الصين تبدأ التحفيز المالي برفع سقف الديون المحلية

حزمة دعم بنحو 1.4 تريليون دولار... والمزيد «في طور الإعداد»

صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
TT

الصين تبدأ التحفيز المالي برفع سقف الديون المحلية

صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)

بدأت الصين جولة جديدة من الدعم المالي، يوم الجمعة، لاقتصادها المتعثر بحزمة تخفف من ضغوط سداد الديون للحكومات المحلية، حيث أشار وزير المالية، لان فوان، إلى مزيد من التحفيز في طور الإعداد.

وتعثر ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مدار العام الماضي، حيث واجه ضغوطاً انكماشية قوية وسط ضعف الطلب، وأزمة عقارية، وضغوط تمويل متزايدة على الحكومات المحلية، مع ازدياد التوقعات غموضاً؛ بسبب فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، بعدما هدَّد بفرض رسوم جمركية تتجاوز 60 في المائة على جميع السلع الصينية.

وقال مسؤولون، يوم الجمعة، بعد اجتماع برلماني استمرَّ أسبوعاً، إن بكين ستسمح للحكومات المحلية بتخصيص 10 تريليونات يوان (1.40 تريليون دولار) لخفض الديون خارج الميزانية العمومية أو «الديون المخفية»، دون الكشف عن أي خطوات لتعزيز الطلب الاستهلاكي المتباطئ كما كان يأمل كثير من المستثمرين.

وسيتم رفع حصة ديون الحكومات المحلية بمقدار 6 تريليونات يوان، وستتمكَّن من استخدام 4 تريليونات يوان أخرى في الإصدارات التي تمت الموافقة عليها بالفعل لتمويل مقايضات الديون، بهدف الحد من المخاطر المالية النظامية.

ووافقت أعلى هيئة تشريعية في الصين، اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب، على مشروع قانون يرفع سقف إصدار الحكومات المحلية للسندات الخاصة إلى 35.52 تريليون يوان من 29.52 تريليون يوان.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي إنفانغ برايفت فاند»: «لا أرى أي شيء يتجاوز التوقعات. الإجراءات ليست ضخمة إذا نظرت إلى العجز المالي الناجم عن التباطؤ الاقتصادي وهبوط مبيعات الأراضي. تُستخدم الأموال لاستبدال الديون المخفية، مما يعني أنها لا تخلق تدفقات عمل جديدة، وبالتالي فإن الدعم لنمو الناتج المحلي الإجمالي ليس مباشراً».

وقال شو هونغ تساي، نائب رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، في مؤتمر صحافي في بكين، إن عمليات مقايضة الديون، التي أشار إليها تقرير لـ«رويترز» الأسبوع الماضي، تهدف إلى حل مخاطر الديون المحلية.

وقال وزير المالية إن السلطات ستصدر سياسات لدعم مشتريات القطاع العام من الشقق غير المبيعة، واستعادة الأراضي السكنية غير المطورة من مطوري العقارات، فضلاً عن تجديد رأس مال البنوك الحكومية الكبرى. ولكنه لم يذكر تفاصيل حول حجم أو توقيت هذه التدابير.

وأدى التحفيز النقدي الأكبر من المتوقع في سبتمبر (أيلول) إلى تغذية تكهنات المستثمرين حول برنامج مالي مكمل ضخم لتعزيز النشاط على الفور، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسهم الصين. وتهدف مقايضات الديون إلى إصلاح الميزانيات العمومية التالفة، والعمل مثبتاً للنمو، وليس محفزاً قوياً للنمو.

وتكافح الصين لمعالجة الآثار الجانبية لجبل الديون المتبقية من التحفيز السابق منذ الأزمة العالمية في عامي 2008 و2009. ويشمل ذلك الديون المخفية التي تراكمت بشكل أساسي من قبل أدوات تمويل الحكومات المحلية، التي تم جمعها لمشروعات البنية التحتية التي عدّتها السلطات بالغة الأهمية للتنمية... ومع ذلك، فإن هذا العبء من الديون يترك لهم مجالاً ضئيلاً لتمويل مشروعات جديدة لتعزيز النشاط الاقتصادي المتعثر.

وقال وزير المالية إن «الديون المخفية» للحكومات المحلية بلغت 14.3 تريليون يوان في نهاية عام 2023، وتخطط السلطات لتقليصها إلى 2.3 تريليون يوان بحلول عام 2028. ويقدر صندوق النقد الدولي أن ديون أدوات تمويل الحكومات المحلية بلغت 60 تريليون يوان في نهاية عام 2023، أو 47.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وكان من المتوقع أن توفر عمليات مقايضة الديون 600 مليار يوان من الفائدة للحكومات المحلية على مدى 5 سنوات.

ويُنظر إلى كومة ديون مؤسسات التمويل الحكومية - بما في ذلك القروض والسندات والائتمانات الموازية - على أنها مصدر متزايد للمخاطر النظامية في النظام المالي الصيني، خصوصاً في ظل اقتصاد غير مستقر.

وبلغ إجمالي ديون الحكومة المركزية والحكومات المحلية 147 تريليون يوان في نهاية عام 2023، أو 117 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وفي الأسواق، انخفضت أسهم الصين وهونغ كونغ يوم الجمعة، لكنها سجَّلت أفضل أسبوع لها في شهر. وبدا المستثمرون محبطين من حجم خطة التحفيز الصينية، حيث اتسعت خسائر مؤشر «هانغ سنغ» في الدقائق الأخيرة قبل إغلاق السوق في الساعة 4:15 مساءً.

وتتجه كل الأنظار إلى تفاصيل التحفيز المالي في بكين بعد الانتخابات الأميركية، التي يتوقع البعض أنها ستكون أكثر قوة في مواجهة تهديدات التعريفات الجمركية من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وافتتحت أسواق الصين وهونغ كونغ على ارتفاع في أعقاب صعود وول ستريت الليلة السابقة، حيث خفَّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، كما كان متوقعاً.

ولكن عند الإغلاق، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية بنسبة 1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 0.5 في المائة. ومع ذلك، ظل كلا المؤشرين مرتفعاً بأكثر من 5 في المائة خلال الأسبوع. وفي هونغ كونغ، خسر مؤشر «هانغ سنغ» القياسي 1.1 في المائة، لكنه سجَّل أول مكسب أسبوعي له منذ أكتوبر (تشرين الأول).

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بينبوينت» لإدارة الأصول، إنه من غير الواقعي أن نتوقع من الحكومة أن تعلن تفاصيل التحفيز المالي للعام المقبل في اجتماع يوم الجمعة. وتابع: «أعتقد بأن الرسائل الصادرة عن المؤتمر الصحافي إيجابية لتوقعات الاقتصاد الكلي في الصين».

وقبيل الإعلان عن التحفيز الذي طال انتظاره، حذَّر بعض مراقبي السوق من أن توقعات المستثمرين كانت مرتفعة للغاية، وقالوا إنهم يعتقدون بأن معظم الأموال ستذهب نحو خفض أعباء ديون الحكومات المحلية، ولن تقدم دفعة كبيرة للنمو الاقتصادي في الأمد القريب.

وحذَّرت شركة «نانهوا فيوتشرز»، في مذكرة للعملاء قبل الاجتماع، من أنه إذا جاءت إعلانات السياسة أقل من التوقعات، فإن سوق الأسهم تواجه مخاطر التصحيح.


مقالات ذات صلة

الصين تمهّد إلى قبول نمو «أقل من 5 %»

الاقتصاد عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

الصين تمهّد إلى قبول نمو «أقل من 5 %»

قالت صحيفة «الشعب اليومية» الرسمية إن الصين ليست ملتزمة بتحقيق معدلات نمو محددة للناتج المحلي الإجمالي، وإن وتيرة نمو أقل من 5 في المائة للاقتصاد «مقبولة».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

انخفض نشاط الأعمال في منطقة اليورو بصورة حادة خلال الشهر الماضي؛ حيث انضم قطاع الخدمات المهيمن إلى قطاع التصنيع في الانكماش.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد رافعات عملاقة وحاويات بميناء قوينغداو شرق الصين (أ.ف.ب)

منظمة «التعاون والتنمية»: انتعاش التجارة مهدد بعودة الحمائية

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الاقتصاد العالمي على استعداد لنمو مطرد في العامين المقبلين؛ إذا لم تعرقل الحمائية المتجددة التعافي في التجارة العالمية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد يسير الناس عبر جسر لندن خلال ساعة الذروة الصباحية مع الحي المالي للمدينة في الخلفية (رويترز)

تباطؤ نمو قطاع الخدمات البريطاني بسبب زيادات الضرائب

فقد قطاع الخدمات المهيمن في بريطانيا زخمه في نوفمبر، وإن لم يكن التراجع بقدر ما كان يُخشى في البداية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)

السعودية: منطقة حائل تحتوي موارد معدنية تتجاوز 19 مليار دولار

تحتوي منطقة حائل التي تقع شمال السعودية على كنوز وموارد معدنية، تتجاوز قيمتها التقديرية 72.3 مليار ريال (19.3 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (حائل)

الصندوق السيادي الروسي يتوقع تدفق استثمارات أجنبية كبيرة في 2025

مشاة يسيرون أمام مبنى وزارة المالية الروسية في موسكو (رويترز)
مشاة يسيرون أمام مبنى وزارة المالية الروسية في موسكو (رويترز)
TT

الصندوق السيادي الروسي يتوقع تدفق استثمارات أجنبية كبيرة في 2025

مشاة يسيرون أمام مبنى وزارة المالية الروسية في موسكو (رويترز)
مشاة يسيرون أمام مبنى وزارة المالية الروسية في موسكو (رويترز)

قال رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، كيريل دميترييف، يوم الأربعاء، إن روسيا قد تشهد زيادة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية العام المقبل، في ظل تفاؤل المستثمرين بإمكانية حل الصراع في أوكرانيا.

وأوضح دميترييف، على هامش مؤتمر استثماري في موسكو، قائلاً: «قد يشهد عام 2025 عاماً زيادة ملحوظة في الاستثمارات الأجنبية في روسيا، حيث يرى المستثمرون فرصاً لحل النزاع في أوكرانيا». وأضاف: «نتوقع أن تستمر دول الجنوب العالمي في زيادة استثماراتها في روسيا، كما ستسارع الشركات الغربية لاستعادة مواقعها المفقودة في السوق الروسية»، وفق «رويترز».

وتضمنت مهمة دميترييف في المؤتمر التأكيد أن روسيا تمثل فرصة استثمارية واعدة. ولم يحدد دميترييف أي شركات غربية قد تسعى للعودة إلى السوق الروسية.

تجدر الإشارة إلى أن الشركات الغربية خرجت من روسيا بأعداد كبيرة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، في كثير من الأحيان بشروط غير مواتية.

كما أشاد دميترييف ببراغماتية الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، الذي كان قد صرح خلال حملته الانتخابية بأنه قادر على إحلال السلام في أوكرانيا في غضون 24 ساعة إذا انتُخب، دون أن يقدم تفاصيل محددة. وقال دميترييف، المصرفي السابق في «غولدمان ساكس» والذي كانت له اتصالات سابقة مع فريق ترمب: «البراغماتية التي تتمتع بها إدارة ترمب تمنح الأمل في استعادة نظام الأمن العالمي، مما قد يصبح دافعاً لتجديد التعاون الاقتصادي العالمي وتعزيز الثقة بين الدول».