تقارب أميركي - صيني محتمل قد ينعش الاقتصاد العالمي

يلين ستزور بكين للبحث في إدارة «مسؤولة» للعلاقات

علما الولايات المتحدة والصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين (أ.ب)
TT

تقارب أميركي - صيني محتمل قد ينعش الاقتصاد العالمي

علما الولايات المتحدة والصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين (أ.ب)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن جانيت يلين، ستزور الصين بين السادس والتاسع من شهر يوليو (تموز) الحالي، لتبحث مع أعضاء في الحكومة أهمّية «أن يدير البلدان علاقتهما بطريقة مسؤولة، بوصفهما الاقتصادين الرائدَين في العالم».

كذلك، تعتزم التشديد على ضرورة «التواصل مباشرة بشأن مجالات الاهتمام والعمل على مواجهة التحدّيات العالمية».

شهدت الأعوام الماضية ارتفاعاً في حدة التوتر بين واشنطن وبكين، مع اعتبار كل من الرئيسين السابق دونالد ترمب والحالي جو بايدن، أن الصين تشكّل التهديد الأبرز على المدى الطويل لتفوق الولايات المتحدة عالمياً. إلا أن إدارة الديمقراطي بايدن سعت في الآونة الأخيرة إلى تخفيف حدة التوتر مع الصين وإدارة التنافس بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وتأتي زيارة يلين المقررة بعد أيام معدودة من تصريحات للرئيس الصيني شي جينبينغ، تعهد فيها أن تلتزم حكومته بتنفيذ الإجراءات اللازمة لحماية المستثمرين الأجانب.

ولدى الولايات المتحدة الأميركية استثمارات بمليارات الدولارات في الصين، وفي حال خروج تلك الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فمن المتوقع أن ينعكس سلباً على مؤشرات النمو الاقتصادية والبطالة، وهو ما استدعى تأكيداً من الرئيس الصيني حين قال إن «التنمية هي الأولوية القصوى للحزب الشيوعي الصيني في حكم البلاد وإنعاشها... وسنواصل تشجيع الانفتاح رفيع المستوى بقوة، وتوفير حماية أفضل لحقوق ومصالح المستثمرين الأجانب وفقاً للقانون».

وجاءت تصريحات الرئيس الصيني، في ظل بيانات اقتصادية محبطة وتوقعات دون المأمول للنمو، حتى بعد رفع القيود الاحترازية لـ«كوفيد». فضلاً عن تقارير مالية تظهر تراجع جاذبية السوق الصينية للشركات الأوروبية، كان آخرها تباطؤ وتيرة نمو نشاط قطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي. وتراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع الصادر عن مؤسسة كايشين إلى 50.5 نقطة مقابل 50.9 نقطة خلال مايو (أيار) الماضي.

وقد تجد بكين الرغبة الأميركية في التقارب فرصة لتصحيح علاقاتها الخارجية التي انعكست على مؤشراتها الاقتصادية بالسلب، بيد أن اقتصاد واشنطن أيضاً يحتاج هذا التقارب. غير أن النزاع التجاري بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم يغلّفه منافسة وسباق تجاري، مما قد يؤدي إلى فشل جهود التقارب بينهما، أو على الأقل يبطئ التحركات الإيجابية.

لذلك، قد تكون الطريق ممهدة لتحقيق تقدم في العلاقات الاقتصادية وإزالة الرسوم الجمركية بين البلدين، التي صارت عائقاً أمام عودة العلاقات إلى ما كانت عليه من قبل، فضلاً عن أن بعض الدول اتخذت الخطوات نفسها مع دول أخرى، على غرار أكبر اقتصادين في العالم، مما أضر بالاقتصاد العالمي الهش أساساً.

وينظر العالم بشغف في زيارة يلين لبكين، إذ إنها قد تعد أساسا جديدا للاقتصاد العالمي الهش، الذي يحتاج أخباراً إيجابية، قد يكون التقارب بين أكبر اقتصادين في العالم، البداية.

غير أنّ مسؤولا بوزارة الخزانة توقع الأسوأ يوم الأحد، وقال: «لا نتوقّع أيّ اختراق مهمّ (في العلاقات بين البلدين) خلال هذه الرحلة». وأضاف «ومع ذلك، نأمل في إجراء مناقشات بنّاءة وإنشاء قنوات اتصال على المدى الطويل» مع الصين، في زيارة يتخللها عرض نظرة الولايات المتحدة للعلاقة الاقتصادية مع الصين.

وفي أبريل (نيسان)، قدّمت وزيرة الخزانة تفاصيل المبادئ التي تُوجّه العلاقات الاقتصادية الأميركيّة مع الصين.

كذلك، تريد الولايات المتحدة إقامة «علاقات اقتصادية سليمة مع الصين تعزز النمو والابتكار» في كلا البلدين. وتريد إدارة بايدن «التعاون بشأن قضايا عالمية ملحة مثل تغير المناخ وتخفيف عبء الديون» عن البلدان النامية.

وفرضت إدارة بايدن العام الماضي قيوداً على تصدير أشباه الموصلات ومكونات التكنولوجيا الأميركية إلى الصين. وقبل ذلك، كانت قد أبقت على رسوم جمركية فرضها ترمب على منتجات تصدّرها الصين إلى الولايات المتحدة.

وقال مسؤول في وزارة الخزانة: «في هذه الزيارة، نريد تعميق وتيرة الاتصالات بين بلدينا وتعزيزها، وتحقيق استقرار في العلاقات لتجنّب سوء التفاهم، وتوسيع تعاوننا حيثما أمكن ذلك».


مقالات ذات صلة

انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

الاقتصاد روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)

انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

اقترب قطاع التصنيع في الولايات المتحدة من التعافي في ديسمبر؛ إذ شهد انتعاشاً في الإنتاج وزيادة في الطلبات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك في المنطقة المالية في مانهاتن (رويترز)

من الرسوم الجمركية إلى التضخم: ما الذي ينتظر الاقتصاد الأميركي في 2025؟

يدخل الاقتصاد الأميركي عام 2025 في حالة مستقرة وجيدة نسبياً؛ حيث شهدت البلاد انخفاضاً ملحوظاً في معدلات التضخم التي كانت قد أثَّرت على القوة الشرائية للمستهلكين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

تستعد صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة لمواجهة تحديات جديدة قد تؤثر في استمرار نموها الهائل في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لافتة خارج بورصة نيويورك تشير إلى تقاطع شارعي وول ستريت وبرود ستريت (أ.ب)

بداية متواضعة للأسواق الأميركية في 2025 مع تفاؤل حذر

بدأت مؤشرات الأسهم الأميركية عام 2025 بتحركات متواضعة الخميس وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 % في التعاملات المبكرة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المشاة يسيرون عبر ساحة تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)

تراجُع غير متوقع في طلبات إعانات البطالة الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، مما يشير إلى تراجع وتيرة التسريحات مع نهاية عام 2024.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تستعد صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة لمواجهة تحديات جديدة قد تؤثر في استمرار نموها الهائل في عام 2025، بعد عام استثنائي شهد تدفقات قياسية بلغت 1.1 تريليون دولار في 2024، وهو ما يمثل أكبر تدفق في تاريخ هذه المنتجات الممتدة على مدار 35 عاماً، واقترب من مضاعفة الرقم الذي تحقَّق في العام السابق، الذي بلغ 597 مليار دولار.

ويعزو المحللون الزيادة الكبيرة في شعبية صناديق الاستثمار المتداولة إلى مزيج من العوامل، أبرزها السوق الصاعدة في الولايات المتحدة، التي تحتضن النصيب الأكبر من هذه الصناديق، بالإضافة إلى ظهور العملات المشفرة والمنتجات المبتكرة القائمة على الخيارات، إلى جانب تفضيل المستثمرين المتزايد لصناديق الاستثمار المتداولة الأقل تكلفة والأكثر سيولة، مقارنة بصناديق الاستثمار المشتركة، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من التفاؤل الكبير بشأن نمو هذه المنتجات في عام 2025، فإن المستثمرين يراقبون بحذر مجموعة من التحديات الجديدة، تتراوح من كيفية التنقل في ساحة صناديق الاستثمار المتداولة المزدحمة بشكل متزايد، إلى السؤال المستمر حول الابتكار في هذه المنتجات. وفي هذا السياق، قال برايان أرمور، محلل صناديق الاستثمار المتداولة في «مورنينغ ستار»: «أجد نفسي أفكر في أن تطوير المنتجات الجديدة ربما تجاوز اهتمام المستثمرين ببعض الاستراتيجيات الأكثر تعقيداً، ولن تنجح جميع المنتجات في جذب المستثمرين».

وإحدى التوقعات لعام 2025 هي أن السوق قد تشهد إغلاق عدد قياسي من صناديق الاستثمار المتداولة. ففي عام 2024، تم إغلاق نحو 186 صندوقاً، 91 في المائة منها كانت أصولها أقل من 250 مليون دولار، ويُتوقع أن يرتفع هذا الرقم في 2025 ليتجاوز الرقم القياسي البالغ 253 الذي تم تسجيله في عام 2023.

وأضاف أرمور: «لقد تم تطوير كثير من المنتجات، ولكن لن تتمكَّن كثير من صناديق الاستثمار المتداولة من الوصول إلى الربحية لمجرد أنها تفتقر إلى التميز الكافي لجذب الأصول». وفي هذا السياق، أكدت شركة «سيرولي ريسيرش» أن عام 2023 كان الأول الذي شهد انخفاضاً في متوسط عمر صناديق الاستثمار المتداولة، حيث انخفض إلى أقل من 5 سنوات في أوائل 2024.

ومع ذلك، هناك كثير من الأسباب التي تدعو للتفاؤل بشأن الصناعة التي قفزت عالمياً إلى 14 تريليون دولار من الأصول بحلول 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنة بـ11.6 تريليون دولار في نهاية عام 2023. وأشار ماثيو بارتوليني، رئيس أبحاث «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، إلى أن عدد صناديق الاستثمار المتداولة الجديدة التي تم إطلاقها في عام 2024، بما في ذلك العشرات من المنتجات المرتبطة بالبتكوين، وصل إلى 714، مقارنة بـ543 في عام 2023.

ويرجع هذا الانفجار في عدد صناديق الاستثمار المتداولة جزئياً إلى الارتفاع في الاهتمام بالمنتجات التي تستخدم الخيارات لإدارة أو الحد من المخاطر، أو حتى لزيادة العوائد. ومن أبرز سمات عام 2024 ظهور صناديق المؤشرات المتداولة ذات النتائج المحددة والعازلة، التي تستخدم الخيارات لتحقيق توازن بين الإمكانات الصاعدة والمخاطر السلبية.

وفيما يخص المستقبل، أشار بريندان مكارثي، رئيس توزيع صناديق المؤشرات المتداولة وأسواق رأس المال العالمية في «غولدمان ساكس كابيتال مانجمنت»، إلى أن الشركة ستدخل سوق 2025 في الرُّبع الأول مع منتج صناديق المؤشرات المتداولة العازلة.

وسجَّل صندوق «GraniteShares 2x Long Nvidia ETF» الذي يقدم للمستثمرين ضعف العائد اليومي على أسهم «إنفيديا»، ارتفاعاً بنسبة 177 في المائة في عام 2024، حيث جذب أكثر من 3.5 مليار دولار من الأصول الجديدة، ليصل إجمالي أصوله إلى نحو 6 مليارات دولار.

وأعرب ديفيد مان، رئيس منتجات صناديق المؤشرات المتداولة في «فرنكلين تمبلتون»، عن تفاؤله قائلاً: «لا يوجد سبب للاعتقاد بأن تريليون دولار لن يصبح الوضع الطبيعي الجديد للتدفقات. كانت هذه رحلة قطار في اتجاه واحد، والآن القطار على المسار السريع».