يبدو أن بنك إنجلترا المركزي سيتمسك بخطته المتشددة ضد تخفيضات أسعار الفائدة في بريطانيا، حتى مع إشارة بنوك مركزية رائدة أخرى إلى أنها ربما تقترب من نقطة تحول في معركتها ضد التضخم.
ومن المتوقع أن يبقي بنك إنجلترا تكاليف الاقتراض عند أعلى مستوياتها منذ 15 عاماً في 14 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز». ومن المتوقع أيضاً أن يكرر التأكيد على أن أسعار الفائدة يجب أن تظل مرتفعة لضمان التغلب على التضخم الذي لا يزال عنيداً في بريطانيا.
ومن المرجح أن يبقي البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على أسعار الفائدة على الاقتراض دون تغيير الأسبوع المقبل أيضاً. لكن كبار المسؤولين في كلا البنكين المركزيين أظهروا أنهم منفتحون الآن على خفض أسعار الفائدة.
وقالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، لـ«رويترز»، هذا الأسبوع، إن البنك المركزي لمنطقة اليورو يمكن أن يستبعد الآن المزيد من رفع أسعار الفائدة، وأنه أثار احتمال الخفض في منتصف عام 2024. وفي الأسبوع الماضي، أعرب كريستوفر والر، وهو صوت متشدد ومؤثر في بنك الاحتياطي الفيدرالي، عن ثقة مماثلة بأن التخفيض الأول لسعر الفائدة «في الطريق».
وعلى النقيض، قال محللون في «ناتويست ماركتس» إن بنك إنجلترا «يبدو متشدداً على نحو متزايد» فيما يخص الفائدة.
وانخفض معدل التضخم في بريطانيا من أعلى مستوى له منذ 41 عاماً عند 11.1 في المائة، قبل ما يزيد قليلاً على عام. ولكنه يظل أكثر من ضعف هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة، والأعلى في مجموعة السبع عند 4.6 في المائة في أحدث البيانات لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويشعر بنك إنجلترا بالقلق من أن النمو القوي للأجور لم يتباطأ إلا بالكاد، على الرغم من المؤشرات التي تشير إلى أن سوق العمل الأوسع تهدأ بعد رفع أسعار الفائدة 14 مرة متتالية بين ديسمبر 2021 وأغسطس (آب) من هذا العام.
وفي اجتماعيه الأخيرين، أبقى البنك سعر الفائدة عند 5.25 في المائة، لكنه قال إن السياسة النقدية «من المرجح أن تحتاج إلى أن تكون مقيدة لفترة طويلة من الزمن». ويعتقد أن التضخم سيستغرق عامين إضافيين للعودة إلى 2 في المائة.
واستغل محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي كل فرصة لتأكيد رسالته التي مفادها أنه من السابق لأوانه أن يفكر بنك إنجلترا في خفض أسعار الفائدة، وهو الخط الذي ردده معظم الأعضاء الآخرين في لجنة السياسة النقدية.
وتسبب كبير الاقتصاديين هوو بيل في ارتفاع أسعار السندات الشهر الماضي، عندما قال إن توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة لأول مرة في أغسطس من العام المقبل لا تبدو غير معقولة على الإطلاق، قبل العودة إلى نص بنك إنجلترا في ظهورات لاحقة.
وكان أغلب المستثمرين يتوقعون خفض سعر الفائدة من بنك إنجلترا في شهر مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين، بعد أن أدى تراجع ضغط التضخم في جميع أنحاء العالم إلى إعادة التفكير في أسواق السندات الحكومية على جانبي المحيط الأطلسي.
لكن يُنظر إلى بنك إنجلترا على أنه في مؤخرة مجموعة البنوك المركزية الكبرى، حيث أظهرت الأسواق فرصة بنسبة 70 في المائة تقريباً للبنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في مارس (آذار) المقبل. وتوقع معظم الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم هذا الشهر أن يصمد بنك إنجلترا لفترة أطول، حتى الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول).
وكانت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات للخدمات والتصنيع لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أقوى مما توقعه المستثمرون، وانتعشت ثقة المستهلك وكانت هناك دلائل على أن التباطؤ في سوق الإسكان قد وصل إلى أدنى مستوياته.
علاوة على ذلك، فإن التخفيضات الضريبية التي أعلنها وزير المالية جيريمي هانت، الشهر الماضي، بمقدار 20 مليار جنيه إسترليني (25 مليار دولار)، والقفز بنسبة 10 في المائة تقريباً في الحد الأدنى للأجور، من المرجح أن تجعل بنك إنجلترا مصمماً على مواصلة موقفه بأن تخفيضات أسعار الفائدة بعيدة المنال.
وقال الاقتصاديون في بنك «إتش إس بي سي» في مذكرة للعملاء: «بينما لن يكون هناك مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل لإيصال هذه الرسالة، نتوقع أن تحاول لجنة السياسة النقدية إيصالها من خلال الحفاظ على التحيز المتشدد لتوجيهاتها».