الطاقة المتجددة في العراق ثروة غير مستغَلة بالمقدار الكافي

رغم أن البلاد تطمح إلى تأمين ثلث إنتاجها الكهربائي من مصادرها بحلول 2030

جرى وضع الألواح الشمسية فوق سطح منزل في قرية هازر ميرد بالقرب من السليمانية في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي شمال العراق في 19 سبتمبر (أيلول) 2023 (وكالة الصحافة الفرنسية)
جرى وضع الألواح الشمسية فوق سطح منزل في قرية هازر ميرد بالقرب من السليمانية في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي شمال العراق في 19 سبتمبر (أيلول) 2023 (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

الطاقة المتجددة في العراق ثروة غير مستغَلة بالمقدار الكافي

جرى وضع الألواح الشمسية فوق سطح منزل في قرية هازر ميرد بالقرب من السليمانية في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي شمال العراق في 19 سبتمبر (أيلول) 2023 (وكالة الصحافة الفرنسية)
جرى وضع الألواح الشمسية فوق سطح منزل في قرية هازر ميرد بالقرب من السليمانية في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي شمال العراق في 19 سبتمبر (أيلول) 2023 (وكالة الصحافة الفرنسية)

يعيش سكان العراق، الغنيّ بالنفط والذي يعاني من تأثيرات التغير المناخي، البالغ عددهم 43 مليون نسمة، بشكل يومي انقطاعاً متكرراً للكهرباء قد يصل إلى عشر ساعات، ويزيد الأمر سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.

ويحتاج العراق، الذي يعاني تهالك بنيته التحتية عقب عقود من النزاعات والفساد المُزمن في الإدارات العامة، إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية احتياجاته، لكن محطات الطاقة الكهربائية في البلاد تنتج نحو 24 ألف ميغاواط فقط. وعلى الرغم من هذه الحاجة، فلا تزال الطاقة المتجددة غير مستغَلة بالمقدار الكافي، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ويتمتع العراق بأكثر من 3000 ساعة من سطوع الشمس، من أصل 8700 ساعة في السنة. وفي الوقت نفسه، يجري إنتاج أكثر من 98 في المائة من الكهرباء في العراق عن طريق الوقود الأحفوري، وفقاً لتقرير «البنك الدولي».

وعلى المستوى الحكومي، يطمح العراق إلى تأمين ثلث إنتاجه الكهربائي من مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2030، فقد وقّعت بغداد اتفاقات عدة لبناء محطات طاقة شمسية، والتي لا تزال تنتظر أن تصبح واقعاً ملموساً.

وتسعى شركة «توتال إنرجيز»، خلال عامين، إلى تسليم «الجزء الأول» من مشروعها للطاقة الشمسية في العراق، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية ألف ميغاواط. وفي عام 2021، وقّعت بغداد اتفاقية مع شركة «مصدر» الإماراتية لبناء خمس محطات طاقة شمسية، بقدرة إنتاجية تبلغ 1000 ميغاواط.

ولتشجيع السكان على تركيب أنظمة للطاقة الشمسية، أعلن «البنك المركزي العراقي»، في 2022، تخصيص تريليون دينار (نحو 750 مليون دولار)، لتأمين قروض مدعومة للقطاع الخاص، تشمل المنازل والشركات الخاصة. لكن وفقاً للخبير في مجال الطاقة المتجددة ورئيس «مركز بغداد للطاقة المتجددة»، محمد الدليمي، فإن هذا المشروع متعثر بسبب عدم تعاون المصارف.

من جهته، يرى المدير التنفيذي لشركة «كوكب للطاقة الشمسية» في العاصمة بغداد، علي العامري، أن هناك «غياب ثقافة» حول أهمية الطاقة الشمسية، رغم وجود منحى تصاعدي، حيث قامت شركته بتركيب 12 محطة نظام للطاقة الشمسية، بأسعار تبدأ من 4500 دولار، وقد تصل إلى 6 آلاف دولار. وخلال السنوات الثلاث التي مرت على تأسيس الشركة، نفّذت الشركة 70 مشروعاً معظمها منازل، في بغداد ومحافظة الأنبار، وجنوباً في البصرة والديوانية، وفقاً للعامري، معتبراً أن الإمكانيات التي تنتظر العراق في هذا المجال ضخمة.

أما خبير الطاقة في «مؤسسة روكفلر» الأميركية، علي الصفار، فيعتبر أن أسوأ موقع للطاقة الشمسية في العراق قادر على توفير موارد تفوق ثلثيْ أفضل موقع في ألمانيا. ومع توفير الطاقة الشمسية إمدادات رخيصة ونظيفة، ستتاح للعراق الفرصة لحل النقص الدائم في الكهرباء بشكل نهائي.

الطاقة الشمسية بوصفها حلّاً ممكناً

في قرية هزار ميرد، جنوب مدينة السليمانية، يخيّم الهدوء البعيد عن ضوضاء المدن الكبيرة، مثل بغداد التي تطغى عليها أصوات المولّدات الكهربائية المستخدمة لسدّ حاجة انقطاع الكهرباء، لكنها شديدة التلوث وتعمل على الطاقة الأحفورية، وفق وكالة «فرنس برس».

فقد لجأ غالبية سكان هذه القرية إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح منازلهم (أي 17 منزلاً من أصل 25)، مما جعلها مثالاً على نجاح الطاقة الشمسية في العراق، لكنها لا تزال نموذجاً نادراً في بلد لا يزال على السلطات فيه ترجمة التزامها بالطاقة المتجددة إلى واقع ملموس.

ويقول أحد سكان القرية، البالغ من العمر 33 عاماً، دانيار عبد الله، الذي دفع 2800 دولار مقابل الألواح الشمسية في عام 2018: «استرحنا كثيراً بعدما وضعنا منظومة الطاقة الشمسية؛ لأنها تغطي جميع حاجاتنا، من ثلاجة وتلفزيون ومبرّدات هواء، وأجهزة المنزل من غسالة ومكنسة كهربائية خلال النهار».

من جهته، أشار دانيار المنضوي، الذي يخدم مع القوات الأمنية، إلى أنهم كانوا يستخدمون في السابق مولداً كهربائياً، لكنه كان يتعطل دائماً، في حين تصل مدّة انقطاع الكهرباء الحكومية عن القرية «إلى 12 و13 ساعة في اليوم». وعلى غرار دانيار، هناك كثير من أصدقائه سارعوا إلى تركيب أنظمة طاقة شمسية في قرى أخرى. ومع ذلك لا يزال الإقبال على الطاقة الشمسية ضعيفاً.

في هذا الإطار، يقول المتحدث باسم مديرية كهرباء محافظة السليمانية، سيروان محمد محمود: «في السليمانية؛ ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق، هناك 600 ألف منزل مشترك بالكهرباء الوطنية، وضع 500 منها فقط أنظمة طاقة شمسية». ووفقاً لمحمود، يلاحَظ منذ عام 2021، تصاعد الإقبال على هذه الأنظمة، عقب قرار لبرلمان الإقليم في 2021 يخفّض فواتير الكهرباء الوطنية لمستخدمي الطاقة الشمسية. وهذا القرار مفيد بشكل خاص لأصحاب الشركات التجارية، الذين عادةً ما تكون فواتيرهم أعلى من فواتير المنازل. كما أشار إلى أن إقليم كردستان بشكل عام يطمح إلى بناء ثلاث محطات للطاقة الشمسية بطاقة 75 ميغاواط.


مقالات ذات صلة

وزير الطاقة السعودي: أهمية التوازن بين النمو وأمن الطاقة

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي مشاركاً في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة ضمن «مجموعة العشرين» (حساب وزارة الطاقة على «إكس»)

وزير الطاقة السعودي: أهمية التوازن بين النمو وأمن الطاقة

شدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان على أهمية التوازن بين النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، وجهود مواجهة التغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (فوز دو إيغواسو (البرازيل))
الاقتصاد امرأة لبنانية نازحة تطل من خيمة أُقيمت وسط بيروت (أ.ف.ب)

البنك الدولي يوافق على مشروع بـ250 مليون دولار لتعزيز الطاقة المتجددة في لبنان

وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على مشروع بقيمة 250 مليون دولار، لتعزيز الطاقة المتجددة في لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد صورة في أثناء توقيع الاتفاقيات التجارية بين الدولتين (واس)

اتفاقيات تجارية سعودية - جورجية في قطاعات النقل والطاقة والسياحة

توقيع اتفاقيات سعودية - جورجية لتعزيز الشراكات التجارية، ومناقشة فرص استثمارية في النقل والزراعة والطاقة المتجددة والسياحة.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
الاقتصاد الاجتماع الوزاري الخامس عشر للطاقة النظيفة في البرازيل (الشرق الأوسط)

«الطاقة» السعودية تنظم جلسة حوارية بمجال التقاط الكربون بالبرازيل

نظمت ⁧‫وزارة الطاقة‬⁩ جلسة حوارية تناولت التحديات والفرص المتاحة لتعزيز التعاون الإقليمي في مجال التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.

«الشرق الأوسط» (فوز دو إيغواسو )
الاقتصاد وزير الاقتصاد السعودي متحدثاً في حوار برلين العالمي 2024 (الشرق الأوسط)

الإبراهيم: الاستثمار في الطاقة المتجددة مهم لنمو الاقتصاد العالمي

أكد وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم أن السعودية ستكون من المصادر المهمة للطاقة المتجددة البعيدة عن النفط ومشتقاته.

«الشرق الأوسط» (برلين)

السعودية تستقطب شركات طيران وتفتح مسارات جديدة في 2024

TT

السعودية تستقطب شركات طيران وتفتح مسارات جديدة في 2024

صورة لوزيرة السياحة البحرينية فاطمة الصيرفي مع مسؤولي برنامج الربط الجوي السعودي خلال مؤتمر مسارات العالم (الشرق الأوسط)
صورة لوزيرة السياحة البحرينية فاطمة الصيرفي مع مسؤولي برنامج الربط الجوي السعودي خلال مؤتمر مسارات العالم (الشرق الأوسط)

كشف الرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي السعودي، ماجد خان، لـ«الشرق الأوسط»، عن نجاح البرنامج، هذا العام، في جذب 12 شركة طيران، و20 وجهة جديدة، وإضافة أكثر من 1.5 مليون مقعد.

وذكر خان، خلال مؤتمر مسارات العالم، المُقام حالياً في البحرين من 6 إلى 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أن برنامج الربط الجوي يقود الاتصال للمطارات الـ29 في السعودية، وأيضاً كنقطة اتصال واحدة للتأكد من تحقيق الأهداف السياحية بالوصول إلى 150 مليوناً بحلول عام 2030.

ووفق الرئيس التنفيذي: «نحتاج إلى التأكد من أننا نطوّر عدداً كافياً من المقاعد إلى السعودية؛ حتى يتمكن السياح حول العالم من السفر مباشرة إلى المملكة، بدلاً من أن تكون عبرها، أي بشكل غير مباشر».

100 اجتماع

من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لتطوير الطيران في برنامج الربط الجوي، راشد الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، إن مؤتمر مسارات العالم يجمع كل الجهات المتعلقة بالطيران تحت مظلة واحدة في البحرين، وأن هذه المشاركة تركز على التعريف بالوجهات السياحية في السعودية.

وبيّن أن البرنامج هو حلقة وصل بين الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والاستراتيجية الوطنية للطيران، من خلال استحداث مسارات جوية جديدة مباشرة، أو تعزيز الرحلات الحالية؛ من أجل الوصول إلى أكثر من 250 وجهة حول العالم.

وتابع الشمري أن البرنامج لديه أكثر من 100 اجتماع مُجَدول، خلال هذا الحدث، مع صناع قطاع الطيران في العالم، لإجراء المفاوضات، والتعريف بدور ووجهة السعودية وموقعها الجغرافي، مبيناً أن إضافة الرحلات الجديدة وتوسيع المسارات الحالية يسهمان في نمو منظومة السياحة إقليمياً.

ويستعرض البرنامج، وعلى مدى ثلاثة أيام، الخدمات والفرص المقدَّمة لتعزيز الربط الجوي بالمملكة، وصولاً إلى الأسواق الدولية المستهدَفة.

ودعا البرنامج المهتمين إلى زيارة الجناح المخصص لبرنامج الربط الجوي، في مؤتمر مسارات العالم 2024، الذي يجتمع فيه قادة صناعة الطيران، والتعرف على الإمكانات والفرص المتاحة للمملكة العربية السعودية، من خلال 29 مطاراً، في مجال الربط الجوي.

بناء الشراكات

يُذكر أن برنامج الربط الجوي أُطلِق عام 2021 للإسهام في نمو السياحة بالمملكة، من خلال تعزيز الربط الجوي بين المملكة ودول العالم، عبر تطوير المسارات الجوية الحالية والمحتملة، وربط السعودية بوجهاتٍ جديدة عالمية.

ويعمل البرنامج بصفته المُمكّن التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للسياحة، والاستراتيجية الوطنية للطيران، على تعزيز التعاون وبناء الشراكات بين الجهات الفاعلة الرئيسية في القطاعين العام والخاص في منظومتي السياحة والطيران؛ لتعزيز مكانة المملكة بصفتها وجهة رائدة عالمياً.