الصين تكشف لأميركا عن قلقها من القيود والعقوبات والتعريفات

بكين تطلب من بعض المقرضين الحد من تكاليف التمويل بين البنوك

وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو خلال كلمتها بمؤتمر حول العلاقات الأميركية الصينية على هامش قمة «أبيك» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو خلال كلمتها بمؤتمر حول العلاقات الأميركية الصينية على هامش قمة «أبيك» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
TT

الصين تكشف لأميركا عن قلقها من القيود والعقوبات والتعريفات

وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو خلال كلمتها بمؤتمر حول العلاقات الأميركية الصينية على هامش قمة «أبيك» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو خلال كلمتها بمؤتمر حول العلاقات الأميركية الصينية على هامش قمة «أبيك» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)

قالت وزارة التجارة الصينية، يوم الجمعة، إن وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو أعرب عن قلقه بشأن القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على صادرات أشباه الموصلات إلى الصين، فضلاً عن العقوبات المفروضة على الشركات الصينية والرسوم الجمركية على الواردات الصينية، وذلك عندما التقى وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، يوم الخميس.

وقال وانغ لرايموندو، في سان فرانسيسكو: «من المهم للغاية أن يناقش الجانبان الحدود بين مخاوف الأمن القومي والتعاون التجاري والاقتصادي».

واعتاد أكبر اقتصادين في العالم أن يكونا أكبر شريكين تجاريين لبعضهما، وبينما تعارض الحكومتان علناً الانفصال، فإن الصين تركز الآن في تجارتها بشكل أكبر مع جنوب شرق آسيا، بينما الولايات المتحدة تركز على كندا والمكسيك المجاورتين.

ووفقاً لوزارة التجارة الصينية: «أعرب وانغ عن قلقه بشأن القواعد النهائية لضوابط تصدير أشباه الموصلات الأميركية ضد الصين، والعقوبات ضد الشركات الصينية، وقيود الاستثمار الثنائية، والتعريفات الجمركية بموجب المادة 301».

واحتفظ الرئيس الأميركي جو بايدن بالتعريفات الإضافية المفروضة على عدد كبير من الصادرات الصينية في ظل إدارة دونالد ترمب السابقة، وأضاف قيوداً جديدة تحظر تصدير أشباه الموصلات المتقدمة والمعدات اللازمة لتصنيعها، مستشهداً بمخاوف أمنية.

وسجلت التجارة البينية رقماً قياسياً بلغ 690 مليار دولار العام الماضي، مع ارتفاع الطلب الأميركي على السلع الاستهلاكية الصينية ونمو طلب بكين على المنتجات الزراعية والطاقة الأميركية.

ومع ذلك، يشهد هذا العام وتيرة أبطأ بشكل ملحوظ، مع انخفاض التدفقات التجارية في الاتجاهين حتى سبتمبر (أيلول) بمقدار 104 مليارات دولار، أو 19 في المائة، عن الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن وانغ وريموندو اتفقا أيضاً على عقد الاجتماع الأول لمجموعة عمل التجارة على مستوى نائب الوزير في الربع الأول من عام 2024.

وعلى الصعيد الداخلي في الصين، قالت مصادر مطلعة، يوم الجمعة، إن البنك المركزي الصيني طلب من بعض المقرضين وضع حد أقصى لأسعار الفائدة على أداة دين بين البنوك هذا الشهر، في إشارة إلى ارتفاع العائدات قصيرة الأجل على ديون البنوك والسندات المصرفية.

وقالت 4 مصادر إنه تم إبلاغ بعض المقرضين التجاريين الكبار بعدم بيع شهادات الإيداع القابلة للتداول بأسعار فائدة مرتفعة للغاية. وهذه الشهادات هي أداة دين قصيرة الأجل شائعة يتم إصدارها بين البنوك لتلبية احتياجاتها التمويلية.

وتؤكد أحدث توجيهات للبنك المركزي الصيني عزم السلطات على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة في الاقتصاد المتباطئ، حتى مع إصدار الحكومة المركزية والحكومات المحلية المزيد من الديون لضخها في قطاعات البنية التحتية والمستهلكين.

وقال التجار إن معدلات إصدار الشهادات المعنية ارتفعت بشكل مطرد منذ أغسطس (آب)، وهي الآن قريبة من أعلى مستوياتها في 6 أشهر. كما طُلب من البنوك الحفاظ على أسعار الفائدة مستقرة نسبياً قبل عمليات قروض السياسة متوسطة الأجل للبنك المركزي.

ويعزّز البنك المركزي الصيني ضخ الأموال النقدية من خلال ضخ قروض تسهيلات إقراض متوسطة الأجل لمدة عام واحد لبعض المؤسسات المالية. وتجاوز حجم ضخ السيولة توقعات السوق، وأدى إلى ضخ صافي نقدي بقيمة 600 مليار يوان في النظام المصرفي، وهي أكبر زيادة شهرية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2016.

وأصدرت المؤسسات المالية ما قيمته الإجمالية أكثر من تريليوني يوان من شهادات الإيداع القابلة للتداول حتى الآن هذا الشهر، بما في ذلك أكثر من 750 مليار يوان هذا الأسبوع، وفقاً لحسابات «رويترز» المستندة إلى بيانات رسمية.

وكانت البنوك نشطة للغاية في إصدار السندات السيادية لجمع الأموال لتعويض فجوة السيولة في الأشهر الأخيرة، حيث أدى عرض الديون الثقيلة، بما في ذلك إصدار السندات السيادية الصينية المعتمدة حديثاً بقيمة تريليون يوان، إلى زيادة الحاجة إلى المزيد من الأموال طويلة الأجل.

وتحدثت جميع المصادر بشرط عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام حول هذا الموضوع. ولم يرد بنك الشعب الصيني على الفور على طلب «رويترز» للتعليق.

وفي الوقت نفسه، كان بنك الشعب الصيني يدير مستويات النقد لاحتواء فروق العائد مع الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى - التي شددت سياستها النقدية بشكل حاد - من أجل دعم عملة اليوان، التي انخفضت بنسبة 5 في المائة تقريباً مقابل الدولار حتى الآن.


مقالات ذات صلة

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات عملاقة تقترب من دخول المرفأ في شينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ب)

فائض تجاري صيني قياسي يلامس 100 مليار دولار

بلغ الفائض التجاري للصين 99.05 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، وهو أعلى مستوى في السجلات التي تعود إلى عام 1981.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.