في حين أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الأحد، الاستراتيجية الجديدة للجامعة لتعظيم أثرها الاقتصادي محلياً ودولياً، يرى خبراء أن المملكة تتجه للاستفادة القصوى من الأبحاث والعلوم والابتكارات اقتصادياً من خلال تعزيز الشراكات محلياً ودولياً، وكذلك القطاع الخاص تحديداً.
وكان ولي العهد السعودي أعلن في يونيو (حزيران) من العام الماضي عن التطلعات والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار في المملكة، كاشفاً عن طموح البلاد لوصول الإنفاق السنوي على القطاع نحو 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ليسهم في تنمية وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال إضافة 60 مليار ريال (16 مليار دولار) في 2040.
وتهدف استراتيجية «كاوست» إلى تحويل العلوم والأبحاث إلى ابتكارات ذات مردود اقتصادي عبر التركيز على الأولويات الوطنية المتمركزة في صحة الإنسان، واستدامة البيئة، والطاقة المتجددة، واقتصاديات المستقبل، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية والمحلية المثمرة.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن الجامعة تتميز في أبحاثها وابتكاراتها ومواهبها، وأصبحت إحدى الجامعات البحثية الرائدة في العالم.
وأضاف ولي العهد السعودي أن الاستراتيجية الجديدة تمثل عهداً جديداً للجامعة، لترسيخ مكانتها العلمية والأكاديمية التي وصلت إليها، لتكون منارةً للمعرفة، ومصدراً للإلهام والابتكار، تماشياً مع طموحات «رؤية 2030» من أجل مستقبل أفضل للمملكة والعالم.
الاستثمارات الأجنبية
من جانبهم، أشار خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إلى أهمية الاستراتيجية في تعزيز الاستثمارات المباشرة وتعظيم دور المملكة كوجهة عالمية للمستثمرين في البحوث والابتكار.
وأوضح المستشار وأستاذ القانون التجاري، الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستراتيجية ستؤدي إلى زيادة في نشاط البحث العلمي والابتكار والاختراع للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وكذلك تحفيز ريادة الأعمال وتنفيذ مبادرات ومشاريع رائدة.
وأضاف العبيدي أن توفير الدعم المادي للباحثين والمبتكرين سيكون له الأثر الإيجابي في زيادة مساهمة المملكة وتعظيم مردود الأبحاث والابتكارات والاستفادة منها على الاقتصاد الوطني.
من جانبه، أفاد أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة، الدكتور سالم باعجاجه لـ«الشرق الأوسط»، بأن الاستراتيجية تهدف إلى تحويل العلوم والأبحاث إلى ابتكارات ذات مردود اقتصادي من خلال التركيز على الأولويات الوطنية.
ولفت باعجاجه إلى أن هذه الاستراتيجية من شأنها جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في مجال العلوم والأبحاث والابتكارات في السعودية، ما يعود بالنفع على الناتج المحلي الإجمالي.
وتركز الاستراتيجية الجديدة على زيادة فرص تحويل الأبحاث إلى ابتكارات ذات مردود اقتصادي، ويشمل ذلك ثلاث مبادرات رئيسية هي: إطلاق معهد التحول الوطني للبحوث التطبيقية «إن تي آي»، وإعادة تنظيم معاهد الأبحاث في الجامعة بما يتماشى مع الأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار، وتأسيس صندوق الابتكار التقني العميق «دي تي آي إف» بميزانية تقدر بـ750 مليون ريال (200 مليون دولار).
الوظائف التقنية
ويهدف الصندوق إلى الاستثمار المبكر في الشركات المحلية والعالمية المتخصصة في التقنية الفائقة، بما يعزز التنوع الاقتصادي ويسهم في توليد الوظائف التقنية النوعية.
وتوفر الاستراتيجية فرصا نوعية للباحثين وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وتمكينهم من تطبيق العلوم والبحوث، لإحداث أثر عالمي مستدام من خلال تعزيز الشراكات الدولية والمحلية.
ومن أهم المبادرات الناتجة عن هذه الشراكات: مبادرة «كاوست» لإحياء الشعاب المرجانية بالشراكة مع «نيوم»، للعمل على زراعة وإعادة إحياء مئات الآلاف من الشعاب المرجانية على مساحة 100 هكتار، في جزيرة شوشة بالبحر الأحمر، إضافة إلى استمرار التعاون مع كبرى الشركات في المملكة والعالم مثل: «أرامكو»، و«سابك»، و«أكوا باور»، و«آي بي إم».
ومن أبرز مبادرات الاستراتيجية تعزيز الشراكات الدولية، وتنمية أُطر التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الرائدة وروّاد التقنية في العالم، مثل: إبرام اتفاقيات مع الشركات الرائدة في مدينة شينزين الصينية، للعمل على أبحاث تطبيقية في مجالات متقدمة مثل الفضاء والروبوتات والإلكترونيات الدقيقة.
وتسهم المبادرات والشراكات في تطوير منظومة التعليم العالي وقادة البحث العلمي في المملكة، وتسويق البحوث وتبادل الابتكار العالمي، وتحفيز نمو الشركات الناشئة القائمة على التقنية المتقدمة، بما يعزز تنافسية اقتصاد المملكة وريادتها عالمياً في الابتكار.
المراتب الدولية
وتستند الاستراتيجية على إرث «كاوست» ومكانتها الأكاديمية العالمية، حيث احتلت الجامعة المرتبة الأولى عالمياً من حيث «الاقتباسات لكل عضو من هيئة التدريس»، وفقاً لتصنيف «كيو إس» لعام 2021.
ويُضمّن الإنتاج البحثي للجامعة في أهم 25 في المائة من المجلات العلمية الأعلى تصنيفاً على مستوى العالم، وبحصة أكبر من مثيلاتها من الجامعات العريقة.
ويوجد خريجو «كاوست» اليوم في مجموعة من كبرى الشركات العالمية والمؤسسات العلمية ومراكز الأبحاث، كرؤساء تنفيذيين وباحثين، مثل وكالة ناسا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، و«نيوم»، وجهات أخرى.
ويمثل إعلان استراتيجية جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية نقطة انطلاق جديدة للجامعة، تعمل من خلالها على تعظيم أثرها الإيجابي على المملكة والعالم.
وركزت أبحاث «كاوست» على التعامل مع أبرز التحديات التي تواجه العالم، وللجامعة تعاون كبير مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة، تسهم من خلاله في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».