منطقة اليورو أسيرة تباطؤ واسع النطاق... و«تشاؤم مستقبلي»

بيانات «مديري المشتريات» قد تدفع المركزي الأوروبي لـ«إعادة النظر»

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة كونستانز جنوب ألمانيا (رويترز)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة كونستانز جنوب ألمانيا (رويترز)
TT

منطقة اليورو أسيرة تباطؤ واسع النطاق... و«تشاؤم مستقبلي»

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة كونستانز جنوب ألمانيا (رويترز)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة كونستانز جنوب ألمانيا (رويترز)

أظهر مسح أن نشاط الشركات في منطقة اليورو اتخذ منعطفاً مفاجئاً نحو الأسوأ هذا الشهر، مع تراجع الطلب في ظل تباطؤ واسع النطاق في أنحاء المنطقة، ليدخل الربع الأخير من العام بشكل خاطئ، وينبئ بأن منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود.

ومن المرجح أن يؤدي مسح مديري المشتريات يوم الثلاثاء إلى قراءة مخيبة للآمال للبنك المركزي الأوروبي الذي يجتمع يوم الخميس، وتشير توقعات السوق الآن إلى أن رواية رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد عن أسعار الفائدة «الأعلى لفترة أطول»، قد لا تستمر كما يتوقع البعض.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو الصادر عن بنك هامبورغ التجاري، والذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال» ويُنظر إليه على أنه دليل جيد للصحة الاقتصادية العامة، إلى 46.5 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول) من 47.2 نقطة في سبتمبر (أيلول)، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وخارج أشهر جائحة «كوفيد-19»، كانت هذه أدنى قراءة منذ مارس (آذار) 2013. وكان المؤشر أقل بكثير من مستوى 50 الذي يشير إلى نمو النشاط، وخالف التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لارتفاعه إلى 47.4 نقطة.

وقال روري فينيسي من «أكسفورد إيكونوميكس»: «تمثل مؤشرات مديري المشتريات الأولية بداية سيئة لشهر أكتوبر بالنسبة لمنطقة اليورو؛ خصوصاً بعد ظهور بعض العلامات المبكرة للتعافي في سبتمبر. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن هذا يشكل مخاطر سلبية على توقعاتنا للنمو الراكد للربع الرابع».

وتظهر البيانات أن الركود يجري على قدم وساق في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا؛ حيث انكمش النشاط التجاري هناك للشهر الرابع على التوالي، وكان الانكماش في التصنيع يقابله انخفاض متجدد في الخدمات، حسبما أظهر مؤشر مديري المشتريات.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تنخفض معنويات المستهلكين الألمان للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مما ينهي أي آمال في حدوث انتعاش هذا العام؛ حيث تعاني الأسر بشكل خاص من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حسبما أظهر مسح آخر يوم الثلاثاء.

وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات أن النشاط التجاري في جميع أنحاء فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، شهد انخفاضاً قوياً آخر في أكتوبر. وقالت: «ستاندرد آند بورز غلوبال» إنه رغم تراجع حدة الانكماش منذ سبتمبر، فإنه لا يزال ثاني أكبر انخفاض فيما يقرب من 3 سنوات.

وأظهر مسح أجراه البنك المركزي الأوروبي يوم الثلاثاء، أن بنوك منطقة اليورو فرضت قيوداً إضافية على الحصول على الائتمان في الربع الأخير من العام، حتى مع تراجع الطلب أكثر من المتوقع، وسط ارتفاع تكاليف الاقتراض وتدهور التوقعات الاقتصادية.

واعتمد جزء كبير من النشاط التجاري لشهر أكتوبر على استكمال الشركات للأعمال المتراكمة، مما يشير إلى أنها لا تتوقع حدوث تحول في أي وقت قريب، وتم تخفيض العدد الإجمالي للموظفين لأول مرة منذ يناير (كانون الثاني) 2021.

وهبط مؤشر مديري المشتريات الذي يغطي قطاع الخدمات المهيمن على المنطقة إلى أدنى مستوى في 32 شهراً عند 47.8 من 48.7 نقطة، وهو ما يقل عن جميع التوقعات في استطلاع «رويترز» الذي توقع عدم حدوث تغيير عن سبتمبر.

وانخفض الطلب على الخدمات مرة أخرى هذا الشهر، وبمعدل أكبر مما كان عليه في سبتمبر. وانخفض مؤشر الأعمال الجديدة إلى 45.5 من 46.4 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ بداية عام 2021.

كما انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى 43.0 من 43.4 نقطة، مسجلاً شهره السادس عشر تحت 50 نقطة، والمستوى الأدنى منذ مايو (أيار) 2020، عندما كان الوباء يعزز قبضته على العالم. وكان استطلاع «رويترز» قد توقع أن يسجل المؤشر 43.7 نقطة.

واستقر مؤشر قياس الإنتاج عند 43.1 نقطة، مما يشير إلى أنه لن يكون هناك تحول في أي وقت قريب، لترسم مؤشرات تطلعات المستقبل «صورة قاتمة».

وتضاءل التفاؤل بشأن الأشهر الـ12 المقبلة بين مديري المصانع، مع انخفاض مؤشر الإنتاج المستقبلي إلى 50.3 من 51.6 نقطة، مسجلاً أدنى قراءة له هذا العام.

وقال أندرو كينينغهام من «كابيتال إيكونوميكس»: «هذه الاستطلاعات لا تغير شيئاً من وجهة نظرنا بأن اقتصاد منطقة اليورو من المرجح أن ينكمش في الربع الرابع، بعد أن ينكمش على الأرجح في الربع الثالث».

وفي سياق منفصل، قال غابرييل مخلوف، أحد صناع القرار في البنك المركزي الأوروبي، يوم الثلاثاء، إن زملاءه في البنك يراقبون من كثب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، مضيفاً أن من السابق لأوانه تقييم تأثير ذلك على الاقتصادات.

وقال مخلوف بعد اجتماع في نيقوسيا مع وزير المالية القبرصي ماكيس كيرافنوس: «وجهة نظري في هذا الأمر هي أنه من السابق لأوانه معرفة التداعيات». وتابع: «نراقب التطورات من كثب؛ لأنه لا بد من أن يكون لها آثار اقتصادية علينا إلى حد ما».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.