الليرة التركية تشهد أكبر عمليات بيع منذ أزمة 2021

هوت لقاع جديد ومنظمة التعاون تتوقع استمرار التضخم فوق 40 %

رجل وامرأة في مكتب صرافة بإسطنبول بينما تهاوت الليرة التركية بنحو 7 % يوم الأربعاء (أ.ب)
رجل وامرأة في مكتب صرافة بإسطنبول بينما تهاوت الليرة التركية بنحو 7 % يوم الأربعاء (أ.ب)
TT

الليرة التركية تشهد أكبر عمليات بيع منذ أزمة 2021

رجل وامرأة في مكتب صرافة بإسطنبول بينما تهاوت الليرة التركية بنحو 7 % يوم الأربعاء (أ.ب)
رجل وامرأة في مكتب صرافة بإسطنبول بينما تهاوت الليرة التركية بنحو 7 % يوم الأربعاء (أ.ب)

هوت الليرة التركية 7 في المائة يوم الأربعاء إلى مستوى قياسي جديد، وسط أكبر عمليات بيع للعملة منذ الانهيار التاريخي في عام 2021، إذ بدا أن الحكومة التركية الجديدة تخفف إجراءات تحقيق الاستقرار بعد أن لوحت بالتحول إلى سياسات تقليدية على نحو أكبر.

وتتعرض الليرة لضغوط منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب إردوغان لولاية جديدة في 28 مايو (أيار) الماضي، وهوت إلى 22.98 ليرة للدولار بحلول الساعة 07:35 بتوقيت غرينيتش. ولامست الليرة مستوى قياسياً منخفضاً عند 23.16 للدولار في وقت سابق، لتصل خسائرها منذ بداية العام حتى الآن إلى 19 في المائة تقريبا.

وقال متعاملون لـ«رويترز» إن انخفاض احتياطيات البنك المركزي التركي سيتوقف، فيما يعطي التراجع الحاد لليرة مقابل الدولار «إشارة قوية» على أن أنقرة تسحب دعمها للعملة بما يتيح تداولاً حراً لها. وأشاروا إلى أن احتياطيات البنك المركزي قد تبدأ اتجاهاً صعودياً، لكن مدفوعات خطة حكومية لحماية الودائع بالليرة من تداعيات انخفاض قيمة العملة تشكل التهديد الأكبر.

وسجل صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي التركي مستوى قياسياً منخفضاً عند 4.4 مليار دولار الشهر الماضي، بعد سنوات من التدخلات للحفاظ على استقرار الليرة.

عملات معدنية تركية متنوعة على ورقة دولار أميركي فيما تهاوت الليرة بنحو 7 % يوم الأربعاء مقابل العملة الأميركية (د.ب.أ)

والأربعاء، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتركيا بنسبة 3.6 في المائة في 2023، على أن يرتفع معدل النمو قليلا إلى 3.7 في المائة في العام المقبل. وقدّرت المنظمة في تقرير لها أن يظل معدل التضخم في تركيا فوق أكثر من 40 في المائة في عامي 2023 و2024، وهو ما عزته إلى «الأوضاع المالية الميسرة»، كما توقعت بقاء معدل البطالة قريبا من 10 في المائة.

وأضافت المنظمة «في أعقاب الزلزال، ستستمر السياسة النقدية والمالية في دعم الاقتصاد، غير أن تثبيت توقعات التضخم لا يزال صعبا. ولذلك ينبغي تشديد السياسة النقدية مع اختيار توقيت زيادات أسعار الفائدة بعناية، على أن يصحب ذلك الإعلان بوضوح عن التحركات المستقبلية».

وأعلن إردوغان عن تشكيلة الحكومة الجديدة مطلع هذا الأسبوع وعين محمد شيمشك، الذي يحظى بتقدير كبير بين المستثمرين الأجانب، وزيرا للمالية. وقال شيمشك بعد تعيينه إن السياسة الاقتصادية في تركيا تحتاج إلى العودة إلى «أساس منطقي».

وتترقب الأسواق أيضا تعيين محافظ جديد للبنك المركزي التركي ليحل محل شهاب قاوجي أوغلو الذي قاد عمليات خفض أسعار الفائدة في ظل سياسات إردوغان غير التقليدية. وتدخلت السلطات بشكل مباشر في أسواق العملات الأجنبية، إذ لجأت لعشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات للحفاظ على استقرار الليرة معظم هذا العام. ويتوقع بعض المحللين تراجع العملة التركية إلى نطاق بين 25 و28 ليرة مقابل الدولار.

وتحت ضغط من إردوغان، الذي يصف نفسه بأنه «عدو» أسعار الفائدة، خفض البنك المركزي سعر الفائدة إلى 8.5 في المائة، من 19 في المائة في عام 2021، لتعزيز النمو والاستثمار... لكن ذلك أثار أزمة قياسية لليرة في ديسمبر (كانون الأول) 2021 ودفع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاما، حيث تجاوز 85 في المائة العام الماضي.

وتبشر عودة شيمشك، الذي كان وزيراً للمالية ونائباً لرئيس الوزراء في الفترة من عام 2009 إلى 2018، إلى الابتعاد عن التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة، والتي جرى تطبيقها على الرغم من ارتفاع التضخم وتسببت في فقد الليرة لأكثر من 80 في المائة من قيمتها في خمس سنوات.

وقال بول ماكنامارا المدير في «جي إيه إم» إنه «حتى من دون التدخل السياسي، فإن عملية وضع تركيا على مسار مستدام ستكون مضطربة، ومن المرجح أن تنطوي على تخفيض كبير في قيمة العملة وعوائد أعلى». وأضاف «نعتقد أن القيمة العادلة لليرة ربما تكون أقل 15 في المائة أو نحو ذلك، لكن احتواء انخفاض قيمة العملة من دون دعم خارجي كبير سيكون مهمة صعبة للغاية».


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع توقعات التضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مكاتب الصرافة ترفض التعامل على فئتي 50 و100 دولار من الطبعة القديمة المعروفة بـ«الدولار الأبيض» بسبب ادعاءات حول عمليات تزييف (أ.ب.أ)

تركيا: وقف التعامل على «الدولار الأبيض» بعد ادعاءات عن عمليات تزييف

تعيش الأسواق في تركيا على وقع أزمة تتعلق بامتناع البنوك وشركات الصرافة عن التعامل بالدولار القديم المطبوع بين عامي 2003 و2006 المعروف بـ«الدولار الأبيض».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال، في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام، رافعاً التوقعات بنهاية العام إلى 44 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.