بعد تعرض الجنيه المصري لضغوط واسعة النطاق خلال الأشهر الماضية، أسهمت إشادة صندوق النقد الدولي بالاقتصاد المصري وتجديد ودائع دولارية لكل من الإمارات والكويت لدى مصر، إضافة إلى إجراءات عادلة لوقف الأزمة، في تحسن كبير للعملة المصرية مقابل الدولار. وخلال الأسابيع الماضية، كان يجري تداول الدولار في السوق الموازية (السوداء) بمصر مقابل متوسط تخطى في بعض الأحيان 51 جنيهاً، فيما يظل السعر الرسمي ثابتاً حول 30.9 جنيه للدولار. لكن مساء الخميس، أظهرت مصادر مصرية تعمل في قطاعات مصرفية وصناعية وتجارية أن الدولار هبط بقوة في السوق الموازية إلى محيط 40 جنيهاً للدولار.
وعلى هامش حضورهما مؤتمر «كوب 28»، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمقر إقامته في دبي مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، حيث أعرب عن تقديره للشراكة المثمرة بين مصر وصندوق النقد الدولي، مؤكداً حرص الحكومة المصرية على استمرارها. واستعرض اللقاء أوجه العلاقات بين الجانبين، لا سيما في ضوء برنامج التعاون القائم لاستكمال تنفيذ الإصلاح الاقتصادي المصري، حيث أعرب الرئيس المصري في هذا الصدد عن التقدير للشراكة المثمرة بين الجانبين، مؤكداً حرص الحكومة المصرية على استمرارها، وذلك بالنظر إلى ما توفره من مناخ إيجابي لكافة المستثمرين وأسواق المال العالمية حول الاقتصاد المصري، وفرص الاستثمار والآفاق الواسعة التي تتيحها، أخذاً في الاعتبار عزم مصر على مواصلة تعزيز الإصلاحات الهيكلية المتعلقة بالسياسات المالية والنقدية، والاستمرار في تعظيم دور القطاع الخاص في التنمية.
وأوضح بيان للرئاسة المصرية أن غورغييفا أكدت التطلع المتبادل للصندوق لمواصلة علاقات التعاون المتميزة مع مصر ودعمه للإصلاحات الاقتصادية بها، مشيدةً في هذا الصدد بأداء الاقتصاد المصري وما أظهره من مرونة وصمود في مواجهة التداعيات السلبية الناجمة عن جائحة «كورونا» والأزمة الروسية الأوكرانية والأوضاع في غزة، ومؤكدة استمرار الصندوق في تعزيز العمل المشترك مع الحكومة لتحقيق الأهداف الوطنية المصرية بتحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد، وزيادة تنافسيته، وتعميق مشاركة القطاع الخاص واستكمال العمل التنموي الجاري.
وقد تطرق اللقاء كذلك إلى قضية تغير المناخ وتمويل العمل المناخي، لا سيما في الدول النامية، وكذا الأوضاع الاقتصادية العالمية والجهود الجارية لإصلاح وتطوير منظومة التمويل الدولية والمؤسسات المالية متعددة الأطراف لمواجهة التحديات العالمية المزدادة مؤخراً.
العامل الثاني الذي دعم العملة المصرية، كان تهديد البنك المركزي للشركات التي تتعامل مع السوق السوداء بتجميد كافة حساباتها البنكية، وقرار لوزارة المالية بفرض ضرائب دولارية على الشركات التي تتعامل بالدولار، إضافة إلى تأكيدات حكومية بحصار أزمة الدولار في الأسواق المحلية. أما العامل الثالث، فتمثل في كشف تقرير للبنك المركزي المصري خلال الساعات الأخيرة عن تجديد الإمارات وديعة لديه بقيمة مليار دولار لمدة 3 سنوات لتنتهي في يوليو (تموز) 2026 بدلاً من يوليو (تموز) الماضي. وأوضح تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري أنه من المقرر أن يحين أجل سداد جزء من وديعة إماراتية بقيمة ملياري دولار في الشهر المقبل، بجانب مليار أخرى كانت تستحق في يوليو 2023، التي تم تجديدها. وأيضاً أعلن البنك المركزي المصري عن مد أجل وديعة كويتية بقيمة ملياري دولار لمدة عام تنتهي في أبريل (نيسان) 2024. وكشف التقرير أن إجمالي الودائع الكويتية لدى البنك المركزي المصري تبلغ نحو 4 مليارات دولار، تتضمن وديعة بقيمة ملياري دولار مُستحقة السداد في سبتمبر (أيلول) 2023، فيما جرى تمديد أجل الوديعة الثانية بالقيمة نفسها.
وزادت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي نحو 131 مليون دولار إلى 35.1 مليار دولار. وكشفت بيانات البنك المركزي أن الدين الخارجي للبلاد تراجع إلى 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو (حزيران) 2023 من 165.3 مليار دولار بنهاية مارس (آذار) الماضي.