بكين وواشنطن تضيقان الخناق على قطاع البطاريات الكهربائية الأوروبي

تشهد أوروبا التي تحاول تعويض التأخير الكبير في إنتاج البطاريات الكهربائية لقطاع صناعة السيارات، تأسيس مصانع جديدة على أراضيها، لكنها مهددة بالمنافسة الشديدة من الولايات المتحدة والصين.

يقول توبياس جيركه، الباحث في مجال الجغرافيا الاقتصادية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «لدى أوروبا الوسائل التي تجعلها قادرة على المنافسة. نحن في وضع مقبول لكن الضغط يتصاعد». من المقرر بناء ما يقرب من 50 مصنعاً لبطاريات أيونات الليثيوم في أوروبا بحلول عام 2030، فيما هي تكاد تكون معدومة اليوم. ألمانيا هي الدولة الأكثر تقدماً في المجال، مع ما يعادل 498 غيغاواط/ساعة من المشاريع قيد الإعداد، تليها المجر (224 غيغاواط/ساعة) ثم النرويج (136 غيغاواط/ساعة). وتأتي فرنسا في المرتبة الرابعة مع 122 غيغاواط/ساعة، وفقاً لمنظمة النقل والبيئة غير الحكومية. وأكدت مجموعة «برولوجيوم» التايوانية أنها ستبني مصنعاً رابعاً في دونكيرك التي يزورها الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعة.

ضعف القدرة التنافسية

تعاني أوروبا من مشكلة كبيرة تتعلق بالقدرة التنافسية. يقول جيركه بأسف: «نحن ندفع مرتين مقابل الكهرباء مقارنة بالصين». ويضيف أن علينا «توفير الدعم للطاقة حتى نعوض عن التأخير. لقد فهم الأميركيون ذلك جيداً وتبنوا التشريع». في ديسمبر (كانون الأول)، كانت تكلفة بطاريات أيونات الليثيوم أعلى بنسبة 24% في الولايات المتحدة عنها في الصين. في أوروبا، كانت أغلى بنسبة 34%.

ويقول الباحث إن هدف أوروبا المتمثل بإنتاج كل البطاريات اللازمة لصناعة السيارات على أراضيها بحلول عام 2030، يبدو «غير واقعي» في هذه المرحلة. ويتمثل العائق الرئيسي الآخر في الوصول إلى المواد الأساسية مثل الغرافيت والليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت التي تسيطر الصين إلى حد كبير على سلسلة إمدادها. إذ تسيطر الصين بشكل خاص على 75% من تكرير الليثيوم و50% من الكوبالت، ويتوقع أن تحتفظ بالريادة في مجال إنتاج البطاريات على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لتوقعات مؤسسة «BloombergNEF».

موقع ضعيف

في ظل هذا الوضع، بدأت أوروبا في التحرك مع إصدار "قانون المواد الخام الحرجة الذي يحدد هدف إقامة شراكات استراتيجية، وإنشاء منصة شراء مشتركة على مستوى الاتحاد الأوروبي"، كما أوضحت ديان شتراوس، مديرة منظمة النقل والبيئة في فرنسا.

وأضافت أن أوروبا وإن لم تعتمد «قانوناً بمثل قوة القانون الأميركي»، غير أنها سمحت للدول الأعضاء «بصرف مساعدات حكومية بسهولة أكبر». تنطلق أوروبا من موقع ضعيف في مواجهة الصين المتقدمة عنها بأشواط، والولايات المتحدة التي تمتلك قوة مالية لا تضاهى، لكن يمكنها الاعتماد على سوقها الداخلية، وهي من أولى أسواق السيارات الكهربائية، حتى وإن كانت الصين ما زالت متقدمة عليها.

يقول جيل نورمان، نائب رئيس «ProLogium» التي تريد فتح مصنعها في دونكيرك بنهاية عام 2026، إن «أوروبا تتقدم قليلاً على الولايات المتحدة من حيث الاعتماد على السيارات الكهربائية... لقد تبنت أوروبا تشريعات واضحة للغاية» مع الالتزام ببيع سيارات جديدة خالية من الانبعاثات اعتباراً من عام 2035. ويضيف أن «هذا التشريع واضح بالنسبة للمصنعين»، لذلك «عندما قررنا أن نتوسع، اخترنا أوروبا».

شاحنة إطفاء جديدة مصممة للتعامل مع حرائق السيارات الكهربائية

رغم أن تزايد أعداد السيارات الكهربائية في العالم أمر إيجابي بالنسبة للبيئة، فإن عواقب نشوب النار في السيارة الكهربائية، وبخاصة في أماكن الانتظار المغلقة يمكن أن تكون كارثية.

وطورت شركة بريطانية شاحنة إطفاء جديدة للتدخل السريع في حال نشوب النار في سيارة كهربائية، حيث تستطيع هذه السيارة نقل أفراد ومعدات الإطفاء إلى مكان وجود السيارة حتى إذا كانت في مكان مغلق ارتفاعه محدود.

ورغم أن معدلات نشوب النار في السيارات الكهربائية أقل منها في السيارات التقليدية التي تعمل بمحرك احتراق داخلي، فإن التعامل مع بطاريات الليثيوم المؤين الموجودة في السيارات الكهربائية عند وجود حريق ما زال أمراً غير معتاد بالنسبة لفرق الإطفاء في مختلف أنحاء العالم. وتستطيع عربة الإطفاء «هاي لود 6 في 6» ضخ المياه عبر رمح يمكنه اختراق أرضية السيارة الكهربائية وضخ الماء بقوة 300 وهو ما يزيد عن ضغط الهواء في إطار السيارة النموذجي 100 مرة عبر غلاف وحدة بطارية الليثيوم المؤين.

يندفع ماء التبريد بشكل مباشر إلى داخل البطارية ويمنع حدوث ما يسميه الخبراء بتسرب الحرارة. تحدث هذه العملية الانفجارية عندما تتجاوز درجة الحرارة داخل البطارية كمية الحرارة المنتشرة في محيطها. وإذا لم يتم وقف هذه العملية ستنتشر النار بسرعة.

كان يتم التعامل مع هذا الموقف في السابق بإجراءات متطرفة للغاية مثل غمر السيارة كلها بالماء من خلال وضعها داخل حاوية شحن كبيرة أو كيس بلاستيكي ضخم مملوء بالماء.

ومن أشهر الحوادث الأخيرة، حادث اشتعال النار في سيارة كهربائية مرأب كينجز دوك في مدينة ليفربول بإنجلترا، مما سبب مشكلات كبيرة لفرق الإطفاء. ففي تلك الحالة لم تتمكن سيارات الإطفاء الكبيرة من الوصول إلى المبنى في مرحلة مبكرة من الحريق بسبب قلة ارتفاع أسقف المرأب بالنسبة لارتفاع سيارة الإطفاء.

واستخدمت الشركة البريطانية المطورة لشاحنة الإطفاء الجديدة شاحنة طراز تويوتا «هاي لوكس» ذات 6 عجلات، مع شاسيه جديد ونظام لفصل العجز.

وتمت زيادة مساحة التحميل في الشاحنة مع خفض ارتفاعها إلى نحو 1.850 متر وهو ما يقل كثيراً عن ارتفاع بعض السيارات متعددة الأغراض ذات التجهيز الرياضي (إس يو في) الكبيرة، ويسمح لها بالوصول إلى أغلب أماكن انتظار السيارات المبنية.