«المركزي» الأوروبي يواجه اختباراً صعباً في ظل ارتفاع التضخم

تنامي الضغوط لاتخاذ قرار حاسم بشأن السياسة النقدية

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تخاطب لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي في البرلمان الأوروبي في بروكسل ببلجيكا في 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تخاطب لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي في البرلمان الأوروبي في بروكسل ببلجيكا في 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

«المركزي» الأوروبي يواجه اختباراً صعباً في ظل ارتفاع التضخم

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تخاطب لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي في البرلمان الأوروبي في بروكسل ببلجيكا في 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تخاطب لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي في البرلمان الأوروبي في بروكسل ببلجيكا في 25 سبتمبر 2023 (رويترز)

يواجه المصرف المركزي الأوروبي ضغوطاً متزايدة لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعه يوم الخميس، بعد أن رفع أسعار الفائدة في اجتماعاته العشرة الماضية. ومع ذلك، فإن الصراع في الشرق الأوسط، الذي يدفع أسعار الطاقة إلى الارتفاع، يمثل تحدياً جديداً للمصرف المركزي، الذي يكافح ارتفاع التضخم، حيث يحرص المتداولون على معرفة المدة التي ستظل فيها تكاليف الاقتراض مرتفعة.

وقال الرئيس العالمي لقسم الاقتصاد الكلي في «إنغ»، كارستن برزيسكي، إن التحدي الأكبر الذي يواجه المصرف المركزي الأوروبي هو الحفاظ على التوازن. وعلى الرغم من أن الأمر لا يبدو متشدداً، فإنه يجب إبقاء الباب مفتوحاً أمام رفع أسعار الفائدة.

وفيما يلي خمسة أسئلة رئيسية للأسواق، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء:

1. ماذا يمكن أن نتوقع هذا الأسبوع؟

أشار المصرف المركزي الأوروبي إلى أنه سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة لفترة من الوقت، وهو ما توقعته الأسواق. ومع ذلك، من غير المرجح أن يستبعد المصرف رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل. وقد تتمسك رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، بشعار الارتفاع على المدى الطويل، الذي أدى إلى ارتفاع عائدات السندات طويلة الأجل. وفي الوقت نفسه، يشير الاقتصاد الضعيف إلى أن الحاجة إلى مزيد من التشديد المحدود، ولكن من المرجح أن يتراجع المصرف المركزي الأوروبي عن التكهنات بخفض أسعار الفائدة.

وقال الرئيس العالمي لأبحاث أسعار الفائدة في «دويتشه بنك»، فرانسيس يارد، إن «المصرف المركزي الأوروبي قد يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في أوائل العام المقبل إذا استمر التضخم في الارتفاع. وقد يكون ذلك ضرورياً إذا غير (المركزي) رأيه، وأعتقد أن هناك حاجة إلى مزيد من التشديد النقدي. ومع ذلك، فقد التزم المصرف بالسماح للبيانات بالتحدث لبعض الوقت قبل اتخاذ أي قرارات جديدة». أما كبير الاقتصاديين في «المركزي الأوروبي»، فيليب لين، فيرى أن المصرف المركزي الأوروبي سيحتاج إلى وقت، ربما حتى الربيع المقبل، قبل أن يكون واثقاً من انخفاض التضخم.

2. هل سيناقش المصرف المركزي الأوروبي التشديد الكمي؟

من غير المتوقع أن يبدأ المصرف المركزي الأوروبي مبيعات السندات النشطة قريباً. وبدلاً من ذلك، تركز المناقشة على ما إذا كان ينبغي تقديم الموعد النهائي في ديسمبر (كانون الأول) 2024 لإعادة الاستثمار من برنامج الشراء في حالات الطوارئ الوبائية، الذي يفضله كثيرون. وقد يؤدي ارتفاع عائدات السندات الإيطالية إلى تهدئة الحديث عن نهاية سريعة له.

وبموجب برنامج الشراء في حالات الطوارئ الوبائية، يمكن توجيه عمليات إعادة الاستثمار نحو البلدان الأكثر احتياجاً. وبحسب لاغارد، فإن هذا هو خط الدفاع الأول ضد التفتت، والتوسع المفرط في انتشار العائد الذي يقلل من فعالية السياسة النقدية.

من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في بنك «يو بي إس»، راينهارد كلوز: «لن يكون لدينا قرار بشأن إعادة استثمارات برنامج الشراء في حالات الطوارئ الوبائية بعد الارتفاع الأخير في العائدات الإيطالية، حيث لا تزال السوق تعاني من التوتر». وأوضح كلوز أن المصرف المركزي الأوروبي لا يريد أن يصب الزيت على النار، وأن يساهم في زيادة التوتر في السوق، مشيراً إلى أن القرار قد يصدر في ديسمبر أو أوائل عام 2024.

3. ماذا يعني الارتفاع الجديد في أسعار الطاقة؟

ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بنسبة 35 في المائة حتى الآن هذا الشهر، كما تجاوز سعر النفط 93 دولاراً، الأمر الذي يهدد بدفع التضخم إلى الارتفاع من جديد.

ويرى رئيس أسعار الفائدة والتضخم في شركة «ليغال أند جنرال مانجمانت»، كريس جيفري، أن أوروبا، بصفتها منطقة مستوردة للطاقة، أكثر عرضة من الولايات المتحدة لارتفاع التضخم الناجم عن التوترات في الشرق الأوسط. وأضاف جيفري أن لاغارد ستكون حريصة على عدم الانجرار إلى مناقشة أسعار الطاقة، حتى يصبح من الواضح ما إذا كان هذا الارتفاع سيستمر.

وبحسب «يو بي إس»، فإن أسعار الطاقة لم تغير قواعد اللعبة في توقعات التضخم، حيث إن التأثيرات القوية لارتفاع أسعار الطاقة على قاعدة التضخم كانت متوقعة بالفعل. هذا ويتوقع المصرف المركزي الأوروبي أن يتراجع معدل التضخم الرئيسي إلى 3.2 في المائة في عام 2024 من متوسط قدره 5.6 في المائة في عام 2023.

4. ماذا سيفعل المصرف المركزي الأوروبي إذا ساءت الأمور في إيطاليا؟

ليس الكثير في الوقت الراهن، فقد أدّت توقعات العجز المرتفعة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض الإيطالية، مما أدى إلى اتساع الفجوة بينها وبين ألمانيا إلى 200 نقطة أساس، الأمر الذي أثار بعض التكهنات بأن «المركزي الأوروبي» قد يضطر إلى التدخل وتهدئة الأسواق. وفي العام الماضي، انضمت أداة حماية نقل الحركة إلى مجموعة أدوات المركزي الأوروبي، وهي خطة لشراء السندات لمساعدة المزيد من الدول المثقلة بالديون ومنع التفتت.

وقالت خمسة من ستة مصادر لـ«رويترز» في الآونة الأخيرة إنه ليس هناك أي اندفاع للتدخل. وبحسب برزيسكي، ستكون هناك محاولة للبقاء على الهامش لأطول فترة ممكنة.

5. ماذا عن تشديد شروط التمويل؟

انكمش حجم الكتلة النقدية المتداولة في منطقة اليورو في أغسطس (آب) الماضي، وهو أكبر انخفاض شهري على الإطلاق. ويرجع ذلك إلى أن البنوك قلصت الإقراض، بينما احتفظ المودعون بمعظم مدخراتهم في المصارف. ومن المرجح أن يقوم «المركزي الأوروبي» بفحص هذه الأرقام وغيرها من العلامات الدالة على تشديد شروط التمويل. وقد أدى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى رفع تكاليف الاقتراض الأوروبية، مما يدعم الحجة التي تدعو إلى عدم رفع الفائدة مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دي غالهو من «المركزي الأوروبي»: التعريفات الجمركية لترمب لن تؤثر في توقعات التضخم

قال فرنسوا فيليروي دي غالهو، عضو صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إن زيادات التعريفات تحت إدارة ترمب الجديدة لن تؤثر في توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
TT

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب في إطار تخفيضات ضريبية دائمة فعالة تصل قيمتها إلى 51 مليار دولار، وهي الخطوة التي قد تساعد أيضاً في تخفيف القيود المفروضة على العاملين بدوام جزئي وسط تفاقم نقص العمالة.

وتأتي خطة الحكومة، التي وردت في حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 39 تريليون ين (253 مليار دولار) أُعلن عنها يوم الجمعة، بعد أن رضخت الحكومة الائتلافية لضغط من جانب حزب معارض رئيسي يعتبر تعاونه حاسماً لبقاء الحكومة الائتلافية في السلطة.

وإذا تم رفع عتبة ضريبة الدخل من 1.03 مليون ين (6674 دولاراً) سنوياً إلى 1.78 مليون ين كما طالب حزب المعارضة الديمقراطي من أجل الشعب، فإن عائدات الضرائب ستنخفض بمقدار 7 تريليونات ين (45.36 مليار دولار) إلى 8 تريليونات ين، وفقاً لتقديرات الحكومة. وبينما لم تتم مناقشة مستوى العتبة الجديد بعد، يقول صناع السياسات إن الزيادة الكاملة إلى 1.78 مليون ين غير مرجحة.

ويزعم حزب الشعب الديمقراطي أن 1.03 مليون ين كانت أيضاً بمثابة تقييد للعاملين بدوام جزئي من الطلاب؛ حيث يفقد آباؤهم معاملة خصم الضرائب إذا كان أطفالهم القاصرون المعالون يكسبون أكثر من المستوى... ويقدر معهد «دايوا» للأبحاث أن نحو 610 آلاف طالب يحدون حالياً طواعية من ساعات عملهم لتجنب الوصول إلى العتبة.

وبحسب تقديرات «دايوا»، فإن زيادة عتبة الاستقطاع إلى 1.8 مليون ين من شأنها أن تعزز المعروض من العمالة بنحو 330 مليون ساعة، وتعويضات العمال بنحو 456 مليار ين، وزيادة الاستهلاك الخاص بنحو 319 مليار ين.

لكن المنتقدين متشككون في التأثير على المعروض من العمالة، مشيرين إلى وجود حواجز دخل أخرى تمنع العاملين بدوام جزئي من العمل لفترة أطول. كما أن رفع عتبة ضريبة الدخل من شأنه أن يجعل اليابان حالة شاذة بين الدول المتقدمة التي ألغت في الغالب التحفيز.

وقال سايسوكي ساكاي، كبير الاقتصاديين في شركة ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا: «هذه في الواقع سياسة توزيع متخفية في هيئة قضية عمالية». وأضاف أن «هدف اليابان المتمثل في تحقيق فائض في الميزانية الأولية في السنة المالية المقبلة سيكون مستحيلاً تماماً. وفي ظل عدم اهتمام أي شخص بالانضباط المالي، فإن المخاوف بشأن ديون اليابان قد تشتد بين المستثمرين».

وفي حزمة التحفيز، ستنفق الحكومة 13.9 تريليون ين من حسابها العام لتمويل التدابير الرامية إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر. وسيتحول التركيز الآن إلى كيفية تمويل الميزانية.

وقال بنك «جي بي مورغان» في تقرير للعملاء، إنه يتوقع نحو 10 تريليونات ين في سندات حكومية جديدة إضافية لأحدث حزمة تمويل.

ومع ذلك، فإن التوقعات بشأن الميزانية للسنة المالية المقبلة اعتباراً من أبريل (نيسان) أصبحت غير واضحة؛ حيث ستؤثر نتائج المناقشات حول مراجعة الضرائب على عائدات الضرائب لهذا العام.

وفي مؤتمر صحافي، رفض وزير المالية كاتسونوبو كاتو التعليق على ما إذا كان هدف الحكومة المتمثل في تحقيق فائض الميزانية الأولية العام المقبل يمكن تحقيقه، قائلاً إنه ستكون هناك عوامل متعددة في الحسبان.

وبرز إصلاح المالية العامة الممزقة بوصفه مهمة أكثر إلحاحاً بالنسبة لليابان مع تحرك بنكها المركزي للخروج من سنوات من السياسة النقدية شديدة التيسير، التي أبقت تكاليف الاقتراض منخفضة للغاية... ويبلغ الدين العام لليابان أكثر من ضعف حجم اقتصادها، وهو الأكبر بين الاقتصادات الصناعية.

وفي الأسواق، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني مرتفعاً، يوم الجمعة، بعد خسائر لجلستين متتاليتين، إذ صعدت أسهم الشركات المرتبطة بالرقائق الإلكترونية مقتفية أثر شركة «إنفيديا» العملاقة لرقائق الذكاء الاصطناعي.

وارتفع المؤشر «نيكي» 0.68 في المائة ليغلق عند 38283.85 نقطة، لكنه انخفض 1.6 في المائة خلال الأسبوع. وتقدم المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.51 في المائة إلى 2696.53 نقطة، لكنه تكبّد خسارة أسبوعية 1.06 في المائة.

وقال ناوكي فوجيوارا، المدير العام في شركة «شينكين» لإدارة الأصول: «رفعت مكاسب (إنفيديا) المعنويات وأعاد المستثمرون شراء الأسهم اليابانية».