زخم «التعامل مع الكربون» يشق طريقه في «كوب 28»

«التمويل» و«مستقبل الوقود» يحتلان صدارة أحداث اليوم الخامس

TT

زخم «التعامل مع الكربون» يشق طريقه في «كوب 28»

مشاركون يسيرون في «مدينة إكسبو دبي» حيث يعقد مؤتمر «كوب 28»... (رويترز)
مشاركون يسيرون في «مدينة إكسبو دبي» حيث يعقد مؤتمر «كوب 28»... (رويترز)

في حين تزداد الدعوات إلى التعامل بمزيد من الواقعية في مسألة التوازن الطاقي، خطفت التعهدات المالية الأضواء مرة أخرى في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي يوم الاثنين، حيث حوّل المندوبون تركيزهم إلى الفجوة متزايدة الاتساع في الحاجة إلى تمويل المناخ؛ وما هو متاح.

وفي ما بدت خطوة نحو مزيد من الواقعية في المسألة المتعلقة بمستقبل الوقود، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، يوم الاثنين، إن الصندوق حريص على رؤية سعر الكربون يزداد لإعطاء «أكبر حافز ممكن لإزالة الكربون».

وتتناغم هذه التصريحات مع الأصوات المنادية بأن علاج الأزمة الحالية يكمن في علاج الوقود التقليدي وليس التخلص منه كما يطالب البعض، وهي الخطوة التي وصفها كثير من الجهات بأنها «غير واقعية»؛ لأن العالم لا توجد لديه بدائل كافية للحفاظ على سلامة اقتصاده.

وأوضحت غورغييفا، خلال جلسة يوم الاثنين بمؤتمر «كوب28» في دبي: «نحن في غاية الحرص على إعطاء أكبر حافز ممكن لإزالة الكربون».

وتأتي تصريحات غورغييفا عقب ساعات من تأكيد الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، أنه ينبغي على من يتحدثون عن تحول الطاقة أن يتقبلوا المعطيات والحقائق، نظراً إلى أن «البتروكيميائيات موجودة لتبقى... اليوم ولعقود قادمة».

وأشار وزير الطاقة السعودي، خلال مشاركته في الدورة الـ17 من منتدى «جيبكا» السنوي المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، إلى الأفكار التي تنادي بالتحول من السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلية التقليدية إلى السيارات الكهربائية وتشير إلى أنها ستنقذ المناخ، قائلاً إن «البتروكيميائيات ومشتقاتها تشكّل نحو 50 في المائة من مكوّنات سياراتنا، بما في ذلك السيارات الكهربائية. مرّةً أخرى؛ لا يوجد مهرب من البتروكيميائيات».

وتوقع وزير الطاقة السعودي استمرار نمو الطلب العالمي على البتروكيميائيات بوتيرة سريعة، بما سينعكس زيادةً في الطلب على الهيدروكربونات كمواد خام. وأوضح أنه وفقاً لتقارير السوق والمحللين، فمن المنتظر نمو قطاع البتروكيميائيات عالمياً بنسبة تزيد على 50 في المائة لنحو 1.2 تريليون طن سنوياً بحلول عام 2040، «مما يُترجم قفزةً بالطلب على المواد الكيميائية البترولية الأساسية»، مثل «الإيثيلين» و«البروبيلين» بنسبة تزيد على 60 في المائة.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، أمين الناصر، يوم الاثنين، على هامش قمة «كوب28» إن كل إمدادات الطاقة المتجددة الآتية إلى السوق لا تزال غير كافية للتعامل مع الطلب الإضافي، مضيفاً أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من الاستثمار في قطاع النفط والغاز.

وفي المسار ذاته، قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، يوم الاثنين، في إحدى الجلسات في «كوب28» إن الاستثمارات في قطاع النفط والغاز ضرورية لتجنب «بيئة التسعير المرتفعة» خلال «التحول الأخضر»، مشدداً على أنه «إذا لم يتم ذلك بشكل صحيح، فسنعرقل التحول بارتفاع أسعار السلع الأولية».

الصندوق العربي للطاقة

أما في ما يتعلق بالتمويل، فقد قال «الصندوق العربي للطاقة (أبيكورب سابقاً)» في «كوب28»، يوم الاثنين، إنه يعتزم استثمار ما يصل إلى مليار دولار في تقنيات إزالة الكربون على مدى السنوات الخمس المقبلة. ويركز الصندوق، وهو مؤسسة مالية متعددة الأطراف، على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويعد الاستثمار المقرر والاسم الجديد جزءاً من استراتيجية مدتها 5 سنوات حتى عام 2028 لدعم تحول «مشهد الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو مستقبل يتحقق فيه صافي انبعاثات صفري».

وقال الرئيس التنفيذي للصندوق، خالد علي الرويغ، في بيان: «تتضمن استراتيجيتنا تنويع الاستثمارات عبر دعم التقدم التكنولوجي لتعزيز كفاءة الطاقة ودفع الجهود المستدامة لإزالة الكربون».

وأصدرت المؤسسة، التي منحتها كل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى تصنيفاً ائتمانياً من «الدرجة الاستثمارية»، سندات خضراء لأجل 5 سنوات بقيمة 750 مليون دولار بعد إنشاء إطار عمل يخص السندات الخضراء في عام 2021. وخصص الصندوق 610 ملايين دولار حتى الآن لـ11 مشروعاً في المنطقة.

وجاء في البيان أن المؤسسة خصصت حالياً 18 في المائة من محفظتها للقروض، والبالغة 4.5 مليار دولار، لدعم مبادرات المسؤولية البيئية والاجتماعية. وأسست 10 دول عربية مصدرة للنفط «أبيكورب» في عام 1974. ويقع مقره الرئيسي في السعودية ولديه أصول تزيد على 8 مليارات دولار.

تعهدات والتزامات

من جانبه، قال رئيس «كوب28» وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر: «حجم أزمة المناخ يتطلب حلولاً عاجلة ومغيرة لقواعد اللعبة من كل صناعة... ويلعب التمويل دوراً حاسماً في تحويل طموحاتنا إلى أفعال»

وأعلن الجابر أكثر من 57 مليار دولار في شكل تعهدات والتزامات جديدة خلال الأيام الأربعة الأولى فقط من المؤتمر الذي تستمر فعالياته حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأشاد، في بيان صادر عن رئاسة المؤتمر، بالدول والجهات المشاركة لإسهاماتها والتزاماتها تجاه العمل المناخي، داعياً إلى تكثيف الجهود خلال الأسبوعين المقبلين.

ودعا مفاوضي جميع الأطراف إلى «العمل بروح من الاتحاد والشراكة لتقديم استجابة ملموسة وفاعلة للحصيلة العالمية، والحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية».

ومن بين التعهدات والالتزامات المالية الجديدة، أطلقت الإمارات صندوقاً تحفيزياً بقيمة 110 مليارات درهم (30 مليار دولار) تحت اسم «ألتيرا»، يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص في جميع أنحاء دول الجنوب العالمي.

ووفقاً للبيان، أعلنت الإمارات تخصيص 735 مليون درهم (200 مليون دولار) من حقوق السحب الخاصة إلى «الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة» التابع لـ«صندوق النقد الدولي» بهدف تعزيز المرونة المناخية في البلدان النامية، و550 مليون درهم (150 مليون دولار) للأمن المائي.

كما أعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 33 مليار درهم (9 مليارات دولار) سنوياً لتمويل المشروعات المرتبطة بالمناخ.

وجرى التعهد بنحو 12.8 مليار درهم (3.5 مليار دولار) لتجديد موارد «صندوق المناخ الأخضر»، والتعهد بمبلغ 9.9 مليار درهم (2.7 مليار دولار) للصحة، والالتزام بنحو 9.5 مليار درهم (2.6 مليار دولار) لتطوير النظم الغذائية.

وتم التعهد أيضاً بمبلغ 9.5 مليار درهم (2.6 مليار دولار) لحماية الطبيعة، و1.7 مليار درهم (467 مليون دولار) للعمل المناخي في المدن، وتخصيص 4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار) للإغاثة والتعافي والسلام.

وفي مجال الطاقة، تم جمع 9.2 مليار درهم (2.5 مليار دولار) لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة، و4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار) للحد من انبعاثات غاز الميثان، كما تم التعهد بمبلغ ملياري درهم (568 مليون دولار) لتحفيز الاستثمارات في تصنيع معدات الطاقة النظيفة.

وقالت رئاسة المؤتمر في البيان إن ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز شهِد انضمام 51 شركة، تمثل 40 في المائة من إنتاج النفط العالمي.

وقال الوزير الإماراتي إنه تم انتزاع التزام غير مسبوق من قبل الولايات المتحدة والصين في «كوب28» بتخفيض غاز الميثان والغازات الأخرى غير ثاني أكسيد الكربون على مستوى الاقتصاد بأكمله.

وقدر تقرير صدر يوم الاثنين أن الأسواق الناشئة والدول النامية ستحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنوياً من الاستثمارات للحد من الانبعاثات والتكيف مع التحديات التي يفرضها تغير المناخ.

وقال نيكولاس ستيرن، المؤلف المشارك ورئيس مؤسسة «غرانثام» للأبحاث البيئية والمناخية، إن «العالم ليس على الطريق الصحيحة لتحقيق أهداف (اتفاق باريس). والسبب في هذا الفشل هو نقص الاستثمار، خصوصاً في الأسواق الناشئة والدول النامية خارج الصين»، موضحاً أن «التحدي الرئيسي هو تسريع وتنفيذ تعزيز وتمويل هذا الاستثمار من مجموعة من المصادر».

وتطالب البلدان الضعيفة؛ التي تعاني بالفعل من كوارث مناخية مكلفة، بمليارات إضافية عبر «صندوق الكوارث» الذي جرى تشكيله حديثاً، على الرغم من أن التعهدات الحالية لا تتجاوز نحو 700 مليون دولار.

وقالت رئيسة وزراء بربادوس، ميا موتلي، التي أصبحت صوتاً بارزاً في المناقشات العالمية حول تعبئة الموارد: «ما لم تكن لدينا مجموعة عاجلة من عملية صنع القرار، فسوف نعاني مما يعاني منه كل الآباء؛ التوقعات المثيرة وعدم القدرة على تحقيقها».

وفي مؤتمر صحافي، حثت الدول على تجاوز التعهدات الطوعية والنداءات للجمعيات الخيرية ومستثمري القطاع الخاص، والنظر بدلاً من ذلك في الضرائب بوصفها وسيلة لتعزيز تمويل المناخ.

وأضافت: «الكوكب يحتاج إلى حوكمة عالمية ليس بطريقة (العصا الغليظة)، ولكن بطريقة بسيطة تتمثل في تعاوننا بعضنا مع بعض حتى نتمكن من العمل مع المؤسسات الموجودة لدينا».

وجاء التعهد الأكبر يوم الاثنين من النظام المصرفي في الإمارات، حيث انضم إلى أقرانه في المناطق الأخرى في التعهد بتقديم مزيد من القروض للمشاريع الخضراء. وجاء ذلك بعد تعهد يوم الجمعة بتقديم 30 مليار دولار لمشاريع متعلقة بالمناخ.

من جهة أخرى، قالت فرنسا واليابان إنهما ستدعمان تحرك «بنك التنمية الأفريقي» للاستفادة من حقوق السحب الخاصة لـ«صندوق النقد الدولي» من أجل المناخ والتنمية. بينما قال «البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» إنه سيدرج بنود الديون المقاومة للمناخ في صفقات القروض الجديدة مع بعض البلدان الفقيرة.


مقالات ذات صلة

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.