أظهر مؤشر مديري المشتريات لمجموعة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الثلاثاء، أن انكماش القطاع الخاص غير النفطي في مصر تباطأ في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن ثقة الأعمال في القطاع تراجعت إلى أدنى مستوى لها في 11 عاماً ونصفا.
وقالت المجموعة في تقرير لها إن مؤشر مديري المشتريات في مصر، المعدل في ضوء العوامل الموسمية، ارتفع إلى 48.4 نقطة في نوفمبر من 47.9 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، لافتة إلى أن المؤشر ما زال دون مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش، بحسب وكالة «أنباء العالم العربي».
وقال التقرير إن ارتفاع معدلات التضخم والانخفاض المستمر في الإنتاج والطلبات الجديدة أديا إلى تراجع توقعات النشاط التجاري على مدى الـ12 شهراً المقبلة إلى أضعف مستوياتها منذ بدء جمع البيانات في أبريل (نيسان) 2012. كما أدت الضغوط التضخمية إلى انخفاض حاد في المبيعات إلى العملاء، مما ساهم في انخفاض التوظيف والمشتريات.
وأضاف التقرير أن الشركات سجلت أيضاً ارتفاعاً حاداً في أسعار مبيعاتها، وهو الأسرع منذ مارس (آذار)، حيث تتطلع الشركات إلى تجاوز الارتفاع في أسعار الشراء الناتج عن ضعف العملة وصعوبات الحصول على مستلزمات الإنتاج. ورغم ارتفاع تضخم أسعار المشتريات منذ أكتوبر، فإنه ظل أضعف من المستويات القياسية التي شهدها قبل عام تقريباً.
وبحسب التقرير، استمرت مستويات الإنتاج والأعمال الجديدة في الانخفاض بقوة في نوفمبر، رغم تباطؤ معدلات الانخفاض عن تلك المسجلة في أكتوبر.
ووفقاً للشركات التي شملتها الدراسة، استمرت معدلات التضخم المرتفعة تاريخياً في تقليل طلب العملاء، في حين أشارت بعض الشركات إلى أن قضايا الاستيراد التي لم يتم حلها أدت إلى تقييد النشاط التجاري. ورغم أن التراجع في الإنتاج والأعمال الجديدة كان منتشراً على نطاق واسع في جميع القطاعات الخاضعة للدراسة، فإنه كان ملحوظاً بشكل خاص بين شركات الجملة والتجزئة.
ومع استمرار تدهور معدلات الطلب بسبب الضغوط التضخمية، سجلت الشركات غير المنتجة للنفط في مصر أدنى مستوى ثقة في النشاط المستقبلي في تاريخ السلسلة. وأظهرت البيانات أن التوقعات لم تكن إيجابية إلا بشكل طفيف، بينما قدمت قطاعات التصنيع والبناء توقعات متشائمة.
وأشار التقرير إلى أن هذه التوقعات «المتشائمة» جاءت وسط ارتفاع حاد آخر في تكاليف مدخلات الإنتاج، حيث أشارت العديد من الشركات إلى أن ضعف العملة وعجز الموردين أديا إلى ارتفاع أسعار المواد.
وفي هذا الإطار، قال كبير الباحثين الاقتصاديين لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، ديفيد أوين، إن «التفاؤل على مستوى الاقتصاد المصري غير النفطي يتآكل مع اقترابنا من نهاية العام، حيث تفرض التحديات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية ضغوطاً إضافية على التكاليف والقدرة الإنتاجية للشركات».
وأشار إلى أنه رغم أن الانخفاض الناتج في الأعمال والإنتاج الجديد لم يكن حاداً مقارنة بما شهده بداية العام، فإنه لا يظهر أيضاً أي علامة على التراجع، وبالتالي استمرار مسلسل التراجع الذي بدأ أواخر عام 2021. وأضاف أوين أن التوقعات على مدى الـ12 شهراً القادمة انخفضت إلى أسوأ مستوى لها منذ بداية السلسلة حيث سلطت الشركات الضوء على التأثير الذي من المحتمل أن تحدثه معدلات التضخم على طلب العملاء.
وذكر أنه رغم تراجع التضخم من المستوى القياسي المسجل في سبتمبر (أيلول) والذي وصل إلى 38 في المائة إلى 35.8 في أكتوبر، فإنه لا يزال واحداً من أعلى المعدلات على الإطلاق. ونتيجة لذلك، أظهرت أحدث بيانات الدراسة زيادة كبيرة في تكاليف مستلزمات الإنتاج لدى الشركات، في حين ارتفعت أسعار المنتجات بأكبر معدل منذ مارس مما يسلط الضوء على أن الشركات تشعر بضرورة تمرير ضغوط التكلفة إلى العملاء رغم التأثير على المبيعات.