سي في سي» البريطانية إحياء خطط إدراجها بعد تأجيل الاكتتاب العام الذي كان مزمعاً في وقت سابق من هذا الربع، في حين أفادت التقارير بأن شركة جنرال أتلانتيك تخطط لإدراج أسهمها في الولايات المتحدة.

وقال أندرياس بيرنستورف، رئيس إدارة أسواق المال في بنك «بي إن بي باريبا» لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: «إن عمليات تفكيك الشركات والانفصال هي أيضاً خيار للعام المقبل». ومن المتوقع أن تنضم إلى ذلك التوجه شركات أوروبية، بما في ذلك «باير» و«رينو» و«سانوفي» و«فيفيندي»، التي أعلنت عن خطط لاستكشاف عمليات تفكك وانفصال محتملة لأقسام أعمالها.

وحذّر مصرفيون من أن السوق ستحتاج إلى رؤية عدد قليل من الاكتتابات العامة الأولية الناجحة في العام الجديد قبل أن تتمكن من الانفتاح على مجموعة أوسع من الشركات. وقد تحد الانتخابات الرئاسية الأميركية أيضاً من مقدار الوقت الذي يمكن للشركات فيه الوصول إلى أسواق رأس المال الأسهم في النصف الثاني من عام 2024.

وبينما يتعافى سوق الاكتتابات العامة الأولية، يأمل صانعو الصفقات في مواصلة تحصيل الرسوم من ترتيب مبيعات الأسهم وزيادة رأس المال في الشركات التي تم تداولها علناً بالفعل.

وقال جيمس بالمر، رئيس إدارة أسواق المال في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «بنك أوف أميركا»: «كانت عمليات البيع الثانوية سمة مميزة هذا العام وستستمر كذلك في العام المقبل، وإن كان بدرجة أقل نظراً للحجم الكبير في عام 2023».

وشهدت الأشهر القليلة الماضية قيام المساهمين ببيع حصص بمليارات الدولارات في شركات مثل «هاينكن» و«مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية». كما بدأت الحكومات في تفريغ ممتلكاتها في البنوك التي تم إنقاذها خلال الأزمات الماضية، بما في ذلك بنكا «مونتي دي باشي» و«إيه بي إن أمرو»... وقد تلجأ مجالس إدارة الشركات أيضاً إلى الأسهم والديون القابلة للتحويل بديلاً لإعادة تمويل آجال استحقاق الديون القادمة؛ نظراً لارتفاع تكاليف الاقتراض.

وقال ألوك غوبت، الرئيس المشارك في بنك «جيه بي مورغان»: «أعتقد أن عام 2024 لديه القدرة على أن يكون مختلفاً تماماً... وبينما من المرجح أن تستمر التقلبات، فإن هناك أسباباً تدعو للاعتقاد بأنه سيكون أفضل من العام الحالي».


مقالات ذات صلة

مؤشر السوق السعودية يحقق أكبر مكاسب يومية منذ أواخر يونيو

الاقتصاد أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

مؤشر السوق السعودية يحقق أكبر مكاسب يومية منذ أواخر يونيو

سجّل مؤشر السوق السعودية أكبر مكاسب يومية منذ أواخر شهر يونيو الماضي، بعد صعود أسهم «أرامكو» و«الراجحي» و«أكوا باور».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مصانع «ينساب» (موقع الشركة الإلكتروني)

ارتفاع الأسعار يضاعف أرباح «ينساب» السعودية للبتروكيميائيات 720 % بالربع الثاني

قفز صافي أرباح شركة «ينبع الوطنية للكيميائيات (ينساب)» السعودية، بمقدار 720 في المائة، إلى 224.8 مليون ريال (60 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يراقبان شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

مؤشر السوق السعودية يتكبّد خسائر أسبوعية بأكثر من 1 %

تراجع مؤشر السوق السعودية للجلسة الرابعة على التوالي، بعد موجة صعود تجاوز خلالها مستويات 12 ألف نقطة، بعد هبوط لما دون هذه المستويات استمر منذ مايو الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تفقد 69 نقطة بتأثير من قطاع الطاقة

أغلق «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، جلسة الثلاثاء، متراجعاً بنسبة 0.57 %، وبمقدار 69 نقطة تقريباً، ليغلق عند مستوى 12105 نقاط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد من داخل أحد مصانع «المطاحن الأولى» (الموقع الإلكتروني للشركة)

أرباح «المطاحن الأولى» السعودية تنمو 30 % خلال الربع الثاني

نما صافي أرباح شركة «المطاحن الأولى» السعودية بنسبة 30 في المائة إلى 45.5 مليون ريال (12 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الجاري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».