بين لُمى ولُمَسات.. امرأة صنعت من خيالها لوحات فنية مميزة

قالت لـ«الشرق الأوسط»: أضع في عملي كثيرًا من نفسي وأنسق بين ذوقي وذوق الزبون

بين لُمى ولُمَسات.. امرأة صنعت من خيالها لوحات فنية مميزة
TT

بين لُمى ولُمَسات.. امرأة صنعت من خيالها لوحات فنية مميزة

بين لُمى ولُمَسات.. امرأة صنعت من خيالها لوحات فنية مميزة

بين مهنة التعليم وصياغة الكلمة الرقيقة واللحن والذوق الرفيع، استطاعت لمى البسيط نصار، المرأة والأم والزوجة اللبنانية، أن تجسّد نموذجًا متألقًا للمرأة العربية. لُمى حائزة اجازة في اللغة الفرنسية من الجامعة اللبنانية، ولها محاولات عديدة في الكتابة بالفرنسية.استاذة في مدرسة القلبين الاقدسين بمدينة زحلة عروس البقاع.
"لمسات" بضم اللام، هو الاسم المميز الذي كانت تسعى إليه، خلال بحثها لتسمية تناسب مشغلها الصغير. فجاءها زوجها به مازجًا بين اسمها وبين العمل، فأحبت التسمية كثيرًا، ومن احرف لُمى ولمَسات، انبثقت لُمَسات (loumasat).
امرأة مفعمة بالحياة وتعتبر الفرح من أهم هباتها والابتسامة في نظرها تبدّد الهموم وتخلق جوًا من الطاقة الايجابية تمد الانسان بالابداع.
تشغل لُمى إلى جانب التعليم، على الرغم من أنّها ترفض تسميته بالعمل، وتعتبره هواية تستمتع بها، تزيين صالات لجميع المناسبات.
قالت لـ«الشرق الأوسط» ان فكرتها "بدأت تتبلور في رؤوس الناس قبل أن تخطر على بالي. كنت استضيف اصدقائي وأقاربي في مختلف المناسبات في منزلي وكنت اتفنن بتزيين الطاولات وكل مناسبة بحسب ما يليق بها". وتضيف "بدأت اتلقى تعليقات لطيفة في كل مناسبة، تشجعني على تقديم المزيد من الافكار التي ظهرت مختلفة نوعًا ما عن طرق التزيين المعتمدة في لبنان، خصوصا في منطقتي البقاعية الصغيرة".
دفعت دعواتها المنزلية باصدقائها، إلى تشجيعها لاحتراف الهواية كمهنة واثقين أنّها ستبدع في انجازها.
وعن بداية الهواية تقول "تردّدت كثيرًا بل رفضت الفكرة متحججة بعملي وضيق الوقت ومسؤولياتي المنزلية والاولاد، كما أنّ الخوف كان جزءًا من التردد، ولكن كم التشجيع الذي مدني به اصدقائي، دفعني إلى خوض التجربة التي أحب".
ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا موقع "فيسبوك" حسب لُمى، بانتشار أعمالها في مدينتها، وهي ممن يعشق التصوير فتفننت بالتقاط أجمل الصور لحفلاتها ومناسباتها.
والأهم بالنسبة إليها أن تكون سيدة العمل بانفراد، فلم تخطط لافتتاح مكان خاص ولا لدعاية، بل أحبت أن تنجز عملها ببساطة في مشغل صغير تحت منزلها، تلجأ إليه لانجاز مناسبات صغيرة لا تتعدى الاربعين شخصًا تكون يداها وحدهما ملكتي التزيين.
ومن هذا المكان البسيط بدأت التجربة. فتتناول أعياد الميلاد والمناسبات.
وتستطرد لمى "خفت في بداية الأمر لأنّ مدينتي صغيرة وليست كالعاصمة بيروت، فقد لا تتحمل هذه الافكار والناس ربما لن يتجاوبوا مع أعمالي؛ ولكن في الحقيقة كل الاشياء والاعمال تسير بشكل جيد".
تنتقي لُمى أعمالها فتوافق على ما يعجبها وتقتنع به. ولا فريق عمل لديها كما ليس لديها مساعدون، والسبب هو دقتها في الابتكار ليخرج عملها لوحة فنية كاملة، تعنى بأدق تفاصيله، ليكون صورة ناطقة لما رسمته مخيلتها.
تقول لمى: "هذا هو رصيدي. والأهم أني أضع لمساتي على كل عمل، لكي يكون الزبون راضيا وأكون أنا ممتنة وسعيدة".
العمل الفني برأيها هواية. والربح المادي لا يهمها لأن الأهم عند انجازه، بسمة عريضة ترتسم على شفتيها.
وعن سرقة الوقت لانجاز الكثير من الاعمال تقول: "أهوى الكتابة، وأحب أمومتي وحياتي الزوجية وتلاميذي الصغار، وانجز هوايتي التزيين بكل شغف، فالحب يجعلك تنظّم وقتك وتجد لكل رغبة فيك دقائقها". وتضيف "الكتابة تستهويني وكانت أولى هواياتي نشرت أيام الجامعة القليل من الاشعار، وطُلب مني المزيد، ولكنّي لم أتجرأ حينها وحقيقة لا اعرف لماذا، ولدي العديد من الأعمال التي ما زلت أعتبرها خواطر، وقصص صغيرة خجولة لم أظهرها للعلن لأنني ما زلت انتظر الوقت المناسب لنشرها". وتتابع "أرى في الموسيقى والكتابة والاعمال اليدوية ارتباطًا وثيقًا، لأنها تخرج من أعماقك لوحة دفينة، فيتجسد جمال الروح بأعمال عملية".
تعتبر لُمى أنّ مجالات العمل في لبنان مفتوحة، والمرأة اللبنانية رائدة. والعائلة في المجتمع اللبناني تقف إلى جانب بناتها العاملات. وحسب تصورها فإنّ المرأة تستطيع الابداع أينما كانت وفي أي مجتمع وليس فقط المرأة اللبنانية، إن لقيت الدعم والمساعدة.
تعتبر لُمى أنّ الفن يأتي بالوراثة والأروع أن تجمعك الحياة بشريك يشبهك في حبه للفن. فزوجها المصمم الداخلي، يعشق هو أيضًا الرسم والموسيقي، ما أثّر ايجابًا على أولادهما الثلاثة. وجميعهم يعزفون الموسيقى.
وفي كلمة أخيرة تؤكد لُمى تشجيعها لكل امرأة تشعر أنّها تهوى عملا ما. وإن شعرت لوهلة أنّه صعب ولا تستطيع انجازه، فهذا أمر طبيعي لا يمنعها من خوض غمار ما تحب وتقول "لا للتردّد فكل الأعمال تبدأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا" الهواية تولد في نفوس البشر لدى ابصارهم النور، وتنمو معهم وتتغذّى لتصل إلى أماكن بعيد".
تستوحي لمى أعمالها من تصفحها لمواقع عدّة فتأخذ الافكار، التي تكون قد ولدت في مخيلتها مسبقًا، وعندما يطلب منها فكرة معينة لمناسبة ما، تبدأ البحث عن الاغراض قد تجدها أحيانا وقد لا تجدها لكنها تبتكر مواد تساعدها على خلق أفكار أخرى. أعمالها تختلف من مناسبة لأخرى.
وعن الصعوبات في هوايتها تقول لمى "تكمن الصعوبة في أنّ لا صورة للعمل، أعتمد على ذوقي وحسي، فالفكرة عمل يسبح في الفضاء، تجسيده للزبون من خلال الكلمات من دون رؤيته أمر صعب". وتتابع "أحاول أنّ أضع في عملي كثيرًا من نفسي وأنسق بين ذوقي وذوق الزبون. وحقيقة أحيانًا لا أكون متأكدة من النتيجة وإن كانت ستعجب الزبون أم لا، أو أنّها ستناسب ذوقه. ولكن زبائني يثقون بي دومًا، لذا يخرج العمل جميلا، خصوصا للذين سبقوا ورأوا أعمالي. هوايتي تكبر بثقة الناس في ذوقي؛ ولكن الخوف يجد زاويته أحيانًا، ويراودني السؤال دومًا، هل هذا هو المطلوب؟ أو هل هذا ما كانوا يتوقعونه أم لا؟".



مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
TT

مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

بوحيّ من الطراز المعماري الفرنسي القديم الذي يشتهر به حيّ «غادرن سيتي» الراقي في وسط القاهرة، تقترب وزارة الإسكان المصرية من الانتهاء من أعمال إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية الجديدة. وتفقَّد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، المهندس شريف الشربيني، السبت، سير العمل بالحيّ السكني وعدد من الطرق والمحاور بالعاصمة الإدارية الجديدة.

جانب من حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق الشربيني، يُنفَّذ الحيّ السكني الخامس «جاردن سيتي الجديد»، البالغة مساحته نحو 900 فدان، طبقاً لتصميم معماري مستوحى من الطراز الفرنسي القديم، ليُشبه التصميمات المعمارية المُنفَّذة في منطقة «جاردن سيتي» بوسط البلد في القاهرة. ويضمّ المشروع الجديد 385 عمارة سكنية مؤلّفة من نحو 21494 وحدة سكنية، و513 وحدة تجارية، و459 فيلا متصلة وشبه متصلة ومنفصلة، وجميع الخدمات التعليمية والترفيهية والتجارية والرياضية والدينية.

شملت جولة وزير الإسكان متابعة التشطيبات الداخلية في الوحدات والمرور على طريق التسعين الجنوبي بالعاصمة، ومحور محمد بن زايد الجنوبي الذي يمتاز بجمال التصميم، ويتماشى مع الإنجاز الكبير الذي يُنفَّذ في المشروعات المختلفة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

مبانٍ مستوحاة من الطراز الفرنسي القديم (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق بيان لوزارة الإسكان، فإن الشربيني وجّه بمراجعة مختلف أعمال الواجهات والإضاءة الخاصة بعمارات الحيّ، مؤكداً ضرورة استخدام المنتج المحلّي لمكوّنات المشروعات الجاري تنفيذها، فضلاً عن الانتهاء من الأعمال بالمشروع في أسرع وقت، والانتهاء من أعمال المسطّحات والجزر الخاصة بالطرق وأعمال الزراعة، ووضع جدول زمني لأعمال المشروع كافّة.

كما وجَّه بإعداد مخطَّط لمشروعات خدماتية في المشروع، ودفع الأعمال في منطقة الفيلات، ووضع جدول زمني لضغط الأعمال ومتابعتها باستمرار ميدانياً.

ميدان رئيسي بالحيّ الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

يُذكر أنّ منطقة «جاردن سيتي» في وسط القاهرة كانت بركاً ومستنقعات، حوَّلها السلطان الناصر محمد بن قلاوون خلال فترة حكمه الثالثة لمصر (1309- 1341) ميداناً سُمّي «الميدان الناصري»، غرس فيه الأشجار وشقّ الطرق وسط المياه، وشيَّد الحدائق التي عرفت باسم «بساتين الخشاب»؛ ثم افتُتح الميدان عام 1318، وفيه أُقيمت عروض وسباقات الخيل التي كان الملك الناصر شغوفاً بتربيتها.

وبعد وفاة السلطان قلاوون، أُهملت المنطقة بالكامل. وعندما حكم الخديوي إسماعيل البلاد عام 1863 الميلادي، قرَّر تدشين حركة معمارية واسعة لتشييد قصور فخمة على امتداد كورنيش النيل (ضمن مشروع القاهرة الخديوية)؛ من أشهرها «قصر الدوبارة»، و«قصر فخري باشا»، و«الأميرة شويكار»؛ جميعها تشكّل خليطاً من المعمار الإسلامي والباريسي والإيطالي.

بنايات تُحاكي عمارت حيّ «غادرن سيتي» العتيق (وزارة الإسكان المصرية)

ويُعدّ عام 1906 بداية نشأة حيّ «جاردن سيتي» المعاصر، إذ قرَّر الخديوي عباس حلمي الثاني تأسيسه على هيئة المدن الحدائقية ذات الشوارع الدائرية كما كان شائعاً في مطلع القرن الـ20 بأوروبا. وأصبحت «جاردن سيتي» امتداداً عمرانياً للقاهرة الخديوية؛ شُيّدت فيها المباني بالطُرز المعمارية عينها الموجودة في القاهرة الخديوية بين الطراز المعماري الفرنسي والإيطالي والإسلامي.

مصر تستنسخ حي «جاردن سيتي» بالعاصمة الجديدة (وزارة الإسكان المصرية)

وعلى الرغم من إنشاء تجمّعات سكنية فاخرة في ضواحي العاصمة المصرية، فإنّ الحيّ الراقي العتيق الذي يضمّ سفارات وقنصليات عدد من الدول على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، لم يفقد بريقه، وظلَّ يُعدُّ إحدى الوجهات المفضّلة للإقامة لدى كثيرين؛ ما دفع مسؤولين مصريين إلى إنشاء حيّ يُحاكيه في العاصمة الجديدة.

وعدّ رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في تصريحات صحافية سابقة، مشروع إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد»، «إعادة إحياء لمنطقة وسط البلد».

وبالمفهوم عينه، أنشأت الحكومة الحيّ اللاتيني بمدينة العلمين الجديدة (شمال مصر)، الذي استُلهم طرازه المعماري من الطرازَيْن الإغريقي والروماني الفاخرَيْن، ليضاهي تصميمات مدينة الإسكندرية العتيقة. ويقع الحيّ اللاتيني بالقرب من المدينة التراثية ومجمّع السينما والمسرح، وكذلك على مقربة من مطار العلمين الدولي.

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

لكنَّ أستاذة العمارة والتصميم العمراني لدى قسم الهندسة المعمارية في جامعة القاهرة، الدكتورة سهير حواس، تتساءل عن أسباب استنساخ أحياء قديمة مرَّ على إنشائها نحو 100 عام، قائلةً لـ«الشرق الأوسط»: «أُنشئت (القاهرة الخديوية) و(جاردن سيتي) و(مصر الجديدة)، وفق نظريات معمارية كانت جديدة وسائدة في بدايات القرن الـ20، لذلك كان من الأفضل إنشاء أحياء جديدة وفق نظريات معمارية تواكب القرن الحالي، لا الماضي».

وتضيف: «بعد مرور 100 عام على إنشاء الأحياء المُستنسخة، قد يشعر الأحفاد ببعض الارتباك لجهتَي تاريخ الإنشاء والأصل»، لافتةً إلى أنّ «الأحياء الأصليّة أخذت في الحسبان خامات الإنشاء والتهوية ومساحات وارتفاعات الأسقف؛ وهو ما لا يتوافر راهناً في الأحياء الجديدة لجهتَي المساحات الضيّقة والأسعار الباهظة».