اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع مزيد من خفض توقعات النمو

مراكش «تعض» على جرحها وتتزين لاستضافة الفعاليات السنوية

مركبة مدرعة من قوات الأمن الوطني المغربية تمر عبر المدخل الرئيسي لمكان الاجتماعات السنوية (رويترز)
مركبة مدرعة من قوات الأمن الوطني المغربية تمر عبر المدخل الرئيسي لمكان الاجتماعات السنوية (رويترز)
TT

اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع مزيد من خفض توقعات النمو

مركبة مدرعة من قوات الأمن الوطني المغربية تمر عبر المدخل الرئيسي لمكان الاجتماعات السنوية (رويترز)
مركبة مدرعة من قوات الأمن الوطني المغربية تمر عبر المدخل الرئيسي لمكان الاجتماعات السنوية (رويترز)

رغم المعاناة التي يعيشها أهله بعد الزلزال المميت الذي ضربه، فإن المغرب أصرّ على مواصلة استضافة الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين.

مطار مراكش الدولي شهد يوم الأحد زحمة استثنائية، حيث إن الوفود أتت من كل حدب وصوب للمشاركة في هذه الاجتماعات التي تستهل يوم الاثنين، ولمدة أسبوع. ويقدر المصرف المركزي المغربي عدد المشاركين بنحو 14 ألفاً، من بينهم رؤساء ومديرون عامون للمؤسسات الدولية القارية أو الإقليمية، والقطاع الخاص، وخبراء وأكاديميون، ممثلو منظمات غير الحكومية دولية ومحلية، ووسائل إعلام وطنية ودولية، منهم «الشرق الأوسط».

وتزينت الطرقات بالشعارات الخاصة بالاجتماعات التي عادت إلى القارة الأفريقية بعد 50 عاماً من الغياب، واكتظت الفنادق بالزوار المشاركين، وهو ما من شأنه أن يدعم إيرادات السياحة التي تعول عليها كثيراً الحكومة المغربية في دعم موازنتها.

وكان المغرب قد استضاف حتى يوليو (تموز) الماضي، أي قبل الزلزال الذي أوقع مئات القتلى، نحو 5 ملايين سائح. وبحسب وزارة السياحة، بلغت الإيرادات من قطاع السياحة في نهاية العام الماضي 9.6 مليار دولار. ونما الاقتصاد المغربي بنسبة 2.3 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي.

مركبة مدرعة من قوات الأمن الوطني المغربية تمر عبر المدخل الرئيسي لمكان الاجتماعات السنوية (رويترز)

هذا العام، ورغم آثار الزلزال، فإن الاجتماعات تحمل بصيصاً من التفاؤل إذا ما تمت مقارنتها باجتماعات العام الماضي التي كانت عناوينها قاتمة، من تنامي معدلات الفقر، إلى التضخم، فالحرب...

لقد رسمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، صورة وردية لها العام وللآتي من الأيام، رغم دعوتها من أبيدجان، وهي المحطة الأخيرة قبل انتقالها إلى مراكش، إلى وجوب توخي الحذر وعدم الإفراط في التفاؤل، وتوقعها مزيداً من الانخفاض في معدلات النمو.

لكن هذه الصورة الوردية قد بدّدها تهيؤ المصارف المركزية لاستعادة وتيرة رفع معدلات الفائدة، ولا سيما الاحتياطي الفيدرالي، بعدما أظهر تقرير الوظائف تحسناً فاق التوقعات، فيما البطالة متدنية، ما يعني أن سوق العمل لا يزال قوياً، وهو ما يستدعي مزيداً من التشدد النقدي، قد يضرب النمو العالمي. صحيح أن المصارف المركزية نجحت في قلب مسار التضخم الرئيسي والأساسي من المستوى القياسي الذي بلغه عام 2022 عبر رفع معدلات الفائدة، لكن تكلفة هذا الأمر بدأت بالظهور. فالعوائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات تقترب من نسبة 5 في المائة، ما يهدد بانفجار مالي على المدى القريب، وكبح الاقتصاد عبر زيادة تكلفة الاقتراض على المستهلكين والشركات.

ويُصدر صندوق النقد الدولي تقريرين، يوم الثلاثاء، الأول عن آفاق الاقتصاد العالمي، تعرض تفاصيله غورغيفا في مؤتمر صحافي، يتوقع أن يُظهر مزيداً من الخفض في توقعات النمو لهذا العام. وهو ما مهّدت له غورغيفا حين قالت إن استمر التعافي الاقتصادي العالمي من الصدمات التي شهدتها السنوات الماضية، فإنه تعافٍ بطيء وغير متوازن، ما يرتد على معدلات النمو الضعيفة. فالوتيرة الحالية للنمو العالمي تظل ضعيفة للغاية، حيث سجلت تراجعاً كبيراً عن متوسطها البالغ 3.8 في المائة خلال العقدين السابقين على جائحة «كوفيد 19».

مع العلم أن غورغيفا نوّهت بأن الاقتصاد العالمي أثبت صلابة ملحوظة، حيث جاء النصف الأول من عام 2023 حاملاً معه بعض الأنباء السارة، ما يُعزى أساساً إلى الطلب القوي على الخدمات الذي فاق التوقعات والتقدم الملموس في الحرب على التضخم.

كما باتت فرصة الاقتصاد العالمي أكبر في تحقيق هبوط هادئ، وإن كان يتعين الاستمرار في توخي الحذر.

وكان الصندوق قد توقع في تقريره السابق في أبريل (نيسان) هبوط النمو من 3.4 في المائة في 2022 إلى 2.8 في المائة في 2023، قبل أن يستقر عند 3.0 في المائة في 2024.

أما التقرير الثاني فيتناول آفاق الاقتصاد الإقليمي الذي سيتم إطلاقه في مؤتمر صحافي، حيث يعقد مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الدكتور جهاد أزعور، الذي يرى أنه حان الأوان لإعادة النظر في محركات النمو الاقتصادي عبر مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن هناك فرصاً غير مسبوقة أمام بلدان المنطقة، البالغ عددها 24 بلداً لتأمين النمو الشامل للجميع، وخلق وظائف عالية الجودة، وتحسين الاستجابة لطموحات مواطنيها، البالغ عددهم 600 مليون نسمة.

ويصدر يوم الأربعاء تقرير الاستقرار المالي العالمي.

وسوف تكون القارة الأفريقية حاضرة بقوة، حيث يخصص صندوق النقد والبنك الدوليان جلسات متعددة لمناقشة سبل الاستجابة للأزمات والصدمات، وعرض اقتراحات لتمويل خطط ومشاريع، في ظل تضرر هذه القارة الكبير من تغير المناخ.

كما يخصص البنك الدولي جلسة لتنمية القدرات في القارة الأفريقية، على أن يعقد حوار مباشر مع رئيس البنك الدولي الجديد أجاي بانغا.

ويوم الأحد، قال بانغا، في تصريح للصحافة لدى وصوله إلى مراكش، إن البنك الدولي والمغرب تربطهما علاقات عريقة تعود إلى أزيد من 65 سنة.

وأضاف بانغا: «أنا سعيد بوجودي في المغرب»، مشيراً إلى أن الحكومة المغربية وضعت استراتيجيات واضحة يراقبها البنك الدولي.

وذكر أن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تعود لتقام على أرض أفريقية بعد 50 سنة من الغياب، لافتاً إلى أن هذا الحدث الكبير سيكون مناسبة لدراسة برامج جديدة للتنمية والتطرق للفرص التي يمكن الاستفادة منها.


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

النفط يستقر مع إعلان وقف إطلاق النار وترقباً لاجتماع «أوبك بلس»

ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)
ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)
TT

النفط يستقر مع إعلان وقف إطلاق النار وترقباً لاجتماع «أوبك بلس»

ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)
ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)

استقرت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة يوم الأربعاء، مع تقييم الأسواق للتأثير المحتمل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وقبل اجتماع «أوبك بلس» يوم الأحد المقبل.

وبحلول الساعة 01:14 بتوقيت غرينتش، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت سِنتَين إلى 72.79 دولار للبرميل، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4 سنتات، أو 0.1 في المائة، إلى 68.73 دولار.

وهبطت أسعار النفط الثلاثاء، بعد أن وافقت إسرائيل على اتفاق لوقف إطلاق النار مع «حزب الله» اللبناني. ودخل اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا حيز التنفيذ يوم الأربعاء، في الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش). ويمهد الاتفاق الطريق لإنهاء صراع أودى بحياة الآلاف، منذ اندلعت شرارته بسبب حرب غزة العام الماضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه مستعد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، ولكنه «سيرد بقوة على أي انتهاك» من جانب «حزب الله».

وقال هيرويوكي كيكوكاوا، رئيس «إن إس تريدنغ»، وهي وحدة تابعة لشركة «نيسان» للأوراق المالية: «يحاول المشاركون في السوق التكهن بما إذا كان سيتم الالتزام بوقف إطلاق النار». وقال مصدران في «أوبك بلس» الثلاثاء، إن دول المجموعة تناقش تأجيلاً إضافياً لزيادة في إنتاج النفط كان مقرراً أن تبدأ في يناير (كانون الثاني)، وذلك قبل اجتماع يوم الأحد، لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج خلال الأشهر الأولى من 2025.

وتضخ المجموعة نحو نصف النفط العالمي، وكانت تخطط للتراجع تدريجياً عن تخفيضات إنتاج النفط، مع الإقدام على زيادات صغيرة على مدى عدة أشهر في عامي 2024 و2025. لكن تباطؤ الطلب الصيني والعالمي وارتفاع الإنتاج خارج المجموعة قوَّض هذه الخطة.

وفي الولايات المتحدة، قال الرئيس المنتخب دونالد ترمب إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة، على جميع المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا. وقال مصدران مطَّلعان على الخطة لـ«رويترز» الثلاثاء، إن النفط الخام لن يُعفى من العقوبات التجارية.

في غضون ذلك، قالت مصادر في السوق -نقلاً عن بيانات معهد البترول الأميركي، الثلاثاء- إن مخزونات النفط الخام الأميركية انخفضت، بينما ارتفعت مخزونات الوقود الأسبوع الماضي. وتراجعت مخزونات الخام 5.94 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين لهبوط بنحو 600 ألف برميل.